نائب رئيسة الأرجنتين: السعودية مؤهلة لترجمة بيان القمة العربية ـ اللاتينية

باودو لـ{الشرق الأوسط} : بلادنا لم تساند بشار ولا تؤيد الإرهاب بأشكاله المختلفة

أمادو باودو نائب رئيسة الجمهورية الأرجنتينية (تصوير: بشير صالح)
أمادو باودو نائب رئيسة الجمهورية الأرجنتينية (تصوير: بشير صالح)
TT

نائب رئيسة الأرجنتين: السعودية مؤهلة لترجمة بيان القمة العربية ـ اللاتينية

أمادو باودو نائب رئيسة الجمهورية الأرجنتينية (تصوير: بشير صالح)
أمادو باودو نائب رئيسة الجمهورية الأرجنتينية (تصوير: بشير صالح)

قال أمادو باودو نائب رئيسة الجمهورية الأرجنتينية لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية بما تمتلك من ثقل اقتصادي وسياسي، قادرة على ترجمة «بيان الرياض»، الذي صدر في ختام أعمال القمة العربية - اللاتينية، أول من أمس، إلى واقع ملموس لتحقيق الحلم العربي - اللاتيني، من خلال دورها الفاعل في المجموعة العربية وتعاونها المستمر مع دول أميركا الجنوبية.
وأضاف باودو: «إن انطلاق هذه القمة من الرياض أعطاها بعدًا آخر، باعتبار أنها دول لها ثقل اقتصادي سياسي وإقليمي عالمي كبير، فهي تشكل الضامن لتنفيذ مقررات «بيان الرياض»، وحتمية التكامل والمضي به لترجمته على أرض الواقع، وأستطيع القول إننا قفزنا بعلاقتنا مع الرياض إلى العمل الاستراتيجي والتنسيقي المشترك».
وزاد باودو: «إننا في بلاد أميركا الجنوبية والبلاد العربية، اكتشفنا مقدراتنا البشرية وإمكاناتنا الصناعية والإنتاجية ومواردنا الطبيعية، ولذلك كان التجمع العربي - اللاتيني بقدر هذا الاكتشاف، وبالفعل أثمر عن الكثير من النجاحات الاقتصادية والسياسية، والأمل معقود لخلق تكتل سياسي يكون له ما بعده في المحافل الدولية لمناصرة القضايا التي تهم مناطقنا».
وعلى صعيد موقف الأرجنتين من الأزمة السورية، قال باودو: «الأرجنتين تقف إلى جانب (جنيف1) وتتوافق مع الرؤى العربية حيال ذلك، وتدعم موقف السعودية الواضح للحل السياسي، ولذلك لم يكن للأرجنتين تحفظ على «بيان الرياض» الذي شدّد على ضرورة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية، وفقًا لما جاء في بيان (جنيف1) و(مؤتمر فيينا)». وزاد: «إن موقفنا واضح من فلسطين كبلد مستقل بحدود 1967، وقد دعمنا الحل السياسي في اليمن، ودعمنا محادثات (جنيف1)، وما شملت من حيثيات مهمة في هذا الجانب، التي تمهد لنقل سلس للسلطة إلى الحكومة الشرعية في هذه البلاد، كما أننا ندعم عملية الحوار السياسي الحالي في ليبيا». وفيما يلي نص الحوار
* كيف تنظرون إلى أهمية القمة العربية - اللاتينية من حيث تعميق التعاون السياسي والاقتصادي بين دول الإقليمين؟
- القمة العربية - اللاتينية التي شهدتها الرياض اليومين الماضيين هي الرابعة على مستوى قادة دول الإقليمين، وبين هذه القمة وأول قمة انعقدت في البرازيل في عام 2005، مرت عشرة أعوام، اكتشفنا خلالها الحجم الكبير من القدرات البشرية والإمكانات الصناعية والتقنية والاقتصادية والإنتاجية والموارد الطبيعية من حيث المساحات والأراضي الزراعية الخصبة وتوفر المياه ووجود كم كبير من المعادن ومصادر الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة والغاز وغير ذلك من الموارد، ومن خلال ذلك اكتشفنا ثراء دولنا من جهة، كما اكتشفنا أواصر وروابط كثيرة تجمعنا على مستوى الشعوب والدول، ومنها التشابه الكبير في الثقافات والأعراق والحضارات والتراث والديانات وغير ذلك من جهة ثانية، بجانب مشتركات نعاني منها في الإقليمين هي فرض شيء من الهيمنة والتدخل على بعض أراضينا والتغول على حقوقنا في المحافل الدولية من قبل قوى أخرى تستعين بأخرى تجمعها معها مصالح كبرى، وبالتالي رأينا إمكانية تكامل الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، لما لديها من مشتركات كثيرة ذكرتها لك، وعرفنا كيف يمكن لهذا التكامل اقتصاديًا وسياسيًا، أن يجعلنا أكثر قوة في كل المجالات والصعد، ويجعل لنا صوتًا جهورًا قويًا في المحافل الدولية لمناصرة حقوقنا وقضايانا المشروعة والعادلة، وفق ميثاق الأمم المتحدة، ويمكننا من امتلاك قرارنا ومن ثم توفير الرخاء لشعوبنا من حيث الغذاء والكساء والدواء وامتلاك التقانات الحديثة وتطوير تجاربنا بشكل أفضل في مختلف الصناعات التي نعمل عليها في بلداننا، وتنشيط علاقتنا اقتصاديًا وتجاريًا واستثماريًا، إلى جانب خلق تكتل عربي - لاتيني سياسي يحسب له ألف حساب في إعادة صياغة الميزان السياسي والتعاطي مع القضايا الملحة على المستوى الإقليمي والدولي.
* ذكر أن جميع البلاد اللاتينية وافقت على «بيان الرياض» ولم تبدِ أي منها تحفظًا عليه.. غير أن الأرجنتين كان لها موقف تجاه الأزمة السورية فهي ترى أنه في حال إزالة نظام بشّار ستعمّ البلاد فوضى؟
- مقاطعًا.. الأرجنتين ترى أن الاستقرار السياسي والأمني مهم جدًا لنهضة الشعوب سواء في سوريا أو في أي منطقة أخرى من العالم، وبالتالي فهي مع الحلول السلمية والسياسية، ولم يكن هناك تناقض البتة في موقف الأرجنتين تجاه الأزمة السورية، فهي لم تؤيد بشار ولا تؤيد الإرهاب بأشكاله المختلفة، دائمًا نقف مع الشرعية وبسط السلام والأمن، وبالتالي فالأرجنتين تقف إلى جانب «جنيف1» وتتوافق مع الرؤى العربية حيال ذلك، وتدعم موقف السعودية الواضح للحل السياسي، ولذلك لم يكن للأرجنتين تحفظ على «بيان الرياض» الذي شدد على ضرورة التوصل لحل سلمي للأزمة السورية، وفقًا لما جاء في بيان «جنيف1» و«مؤتمر فيينا».
* إلى أي حد يمكن أن تستفيد الأرجنتين من مخرجات «بيان الرياض» لتحريك اللوبي العربي - اللاتيني للمساهمة في إيجاد حلول لقضية جزر المالفيناس؟
- نعم.. لقد مضت خمسون عامًا منذ اعتماد القرار رقم «2065» للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أثمر عن الاعتراف بوجود نزاع على السيادة بين الأرجنتين والمملكة المتحدة بشأن قضية جزر المالفيناس، حيث كان الجانبان قد دعيا للتوصل إلى حل سلمي من خلال المفاوضات الثنائية، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح سكان الجزر، ومنذ اعتماد هذا القرار الأممي في عام 1965، وهناك حق مشروع تصدع به بلادنا والجمعية العامة للأمم المتحدة ولجنة إنهاء الاستعمار، مع تأكيدنا على أهمية إجراء مفاوضات ثنائية، وقد أكدنا أكثر من مرة أن الأرجنتين مستعدة لإجراء مفاوضات ثنائية، ولكن للأسف الشديد لا تزال بريطانيا ترفض هذا الطلب ولا تعير نداءات المجتمع الدولي اهتمامًا، رغم الدعوات المستمرة من قبل الكثير من المحافل الدولية للبلدين لحل قضية جزر المالفيناس عن طريق المفاوضات الثنائية، وكان لقمة «الأسبا» الثالثة (منتدى أميركا الجنوبية - الدول العربية) الذي شاركت فيه كل من الأرجنتين والسعودية، في ليما، بيرو 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، حيث طلب البيان الختامي إجراء مفاوضات ثنائية بين الأرجنتين وبريطانيا بخصوص قضية جزر المالفيناس، وكان لهذا التجمع العربي - اللاتيني رأي واضح في هذا الجانب.
