أسبوع الـ«هوت كوتير» للموسم المقبل يتراقص على نغمات فنية وتجارية

بين رومانسية إيلي صعب ودرامية ستيفان رولان وتمرد جون بول غوتييه

من عرض ستيفان رولان  -  من عرض إيلي صعب  -  من عرض ستيفان رولان  -  من عرض إيلي صعب  -  من عرض «فيكتور آند رولف»  -  من عرض جون بول غوتييه
من عرض ستيفان رولان - من عرض إيلي صعب - من عرض ستيفان رولان - من عرض إيلي صعب - من عرض «فيكتور آند رولف» - من عرض جون بول غوتييه
TT

أسبوع الـ«هوت كوتير» للموسم المقبل يتراقص على نغمات فنية وتجارية

من عرض ستيفان رولان  -  من عرض إيلي صعب  -  من عرض ستيفان رولان  -  من عرض إيلي صعب  -  من عرض «فيكتور آند رولف»  -  من عرض جون بول غوتييه
من عرض ستيفان رولان - من عرض إيلي صعب - من عرض ستيفان رولان - من عرض إيلي صعب - من عرض «فيكتور آند رولف» - من عرض جون بول غوتييه

انتهى موسم الـ«هوت كوتير» بباريس في الأسبوع الماضي مخلفا أصداء إيجابية من الناحيتين الفنية والتجارية. فرغم أن التجاري كان هو الغالب بعد أن اكتسب فنية معاصرة تدل على ذكاء وقراءة جيدة لأحوال السوق ومتطلباته الجديدة، فإن عروضا أخرى لم تركب هذه الموجة، وحاولت السباحة ضد التيار، وهو ما كان مثيرا، لأنك لم تكن تتوقع ما سيقدمه أي مصمم، أو تكون فكرة واضحة عنه قبل نهاية العرض.
من هذا المنطلق، يمكن حصر الأسبوع في موجتين: الأولى تخاطب المرأة الرومانسية والعصرية التي تريد أزياء مبهرة أقرب إلى التحف الفنية، شكلا ومضمونا، على شرط أن لا تحتاج منها إلى أي تفكير أو جهد، وهو ما لباه مصممون من أمثال إيلي صعب، دوناتيلا فرساتشي، جيورجيو أرماني وآخرون. والثانية تخاطب امرأة تريد التميز بأي شكل، واتبعت نفس الدقة لكن مع إضافة بهارات إخراجية ومسرحية قوية تجعل الأزياء تلعب دورا ثانويا طوال العرض. أكثر من جسد هذه الموجة هم جون غاليانو لدار «ميزون مارجيلا»، جون بول غوتييه وفرانك سوربييه و«فيكتور آند رولف» وإلى حد ما ستيفان رولان.
افتتح الأسبوع بنغمات رومانسية اقترحتها دوناتيلا فرساتي واختتم بنفس النغمات في عرض زهير مراد، الذي قال إنه استلهم تشكيلته من النجوم والسماء، مما يفسر غناها بالبريق الذي رصع فساتين طويلة بألوان داكنة شكلت أرضية مناسبة لومض الخرز وأحجار الكريستال.
لكن بين «أتولييه فرساتشي» وزهير مراد، كانت هناك عدة عروض تفتح جدلا فكريا كما تفتح الشهية عليها. نذكر منها ما قدمه المصمم جون غاليانو لدار «ميزون مارجيلا». كان كل ما فيه مثيرا ليس فقط لأنه أول عرض له في البرنامج الرسمي بباريس، بل لأن الكثير من المتابعين لا يزالون يتساءلون عن مدى تأقلمه مع وظيفته الجديدة. فالمعروف أن «ميزون مارجيلا» لا تميل إلى الدراما المسرحية التي ارتبطت به وبأسلوبه سابقا ولا تشاركه شغفه بقرون ماضية مثل القرن الثامن عشر، فهي تميل إلى تقديم اختبارات تجريبية وأفكار مستقبلية سابقة لأوانها. جواب غاليانو على هذا السؤال، كان مفحما، من خلال تشكيلة كتبها بلغة جديدة وغير متوقعة، ركز فيها على الحرفية والفنية التي يتقنها جيدا مستعملا إمكانيات الدار البسيطة. فأول شيء يبدو أنه كان عليه أن يتأقلم معه، هي أدوات الـ«هوت كوتير» في دار لا تعترف كثيرا بالأقمشة المترفة وتفضل عليها أقمشة غريبة، قد تكون القنب مثلا، تصوغها بأسلوبها المبتكر، ولا بأس أن ترصعها بالزجاج أو قطع مرايا وما شابه من أمور عوض أحجار الكريستال، وكأنها تريد أن تُظهر كيف أن الجمال يمكن أن يولد من أبسط الأشياء، وهو ما يستقطب لها معجبات وزبونات مخلصات يعرفن أنهن سيحصلن منها على قطع لا مثيل لها. جون غاليانو، استمات في مهمته وقدم 26 قطعة بأسلوب «ميزون مارجيلا» التجريبي لكن بلمساته الخاصة وطياته الفنية المعروفة، ما أضفى عليها سحرا ونوعا من اللامبالاة الناعمة، جعلته يختلف تماما عما قدمته بيوت الأزياء الكبيرة مثل «شانيل» أو «جورجيو أرماني» وطبعا «ديور» التي كان يمسك بزمامها لأكثر من عقد من الزمن. لأنه بصراحة بدا هنا وكأنه يعود إلى بدايته حين قدم تشكيلته للتخرج في معهد سانترال سانت مارتن، التي لفت بها الانتباه، معتمدا على خيال خصب وإمكانيات بسيطة.
قد يكون شقي الموضة الفرنسية، جون بول غوتييه، الوحيد الذي يمكن القول إنه مثل جون غاليانو يعشق ما تعنيه «الهوت كوتير» من أزياء مختلفة وغير متوقعة، ولو على حساب التجاري. ما يُحسب لهما أنهما لا يقدمان أزياء تريدها المرأة بل أزياء لم تكن تعرف بوجودها من قبل وتكتشفها معهما لأول مرة. مثل غاليانو، يتمتع غوتييه بأسلوب خاص قلما يحيد عنه، أو ربما لا يريد أن يحيد عنه وكأنه يتحدى الموضة وإملاءاتها. في بعض الأحيان، تشعر بأنه يريد أن يدهش ذوق المرأة ويدخلها عالما آخر، أكثر جرأة وغرابة وطبعا إثارة. في أغلب الأحيان تقتصر هذه الغرابة على طريقة التقديم والموسيقى والإخراج، لأن الأزياء، وبعد تفكيكها وإخراجها من إطار العرض وما يفرضه من دراما، تتمتع بجمالية فرنسية لا يتقنها سوى قلة، لا سيما بعد أن أصبح معظم مصممي باريس من جنسيات غير فرنسية، مثل الألماني كارل لاغرفيلد في «شانيل»، والبلجيكي راف سيمونز في «ديور»، والأميركي ألكسندر وانغ في «بالنسياجا» وهكذا.
ما لا يختلف عليه اثنان أن عروض غوتييه من أمتع العروض الباريسية، لأنه لا يأخذ الموضة بجدية، ويعتبرها متعة. هذه المرة ترجم نظرته بالمبالغة في أحجام الكثير من الإكسسوارات والتصاميم، التي شرح أنه استقاها من الفطائر الفرنسية، ما يفسر أشكالها المستديرة والمدورة، التي ظهرت في الكثير من التنورات. المثير للاستغراب أن المصمم كان لحد الآن لا يميل إلى اللعب بالعناصر الفرنسية، لأنه كان يتمرد عليها ويحاول تكسير كل التابوهات المتعلقة بها، بينما هو هنا يحتفل بها. هل هذا يعني أنه بدأ يشيخ، باعتبار أننا كلما كبرنا في العمر، عدنا إلى الوراء نقدر ونحن إلى أشياء لم نكن نرى جمالياتها من قبل؟ صحيح أن ترجمته كانت واضحة مع بعض المبالغة في الكثير من القطع، لكنها أيضا كانت ببصمة قوية ستتعرف عليها المرأة من النظرة الأولى، وهذا ما يحلم به أي مصمم.
ينضم إلى فريق جون غاليانو وجون بول غوتييه الفني والمغامر، الثنائي فيكتور هورستينغ ورولف سنورين، مؤسسا دار «فيكتور آند رولف». كانت تشكيلتهما عبارة عن لوحات فنية متحركة، بالمعنى الحرفي وليس المجازي كما هو متعارف عليه عادة في عروض الأزياء. يفسر البعض هذا الأمر بالقول إنه مفهوم باعتبار أن الثنائي بدآ حياتهما العملية في مجال الفن، وكانت أزياؤهما تعرض في المتاحف، لكن من الصعب القول بأن المكان الطبيعي لما قدماه في الأسبوع الماضي هو المتاحف. فليس كل ما يأخذ شكل لوحة فنية يعني أنه كذلك، لأنه من الصعب تصور امرأة تمشي بهذه الفساتين في الشوارع باستثناء حفنة من الاستعراضيات، أو في حال تم التخفيف من غلوائها وجنوحها للفني حسب تعليمات وطلبات الزبونة. وحتى إذا لم تنجح هذه التشكيلة تجاريا، فلن يصاب الثنائي بالأرق أو القلق على مصيرها، لأنهما في نفس اليوم أقاما حفلا كبيرا احتفلا فيه بمرور عشر سنوات على إطلاق عطرهما الناجح «فلاوروبومب». فهذا العطر هو الذي يدر عليهما الأرباح، فيما تبقى الـ«هوت كوتير» بالنسبة لهما مجرد مسرح لاستعراض عضلاتهما وخيالهما.
إيلي صعب ينتمي، ومنذ البداية، إلى المدرسة الرومانسية العصرية، ولم يغير جلده. يمكن تخليص كل تشكيلته لخريف وشتاء 2015-2016 واختزالها في فستان الزفاف. ليس لأنه كان تحفة فنية فحسب، أو لأنه استغرق في تنفيذه وتطريزه أسابيع ومئات الساعات فحسب، بل لأنه كان كل القصة. فالمتعارف عليه أن الكثير من زبونات الـ«هوت كوتير» يحضرن العروض لاختيار فساتين الزفاف والسهرة، لهذا فإنه يكون أغلى ما في التشكيلة وأجمل ما فيها أيضا، حتى يفتح شهية كل امرأة على الزواج. وهذا ما يعرفه إيلي صعب ولبّاه عن طيب خاطر. أما باقي الأزياء، فلم تحمل جديدا يذكر، باستثناء المزيد من الإتقان والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، التي يمكن رؤيتها بسهولة لأنها تزين خارج الفستان، أو لا يمكن رؤيتها لكنك تشعر بوجودها بين الطيات والثنيات والتبطين، مع كل حركة وخطوة تقوم بها العارضة. كالعادة كانت هناك فساتين محددة على الجسم وأخرى بتنورات واسعة، بعضها مطرز بالأحجار وبعضها الآخر مطبوع بالورود، لكن دائما بألوان تستحضر ألوان الأحجار الكريمة، مثل الذهبي والماسي والزمردي والياقوتي. قال المصمم إن هذه التشكيلة كانت لفتة لحقبة التسعينات، التي شهدت زواجه وتلك الصورة المحفورة في ذاكرته وهو يرى عروسه تختال في فستان زفاف ذهبي اللون من تصميمه. كان ذلك منذ نحو 25 عاما، لكن مع ذلك يبدو وكأن الزمن توقف في تلك اللحظة التي تعبق بالسعادة والجمال والأمل، وعكسته هذه التشكيلة، سواء في فساتين السهرة أو في البنطلونات أو الإكسسوارات، بل وحتى في الأكمام والتفاصيل المصنوعة من الفرو. تجدر الإشارة إلى أن إيلي صعب، وفي مساء نفس اليوم، افتتح رسميا ثاني محل له في باريس، بالقرب من فندق جورج V بديكور يعكس نظرته العصرية التي تعبق بالفخامة. نظرة سريعة إلى ضيفاته تكشف أنهن شابات في مقتبل العمر ومن كل أنحاء العالم، حضرن الافتتاح وهن يتخايلن بتصاميمه، مما يشير إلى أنه لا يحتاج إلى تغيير جلده بل فقط الحفاظ عليه براقا ولامعا.
المصمم ستيفان رولان، في المقابل، قدم عرضا مصغرا في معمله الواقع بشارع «جورج V». الفكرة جيدة لتغذية فضول كل من لم يدخل معمله من قبل، لكن المصمم لم يحسب أن جمهوره كبير ولا يمكن أن يستوعبه المكان بسهولة. فقد تدافع الناس وتصارعوا، ولم تساعد حرارة الطقس في ترطيب الأجواء بأي شكل، بل جعلت حتى أكثر الناس أدبا يفقدون أعصابهم وهم ينتظرون بفارغ الصبر ما ستجود به قريحة هذا المصمم المبدع. لحسن الحظ أنه لم يخيب الآمال وعوض انتظارهم جمالا وفنية، مما أنسى الحضور ضيق المكان وحرارة الطقس. فقد ظهرت العارضات في فساتين طويلة بنقشات غرافيكية، قال المصمم إنه استوحاها من «الآرت ديكو» وأخرى تستحضر أجواء «الديسكو» قال إنه استوحاها من حقبة السبعينات. رغم أن لمساته الهندسية كانت واضحة، إلا أن الجديد هذه المرة أنه مزج خامات مثل الجلد مع الجيرسيه أو حرير الكريب. كما أنه أبدع قطعا عصرية مثل «الجامبسوت» أي بنطلونا مستقيما مشبوكا مع قميص ومع «كاب» يتدلى بسخاء من على الكتف ليمنح الإطلالة تأثيرا قويا. ما يحسب له هنا أنه عوض عن الدراما التي تعتمد على الأحجام الضخمة، بدراما أكثر هدوءا تعتمد على خطوط بسيطة ومحددة وبدرجات ألوانه المفضلة التي تتباين بين الأبيض والكاراميل، والبيج الرملي والأسود مع خطوط خفيفة من الذهبي، ظهرت حينا في الياقات وحينا آخر في الخصر. أما زبونته المعتادة على الدراما الفنية والهندسية، فقد أبدع فستانا تزين جانبا من كتفه قطعة منحوتة على شكل نار ملتهبة، كما قدم لها «جامبسوت» (قطعة واحدة) مزينة بما يشبه الأجنحة وبأكمام واسعة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.