يبدو أن المنافسة على السوق الصينية ما زالت مشتعلة؛ حيث أظهرت بيانات حكومية صينية، بالأمس، أن واردات الصين من النفط الخام خلال الأشهر الثمانية الأولى نمت بشكل كبير من الكويت وروسيا والعراق، متفوقة على وارداتها من النفط الخام السعودي، بينما تراجعت واردات الصين من النفط الإيراني والإماراتي.
وأوضحت البيانات التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن واردات الصين من النفط الكويتي زادت بنحو 56.4 في المائة في الأشهر الثمانية الأولى مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014 بينما زادت من روسيا بنحو 28 في المائة ومن العراق بنحو 12.5 في المائة وزادت من السعودية بنحو 8.3 في المائة.
واستوردت الصين ما يقارب من 9.04 مليون طن متري من النفط الكويتي خلال الأشهر الثمانية الأولى، وهو ما يعادل نحو 276 ألف برميل يوميًا في المتوسط خلال الفترة. بينما استوردت الصين من السعودية 34.5 مليون طن متري؛ أي ما يعادل 1.06 مليون برميل يوميًا خلال الفترة كاملة. أما بالنسبة للعراق، فقد كانت الواردات في حدود 21 مليون طن متري.
ولا تزال واردات الصين من النفط الروسي تشهد نموًا كبيرًا هذا العام بعد التقارب السياسي الكبير الذي تشهده البلدان إضافة إلى العقود والشراكات النفطية التي تم توقيعها مؤخرًا.
وكانت المفاجأة هي أن واردات الصين من النفط الإيراني شهدت تراجعًا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي نسبته 0.3 في المائة، على الرغم من أن وارداتها منه زادت بنحو 61 في المائة في شهر أغسطس (آب) بمفرده.
ولكن ما الذي دفع الصين لزيادة وارداتها من النفط الكويتي بهذه النسبة الكبيرة خلال العام الحالي؟ ويجيب المحللون في الكويت عن هذا السؤال قائلين بأن هذه الزيادة هي نتيجة للجهد الذي بذله جهاز التسويق في مؤسسة البترول الكويتية العام الماضي، بعد أن تمكن من توقيع عقود جديدة مع الصين لزيادة الكمية التي تصدرها الكويت لها.
ووقعت مؤسسة البترول وشركة الصين العالمية للبترول في أغسطس من عام 2014 اتفاقًا يقضي بزيادة صادرات الكويت من النفط الخام إلى الصين بأكثر من الضعف لمدة عشر سنوات ابتداء من أغسطس الحالي. وأوضح العضو المنتدب للتسويق العالمي في مؤسسة البترول، ناصر المضف، حينها أن العقد يقضي بإمداد الصين بنحو 300 ألف برميل من النفط الخام يوميًا ليحل محل عقد الإمداد القديم الذي يقضي بتصدير 160 إلى 170 ألف برميل يوميا.
ويقول المحلل النفطي عصام المرزوق لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد سبب واضح لزيادة صادرات الكويت إلى الصين هذا العام سوى سبب واحد وهو العقود التي تم إبرامها في العام الماضي».
وتشهد السوق الصينية منافسة شديدة بين كل المنتجين هذا العام حيث تسعى كل الدول إلى الحفاظ على حصتها السوقية في الأسواق الرئيسية في آسيا بعد أن تباطأ الطلب في أوروبا وبدأت الولايات المتحدة في تقليص وارداتها من النفط الخام وبخاصة من النفوط الخفيفة التي تشابه في جودتها النفط الصخري.
وعن سبب تباطؤ نمو واردات الصين من النفط الخام السعودي، يقول المحلل الكويتي محمد الشطي لـ«الشرق الأوسط»: «لعل من أهم وأبرز الأسباب هو نظام تسعير النفط السعودي إذ إن السعودية هي أول دولة تسعر النفط في منطقة الشرق الأوسط وتتبعها الكويت والعراق وإيران، ولهذا يستطيع الجميع إعطاء تخفيضات أفضل على نفوطهم لجعله أكثر جاذبية من النفط السعودي».
ويتفق الشطي والمرزوق على أن أحد أسباب زيادة الصين لوارداتها هذا العام هو أنها ما زالت تملئ خزاناتها الاستراتيجية، ولكن هذا التوجه أخذ في التباطؤ مع اقتراب العام من نهايته إذ تم تعبئة غالبية مواقع الخزن الاستراتيجي.
وما زالت المنافسة قائمة، ويرى المرزوق أن المنافسة ستكون أشد في العام القادم بعد رفع الحظر عن النفط الإيراني، وسيكون الحفاظ على الحصة السوقية في الصين وفي آسيا بشكل عام، أمرًا في غاية الصعوبة مع زيادة عدد المصدرين لها.
ويبدو أن صناع القرار في الرياض والظهران على علم بما هو قادم إذ بدأت أرامكو السعودية في فتح مكاتب تسويق جديدة لها في الهند وعينت أحمد السبيعي مديرًا تنفيذيًا على جهاز تسويق النفط الخام وقامت بالكثير من التغيرات على مستوى هيكل قطاع التسويق والتكرير.
وعقدت أرامكو السعودية اجتماع مجلس إدارتها هذا العام في كوريا وأعقبه زيارة وزير البترول السعودي، علي النعيمي، إلى الصين حيث قابل كبار الزبائن. وافتتحت أرامكو هذا العام مركزًا جديدًا للأبحاث هناك وسبق وأن فتحت في أواخر العام الماضي مقرًا جديدًا لشركة أرامكو آسيا في العاصمة الصينية بكين ليدير جميع عمليات أرامكو في آسيا وعينت إبراهيم البوعينين رئيسًا تنفيذيًا للشركة في آسيا.
وتنتهج السعودية وبقية دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سياسة حاليًا للدفاع عن حصتها السوقية، ولهذا السبب زادت السعودية والعراق إنتاجها بشكل كبير عما كان عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في الشهر الذي اتفقت فيه المنظمة على السياسة الجديدة.
وبات واضحًا أن روسيا هي الأخرى تنتهج نفس السياسة حيث أعلن وزير الطاقة الروسي، إلكساندر نوفاك، في فيينا في يونيو (حزيران)، أن بلاده ستحافظ على مستوى إنتاج بين 10.5 إلى 10.6 مليون برميل يوميًا لسنوات قادمة، وتوقع نوفاك حينها أن تبلغ أسعار النفط بين 65 و70 دولارًا للبرميل في المدى الطويل. ولا توجد لدى شركات النفط الروسية أي نية بخفض إنتاجها أو التعاون مع «أوبك» في هذا الذي عقدت شركته اتفاقيات طويلة الأجل مع الصين تمتد إلى 25 عامًا لزيادة صادرات النفط الروسي إليها.
واردات الصين من نفط الكويت وروسيا تنمو أسرع من السعودية
بكين تستورد نفطًا أقل من إيران خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي
واردات الصين من نفط الكويت وروسيا تنمو أسرع من السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة