3 عمليات طعن ودهس وتراجع مستوى المواجهات الشعبية

الرئاسة الفلسطينية تنتقد الإدارة الأميركية وتعتبر الوضع خطيرًا

قوات أمن إسرائيلية في المكان الذي قتلت فيه شابا فلسطينيا دهس بسيارته مستوطنين جنوب نابلس بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية في المكان الذي قتلت فيه شابا فلسطينيا دهس بسيارته مستوطنين جنوب نابلس بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

3 عمليات طعن ودهس وتراجع مستوى المواجهات الشعبية

قوات أمن إسرائيلية في المكان الذي قتلت فيه شابا فلسطينيا دهس بسيارته مستوطنين جنوب نابلس بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية في المكان الذي قتلت فيه شابا فلسطينيا دهس بسيارته مستوطنين جنوب نابلس بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت العمليات الفلسطينية ضد إسرائيليين أمس، فيما كانت المواجهات محدودة، في مؤشر على اختيار الفلسطينيين النهج «الفردي» في مواجهة إسرائيل. ونفذ ثلاثة فلسطينيين بينهم فتاة، ثلاث عمليات دهس وطعن، أدت إلى إصابات في صفوف الإسرائيليين، بعضها خطير للغاية، وقتلت إسرائيل شابا فلسطينيا وأصابت فتاة، فيما تبحث عن منفذين آخرين. فقد فاجأ الشاب سليمان شاهين (22 عاما)، المولود في البيرة في رام الله، مستوطنين قرب حاجز «زعترة» جنوب نابلس، وصدمهم بسيارته المسرعة، فأصاب ثلاثة منهم بجراح، بينهم اثنان في حالة خطر الشديد، قبل أن تقتله القوات الإسرائيلية في المكان. وأطلق جنود إسرائيليون وابلا من الرصاص على شاهين وقتلوه داخل سيارته.
وقال ناطق عسكري إسرائيلي إن «السائق اقترب من مفرق تبواح، وبعد ذلك زاد من سرعته ليقوم بدهس مجموعة شبان إسرائيليين كانوا ينتظرون حافلة في الموقع». وأضاف: «هناك مصابان بجروح خطيرة، هما شابان في العشرينات من العمر، وهما يعانيان من إصابات في الأطراف، فيما أصيبت شابة، في العشرينات من عمرها، بجروح طفيفة، ورابع بنيران أحد عناصر الشرطة، بينما كان يحاول استهداف سائق المركبة، ووُصفت جراحه ما بين الطفيفة والمتوسطة». وجرى نقل الجرحى فورا إلى مستشفى «بيلينسون» في مستوطنة «بيتح تيكفا».
وبعد ساعات، هاجمت فلسطينية حارس أمن مستوطنة «بيتار عيليت»، جنوب بيت لحم، قبل أن يطلق عليها الرصاص. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «الحارس تمكن من إطلاق النار على المرأة وأصابها بجروح خطيرة». واتضح لاحقا أن منفذة العملية، هي حلوة سليم درويش، من قرية حوسان في منطقة بيت لحم. وأظهرت تسجيلات فيديو، أن الشابة كانت تتحدث إلى حارس المستوطنة قبل أن تستل بسرعة، سكينا من حقيبتها وتهاجمه. وفورا، أمر رئيس مستوطنة «بيتار عيليت»، بإخراج العمال الفلسطينيين كافة من داخل المستوطنة حتى إشعار آخر. وهذه ليست أول مستوطنة تمنع العمال العرب من العمل فيها بعد انطلاق الهبة الجماهيرية الحالية، فيما أمرت بعض المؤسسات بتمييز العمال العرب بشارات محددة.
ودخلت الهبة الجماهيرية أمس أسبوعها الخامس، من دون أي مؤشرات على إمكانية انتهاء الهجمات اليومية، مع وجود مؤشرات على تراجع المواجهات العامة. وسقط خلال الهبة، بحسب وزارة الصحة، «79 فلسطينيا، بينهم 17 طفلا وثلاث سيدات». وقتل كذلك 11 إسرائيليا.
