البنك المركزي يوقف صرف مرتبات 50 جهة حكومية بسبب «الفوضى المالية»

الجيش الوطني يسيطر على وادي الواكفة في صرواح

البنك المركزي يوقف صرف مرتبات 50 جهة حكومية بسبب «الفوضى المالية»
TT

البنك المركزي يوقف صرف مرتبات 50 جهة حكومية بسبب «الفوضى المالية»

البنك المركزي يوقف صرف مرتبات 50 جهة حكومية بسبب «الفوضى المالية»

أبلغت مصادر مالية في صنعاء: «الشرق الأوسط»، أن محمد بن همام محافظ البنك المركزي، أجرى مراجعات عاجلة للمعاملات المالية لمؤسسات الدولة بعد انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية خلال الفترة الماضية، بسبب تدخل الانقلابيين في عمل المصرف المركزي، وهو ما تسبب في تأخر صرف رواتب موظفي الدولة، جراء «الفوضى المالية». وكشف مصدر مالي رفيع، طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، عن أن لقاءات جرت - أخيرا - بين قيادة البنك المركزي ومسؤولين من وزارة المالية الخاضعة للميليشيات الحوثية مع المؤسسات الحكومية لتوقيع اتفاق يقضي بصرف رواتب الموظفين حتى مارس (آذار)، ووقف جميع الاعتمادات والتعزيزات المالية الأخرى المرتبطة بالمكافآت والإضافي، وأكد المسؤول أن بن همام أوقف صرف مرتبات أكثر من 50 مؤسسة من المؤسسات المدعومة من الدولة في القطاع الاقتصادي، فيما صرفت رواتب بعض الوزارات.
وكانت الميليشيات، قد تسببت خلال الفترة الماضية في أزمة اقتصادية، أدت إلى شلل المؤسسات الحكومية والخاصة، وهروب رجال الأعمال إلى الخارج، واعتقل الكثير منهم خلال الأسابيع الماضية بسبب انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وأقاد المسؤول بوجود «فوضى مالية» في قطاع المصرف المركزي، بسبب ارتكاب الميليشيا مخالفات قانونية في المعاملات المالية، خلال فترة غياب محمد بن همام محافظ البنك المركزي، الذي عاد إلى صنعاء بعد غياب دام شهرين ونصف الشهر، حيث جرى التلاعب في الأبواب الخاصة بالاستثمار والمستحقات والمكافآت، وهو ما دعا بن همام إلى عقد لقاءات عاجلة مع مديري المصارف الحكومية والأهلية، ووزارة المالية لمراجعة الوضع المالي، وبحث كيفية وقف انهيار العملة، وتحييد المصرف المركزي والمعاملات المالية عن أطراف الصراع.
وذكر المسؤول أن كثيرا من المؤسسات الحكومية كانت تتعامل مع البنك المركزي فيما يعرف بالسحب على المكشوف، وهو مصطلح اقتصادي يعني سحب الجهة أو المؤسسة سيولة نقدية من البنك يفوق رصيدها المالي، ولفت المسؤول المالي إلى أن البنك المركزي يعاني من أزمة سيولة مالية بسبب قلة الموارد والإيرادات، ما منع أكثر من مليون موظف في مؤسسات حكومية من الحصول على مستحقاتهم المالية المرتبطة بالمكافآت والإضافي، فضلا عن مضاعفة معاناتهم جراء تأخر رواتبهم في كثير من الشهور الماضية. وتقلد بن همام منصب محافظ البنك المركزي منذ 21 أبريل (نيسان) 2010. واستمر حتى أغسطس (آب) 2015، بعد سيطرة الميليشيات على صنعاء، ونقضها للاتفاق معه حول عدم تدخلها في عمل البنك، وبعد مرور شهرين ونصف الشهر عاد إلى صنعاء بصورة مفاجئة بعد أن انهار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية ووصل سعر الدولار الأميركي إلى 280 ريالا يمنيا بعد أن كان سعره 215 ريالا، والريال السعودي إلى 72 ريالا يمنيا بعد أن كان سعره 57 ريالا يمنيا، وهناك أنباء عن تدخل دولي من صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة قضت بعودة بن همام إلى عمله لمنع انهيار المصرف المركزي اليمني.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي، قد عين منصر صالح القعيطي وزيرا للمالية منتصف الشهر الماضي، خلفا للوزير السابق محمد زمام الذي استمر في مزاولة عمله تحت حكم الميليشيات الحوثية وقوات صالح.
إلى ذلك، أكدت مصادر محلية في محافظة مأرب شرق البلاد، تقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أمس في الجبهة الغربية للمحافظة، وشن المقاتلون هجوما في وقت متأخر من مساء أول من أمس واستمر حتى صباح أمس، وسيطروا على وادي الواكفة الذي يبعد عن مركز المديرية بمسافة أربعة كيلومترات.
وذكرت المصادر أن الهجوم أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وشارك فيه قوات برية فقط، مشيرة إلى أن القيادات العسكرية تنفذ تكتيكا عسكريا يهدف إلى محاصرة ميليشيات الحوثي وقوات صالح في سوق صرواح، حيث يتمركزون بين منازل المدنيين، وأوقفت عملية اقتحام السوق.
وفي محافظة البيضاء المحاذية لمأرب غربا، شنت الطائرات الحربية التابعة لقوات التحالف العربي غارات مكثفة استهدفت مواقع ومعسكرات الحوثيين وقوات صالح، وقصفت الطائرات مواقع في منطقتي نجد البر وجبل الحمة بمديرية ذي ناعم، جنوب غربي المدينة، بالتزامن مع عمليات نوعية لرجال المقاومة الشعبية في منطقة قيفة رداع، وكبدتهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات بحسب مصدر في المقاومة.
وأكد المصدر أن المقاومة لجأت إلى أسلوب حرب العصابات، بسبب فارق التسليح بينهم وبين الميليشيات، حيث يقوم رجال المقاومة بمهاجمة العدو بالقنابل اليدوية في مقراتهم ونقاطهم العسكرية، وشن عمليات سريعة على مواقعهم، وطالب المصدر الحكومة وقيادة الأركان في الجيش الوطني بسرعة دعم المقاومة في البيضاء بأسلحة نوعية، خاصة أن أغلب المقاتلين يعتمدون في حربهم على الميليشيات على أسلحتهم الشخصية منذ أكثر من خمسة أشهر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».