65 قتيلاً وأكثر من مائتي جريح في قصف جوي على سوق شعبية في دوما

المجزرة الرابعة في المكان نفسه خلال 3 أشهر.. والمعارضة تتهم الطائرات الروسية بتنفيذه

سكان من دوما يتفقدون أماكن القصف الوحشي الذي تعرضت له المدينة المجاورة للعاصمة دمشق أمس(رويترز)
سكان من دوما يتفقدون أماكن القصف الوحشي الذي تعرضت له المدينة المجاورة للعاصمة دمشق أمس(رويترز)
TT

65 قتيلاً وأكثر من مائتي جريح في قصف جوي على سوق شعبية في دوما

سكان من دوما يتفقدون أماكن القصف الوحشي الذي تعرضت له المدينة المجاورة للعاصمة دمشق أمس(رويترز)
سكان من دوما يتفقدون أماكن القصف الوحشي الذي تعرضت له المدينة المجاورة للعاصمة دمشق أمس(رويترز)

سقط عشرات القتلى في مجزرة في سوق شعبية بمدينة دوما بالغوطة الشرقية، بضواحي العاصمة السورية دمشق، نفذها الطيران الحربي السوري صباح أمس، مستخدما صواريخ روسية، وفق ما أعلنت مصادر ومواقع معارضة، وذلك بعد ساعات قليلة من مجزرة وقعت في المستشفى الميداني حيث سقط أكثر من 15 شخصا بينهم نساء وأطفال.
وقال مدير «المرصد لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قوات النظام أطلقت أكثر من 12 قذيفة صاروخية على سوق في مدينة دوما في الغوطة الشرقية»، أحد أبرز معاقل الفصائل المعارضة المقاتلة في محافظة ريف دمشق، ما تسبب «بمقتل أربعين شخصا بينهم طفل وإصابة مائة آخرين على الأقل بجروح». ورجح عبد الرحمن ارتفاع حصيلة القتلى «لوجود جرحى في حالات حرجة».
من جهته، أكّد الناشط في الغوطة الشرقية، ضياء الحسيني، أنّ العدد النهائي لقتلى مجزرة السوق ارتفع بعد ظهر أمس، إلى 65 شخصًا ونحو 200 جريح. وقال لـ«الشرق الأوسط» «هي المجزرة الثامنة منذ بدء الثورة السورية والرابعة منذ ثلاثة أشهر التي تقع في هذه السوق بالتحديد، لكن وبينما كان قبل ذلك النظام هو الفاعل، فإن مجزرة أمس نفذتها طائرات روسية بصواريخ موجّهة»، مضيفا: «الطائرات الروسية نفسها التي لم تتوقف عن استهداف ريف حمص الشمالي وريف إدلب، قصفت أمس دوما وبلدات عدة في الغوطة الشرقية».
وتخضع دوما، التي يسكن فيها 300 ألف شخص، منذ نحو سنتين لحصار من قوات النظام، ما يتسبب بمعاناة السكان من نقص كبير في المواد الغذائية والأدوية. كذلك تتعرض المدينة ومحيطها باستمرار لقصف مدفعي وجوي مصدره قوات النظام، فيما يستهدف مقاتلو الفصائل العاصمة بالقذائف التي يطلقونها من مواقع يتحصنون فيها على أطراف دمشق.
وبحسب «المرصد» فإن «مدينة دوما هي واحدة من المناطق السورية التي سقط فيها العدد الأكبر من القتلى منذ بدء النزاع». وكان قد قتل 34 شخصا على الأقل بينهم 12 طفلا في غارات للنظام على المدينة في 22 أغسطس (آب) الماضي، كما قتل 117 شخصا في 16 من الشهر نفسه، جراء قصف مماثل، ما استدعى تنديدًا دوليًا.
في هذه الأثناء، وفقًا لرواية «شبكة الدرر الشامية» اتهمت «الشبكة» طائرات النظام بارتكاب «مجزرة مروعة» في دوما، راح ضحيتها عشرات المدنيين في قصف بصواريخ روسية الصنع، وفصلت أن الغارات استهدفت الأحياء السكنية والسوق الشعبية في المدينة بأكثر من 12 صاروخًا موجهًا، ما أسفر عن مقتل 47 مدنيًّا وإصابة أكثر من 100 آخرين في حصيلة أولية؛ بينما استمرت فرق الإنقاذ في محاولة انتشال الضحايا والعالقين من تحت الأنقاض، وأطلقت نداءات الاستغاثة للتبرع بالدم وتم إلغاء صلاة الجمعة في كل مساجد المدينة التي يبلغ عددها 80 مسجدًا، مخافة وقوع مجزرة أخرى أثناء الصلاة.
وقال مراسل الشبكة إنّ الجثث والأشلاء ظهرت متناثرة في المنطقة، لافتا إلى أن أعداد القتلى مرشحة للازدياد في ظل استمرار القصف على المدينة مستهدفًا المناطق حيث تتم عمليات إجلاء الجرحى والمصابين.
