مقاطعة «الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الجلسة التشريعية تفاقم الخلافات

الجسر لـ {الشرق الأوسط}: لبنان مهدد من المؤسسات الدولية.. وحذار الذهاب إلى الانتحار

تمام سلام ونبيه بري وميشال عون أثناء حضورهم  جلسة سابقة للحوار الوطني في بيروت (إ.ب.أ)
تمام سلام ونبيه بري وميشال عون أثناء حضورهم جلسة سابقة للحوار الوطني في بيروت (إ.ب.أ)
TT

مقاطعة «الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الجلسة التشريعية تفاقم الخلافات

تمام سلام ونبيه بري وميشال عون أثناء حضورهم  جلسة سابقة للحوار الوطني في بيروت (إ.ب.أ)
تمام سلام ونبيه بري وميشال عون أثناء حضورهم جلسة سابقة للحوار الوطني في بيروت (إ.ب.أ)

سلكت الخلافات السياسية في لبنان منحى تصعيديًا، خصوصًا مع توجه «التيار الوطني الحرّ» الذي يرأسه النائب ميشال عون وحزب (القوات اللبنانية) الذي يرأسه سمير جعجع، إلى مقاطعة الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري يومي الخميس والجمعة المقبلين، اعتراضًا على عدم إدراج مشروع قانون الانتخابات النيابية على جدول أعمال الجلسة.
وإذا كان تغيّب هذين الحزبين لا يعطّل النصاب، باعتبار أن حضور نواب القوى السياسية الأخرى، وبينهم نواب مسيحيون، كافٍ لتأمين النصاب القانوني بأكثر من نصف أعضاء المجلس وفق ما يقتضيه النظام الداخلي للبرلمان اللبناني، فإن تحذير هذين الحزبين الأقوى مسيحيًا من أن عقد الجلسة من دونهما يفقدها «الميثاقية» (أي روح التعايش الوطني)، يحمل أكثر من رسالة إلى حلفائهما ضمن فريقي 8 و14، ويشكّل إحراجًا كبيرًا لحزب الله، حليف عون، وتيار المستقبل، حليف جعجع.
ومع احتدام الخلاف على عقد الجلسة التشريعية «الأكثر من ضرورية»، كما يصفها متابعون، نظرًا لأهمية القوانين التي ستقرّها، ومنها القروض والهبات الدولية الممنوحة إلى لبنان، والقوانين المالية التي تؤمن صرف الاعتمادات المالية للمشاريع ورواتب موظفي الدولة، فإن هذه المعضلة تُضاف إلى أزمة النفايات التي لم تجد لها حلاً سياسيًا حتى الآن، بسبب رفض فاعليات المناطق فتح مطامر على أرضها.
في هذا الوقت، رأى عضو كتلة المستقبل النيابية النائب سمير الجسر، أن «لبنان بات مهدّدًا من المؤسسات الدولية، ما لم يسارع إلى إقرار مجموعة من القوانين الملحّة جدًا». وحذر من أن «تصنيف لبنان سيتأثر وهذا سينعكس سلبًا على القطاع المصرفي، عدا عن أنه لا توجد أموال في خزينة الدولة»، متسائلاً: «هل نذهب إلى الانتحار؟». وأكد الجسر - وهو وزير سابق - في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التواصل مستمرّ مع حزب القوات اللبنانية، وإذا كان ثمة تمايز بما خص حضور الجلسة التشريعية، فهذا لا يهدد التحالف السياسي والوطني القائم بيننا وبينهم»، موضحًا أن هناك «تفاهمًا بيننا على تشريع الضرورة، ولذلك نحن سنحضر الجلسة». أما بشأن التحذير من أن عقد أي تشريع في غياب المكونين المسيحيين الأقوى يفقد الجلسة ميثاقيتها، فقال الجسر أن «الميثاقية يُفترض أن لا تستعمل ضدّ مصلحة البلد، خصوصًا إذا كان لبنان مهدّدًا، وإلا أصبحت انتحارًا»، مستغربًا اعتراض «التيار» و«القوات» على عدم إدراج مشروع قانون الانتخابات على جدول الجلسة، وسأل: «أي مشروع سنصوّت عليه؟ هناك عدة مشاريع كلّها متضاربة، وبالحد الأدنى لم يحصل حتى الآن اتفاق على التقسيمات الإدارية للدوائر الانتخابية»، ثم شدد على أن $$«أي قانون للانتخابات لن يمرّ من دون توافق وطني عليه».
من جهته، أعلن النائب الآن عون، عضو تكتل التغيير والإصلاح (الذي يمثل في البرلمان «التيار الوطني الحر» وحلفاؤه)، أن «التيار والقوات اللبنانية، ليسا بصدد مقاطعة جلسة التشريع، إنما يعملان على توفير ظروف انعقادها، والأخذ بعين الاعتبار مطالبهما التي ترعى حقوق المسيحيين».
وأردف عون لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ما زلنا نعطي فرصة للاتصالات الحالية لنصل إلى حلّ يمكننا من حضور الجلسة، وإدراج مشروع قانون الانتخابات ومطالب المسيحيين بشكل عام»، مشيرًا إلى أن «قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، يواجه باعتراض من تيار المستقبل». ثم أضاف: «للأسف، لم يتركوا للبنان خيارًا إلا الضغط عبر المقاطعة». وإذ أبدى عون تفهمه لموقف حزب الله - حليف «تياره» - الذي قال: «يساعد على تحقيق مطالبنا»، فإنه زعم أن تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي (الذي يرأسه الزعيم الاشتراكي النائب وليد جنبلاط) هما «العقبة الأساسية أمام إقرار أي قانون انتخاب جديد، فهما لا يريدان إلا قانون الستين (1960) الحالي، علمًا بأننا لا نريد قانونًا يقصي أحدًا».
أما وزير الاتصالات بطرس حرب، فأعلن بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس، أن «الجلسة التشريعية فرضتها ضرورة القضايا المطروحة والأخطار التي يتعرض لها لبنان في حال لم تُقر بعض القوانين والاقتراحات التي تحمي وجوده على الصعيد الاقتصادي والدولي».
ودعا حرب إلى «توفير المناخ الملائم الإيجابي لانعقاد الجلسة والبت في القضايا الضرورية التي يمكن الاتفاق عليها، وإيجاد ما يشجع كل الكتل النيابية على حضور الجلسة وعلى تفادي وقوع لبنان في المحظور».
وكانت النائب بهية الحريري، رئيسة لجنة التربية النيابية في البرلمان اللبناني، قد شددت على «ضرورة أن ينعقد مجلس النواب وإعادة تفعيل دور مجلس الوزراء». وأكدت الحريري، خلال استقبالها صباح أمس في «بيت الوسط» (منزل الرئيس سعد الحريري) عددًا من الفعاليات البيروتية، على «أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وتسيير شؤون الناس وتحريك عجلة الاقتصاد».
وقالت: «إن الأمن والاستقرار عنوانان دائمان بالنسبة لتيار المستقبل، وتثبيتهما مسؤولية سياسية، لكي يتحول الوضع الأمني في لبنان من أمن ممسوك إلى أمن متماسك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.