الأمم المتحدة تقر بإرسالها خطأ مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى الزبداني ومضايا

الأهالي يتحدثون عن حالات تسمم وينتظرون وصول مساعدات جديدة

الأمم المتحدة تقر بإرسالها خطأ مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى الزبداني ومضايا
TT

الأمم المتحدة تقر بإرسالها خطأ مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى الزبداني ومضايا

الأمم المتحدة تقر بإرسالها خطأ مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى الزبداني ومضايا

أعلنت منظمة الأمم المتحدة أنّها أرسلت عن طريق الخطأ صناديق من البسكويت منتهية الصلاحية إلى مدينة الزبداني وبلدة مضايا السوريتين المحاصرتين من قبل قوات النظام السوري وحزب الله في محافظة ريف دمشق، وهو ما أكده أهالي المنطقتين الذين تكلموا عن حالات تسمم لعائلات بأكملها يُعتقد أنها تناولت البسكويت الذي أدخلته الأمم المتحدة إلى جانب مواد غذائية أخرى قبل نحو أسبوع.
بيان صادر عن الأمم المتحدة أفاد بأن المنظمة أُبلغت بأن 320 من أصل 650 صندوقًا تحتوي بسكويت عالي الطاقة، كانت مع الأسف قد أرسلت إلى الزبداني ومضايا كجزءٍ من قافلة المساعدات في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، منتهية الصلاحية في سبتمبر (أيلول) 2015.
وأكد يعقوب الحلو، المنسّق الإنساني في سوريا أن ذلك قد نتج عن خطأ بشري أثناء عملية التحميل، ولفت إلى أن البسكويت العالي الطاقة هو جزء صغير من قافلة المساعدات.. وأن فريق الأمم المتحدة في سوريا وشركاءه الإنسانيون يأخذون الموضوع على محمل الجد ويعملون على معالجة الوضع فورًا.
وأوضحت الأمم المتحدة أيضا، بعد استشارة مصادر طبية، أن استهلاك البسكويت المنتهي الصلاحية لا يشكل مخاطر صحية. ولكن لمزيد من الأمان، فلقد طلبنا من السكان عزل البسكويت إذ إننا نعمل على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتبديل المواد في أسرع وقت ممكن.
هذا، وأرسلت الأمم المتحدة طلبًا إلى كل الأطراف ذات العلاقة، بما فيها حكومة النظام السوري، الغاية منه تسهيل الوصول إلى المناطق لتبديل البسكويت وطواقم طبية لفحص ومعالجة المرضى وتقديم مواد غذائية وغير غذائية، وما زالت تنتظر الإذن بالوصول من قبل الأطراف المعنية.
وفي السياق نفسه أشار أبو عمر، وهو أحد الناشطين في بلدة مضايا إلى أن البسكويت المنتهي الصلاحية تم توزيعه بشكل أساسي في مضايا وضواحي الزبداني، وأفاد «الشرق الأوسط» عن تسجيل حالات تسمم لعائلات يُعتقد أن أفرادها تناولوا هذا البسكويت. وأردف «لا نزال ندقق بالموضوع لكننا بتنا شبه متأكدين أن البسكويت المنتهي الصلاحية هو سبب الإصابات المذكورة».
كذلك، أوضح أبو عمر أن المواد الغذائية التي جرى إدخالها يوم الأحد الماضي إلى الزبداني ومضايا ليست كافية، لا بل يمكن القول إنها نفدت باعتبار أنّها كانت محددة للاستهلاك خلال 3 أو 4 أيام. وتابع «قالوا لنا إنّه سيتم إرسال المزيد من المواد قريبا، لكننا لا نزال ننتظر وصولها كما دخول مواد طبية وإخلاء الجرحى».
جدير بالذكر أن الفصائل السورية المعارضة من جهة وقوات النظام السوري وحزب الله من جهة ثانية توصلوا إلى اتفاق في 24 سبتمبر الماضي، تحت إشراف الأمم المتحدة وبرعاية إيرانية، يشمل وقفًا لإطلاق النار في الزبداني بريف دمشق وفي بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في ريف إدلب، بشمال غرب سوريا، وإدخال المساعدات إليها، ومن ثم السماح بخروج المدنيين والجرحى من الفوعة وكفريا ومقاتلي الفصائل من الزبداني بشكل آمن، على أن تمتد الهدنة لستة أشهر. ووصلت 31 شاحنة الأحد الماضي تحمل إمدادات طبية وإنسانية لـ29.500 شخص في المناطق المعنية بالاتفاق. وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إلى أن مسؤولي المنظمة يتطلعون إلى تنفيذ النقاط المتبقية التي يشملها الاتفاق، بما في ذلك إخلاء عاجل للأفراد المصابين بجروح خطيرة. ودعت الأمم المتحدة الأطراف لتسهيل هذه الأعمال الإنسانية المنقذة للحياة.
وفي المقابل، على الرغم من أن عملية إخلاء المدنيين والمسلحين لا تزال معلّقة لأسباب غير محددة، فإن عددا كبيرا من أهالي الزبداني الذين نزحوا منذ مدة إلى البلدات المحيطة، وبالتحديد بلدات بقين وسرغايا ومضايا هربًا من عنف المعارك، لا يبدون حماسة للمغادرة إلى مناطق أخرى. ووفق أبو أحمد وهو من نازحي الزبداني ويعيش منذ مدة في بقين لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يطلبون منا أن نترك بيوتنا وأرضنا ونرحل؟ لمن نتركها أصلاً؟» ثم أضاف بغصة: «ما دخلنا إذا وافق طرفا الصراع على الإخلاء ونحن غير موافقين؟ كيف يفرضون علينا أن نُقتلع من أرضنا؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.