اقتصاد إسبانيا ينتعش بفضل السياحة بعد 7 سنوات من التأزم

«النقد الدولي» توقع تحقيقه نموًا بنسبة 3.1 % في 2015

سياح ينتظرون دورهم لزيارة التحفة المعمارية {كازا باتلو} في برشلونة للمهندس المعماري العبقري غودي (أ.ف.ب)
سياح ينتظرون دورهم لزيارة التحفة المعمارية {كازا باتلو} في برشلونة للمهندس المعماري العبقري غودي (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد إسبانيا ينتعش بفضل السياحة بعد 7 سنوات من التأزم

سياح ينتظرون دورهم لزيارة التحفة المعمارية {كازا باتلو} في برشلونة للمهندس المعماري العبقري غودي (أ.ف.ب)
سياح ينتظرون دورهم لزيارة التحفة المعمارية {كازا باتلو} في برشلونة للمهندس المعماري العبقري غودي (أ.ف.ب)

بعد سبع سنوات من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بإسبانيا، عادت السياحة بقوة لتنتشل الاقتصاد من عثرته. فقد زار نحو 29.2 مليون سائح دولي إسبانيا في النصف الأول من عام 2015. وخلال الربع الثاني من العام الجاري، بلغ معدل نمو الاقتصاد في إسبانيا 1 في المائة مقارنة بالأشهر الـ3 الأولى من العام، وهي أسرع وتيرة للنمو منذ عام 2007.
وأعلنت هيئة الإحصاءات الرسمية الإسبانية، أن الاقتصاد نما بنسبة 3.1 في المائة خلال الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي، بدعم من الطلب المحلي وقوة سوق العمل.
ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الإسباني بنسبة 3.1 في المائة هذا العام وبنسبة 2.5 في المائة في عام 2016. نحو ضعف المتوسط في بلدان منطقة اليورو التسعة عشر.
وقال الصندوق، في مذكرة بحثية اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها «اتخذت حكومة رئيس الوزراء ماريانو راخوي خطوات جادة من أجل هذا التحول». وأشار الصندوق إلى نجاح الإصلاحات العمالية والمصرفية وإجراءات التضييق المالي.
وقال وزير الاقتصاد طلويس دي جويندوس، في مقابلة إذاعية «نحن بدأنا نرى الضوء في نهاية النفق. نحن الآن قادرون على العودة إلى مستويات دخل ما قبل الأزمة». ويُرجع المحللون ذلك النمو إلى رواج السياحة في إسبانيا، بعدما فضل السياح إسبانيا على اليونان التي تشهد اضطرابات مستمرة.
وسجلت السياحة الإسبانية مستويات قياسية بعدما نمت بنحو 4.2 في المائة في النصف الأول من العام الجاري، في إشارة إلى عودة إسبانيا للمنافسة على المرتبة الأولى على مستوى العالم والتي تحتلها فرنسا حاليًا.
لكن بالتدقيق في القطاعات الأخرى في الاقتصاد، نجد أن قطاعات مثل الصناعة، والتشييد، وتجارتي الجملة والتجزئة، والخدمات المتخصصة، ساهمت أيضًا في النمو المتحقق في الربع الأول والثاني من العام، إلى جانب السياحة.
ولا شك في أن إسبانيا برزت كنجم اقتصادي بين اقتصاديات الوزن الثقيل في أوروبا. فمنذ وقت ليس ببعيد، كانت عضوًا ضمن مجموعة البلدان المأزومة والمعروفة باسم «PIIGS»، البرتغال وإيطاليا وآيرلندا واليونان وإسبانيا. وكان معدل البطالة فيها أكثر من 26 في المائة، كما في اليونان، بل كانت في حالة سيئة اضطرتها لأخذ قرض لإعادة رسملة بنوكها بنحو 41.3 مليار يورو، كجزء من حزمة إنقاذ ممولة من قبل نفس الوكالة الأوروبية التي جاءت لنجدة اليونان.
ومنذ بداية العام الجاري بدأت المؤشرات الاقتصادية في إسبانيا تتحسن، فقد تراجع عدد العاطلين عن العمل للشهر السادس على التوالي بواقع 74.28 ألف شخص على أساس شهري خلال يوليو (تموز) الماضي، في أكبر تراجع منذ عام 1998.
ووفقا للبيانات التي نشرتها وزارة العمل والتأمينات الاجتماعية الإسبانية الثلاثاء الماضي، فإن إجمالي عدد العاطلين وصل خلال يوليو إلى 4.05 مليون عاطل.
ورغم أن معدل البطالة ما زال ثاني أعلى معدل في الاتحاد الأوروبي، بعد اليونان، فإنه يسير في اتجاه الانخفاض. وعلى أساس سنوي، تراجع عدد العاطلين في إسبانيا بواقع 373.5 ألف شخص في يوليو مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وهو أكبر انخفاض على أساس سنوي يتم تسجيله منذ 1996.
والتضخم الآن أصبح غير موجود، فمع أحدث قراءة له في يوليو الماضي استقر التضخم عند مستوى الصفر، بانخفاض من 0.1 في المائة في يونيو (حزيران).
ويرى أنطونيو غارسيا باسكوال، أحد الاقتصاديين الأوروبيين في بنك باركليز، أن انخفاض التضخم، ورخص اليورو، وانخفاض أسعار الطاقة وتجدد الاستقرار المالي في أوروبا، كلها عوامل دعمت الإنفاق الاستهلاكي ورفعت من تجارة التجزئة في إسبانيا.
وعانى الاقتصاد الإسباني من الركود الخانق منذ الأزمة المالية، استمرت حدته حتى عام 2012 دون أن يكون هناك أي إجراء يُذكر من أجل التعامل مع الأزمة. وخلال العام نفسه طبقت الحكومة خطة تقشفية للحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 100 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي.
وحتى عام 2012 كان الوضع قاتمًا في إسبانيا، حيث انفجرت فقاعة العقارات، وكانت البطالة بمثابة آفة في إسبانيا لعدة سنوات، وقوضت حالات الإفلاس المتتالية الثقة في الاقتصاد. وارتفع العائد على السندات الإسبانية لمدة 10 سنوات في يوليو 2012 بأكثر من خمس نقاط مئوية عن نظيره في ألمانيا، ما دفع البنك المركزي الأوروبي إلى التدخل لإنقاذ إسبانيا من موجات المضاربة على الديون السيادية.
واضطرت إسبانيا منذ عام 2012 إلى قبول مطالب التقشف، وقطعت الأجور والمزايا في القطاع العام، ورفعت ضريبة القيمة المضافة إلى 21 في المائة (مع وجود استثناءات) من 18 في المائة.
ورغم تحسن البيانات الاقتصادية في إسبانيا، يقول مارك أوستوالد، المحلل في «ADMISI» وهي شركة خدمات استثمارية مقرها مدريد: «إن البطالة في الربع الثاني لا تزال مرتفعة عند مستوى 22.4 في المائة، رغم سقوطها بمعدلات قياسية مدفوعة في المقام الأول من قبل توفير الحكومة لعدد من الوظائف».
وأضاف أوستوالد، في مذكرة صدرت من قبل «ADMISI» قبيل الإفصاح عن بيانات الناتج المحلي الإجمالي نهاية يوليو الماضي، قائلاً: «عجز الميزانية في إسبانيا أيضا مرتفع، حيث سجل نحو 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2014. وقد وضعت الحكومة هدفًا للعجز عند 4.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري و2.8 في المائة في العام المُقبل».
يقول نانديني راماكريشنان، استراتيجي الأسواق العالمية «في جي بي مورغان»: «لا تزال هناك قضايا اقتصادية هيكلية تحتاج إلى تصحيح كالبطالة التي لا تزال متفشية، لا سيما بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 التي ترتفع نسبتهم عن 50 في المائة. فالتعامل الحالي مع العمالة ومستويات الطلب الداخلي قد لا تكون قوية بما فيه الكفاية للحفاظ على الانتعاش المتوقع في البلاد».

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أظهر مسح ربع سنوي أجراه البنك المركزي الياباني تحسناً طفيفاً في توقعات الشركات، لا سيما في الصناعات الثقيلة الرئيسية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري والآلات، بينما تراجعت في صناعة الخدمات.

ومن شأن نتائج استطلاع «تانكان» التي أصدرها بنك اليابان يوم الجمعة، وهو المسح الاقتصادي القصير الأجل للشركات، أن يؤثر على قرار البنك بشأن رفع سعر الفائدة الرئيسي، الأسبوع المقبل.

