استياء أميركي من خضوع قيادات الأنبار العسكرية لضغوط ميليشيات الحشد الشعبي

عشية قرار متوقع من الكونغرس بعزل السنّة عن سلطة بغداد

استياء أميركي من خضوع قيادات الأنبار العسكرية لضغوط ميليشيات الحشد الشعبي
TT

استياء أميركي من خضوع قيادات الأنبار العسكرية لضغوط ميليشيات الحشد الشعبي

استياء أميركي من خضوع قيادات الأنبار العسكرية لضغوط ميليشيات الحشد الشعبي

كشف مسؤول أمني عراقي مطّلع عن استياء الأميركيين من «حصول تلكؤ مقصود بعدم التقدم في محاور القتال في قواطع عمليات الأنبار باتجاه تحرير مدينة الرمادي التي كان يمكن أن تكون قد تمت قبل شهر من الآن».
وأبلغ المسؤول الأمني «الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه أو هويته، بأن «بعض قيادات الأنبار الأمنية والعسكرية الكبيرة باتت في عرف الأميركيين تخضع لضغوط قيادات الحشد الشعبي (الميليشيات الشيعية)، وذلك بالتعمد في تأخير عملية تحرير الأنبار والمناورة بالقطعات بطريقة غير صحيحة من أجل إفشال الاستراتيجية الأميركية لتحرير الأنبار وإظهار الأميركيين بمظهر العاجز عن حسم المعركة مع تنظيم داعش هناك».
وأضاف المسؤول الأمني أن «الجانب الأميركي سجل وجود فضائيين (جنود وهميين) في الأنبار، لا سيما في الشرطة الاتحادية ولواء الرد السريع وغيرهما، إذ إنهم يخبرون الأميركيين بأن أعدادهم تبلغ ستة آلاف شخص بينما التصوير الجوي يظهرهم أقل من نصف هذا العدد، بالإضافة إلى أن جهاز مكافحة الإرهاب أرهق في مهمات وعمليات خارج نطاق مسؤوليته، وهو ما أدى إلى التأثير على كفاءته، علما بأنه من أكثر الأجهزة التي يثق الأميركيون في كفاءتها وقدرتها على التصدي». وأوضح المسؤول الأمني أن «الأميركيين مستاؤون جدا من قيام جهات في بعض الفصائل المسلحة باختطاف أكثر من 1000 عنصر من أبناء العشائر الغربية ممن جرى تدريبهم في معسكر التقدم من قبل الأميركيين لغرض زجهم في المعارك ضد تنظيم داعش، علما بأن غالبية هؤلاء من المتضررين من (داعش) وممن يرغبون في مقاتلتها»، مبينا أن «الأميركيين علموا بالأماكن التي تم اختطافهم فيها وضغطوا على جهاز مكافحة الإرهاب لاقتحام تلك المناطق وإطلاق سراحهم».
وردا على ما دعا إليه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أمس بضرورة إشراك أبناء العشائر السنية في محافظتي الأنبار ونينوى بتحرير مدنهم بعد تدريبهم، قال المسؤول الأمني العراقي إن «الجبوري يريد إلقاء الحجة من خلال هذا الكلام على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي كان وعده بحسم ملف العشائر واستيعابها في القتال ضد (داعش)، لكن لم يتحقق شيء على أرض الواقع بالطريقة التي يتمناها الجبوري والضغوط التي يخضع لها هو الآخر من أبناء تلك المناطق»، مبينا أن «العبادي كان قد زار الجبوري هذا الشهر ثلاث مرات، مطالبا إياه بمزيد من الدعم له ولحكومته بينما طلب الجبوري من العبادي حسم ملفي النازحين والعشائر الراغبة في مقاتلة (داعش) في المحافظات الغربية دون أن يتم إسنادها بالسلاح والعتاد».
وكان رئيس البرلمان قال خلال كلمة ألقاها في مؤتمر عقدته لجنة النازحين والمرحلين أمس: «لا نسمح بالفوضى للهيمنة على مسار ما بعد تحرير المناطق، ما يجعل زمام المبادرة بيد الدولة»، مشيرا إلى أنه «في حال تطلب الأمر التدخل العشائري لحسم بعض القضايا فإن لجنة العشائر النيابية مستعدة للعمل مع كل زعماء القبائل في المناطق المتوترة لتضييق هذه المشكلة بحكمتهم وقدرتهم على إيجاد الحلول المطلوبة لكل مشكلة ضمن ظروفها». وأضاف أن «قضية عودة النازحين من شمال ديالى وجنوب صلاح الدين وبعض مناطق حزام بغداد وشمالا في سنجار بعد تحريرها، والمناطق التي تم تهجير أهلها منها بسبب احتلال (داعش) ومناطق سكن أهلها من أبناء الديانة المسيحية في بعض مناطق نينوى، إضافة إلى سكان تلعفر وغيرهم، كل ذلك يمثل امتحانا لقدرتنا على تجاوز مشكلاتنا وتفويت الفرصة على الإرهاب». وأكد الجبوري على «ضرورة الحفاظ على التنوع السكاني للمناطق دون أن يمس بنيتها الاجتماعية أي ظرف سياسي أو أمني، حيث ضربت هذه المناطق أروع الأمثلة بالتآخي والتعايش، ويجب الحفاظ على هذا النسيج الاجتماعي».
إلى ذلك، عبرت قوى عراقية لا سيما في الوسط الشيعي عن مخاوفها من مشروع القرار الذي يناقشه الكونغرس الأميركي حاليا بشأن التعامل مع السنّة بمعزل عن الحكومة العراقية، مما يعني بدء التعامل مع المكونات العراقية بطريقة منفصلة، وهو ما قد يكون مقدمة لتقسيم العراق.
وفي هذا السياق دعا رئيس كتلة «كفاءات» في البرلمان العراقي والمنضوية في ائتلاف دولة القانون، هيثم الجبوري، رئاسة البرلمان إلى عقد جلسة استثنائية قبل عقد جلسة مزمعة للكونغرس الأميركي «لتقسيم العراق»، بينما دعا الحكومة إلى اتخاذ موقف حازم وتحريك الدبلوماسية الخارجية لإيقاف مناقشة هذا القرار في الولايات المتحدة. وقال هيثم الجبوري في بيان أمس إن «كتلة (كفاءات) تطالب هيئة الرئاسة لمجلس النواب بالدعوة إلى عقد جلسة استثنائية قبل عقد الكونغرس الأميركي لجلسته لإقرار قانون يقسم العراق إلى ثلاثة مكونات ويبيح التعامل مع كل مكون على حدة». وأضاف الجبوري أن «قرار الكونغرس بداية لتقسيم العراق إلى دويلات، لذا من غير الواقع أن نبقى متفرجين ولا يكون لنا موقف حازم أمام هذه التدخلات التي تخل بالسيادة العراقية وتعتبر تدخلا مباشرا في الشأن الداخلي للدولة العراقية والتفافا على الديمقراطية فيها»، داعيا الحكومة إلى «اتخاذ موقف حازم وتحريك الدبلوماسية الخارجية لإيقاف مناقشة هذا القرار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».