تونس: منفذ عملية حافلة الأمن الرئاسي استعمل 10 كيلوغرامات من المواد المتفجرة

رئيس الحكومة: نخوض حربًا شرسة ضد الإرهاب

مشهد من جنازة عناصر الأمن الرئاسي الذين قتلوا في انفجار حافلتهم بتونس العاصمة أمس و رجل يضع باقة ورد على حافلة شرطة بالقرب من موقع انفجار حافلة الأمن الرئاسي في تونس العاصمة أمس (أ.ب)
مشهد من جنازة عناصر الأمن الرئاسي الذين قتلوا في انفجار حافلتهم بتونس العاصمة أمس و رجل يضع باقة ورد على حافلة شرطة بالقرب من موقع انفجار حافلة الأمن الرئاسي في تونس العاصمة أمس (أ.ب)
TT

تونس: منفذ عملية حافلة الأمن الرئاسي استعمل 10 كيلوغرامات من المواد المتفجرة

مشهد من جنازة عناصر الأمن الرئاسي الذين قتلوا في انفجار حافلتهم بتونس العاصمة أمس و رجل يضع باقة ورد على حافلة شرطة بالقرب من موقع انفجار حافلة الأمن الرئاسي في تونس العاصمة أمس (أ.ب)
مشهد من جنازة عناصر الأمن الرئاسي الذين قتلوا في انفجار حافلتهم بتونس العاصمة أمس و رجل يضع باقة ورد على حافلة شرطة بالقرب من موقع انفجار حافلة الأمن الرئاسي في تونس العاصمة أمس (أ.ب)