ومع حلول مساء أول من أمسن تمكن فلسطيني من طعن مستوطن وإصابته بجروح خطيرة، أثناء وجوده في سيارته على شارع 55 بالقرب من قرية النبي إلياس شرق قلقيلية. وقالت مصادر إسرائيلية، إن المستوطن وصل إلى معبر «الياهو» وهو يقود سيارته، على الرغم من إصابته في بطنه بطعنة سكين، وجرى استدعاء الفرق الطبية التي قدمت له العلاج الأولي، ومن ثم نقل إلى مستشفى «مائير» في كفار سابا للعلاج. وقال المستوطن المصاب إنه توقف قرب أحد الحوانيت في قرية النبي إلياس، وأثناء وقوفه أمام إحدى البسطات، هاجمه شخصان وطعناه في بطنه ثم لاذا بالفرار.
وقدم مسعفون من نجمة داود الحمراء العلاج الأولي للرجل قبل نقله. وأغلق الجيش الإسرائيلي المنطقة، وبدأ حملة عسكرية بحثا عن منفذي الهجوم الذي لم تتضح خلفياته. وفي إسرائيل، كشفت الشرطة أن حاسوبا تابعا للجيش الإسرائيلي، ويحتوي معلومات سرية، ضبط في حوزة أربعة فلسطينيين من الخليل، ألقي القبض عليهم فجر أمس، في بلدة كفر مندا، قرب الناصرة.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، سقط صاروخ أطلق من غزة على جنوب إسرائيل، بالقرب من المجلس الإقليمي «شاعر هانيغيف». وذكر موقع «تايمز أوف إسرائيل» أنه لم ترد أي تقارير عن وقوع إصابات أو أضرار مادية.
وجاء في بيان للشرطة، أنه وفي إطار الحملة التي تقوم بها لتفريغ إسرائيل من العمال الفلسطينيين، الذين يوجدون فيها بلا تصريح، اعتقلت في قرية كفر مندا، أربعة فلسطينيين من سكان الخليل لا يحملون تصاريح إقامة قانونية في البلاد. وعثر بحوزة الأربعة، على سكاكين وأجهزة كومبيوتر، يرجح أن تكون مسروقة، بما فيها حاسوب تابع للجيش الإسرائيلي. وباشرت التحقيق معهم، وجرى تمديد اعتقالهم لأسبوعين أمام محكمة الصلح في عكا. واعتبرت الشرطة وجود الحاسوب العسكري معهم، خطوة خطيرة، وقالت إنها تفحص إن كان الحاسوب مسروقا أو أنه بيع لهم من جندي. وجاءت الهجمات في الضفة الغربية أمس وأول من أمس، في وقت عبرت فيه القيادة الفلسطينية عن خيبة أملها من المواقف الأميركية تجاه عملية السلام، واصفة الوضع الحالي بالخطير للغاية.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، تعليقا على التصريحات الصادرة من الجانب الأميركي، حول مستقبل الحل، والتي أشارت إلى أنه لا إمكانية لحل سياسي حتى خلال العام المقبل، إن هذه التصريحات غير مشجعة ولن تساهم في تهدئة الأجواء، خاصة وأن الجانب الإسرائيلي ما زال مستمرا في إجراءاته واعتقالاته وإطلاق النار على المواطنين من دون سبب. وأضاف أبو ردينة، في تصريح بثته وكالة الأنباء الرسمية (وفا)، «إن القيادة الفلسطينية لديها ثوابت وطنية، ولديها قرارات رسمية ودعم عربي ودولي، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته، لأننا أمام مفترق طرق خطير ستنعكس آثاره على كل المنطقة». وأكد الناطق باسم الرئاسة، أن القدس والأماكن المقدسة، خط أحمر، والاستيطان غير شرعي، ولا حلول جزئية بلا دولة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية والشرعية الدولية.
وجاءت تصريحات أبو ردينة، عشية لقاء مرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، يتوقع أن يعلن خلاله نتنياهو سلسلة تسهيلات للفلسطينيين.
ويقول الفلسطينيون إنهم لا يثقون بهذه التسهيلات، ولا يبحثون عن اتفاقيات وبوادر مرحلية، وإنما حل سياسي شامل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. وينتظر الفلسطينيون ردا أميركا على طلبات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قدمها إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في لقائهما الأخير في عمان، الذي حدد فيه شروط إطلاق عملية سياسية، وهي وقف الاستيطان وإطلاق سراح أسرى وغطاء دولي لمفاوضات ضمن سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».