* هل من توقعات لإقامة دفاع مشترك في ظل التهديدات التي تطال أجزاء من الدول العربية ونظيرتها اللاتينية من قبل بعض الدول صاحبة المطامع التي تسعى لإثارة البلبلة وعدم الاستقرار فيها في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب والتسابق لامتلاك السلاح النووي الذي تستغله بعض البلاد لتحقيق مآربها في بلاد أخرى؟
- الآن نستطيع القول إن «بيان الرياض» كان واضحًا وشاملاً جدًا لكل ما من شأنه تعزيز التكتل العربي - اللاتيني اقتصاديًا سياسيًا وأمنيًا، وليس خفيًا على أحد أن هناك بلادًا عربية وأخرى لاتينية تتعرض لتهديدات أمنية من بعض البلاد في الخارج، فضلاً عن الحاجة لمواجهة ومكافحة الإرهاب، وهناك بالطبع تفاهمات عسكرية وأمنية من الطبيعي أنها وجدت حصتها في هذا البيان، وبطبيعة الحال هناك مثيرات للقلق في الأرجنتين وأميركا اللاتينية جراء بعض الإجراءات العسكرية بجنوب المحيط الأطلسي التي تقوم بها المملكة المتحدة، وأبلغنا عنها لدى الأمم المتحدة، حيث إن هناك عمليات تنقيب غير مشروعة في جزرنا واستغلال لخيراتها ومواردها من النفط والغاز في المياه حول جزر المالفيناس، التي سمحت لبدء إجراءات جنائية ضد تسع شركات دولية، ومن ضمنها أيضًا الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية، ومنح تراخيص من قبل المملكة المتحدة لشركات لا تراعي أبسط شروط ظروف العمل التي تضعها المعايير الدولية، ومن هذا المنبر فإننا نحمّل بريطانيا مسؤولياتها المترتبة عليها لقرار رقم «2065». عمومًا نحن دخلنا مرحلة جديدة وجادة من التعاون الاستراتيجي الشامل، الذي نأمل أن يكون لها ما بعده لحلحلة كل مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والأمنية.
أما فيما يتعلق بالإرهاب، فإننا نرفض الإرهاب بكل أشكاله من أجل الوصول إلى عالم مستقر ومزدهر خال من مخاطر الإرهاب والأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
* ما رؤيتك لما يحدث الآن على صعيدي الأزمة في اليمن وليبيا؟
- أمس تحدثنا مع المسؤولين في حكومة اليمن الذين شاركوا في قمة الرياض، وقابلت الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأكدت له دعمنا بلا حدود للجهود المبذولة من قبل الحكومة السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، وأعتقد أن محادثات جنيف، أكبر فرصة ممكنة للوصول لحل سلمي في هذه البلاد، وندعم قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار «2216»، للتمكن من استعاد الشرعية لليمن عن الطريق السياسي السلمي، وندعم كذلك جهود دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية في هذا الصدد، المتعلقة بالمبادرة الخليجية التي تؤسس لإشاعة وتعزيز الحق الانتخابي والعملية السياسية السلمية في اليمن، وقد تلاحظ موافقتنا بلا تحفظ كدول أميركا الجنوبية، والأرجنتين جزء من هذا التجمع اللاتيني، وقد أفردت له مساهمة وفقرة كاملة تتناول موقفنا من القضية الفلسطينية ونعترف بفلسطين دولة مستقلة بحدود 1967، ودعمنا للحل السياسي في اليمن، ودعمنا لمحادثات «جنيف1»، وما شملت من حيثيات مهمة في هذا الجانب، التي تمهد لنقل سلس للسلطة إلى الحكومة الشرعية في هذه البلاد، كما أننا ندعم عملية الحوار السياسي الحالي في ليبيا.
