اختتم الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارته إلى إثيوبيا أمس، بعدما أكد أن بلاده تقف بجانب أفريقيا لمكافحة الإرهاب وإنهاء النزاعات، داعيا القادة الأفارقة إلى القضاء على «سرطان الفساد» وتبني مبادئ الديمقراطية لضمان تقدم بلدانهم. وغادر أوباما أديس أبابا بعد ظهر أمس بعد خطاب هو الأول لرئيس أميركي في مقر الاتحاد الأفريقي، في ختام زيارة للقارة استمرت أربعة أيام بدأها السبت الماضي في كينيا ثم انتقل منها إلى إثيوبيا يوم الاثنين الماضي.
ودان أوباما، أول رئيس أميركي يزور كينيا وإثيوبيا، القادة الأفارقة الذين يتمسكون بالسلطة ويعرضون تقدم الديمقراطية للخطر في القارة، وقال إن «التقدم الديمقراطي في أفريقيا يصبح في خطر عندما يرفض قادة التخلي عن السلطة بعد انتهاء ولاياتهم». وأضاف: «لا أحد يجب أن يبقى رئيسا مدى الحياة».
وذكر أوباما في كلمته بأن ولايته الثانية شارفت على النهاية، وأن الدستور الأميركي يمنعه من الترشح لولاية رئاسية جديدة. وقال أمام ممثلي قادة الاتحاد الأفريقي والمجتمع المدني ورجال دين ودبلوماسيين: «القانون هو القانون ولا أحد فوقه ولا حتى الرؤساء». وتابع: «سأكون صادقا معكم: أنتظر بفارغ الصبر حياتي الجديدة بعد الرئاسة. لن تكون لديّ هذه الالتزامات الأمنية، وهذا يعني أنني سأقوم بنزهاتي وأمضي وقتي مع عائلتي وأعود إلى أفريقيا».
وفي إشارة واضحة إلى القادة الأفارقة الذين يتشبثون بالسلطة، قال أوباما: «لا أعرف لماذا يريد الناس أن يبقوا كل هذه الفترة الطويلة» في السلطة «خصوصا عندما يكون لديهم الكثير من المال»، وسط تصفيق حاد من الحضور.
ودعا الرئيس الأميركي الاتحاد الأفريقي إلى استخدام «سلطته وصوته القوي»، ليس فقط «لإدانة الانقلابات والتغييرات غير الشرعية في السلطة»، بل للعمل على أن يقوم القادة الأفارقة «باحترام عدد الولايات المسموح بها ودساتيرهم».
وقال أوباما «عندما يحاول قائد تغيير القواعد فقط ليبقى في المنصب فإنه يعرض نفسه لعدم الاستقرار والخلاف كما رأينا في بوروندي»، حيث أصر الرئيس بيار نكورونزيزا على الترشح لولاية جديدة مما أدى إلى أزمة خطيرة تخللتها أعمال عنف قتل فيها أكثر من ثمانين شخصا. وصرح أوباما: «إذا كان قائد يعتقد أنه الوحيد القادر على توحيد شعبه فهذا القائد لم ينجح فعليا في بناء بلده (...) لقد ترك نيلسون مانديلا وجورج واشنطن إرثا دائما بمغادرتهما منصبيهما وتسليمهما السلطة بطريقة سلمية».
ودعا أوباما العالم إلى تغيير «نظرته إلى أفريقيا»، والأخذ بـ«التطور التاريخي» الذي أنجز، والتخلي عن الصور المسبقة عن قارة تعاني من الفقر والحرب. وقال: «بينما تشهد أفريقيا تحولات، دعوت العالم إلى تغيير نظرته لأفريقيا». وأضاف: «بعد نصف قرن من استقلال الدول، حان الوقت للتخلي عن الصور النمطية القديمة لأفريقيا غارقة إلى الأبد في الفقر والنزاعات. على العالم أن يقر بتقدم أفريقيا الاستثنائي».
وحول مكافحة الإرهاب، قال أوباما «في وقت تقف فيه أفريقيا بوجه الإرهاب والنزاعات، أود أن أؤكد لكم أن الولايات المتحدة تقف بجانبكم». وبعدما ذكر بمخاطر «حركة الشباب» في الصومال و«بوكو حرام» في نيجيريا والمتمردين في مالي والمتشددين في تونس و«جيش الرب للمقاومة» في أفريقيا الوسطى، قال أوباما «من الصومال ونيجيريا إلى مالي وتونس، يواصل الإرهاب استهداف مدنيين أبرياء».
