الخرطوم ترفض التصعيد مع إثيوبيا بمبرر الاعتداءات الحدودية

السودان يستنكر محاولات مصرية لـ«تمصير مثلث حلايب» المتنازع عليه

الخرطوم ترفض التصعيد مع إثيوبيا بمبرر الاعتداءات الحدودية
TT

الخرطوم ترفض التصعيد مع إثيوبيا بمبرر الاعتداءات الحدودية

الخرطوم ترفض التصعيد مع إثيوبيا بمبرر الاعتداءات الحدودية

رفض دبلوماسي سوداني رفيع تصعيد التوتر الحدودي بين السودان وجارته إثيوبيا، على خلفية إبلاغ المجلس التشريعي لولاية القضارف للسلطات في الخرطوم باحتلال الجيش الإثيوبي لثلاث مناطق بشرق السودان، واختطاف ميليشيات إثيوبية لعشرين سودانيًا، وإخلاء سبيلهم بعد دفع فدية مالية. كما استنكر ما وصفه بمحاولات مصرية لـ«تمصير» منطقة حلايب المتنازع عليها بين البلدين، بيد أنه رفض رفع التوتر بين الخرطوم والقاهرة في الوقت الحاضر إثر تصريحات لمسؤولين سودانيين عن «سودانية» مثلث حلايب، ما نتج عنه إلقاء القبض على سودانيين في القاهرة وإساءة معاملتهم، وفقًا لقنصل السودان في القاهرة.
وقال مدير إدارة العلاقات الدولية بالخارجية السودانية السفير سراج الدين حامد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن التوتر على الحدود السودانية الإثيوبية يقتضي التعامل بحكمة كبيرة، ضمن الظروف الحالية التي تعانيها البلاد. وأوضح أن النزاع الحدودي السوداني - الإثيوبي لن يحل إلاّ بترسيم الحدود بين الدولتين، وقال: «رغم أننا بذلنا جهودا مستمرة منذ عدة سنوات لكن الترسيم لم يكتمل». وأرجع حامد توقف العمل في ترسيم الحدود إلى ما سماه أسبابًا تاريخية، مشيرًا إلى أن فرقًا مشتركة بين البلدين ظلت تأتي وتذهب وتنجز في موضوع الترسيم، لكن عملية الترسيم لا تسير بالوتيرة اللازمة، وأضاف: «نأمل أن تزداد وتيرة الترسيم».
ووصف حامد الاعتداءات التي تحدث من قبل مجموعات إثيوبية مسلحة بأنها غير مقلقة بشكل كبير، استنادًا إلى ما سماه العلاقات المتميزة بين السودان وإثيوبيا، وزاد: «هذه التفلتات التي تتم في الفشقة، غير مدعومة من الحكومة الإثيوبية لكنها تصرفات فردية».
وأشاد الدبلوماسي بما سماه جهود المجلس التشريعي لولاية القضارف الذي لفت انتباه الخرطوم إلى ما يتعلق بأراضي زراعية سودانية خصبة، وقال: «يجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات التي تضمن سلامة الأراضي السودانية». يذكر أن رئيس المجلس التشريعي لولاية القضارف المحادة لإقليم الأمهرا الإثيوبي، محمد عبد الله المرضي، قد ذكر عقب لقائه رئيس البرلمان السوداني إبراهيم أحمد عمر قبل أيام أن الجيش الإثيوبي (احتل) ثلاث مناطق بشرق السودان، وأن ميليشيات إثيوبية اختطفت 20 سودانيًا من منطقة باسنودة وأخلت سبيلهم بعد دفع فدية مالية قدرها 360 مليون جنيه سوداني. وقال إن الميليشيات الإثيوبية تغولت على مليون فدان من الأراضي الخصبة ذات الإنتاجية العالية، تابعة لولايته في محليات الفشقة، وباسنودة، وقريشة، والقلابات الشرقية، المتاخمة لإثيوبيا.
من جهة أخرى، زاد التوتر بين مصر والسودان على خلفية تصريحات سودانية تتعلق بـ«سودانية» مثلث حلايب المتنازع عليه بين البلدين، ووفقًا للسفارة السودانية في القاهرة فإن السلطات المصرية بدأت بتضييق الخناق على السودانيين هناك، وأساءت معاملة بعضهم، بيد أن السفير حامد قال إن الظرف الدولي غير مناسب لإثارة موضوعة النزاع بين مصر والسودان حول حلايب. وأوضح أن قضية حلايب لا تزال في أضابير مجلس الأمن، وأن طلبات السودان المتعلقة بحلايب في المجلس تتجدد سنويًا، وأن السودان يرفض ما تقوم به القاهرة من محاولات لتمصير المنطقة، وقال: «لا يعني ما تقوم به السلطات المصرية تمصيرًا لحلايب وضمها نهائيًا إلى مصر، هذا كلام لا أساس له ولن يصمد كثيرًا إذا فتح باب القضية».
وقال حامد إن القبض على سودانيين في مصر ليس مقصودًا به السودانيون وحدهم، بل هو عمل يستهدف العاملين في تجارة العملة. وأضاف: «مع هذا نقول، ليس هناك داعٍ لمعاملة السودانيين بهذه القسوة، لأننا نبذل جهدًا كبيرًا في تحسين العلاقات بين البلدين».
وكانت السفارة السودانية في القاهرة قد تقدمت بمذكرة للخارجية المصرية تستفسر فيها عن تفتيش سودانيين واحتجازهم، بعد تزايد مثل هذه العمليات أخيرًا. ونسب إلى القنصل العام بالسفارة خالد الشيخ أن البلاغات تزايدت في الآونة الأخيرة، إثر تبديل البعض لعملات أجنبية للجنيه المصري. وذكرت السفارة في مذكرتها أن السودانيين يواجهون معاملة قاسية من قبل الشرطة والأمن المصريين، الأمر الذي تعتبره غير مقبول، وفقًا لاتفاق الحريات الأربع - حرية الإقامة، والتنقل، والتملك، والعمل – المبرم بين البلدين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».