من جانب آخر، قال مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في دوما، إن القصف الجوي على أحد المستشفيات الميدانية الخميس تسبب بإصابة عدد من أفراد الطاقم الطبي، ما جعل إمكانية علاج الجرحى الذين أصيبوا الجمعة محدودة، مشيرا إلى أن الغارات استهدفت سوقا شعبية قصدها السكان في وقت باكر خشية من تكرار القصف، مضيفا أنه عاين جثثا فوق بعضها البعض. بينما أشار الناشط في دوما، براء عبد الرحمن، إلى أن استهداف المستشفى الميداني في دوما أدى إلى تدميره بشكل كامل مع معداته وإيقافه عن العمل، «بعد إلقاء خمس طائرات حربية روسية عشرة صواريخ موجهة شديدة الانفجار أدت لمجزرة بحق خمسة عشر مدنيا بينهم أطفال».
وتابع معلقًا «انتهت كل مصطلحات الألم والأسى بحق ما أشاهده أصبحت عاجزًا عن نقل ما أشاهد من جرائم ترتكب بحق الإنسانية في مدينتي».
وبالفعل، يظهر شريط فيديو التقطه المصور في السوق بعد نقل القتلى والجرحى حالة من الفوضى العارمة، تبدو فيها محال تجارية متضررة تبعثرت بضائعها، وطاولات وبسطات للبيع ودراجات هوائية محطّمة، فيما ظهرت بقع كبيرة من الدماء تغطي الأرض. كما ظهر رجل في الثلاثينات من عمره يصرخ بلوعة أمام جثة طفل قتل جراء القصف، وهو يقول: «منذ أن قتل والدك في المجزرة، وأمك تطلب منك ألا تقصد السوق للعمل، لماذا جئت إلى هنا؟ لماذا؟» كذلك، نشرت لجان التنسيق المحلية في سوريا شريط فيديو قالت إنه تم تصويره بعد سقوط أحد عشر صاروخا على الأقل على سوق في المدينة. ويظهر الفيديو جثثا مضرجة بدمائها على الأرض فيما النيران مندلعة بالقرب منها وفي محال مجاورة. كما تبدو إحدى الجثث وهي تحترق. ويصرخ رجل مسن بأعلى صوته «دوما تباد. أين العالم؟».
في غضون ذلك، نفذت الطائرات الحربي الروسية المزيد من الغارات على مناطق في بلدة الغنطو وقرية تيرمعلة بريف محافظة حمص الشمالي، ما أدى لسقوط جرحى، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أشار كذلك إلى استمرار الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محيط قرية الدوير، وسط تضارب المعلومات حول الجهة التي تسيطر على القرية القريبة من بلدة الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي.
وفي محافظة إدلب أيضا، نفذت الطائرات الحربية الروسية غارات عدة على مناطق في قريتي تل مرق والحمدانية في الريف الجنوبي للمحافظة الواقعة في أقصى شمال غربي سوريا، وفي قريتي تل مرق والحمدانية ومناطق في قرية الكستن بريف جسر الشغور، بحسب «المرصد».
على صعيد آخر، قال «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» في بيان له إن روسيا ارتكبت «جرائم حرب» خلال الشهر الأول من عدوانها على سوريا، بعد قصف طائراتها للمناطق السكنية والمشافي والمدارس والأفران، لافتا إلى أنّه تم إحصاء سقوط نحو 1716 ضحية بينهم أطفال ونساء، واستهداف 12 مشفى موزعة على ثلاث محافظات، كما استهداف أفرانًا لتوزيع الخبر في تير معلة وسراقب.
وأضاف بيان الائتلاف «لم يحرز نظام الأسد ومن خلفه حلفاؤه روسيا وإيران وميليشيات حزب الله أي انتصار عسكري بعد مرور شهر كامل على بدء العدوان الروسي وتسجيل 2161 طلعة جوية للطيران الروسي، حسب تصريحات وزارة الدفاع الروسية، بل على العكس منيت قواتهم بهزائم كبيرة في العتاد والعديد، وفشلت باقتحام الريف الجنوبي لحلب وإدلب، وجبل الأكراد في اللاذقية، والريف الشمالي لحماه، وحمص».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».