المحكمة الاتحادية تؤجل البت في طعن النجيفي حول إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية

سياسيون عراقيون: القرار مناورة لعدم إغضاب المرجعية والعبادي والشارع العراقي

المحكمة الاتحادية تؤجل البت في طعن النجيفي حول إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية
TT

المحكمة الاتحادية تؤجل البت في طعن النجيفي حول إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية

المحكمة الاتحادية تؤجل البت في طعن النجيفي حول إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية

أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أنها قررت البت في الطعنين اللذين تقدم بهما أسامة النجيفي، بصفته نائبا لرئيس الجمهورية وبصفته الشخصية بشأن قرار مجلس الوزراء بإلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية.
وقال بيان للسلطة القضائية إن «المحكمة الاتحادية نظرت في الدعويين المقامتين من قبل السيّد أسامة عبد العزيز النجيفي الأولى بصفته نائبا لرئيس الجمهورية والثانية بصفته الشخصية، وطالب بإلغاء قرار مجلس الوزراء الخاص بإلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية، وإبطال قرار مجلس النواب بالمصادقة عليه». وأضاف البيان أن «المحكمة قررت تأجيل النظر في الدعويين إلى يوم (24 من الشهر الحالي) لغرض استكمال الإجراءات القانونية، وتقديم أطراف الدعوى لوائحهم الجوابية».
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قرر في الحادي عشر من شهر أغسطس (آب) الماضي إلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية «نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي» ورئيس الوزراء «صالح المطلك وبهاء الأعرجي وروز نوري شاويس»، وذلك في إطار حزمة الإصلاح الأولى التي أعلنها بعد مظاهرات غاضبة في معظم مدن ومحافظات العراق، بمن فيها العاصمة بغداد.
وبينما صادق البرلمان في اليوم التالي بالإجماع على تلك الحزمة من الإصلاحات إلا أنه ربطها بعدم مخالفتها للدستور والقانون، الأمر الذي أثار ولا يزال يثير جدلا في الأوساط السياسية والقانونية في العراق حيال هذا القرار الذي جاء ملبيا لرغبة جماهيرية عارمة، يسندها موقف مؤيد من قبل المرجعية الدينية العليا في مدينة النجف لا سيما المرجع الأعلى علي السيستاني.
من جهته، أكد مصدر مقرب من زعيم «ائتلاف متحدون» أسامة النجيفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الطعن الذي تقدم به النجيفي ليس المقصود منه التمسك بالمنصب، بقدر ما هو مسألة قانونية ودستورية، ولتبت أعلى سلطة دستورية في البلاد بهذه القضية التي لا تزال غير محسومة من الناحية الفعلية، لأسباب تتعلق بالقانون والدستور وهو ما يجعلها معلقة من دون حسم».
وردًا على سؤال فيما إذا كان طعن النجيفي تم بالتنسيق بين المالكي وعلاوي، قال المصدر المقرب «لم يكن هناك تنسيق أو تبادل أدوار بينهما، لكن أستطيع القول إن المالكي وعلاوي مؤيدان لهذا الإجراء الذي أقدم عليه النجيفي، لأنه هو من سيحسم هذا الجدل».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف المدني الديمقراطي فائق الشيخ علي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الناحية الدستورية فإن إقالة نائب رئيس الجمهورية من صلاحية رئيس الجمهورية، لكن إقالة نواب رئيس الجمهورية ليست من صلاحية رئيس الجمهورية، وبالتالي ليست من صلاحية رئيس الوزراء لأن مناصبهم جاءت بقانون صدر عام 2011». وأشار إلى أن «ذلك القانون تمت صياغته من أجل أن يأتي خضير الخزاعي نائبا ثالثا لرئيس الجمهورية حتى يتولى التوقيع على أحكام الإعدام بدلا من الرئيس السابق جلال طالباني الذي لم يوقع على أحكام الإعدام، مثلما هو معروف بسبب توقيعه وثيقة دولية».
وردًا على سؤال بشأن الهدف من تقديم هذا الطعن وهو ينطوي على جنبة سياسية أم أنه سياق قانوني، قال الشيخ علي إن «الهدف سياسي بالطبع، لأن كلا من المالكي والنجيفي وعلاوي الآن هم بلا سلطات، والأهم بلا أي حصانة، فلا هم نواب في البرلمان ولا نواب رئيس جمهورية، ما يجعلهم في وضع غامض»، مشيرا إلى أنهم «يراهنون على أن المحكمة الاتحادية تصدر قرارا لمصلحتهم، غير أن الأمر المهم هنا، وطبقا لما أملكه من معلومات، أن المحكمة الاتحادية في موقف حرج للغاية ولا تحسد عليه، فهي لا تريد إغضاب العبادي في حال إعادتهم، وبالتالي يبدأ في محاربة القضاء، ولا تريد اتخاذ قرار لصالح النواب الثلاثة، فتغضب بذلك الشارع والمرجعية».
في السياق نفسه، أكد الناشط المدني والأكاديمي كاظم المقدادي أحد منسقي مظاهرات بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي وجدت الطبقة السياسية نفسها فيها هي أنها غير قادرة حتى على التعامل بشكل صحيح مع الإصلاحات التي يطالب بها الشعب ويتظاهر منذ شهور من أجلها، ذلك لكون القرار الذي تم اتخاذه بإلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية، رغم كونه مطلبًا شعبيًا، لكنه تحول إلى جدل سياسي وقانوني بسبب الطريقة غير السليمة التي تم اتخاذه بها».
وأضاف أنه «كان يفترض التفاهم حول هذا القرار، بحيث لا يبقى خاضعا للمزاج السياسي لهذا الطرف أو ذاك، وبالتالي فإننا كمتظاهرين طالبنا بالإصلاحات، بيد أن الطريقة التي تتخذ بها يجب أن تكون من مسؤولية الطبقة السياسية التي فشلت حتى في الأمور الإجرائية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.