* وما أهمية هذه القمة على صعيد العلاقات السعودية - الأرجنتينية تحديدًا؟
فقرة كاملة في «بيان الرياض»، تختص بـ«ملفينا آيلاند»، وهذا يشكل أهمية كبرى بالنسبة لنا في الأرجنتين، وفي الوقت نفسه احتوى «بيان الرياض» على فقرة جديدة أخرى، اشتملت على العدوان والتدخل الخارجي، وبالتالي هذه ثمرة من ثمرات الأهمية التي تجنيها بلادنا من هذه القمة، فضلاً عن تعزيز العلاقة بين الأرجنتين والسعودية على وجه الخصوص، فهي بلا شك لها أهمية كبرى إذا تحدثنا عن العلاقة المتطورة بين الرياض وبوينس آيرس، والحركة الدءوبة التي يشهدها بلدانا أخيرا، والرغبة المتبادلة لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، فهي علاقة أقل ما يقال عنها علاقة أخوية وطيدة، وهي تمثل صورة مصغرة للعلاقة النموذجية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، وكون انطلاق هذه القمة من الرياض أعطاها بعدًا آخر، باعتبار أنها دول لها ثقل اقتصادي سياسي وإقليمي عالمي كبير، فهي تشكل الضامن لتنفيذ مقررات «بيان الرياض»، وحتمية التكامل والمضي به لترجمته على أرض الواقع. وأستطيع القول إننا قفزنا بعلاقتنا مع الرياض إلى العمل الاستراتيجي والتنسيقي المشترك، فالسعودية بما تمتلك من ثقل اقتصادي وسياسي، قادرة على ترجمة «بيان الرياض» إلى واقع ملموس، وتحقيق الحلم العربي - اللاتيني، من خلال دورها الفاعل في المجموعة العربية وتعاونها المستمر مع دول أميركا الجنوبية.
* ما تقييمك لحجم العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين وإمكانية تطويرها مستقبلاً؟
بالتأكيد لدينا علاقات استثمارية كبيرة بين الأرجنتين والسعودية، ومنها على سبيل المثال هناك استثمارات ضخمة أطلقتها شركة المراعي في بلادنا، وتعتبر مهمة جدًا لأنها ستكون ضمن خريطة استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي للبلدين، ونأمل أن تساهم في فتح المزيد من قنوات الاستثمار الزراعي في الأرجنتين، لخدمة المصالح المشتركة من هذه الناحية، ومن المعروف أن الأرجنتين تستهلك فقط 10 في المائة من إنتاجها الزراعي، مما يعني أن 90 في المائة منه متاح للتصدير الخارجي، ونحن نجد في الخليج والمنطقة العربية سوقًا كبيرة يمكن الاستفادة منها والعمل على تبادل المصالح المشتركة بيننا، كما أن الأرجنتين تتمتع باقتصاد قوي ومنفتح ومتعدد ومتنوع، حيث فيها نهضة صناعية كبيرة، تشتمل على مئات المصانع من الطراز الحديث تغطي مختلف المجالات، وتلعب دورًا بارزًا في دعم الاقتصاد، ومن هذه الصناعات، الصناعات الدوائية التي تعد من الصناعات المتطورة والحديثة في بلادنا بجانب صناعة السيارات وقطع الغيار وغيرها من الصناعات، مما يعني أن المجال الواسع الآن أكثر من أي وقت مضى، لزيادة التجارة بيننا وتبادل المنافع والمصالح والخبرات.
* هل جرت محادثات خلال مشاركتك في هذه القمة مع الجانب السعودي لمزيد من التعاون بين البلدين؟
- جرت مباحثات كثيرة بيننا وبين الجانب السعودي، بهدف التوسع في التجارة وزيادة الاستثمارات واستكشاف الفرص المزيدة، حيث كنا قد تباحثنا مع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، واستغرقنا وقتًا كبيرًا، تطرقنا خلاله إلى الكثير من مجالات التعاون بين البلدين، ووسعنا في خريطة التعاون ليشمل ليس فقط الإنتاج الزراعي والغذائي، وإنما أيضًا نقل وتطوير التقنية والتكنولوجيا وتبادل الخبرات، بجانب المضي قدمًا إلى بعض الاتفاقيات التي رسمنا خطواتها الأولى لتجد طريقها للتنفيذ في عدد من المجالات الأخرى من أهمها الطاقة والطاقة النووية التي قطعنا فيها شوطًا كبيرًا، والصناعات الحديثة الرفيعة التي حققنا فيها مستوى ممتازًا من التجويد والتطوير، عمومًا فإننا لدينا الرغبة الأكيدة للتعاون مع القطاع الخاص السعودي، وندعو المستثمرين السعوديين لإطلاق استثماراتهم، خصوصًا أننا أطلقنا التسهيلات وعالجنا النظم والقوانين بما يخدم عملية الانفتاح الاستثماري بأشكاله كافة.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)