تبنى تنظيم داعش المتطرف، أمس، تفجير حافلة للأمن الرئاسي الثلاثاء في العاصمة تونس، أسفر، وفق حصيلة رسمية، عن مقتل 12 من عناصر الأمن الرئاسي.
وقال التنظيم في بيان نشره على الإنترنت إن منفذ الهجوم، أبو عبد الله التونسي، تمكن «من الانغماس في حافلة تقل بعض عناصر الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس وسط العاصمة التونسية، وعند وصوله إلى هدفه فجر حزامه الناسف ليقتل قرابة العشرين» من عناصر الأمن، مضيفا: «لن يهدأ لنا بال حتى يُحَكَّمَ شرع الله في تونس».
ونشر التنظيم صورة لشخص ملثم الوجه، قال إنه «أبو عبد الله التونسي المنغمس بحزامه الناسف على حافلة للأمن الرئاسي». ويرتدي الشخص ما يبدو أنه حزام ناسف، وهو يشير بسبابة يده اليمنى إلى علامة الشهادة على الأرجح».
وبعد صمت دام نحو عشرين ساعة، كشفت وزارة الداخلية التونسية عن تفاصيل الهجوم الإرهابي على حافلة الأمن الرئاسي التي هزّت العاصمة تونس مساء أول من أمس. وأكدت أن العملية إرهابية وتمت باستعمال حقيبة ظهر أو حزام ناسف يحتوي على ما لا يقل عن عشرة كيلوغرامات من المواد المتفجرة العسكرية.
وقالت الداخلية إن عدد قتلى الهجوم الإرهابي بلغ، إلى يوم أمس، 13 شخصا، تمكنت من تحديد هويات 12 منهم، بينما لا تزال هوية العنصر الثالث عشر مجهولة، وستلجأ إلى التحليل الجيني لتحديدها. كما خلف الهجوم 20 جريحا من بينهم 4 مدنيين، ورجحت دائرة الإعلام والتواصل برئاسة الجمهورية التونسية في بلاغ لها أن تكون الجثة المشوهة التي لم تحدد هويتها بعد للإرهابي الذي نفذ العملية.
ومن المتوقع أن الجثة 13، التي تعذر على وزارة الداخلية التونسية تحديد هويتها، هي لمنفذ الهجوم الإرهابي على حافلة الأمن الرئاسي. فقد أعلنت أجهزة الأمن التونسي عن تحديد هوية 12 ضحية من خلال رفع بصماتها، فيما وجدت الجثة رقم 13 دون أصابع. ورجحت عدة مصادر، من بينها رئاسة الجمهورية التونسية، أن تكون الجثة رقم 13 لمنفذ العملية ولم يوضّح أي طرف رسمي أسباب فقدان الجثة رقم 13 للأصابع. فهل الأمر مُدبَّر لتعطيل عمليات الكشف عن مدبري العملية الإرهابية وتمكينهم من الوقت الكافي لمغادرة مسرح الجريمة، أم أن قوة الانفجار ووجود الجثة رقم 13 في مركز التفجير هما ما أديا إلى فقدان الأصابع.
ولم تحُل أمطار أمس الغزيرة دون تنظيم التونسيين، ومن بينهم بعض القيادات السياسية، لمسيرة منددة بالإرهاب ومساندة لقوات الأمن. وردد المشاركون النشيد الوطني التونسي، ودعوا إلى عقد مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب، كما وضعوا باقة ورود في مكان الهجوم الإرهابي.
من جهتها، أدانت الولايات المتحدة على لسان مارك تونر، مساعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، الهجوم الإرهابي بشدة وعرضت المساعدة في التحقيق الذي فتحته السلطات التونسية. وقال تونر إن الولايات المتحدة ستواصل دعم تونس في سعيها نحو الديمقراطية والازدهار، على حد قوله.
وأقر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، منذ ليلة الأربعاء، حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر، كما أعلن حظر التجوال في ولايات تونس وبن عروس ومنوبة وأريانة، وهي كبرى مدن تونس، من التاسعة ليلا إلى الخامسة صباحا. وقال وليد اللوقيني، المكلف بالإعلام في وزارة الداخلية، إن سريان حظر التجوال سيتواصل إلى حين الإعلان عن رفعه.
ولم تقدم الجهات الرسمية التونسية تفاصيل إضافية عن الهجوم الإرهابي، وهو ما أطلق العنان لعدة تصورات. وأشار رئيس نقابة الأمن الرئاسي، هشام الغربي، في تصريح إذاعي إلى أن منفذ العملية الإرهابية رجل أمن معزول عن عمله. وقال إن المهاجم كان يعمل في السابق في الأمن الرئاسي، قبل أن يثبت انتماءه إلى جهات متطرفة واتخاذ قرار بطرده من الأمن الرئاسي، ليتحول إلى وزارة الداخلية ثم اتخذ قرار بعزله وطرده بصفة نهائية. وأضاف أن الانتحاري دخل الحافلة، قبل أن يطلب منه أحد الأمنيين الخروج في الحال، غير أنه تمسك بالدخول وفجّر نفسه بين العناصر الأمنية.
كما كشفت الأبحاث الأولية عن تفجير شخص لحقيبة ظهر تحتوي على متفجرات عسكرية من نوع «تي إن تي»، وأن المهاجم كان يضع سماعات ويرتدي معطفا سميكا. وأكد الغربي أنه بمجرد صعود الشخص المعني إلى الحافلة نفذّ عملية التفجير، دون أن يحدد ما إن كان التفجير وقع عن بعد أو أنه فجّر نفسه. ودعا الغربي الحكومة التونسية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجمعيات الخيرية والحقوقيين الذين يبيضون الإرهاب ويدافعون عن الإرهابيين، إضافة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل أشكال الإرهاب.
في سياق متصل، اجتمعت صباح أمس خلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني، وأكد الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، الذي يرأس اللجنة، على أن تونس تخوض حربا شرسة ضدّ الإرهاب وأن للحرب مقتضياتها ومستلزماتها التي لا مناص من العمل على تأمينها وتعزيزها لاقتلاع الإرهاب من جذوره، على حد تعبيره. كما أشار إلى خطورة العملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت عناصر الأمن الرئاسي، سواء من حيث استهداف رمز من رموز السيادة أو من حيث موقع تنفيذها وتوقيتها. وأقرت خلية الأزمة مجموعة من الإجراءات، من بينها إحكام تطبيق حالة الطوارئ بحذافيرها، وحظر التجول، وإعلان حالة التأهب القصوى في صفوف قوات الأمن والجيش، وتعزيز وجود الوحدات العسكرية في المواقع الحساسة، وتكثيف حملات مراقبة نقاط دخول المدن والخروج منها، ومداهمة الأماكن المشبوهة. كما أقرت التطبيق الصارم لقانون مكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال على كل من يعمل على تمجيد الإرهاب وتبييضه والدعاية له.
إلى ذلك، قررت تونس أمس غلق حدودها البرية مع جارتها ليبيا الغارقة في الفوضى، لمدة 15 يوما غداة مقتل 12 من عناصر الأمن الرئاسي في هجوم تبناه تنظيم داعش المتطرف.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن المجلس الأعلى للأمن القومي قرر في اجتماع أشرف عليه الرئيس الباجي قائد السبسي، غلق الحدود البرية مع الشقيقة ليبيا لمدة 15 يوما، انطلاقا من منتصف ليل أمس مع تشديد المراقبة على الحدود البحرية والمطارات. وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كلم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.