وتشكل كلمة أوباما في الاتحاد الأفريقي المحطة الأبرز من جولة قصيرة في أفريقيا ركز فيها على الأمن وحقوق الإنسان. وبعد توقف في كينيا مسقط رأس والده، واصل أوباما زيارته إلى أديس أبابا حيث أشاد بدور البلاد كشريك أساسي في مكافحة حركة الشباب في الصومال.
من جهة أخرى، دعا أوباما في كلمته أفريقيا إلى القضاء على «سرطان الفساد» وتبني مبادئ الديمقراطية لضمان تقدمها. وقال «لا شيء يمكن أن يحرر طاقة أفريقيا الاقتصادية مثل استئصال سرطان الفساد». وأضاف أن «الفساد موجود في كل مكان في العالم»، لكنه «في أفريقيا يبتلع مليارات الدولارات من اقتصادات البلدان، وهي أموال يمكن استخدامها لاستحداث وظائف وبناء مستشفيات ومدارس». وتابع أوباما أن «التقدم في أفريقيا مرتبط أيضا بالديمقراطية، لأن الأفارقة مثل الجميع يستحقون شرف التمكن من إدارة حياتهم بأنفسهم». وعدد «المكونات الديمقراطية الحقيقية: انتخابات حرة وعادلة وحرية التعبير والصحافة وحرية الاجتماع». وتابع أن «هذه الحقوق عالمية ومكتوبة في الدساتير الأفريقية».
وكان ناشطون في الدفاع عن حقوق الإنسان أعربوا عن قلقهم من أن تعطي زيارة أوباما مصداقية لحكومة أديس أبابا التي يتهمونها باستغلال قوانين مكافحة الإرهاب لقمع الحريات وزج الصحافيين والمعارضين في السجون.
ودعا أوباما بعد محادثات مع هايلي مريام ديسيلين رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي فاز حزبه الحاكم في الانتخابات قبل شهرين بنسبة 100 في المائة، إثيوبيا التي تشهد نموا اقتصاديا قويا إلى تحسين أدائها في مجال حقوق الإنسان. وكشف أوباما: «أعتقد أنه ما زال هناك عمل يجب القيام به. وهناك بعض المبادئ التي يجب الالتزام بها. لا أحد يشكك في التزامنا إلى جانب دول كبيرة قد نكون على خلاف معها حول هذه المسائل. لكن هذه المسائل لن يتم تحسينها أو تحقيق تقدم بشأنها إذا بقينا بعيدين».
ووجه الرئيس الأميركي في كينيا رسالة مشابهة، إذ أشاد بالإمكانات الاقتصادية للبلاد، وتعهد بتقديم دعم ثابت لنيروبي من أجل مكافحة حركة الشباب، إلا أنه طالبها بوضع حد للفساد والقبلية والتمييز الجنسي.
وكان أوباما قد أجرى محادثات مع قادة إقليميين حول الحرب الأهلية المستمرة منذ 19 شهرا في جنوب السودان، وحاول أن يحشد تأييدا على مستوى القارة للقيام بعمل حاسم ضد طرفي النزاع في حال لم تفض المهلة المحددة بـ17 أغسطس (آب) المقبل إلى نتيجة.
وفي مسعى للتأكيد على التزام أكبر من قبل واشنطن من أجل وضع حد لأعمال العنف التي راح ضحيتها عشرات آلاف الأشخاص وأدت إلى نزوح أكثر من مليوني شخص، كثف الرئيس الأميركي ضغوطه لفرض عقوبات أشد وحتى حظر على الأسلحة. وأعلن أوباما أمام صحافيين أن الوقت حان لتحقيق «اختراق» في جهود السلام.
الرئيس الأميركي يحث قادة أفريقيا على التخلي عن السلطة بعد انتهاء ولاياتهم
أوباما: مكونات ديمقراطية حقيقية هي انتخابات حرة وعادلة وحرية التعبير والاجتماع
الرئيس الأميركي يحث قادة أفريقيا على التخلي عن السلطة بعد انتهاء ولاياتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة