العاهل المغربي يدعو إلى استخلاص الدروس من قضية المهدي بن بركة

عد الراحل رجل سلم كان قريبا من العائلة الملكية

العاهل المغربي  يدعو إلى استخلاص الدروس من قضية المهدي بن بركة
TT

العاهل المغربي يدعو إلى استخلاص الدروس من قضية المهدي بن بركة

العاهل المغربي  يدعو إلى استخلاص الدروس من قضية المهدي بن بركة

في خطوة لافتة وغير مسبوقة، دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس الى استخلاص الدروس والعبر من قضية المهدي بن بركة، وجعلها في صالح الوطن، وذلك في الذكرى الـ 50 لاختطاف واختفاء المعارض اليساري المغربي في باريس عام 1965 .
جاء ذلك في رسالة وجهها الملك محمد السادس الى المشاركين في ندوة نظمت مساء أول من امس في الرباط تخليدا لهذه الذكرى، نظمها عبد الرحمن اليوسفي الامين العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، ورئيس الوزراء الاسبق.
وعد العاهل المغربي الرسالة مشاركة منه في هذا الحدث "من دون عقدة أو مركب نقص من هذه القضية"، تقديرا لمكانة بن بركة لديه ولدى المغاربة.
ووصف الملك محمد السادس بن بركة بأنه "كان رجل سلم، كما كان قريبا من العائلة الملكية"، مضيفا انه "ورغم أن هذه الذكرى تأتي في وقت لا تزال فيه العديد من التساؤلات مطروحة من دون إجابات، فقد حرصنا على مشاركتكم هذا الحدث، من دون عقدة أو مركب نقص من هذه القضية، تقديرا لمكانته لدينا ولدى المغاربة"، مشيرا الى ان" بن بركة دخل التاريخ، و ليس هناك تاريخ سيئ أو تاريخ جيد، وإنما هناك التاريخ كما هو ، ذاكرة شعب بأكمله".
وذكر الملك محمد السادس بان أعداء المغرب " قاموا باستغلال القضية للإساءة لصورة بلادنا" ، داعيا الى "استخلاص الدروس والعبر من قضية بن بركة، وجعلها في صالح الوطن، لتساعدنا على البناء وليس على الهدم".
واستحضر العاهل المغربي ما قاله في خطاب تنصيب هيأة الإنصاف والمصالحة سنة 2004، التي اشرفت على معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ، وهو أن" الشعب المغربي لا يتهرب من ماضيه، ولا يظل سجين سلبياته، بل يعمل على تحويله إلى مصدر قوة ودينامية لبناء مجتمع ديمقراطي وحداثي" ،مشيرا الى انه سبق لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد أن وجهت اليه الدعوة سنة 1997، عندما كان وليا للعهد، للمشاركة في منتداها الدولي حول الانتقال الديمقراطي ولبى الدعوة بنصيحة من والده الراحل الملك الحسن الثاني، وألقى كلمة في تلك المناسبة، واضاف " بعد مرور السنوات، أتوجه إليكم، من جديد، لأؤكد أن الملكية بالأمس كما اليوم، متشبثة بالتلاحم مع مكونات الأمة، شريطة الالتزام بالثوابت والمقدسات الت يضحى من أجل الدفاع عنها العديد من المغاربة الأحرار، ومن بينهم المهدي بن بركة".
وتعهد الملك محمد السادس بان لا يدخر" أي جهد من أجل صيانة الاختيار الديمقراطي لبلادنا، وحماية حقوق وحريات المواطنين" .
من جانبه ، دعا عبد الرحمن اليوسفي خلال الندوة التي تميزت بحضور جماهيري كثيف ضمنهم قيادات من الاتحاد الاشتراكي وباحثون ومسؤولون ودبلوماسيون ابرزهم الجزائري الاخضر الابراهيمي، الى الكشف عن الحقيقة في ملف الزعيم الاشتراكي الراحل ، وقال في هذا الصدد "لقد حدث ما حدث، ولا أحد يمكنه أن يرجع التاريخ للوراء، ولا أحد له الحق في أن يطمس الحقيقة أو أن يتحايل عليها، ولا أحد له الحق في أن يعالجها بالنسيان"، مضيفا "أتوجه بنداء للدولة المغربية من صميم قلبي أن تكشف عن الحقيقة التي تعرفها عن قضية المهدي بن بركة من أجل الحقيقة في حد ذاتها، ومن أجل وضع حد لجنازة تستمر 50 سنة ".
كما طالب اليوسفي الذي استعرض في كلمة مطولة مختلف المراحل السياسية التي عاشها رفيق دربه بن بركة، "الدول التي شاركت في الجريمة أو وقعت فوق ترابها أن تكشف ما تعرفه عن القضية من أجل الحقيقة، ومن أجل أن يكون للشهيد قبر يؤوي رفاته، وتتمكن عائلته من كتابة اسمه عليه"، مشددا على انه "من دون هذه الخطوة الحاسمة، سيظل دم أخينا يقف بيننا وبين السكينة التي لا غنى لبناء وطن حر وديمقراطي".
وقال اليوسفي ان بن بركة الذي كان يلقبه رفاقه بـ"الدينامو" لم يكن مجرد سياسي "رهن وقته ونضاله دفاعا عن قضايا وانتظارات القوات الشعبية، بل كان مناضلا فذا، وواقعيا، يمثل شعلة خاطفة شاءت الأقدار والأيادي الآثمة أن تطفئها وهو لم يتجاوز سن الخامسة والأربعين من عمره".
بدوره طالب الأخضر الإبراهيمي بالكشف عن حقيقة اختفاء بن بركة حتى "نقوم بجنازة حقيقية له"، واستعرض عددا من المحطات التي رافق فيها بن بركة في الاشهر الاخيرة التي سبقت اختفاءه لاسيما عندما كان يزور القاهرة.
وكشف الابراهيمي ان بن بركة لم يكن يريد ان يطلع أي شخص على مكان اقامته في القاهرة ، وكان هو صلة الوصل الوحيدة بينه وبين من يرغب في زيارته، لافتا الى ان ابن بن بركةً كان لا يخفي توجسه من زيارة فرنسا خوفا على حياته.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.