ويظهر الاستطلاع الفارق بين الشركات التي تقول إنها متفائلة حيال أوضاع الأعمال وتلك المتشائمة. وقوضت نتيجة الاستطلاع الأحدث توقعات زيادة سعر الفائدة، كما تأرجح الين الياباني خلال الأسبوع؛ حيث بلغ معدل تداول الدولار الأميركي أمام الين 152.9 ين يوم الأربعاء، وهو معدل قريب لأعلى مستوى خلال أسبوعين. ونما اقتصاد اليابان بوتيرة سنوية معدلة بلغت 1.2 في المائة في الربع السابق، مدفوعاً بإنفاق استهلاكي مستدام.

وارتفعت المعنويات الإجمالية للشركات، للمصنعين وغير المصنعين إلى 15 نقطة من 14 نقطة في مسح سابق. وارتفع مؤشر معنويات كبرى الشركات الصناعية إلى 14 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، من 13 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استئناف مصنعي السيارات الإنتاج عقب فضائح شهادات اختبارات السيارات في الصناعة. كما تحسّنت شركات الإنشاءات والعقارات.

وفي حين أن شركات تصنيع السيارات وغيرها من الصناعات الأخرى الكبيرة أحرزت تقدماً، تراجعت المعنويات بين تجار التجزئة وغيرهم في صناعة الخدمات؛ حيث انخفضت إلى 33 نقطة من 34 نقطة رغم أنها ما زالت في منطقة إيجابية. وتراجع مؤشر تجار التجزئة بشكل حاد إلى 13 نقطة من 28 نقطة.

وفي الأسواق، تراجعت عائدات السندات الحكومية اليابانية متوسطة وطويلة الأجل يوم الجمعة مع تراجع احتمالات قيام بنك اليابان المركزي برفع أسعار الفائدة في اجتماعه للسياسة النقدية الأسبوع المقبل.

وانخفض العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عامين نقطة أساس واحدة إلى 0.565 في المائة، والعائد على السندات لأجل خمس سنوات نقطتين أساس إلى 0.69 في المائة.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في اليابان لدى «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «تراجعت رهانات رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان المركزي، في حين دعمت عمليات شراء السندات التي يقوم بها بنك اليابان أيضاً المعنويات».

وأفادت «رويترز»، يوم الخميس، بأن بنك اليابان المركزي يميل إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة مع تفضيل صناع السياسات قضاء المزيد من الوقت في التدقيق في المخاطر الخارجية والمؤشرات بشأن توقعات الأجور في العام المقبل. وجاء ذلك في أعقاب تقرير لوكالة «بلومبرغ» نيوز يوم الأربعاء أن بنك اليابان يرى «تكلفة ضئيلة» في الانتظار لرفع أسعار الفائدة.

وأشارت التوقعات إلى احتمال بنسبة 22.86 في المائة لرفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.5 في المائة هذا الشهر، واحتمال بنسبة 65.5 في المائة لهذه الخطوة في اجتماعه في يناير (كانون الثاني).

من جانبه، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني منخفضاً يوم الجمعة مع اتجاه المتعاملين لجني الأرباح عقب صعود استمر 4 جلسات بعد أن رفعت البيانات الاقتصادية الأميركية الرهانات على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

وهبط المؤشر «نيكي» 0.95 في المائة إلى 39470.44 نقطة، لكنه كسب 1.94 في المائة خلال الأسبوع. ودفعت مكاسب يوم الخميس المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى في شهرين. وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.95 في المائة إلى 2746.56 نقطة، لكنه ارتفع 1.68 في المائة خلال الأسبوع.

وقال تاكيهيكو ماسوزاوا، رئيس التداول في «فيليب سيكيوريتيز اليابان»: «أدى ضعف إغلاق الأسواق الخارجية خلال ساعات الليل إلى انخفاض المعنويات، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم لجني الأرباح». وأضاف: «أرادت السوق تعديل مراكزها قبل عطلة نهاية الأسبوع».

وتجاوز المؤشر «نيكي» يوم الخميس مستوى 40 ألف نقطة الرئيسي للمرة الأولى منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول). وتراجعت مؤشرات وول ستريت الليلة السابقة، إذ قيم المتعاملون المؤشرات الاقتصادية الرئيسية قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

وأظهر تقرير وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، أن أسعار المنتجين ارتفعت 0.4 في المائة على أساس شهري في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتقديرات ارتفاع 0.2 في المائة، وفقاً لخبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم.

وتراجعت جميع مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو للأوراق المالية البالغ عددها 33 باستثناء ثلاثة. ومن بين 1644 سهماً في السوق الرئيسية في بورصة طوكيو، ارتفع 32 في المائة وانخفض 64 في المائة، بينما استقر 3 في المائة.