العبادي يستفز شركاءه ويغضب خصومه.. وفرضية الاغتيال قائمة

لا يملك منظومته الدفاعية الخاصة.. والمكلفون بحماية المنطقة من المقربين للمالكي

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحضر احتفالا بيوم الشباب العالمي في بغداد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحضر احتفالا بيوم الشباب العالمي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

العبادي يستفز شركاءه ويغضب خصومه.. وفرضية الاغتيال قائمة

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحضر احتفالا بيوم الشباب العالمي في بغداد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحضر احتفالا بيوم الشباب العالمي في بغداد أمس (أ.ب)

صبيحة 9 أغسطس (آب) الحالي وجد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه أمام خيارين، أحدهما بدا مرا فقط، أما الآخر فيمكن استيعاب صدمته إن لم يكن ركوب موجته. أما الخياران فهما إما الإقدام على إصلاحات جذرية بناء على وقع التظاهرات الحاشدة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب ودعم المرجعية الشيعية العليا، التي تقول المصادر إنه تلقى منها اتصالا هاتفيا، أو انتظار اليوم التالي لكي يشاور شركاءه في رئاستي الجمهورية والبرلمان.
لكن حسب مسؤول عراقي رفيع المستوى تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن العبادي قرر وضع شركائه، لا سيما رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري، أمام الأمر الواقع حتى لو بدا الأمر بمثابة استفزاز لهما بعدم التشاور لأنه يستهدف من جملة ما يستهدف سياسيين كبارا ومتنفذين في الدولة والمؤسسة العسكرية سيتحولون، بمجرد صدور ما أطلق عليه فيما بعد حزمة الإصلاحات، خصوما قد لا يغفرون للعبادي ما عمله بحقهم لا سيما أنهم ليسوا أفرادا بقدر ما هم مؤسسات كاملة من مستشارين وحمايات ومقرات وامتيازات وهو أمر يجعل من تفكيكها بقصد الإصلاح أمرا في غاية الصعوبة.
المسؤول يضيف أن «خطوة العبادي التي بدت جريئة جدا والتي لم يبلغ بها معصوم والجبوري كانت مصممة للإطاحة بمنظومة كاملة من الامتيازات والحلقات الزائدة وهو ما لم يعترض عليه في النهاية لا رئيس الجمهورية ولا رئيس البرلمان بدليل أنهما أعلنا تأييدهما لحزمة الإصلاحات بل طالبا بالمزيد منها وهو ما جعل عدم إخبارهما بشكل مسبق من قبل العبادي مبنيا على حسن النيات أكثر مما هو تعبير عن تفرد في اتخاذ القرار».
لكن ما صدر عن العبادي من تصريحات بعد إصداره حزمة الإصلاحات التي لقيت ترحيبا شاملا شعبيا ومن قبل المرجعية الشيعية كشفت المستور عما يحاك له من مؤامرات قد تصل إلى حد اغتياله. فالعبادي كرر محاولة الاغتيال أكثر من مرة دون أن يشير إلى جهة محددة. لكنه وفي كلمته أمام احتفالية يوم الشباب العالمي أمس في بغداد، ذكر مجددا بأن «مسيرة مكافحة الفساد لن تكون سهلة، والفاسدون لن يجلسوا بل بعضهم سيقاتلون»، مؤكدًا أن الحكومة بحاجة لقرارات صعبة وسنتخذها من أجل مصلحة البلد. وأضاف العبادي أن «على المتظاهرين عدم السماح لاستغلال تظاهراتهم، والبعض يريد جرمًا من أجل رفع شعارات فضفاضة».
وفي موقف لافت، دعا العبادي إلى إبعاد القوات المسلحة وميليشيات الحشد الشعبي عن العمل السياسي لأن من يقاتلون في جبهات القتال يقاتلون من أجل البلد وليس من أجل أحزاب. وقال إن «المسيرة لن تكون سهلة وإنما مؤلمة، والفاسدون لن يسكتوا وأصحاب الامتيازات لن يسكتوا ولكننا سنمضي لآخر المهمة في محاربة الفاسد وإصلاح الأوضاع».
وفي هذا السياق، أبلغ مسؤول أمني عراقي «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أن «العبادي حاول طمأنة الكثير من الجهات العسكرية وكذلك في قيادات الحشد الشعبي بأن أي حساب يحصل لن يكون على أساس حزبي وإنما على أساس مهني». وكشف المسؤول الأمني أن «اللواء المعني بحماية المنطقة الخضراء وهو اللواء 56 معظم المنتمين إليه هم من المقربين من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بينما العبادي لا يمتلك حتى الآن المنظومة الدفاعية الخاصة به مما يجعله يكرر دائما إنه قد يكون عرضة للاغتيال».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.