قال الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، إنه بصدد تقييم وضع العمل الحكومي، وإن أي تحوير على تركيبة الحكومة سيجري بعد التشاور مع أحزاب الائتلاف الرباعي الحاكم، ومع رئيس الجمهورية.
وتشكلت الحكومة في السادس من فبراير (شباط) الماضي، وضمت ائتلافا حزبيا رباعيا مكونا من حزب نداء تونس (86 مقعدا برلمانيا)، وحركة النهضة (69 مقعدا)، والاتحاد الوطني الحر (16 مقعدا)، وحزب آفاق تونس (8 مقاعد برلمانية). ورغم انتماء هذه الأحزاب إلى التيار الليبرالي، إلا أن عدة نقاط خلافية ظهرت على مستوى أداء الحكومة، من بينها غياب الدعم السياسي نتيجة حياد رئيس الحكومة واستقلاليته عن الأحزاب، والفشل في تنفيذ أي برنامج انتخابي.
واعتبر الصيد في حوار تلفزيوني أن إقالة وزير العدل محمد الصالح بن عيسى من مهامه، واستقالة الأزهر العكرمي، وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية، والخلافات التي يعيشها حزب نداء تونس الذي يتزعم الائتلاف الحكومي، وكذلك تهديد حزبي الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس حليفي النداء في الحكم بتعليق دعمهما للحكومة، لن يؤثر على أداء الحكومة التي ستواصل عملها، مؤكدا أن الحكومة التي يترأسها ليست طرفا في تلك الخلافات، في إشارة إلى الخلافات بين رأسي قيادة حركة النداء، حافظ قائد السبسي نائب رئيس الحزب، ومحسن مرزوق، الأمين العام لنفس الحزب.
وحافظت حركة النهضة على حيادها ومراقبة ما يحدث داخل حزب النداء وتركيبة الحكومة، واكتفت بالدعوة إلى مزيد من التشاور مفضلة مواصلة دعم الحكومة، إذ قال علي العريض، الأمين العام للحزب، إن النهضة تواصل دعم حكومة الصيد ولا تؤيد فكرة تغييرها لأن ذلك من شأنه أن يمس استقرار تونس.
وكانت مصادر في الحكومة قد أشارت إلى إمكانية إجراء تحوير وزاري يشمل نحو ست وزارات، معظمها ذو طابع اقتصادي واجتماعي نتيجة الأداء الاقتصادي الضعيف، وعجز السلطات الحكومية عن استثمار مبلغ نحو 10 مليارات دينار تونسي (نحو 5 مليارات دولار) بسبب وجود عدة عراقيل على مستوى الجهات.
وبشأن التململ الذي طبع العلاقة بين أحزاب الائتلاف الرباعي الحاكم، قال محسن حسن، المتحدث باسم حزب الاتحاد الوطني الحر لـ«الشرق الأوسط»، بأن قرار تعليق مساندة الكتلة البرلمانية لحزبه للائتلاف الحكومي، يعبر عن احتجاج على الحكومة التي لم تنتبه لوجود الاتحاد في الائتلاف الحكومي، على حد تعبيره. وفي السياق ذاته، التقى رئيس الحكومة، قيادات سياسية من حزب آفاق تونس، وطمأنهم بشأن قبول بعض الأسماء المقترحة وإدراجها ضمن لوائح المسؤولين في الجهات. وبهذا الخصوص قالت ريم محجوب، القيادية في حزب آفاق تونس، إن اللقاء كان إيجابيا بعد مناقشة ملفين أساسيين هما تعيين المسؤولين المحليين، وملف مقاومة الفساد.
وكان الصيد قد أعفى أول من أمس محمد الصالح بن عيسى من مهامه، وكلف فرحات الحرشاني وزير الدفاع بتسيير الوزارة بالنيابة إلى حين تعيين وزير جديد. وخلافا لوجهة النظر الرسمية التي سكتت عن تقديم الأسباب الفعلية للإقالة، فإن لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان استمعت يوم الجمعة الماضي إلى وزير العدل المقال بشأن مشروع القانون الأساسي المتعلق بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته، وأكد في مداخلة أمام أعضاء اللجنة البرلمانية على وجود «ضغوطات من أطراف أجنبية للإسراع بالتصديق على مشروع القانون». وانتقد المؤسسات الدولية التي حثته على تجنب التأخير في التصديق على قانون مكافحة الاتجار بالبشر حتى لا يؤدي الأمر إلى تدحرج تونس في الترقيم السيادي، وهو ما قد ينجر عنه صعوبات في الحصول على القروض والتمويلات، وقال في هذا الشأن «لم يبق لتلك المؤسسات إلا أن تعطينا تعليمات وهي تترصد كل حركات تونس»، وخص بالذكر الولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى أن ما قاله سفيرها في تونس استفزه، على حد تعبيره. وأدى وزير العدل المقال خلال الفترة الأخيرة مجموعة من الزيارات إلى بعض السجون، وانتقد بشدة ظروف السجون ودرجة الاكتظاظ داخلها، والحالة السيئة لبعضها، وألقى باللائمة على مديري تلك السجون، وطالبهم بإجراء إصلاحات عاجلة ومحددة في فترة زمنية محدودة. كما أيد بن عيسى مقترح الزيارات الفجائية للسجون، التي يعتزم نواب البرلمان القيام بها، لكنه طلب فقط ضرورة تأمين الوفود التي ترغب في زيارة تلك السجون.
وكان لزهر العكرمي، وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والقيادي في حركة نداء تونس الحزب الحاكم، قد قدم منذ نحو أسبوع أول استقالة من حكومة الحبيب الصيد، وقال: إنه استقال لأن الحكومة عجزت عن مقاومة الفساد.
حزب آفاق تونس يهدد بتعليق دعمه لحكومة الصيد
إعفاء وزير العدل من مهامه دون تقديم أسباب واضحة

تونسيون يتظاهرون أمام وزارة الشؤون الدينية في العاصمة التونسية أمس احتجاجا على قرار عزل الإمام رضا الجوادي بسبب تأييده لحزب النهضة الإسلامي (أ.ف.ب)
حزب آفاق تونس يهدد بتعليق دعمه لحكومة الصيد

تونسيون يتظاهرون أمام وزارة الشؤون الدينية في العاصمة التونسية أمس احتجاجا على قرار عزل الإمام رضا الجوادي بسبب تأييده لحزب النهضة الإسلامي (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة