يجلس عشرات الشبان خلف أجهزة الكومبيوتر ينقرون على لوحات المفاتيح ويتبادلون معلومات مع جميع أنحاء العالم. قد يكون هذا المشهد اعتياديا في شركات معلوماتية لكن اللافت فيه أنه يجري في قطاع غزة المعزول تماما عن العالم.
ويقول سعدي لظن، 33 عاما، أحد مؤسسي «يونيت وان» لوكالة الصحافة الفرنسية «في عملنا هذا استطعنا فتح ثغرة في الحصار المفروض على قطاع غزة واستطعنا أن نصدر خدماتنا إلى العالم ونستطيع أن نثبت للعالم أننا قادرون أن نقدم هذه الخدمات».
وأطلق لظن في عام 2005 مع مهندس معلوماتي آخر «شركة معلوماتية صغيرة، في غرفة واحدة» داخل قطاع غزة الذي لا توجد فيه ولا في الأراضي الفلسطينية شبكة ثري جي (الجيل الثالث).
وبعد عشر سنوات على إطلاقها، توظف الشركة الفلسطينية نحو مائة شخص أغلبهم من الشابات. وحصلت الشركة على عقود لتطوير برامج معلوماتية وتطبيقات للهواتف الجوالة الذكية في دول الخليج العربي وأوروبا.
ويقول لظن «لا يوجد لدينا لا نفط ولا غاز بل قوى بشرية: الكثير من الشبان ينتظرون أن نعطيهم فرصة».
ويوضح «غزة مكان مغلق تقريبًا منذ عشر سنوات، حاولنا البحث عن مصدر حتى نستطيع التواصل مع العالم» مضيفا: «لدينا أشخاص قادرون ولديهم خبرة لتطوير هذه الخدمات في مجال تكنولوجيا المعلومات».
ويعتبر الشاب أن توظيف الشابات هو «نوع من المسؤولية الاجتماعية» موضحا أن هدف الشركة قريبا هو توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة.
وبعد ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة، آخرها في صيف 2014. فإن مئات من الفلسطينيين أصيبوا وأصبحوا مبتوري الأطراف.
وبالنسبة لسعدي، فإن الهدف من شركته أن «توصل للعالم أن غزة تحتاج إلى تجارة ولا تحتاج إلى إغاثة وهذا أمر مهم لتطوير غزة وتطوير الأشخاص ومساعدة الناس بشكل كبير». وجاءت سدين الأيوبي، 21 عاما، إلى مقر الشركة للعثور على وظيفة في إدخال البيانات.
وتوضح الفتاة التي ستتخرج بعد بضعة أشهر أنها جاءت رغبة منها في إيجاد عمل، خاصة مع معاناة ثلثي الشبان في القطاع الفقير من البطالة.
وتقول الفتاة التي تحمل هاتفا ذكيا «لا يوجد عمل، ومن الصعب أن تجد عملا هنا. يوجد الكثير من خريجي الجامعات الذين لم يجدوا أي عمل».
ومن جهتها، تؤكد لينا، 23 عاما، والتي تعمل في «يونيت وان» منذ ثلاثة أعوام أن «الشركات والعمل محدود في غزة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية».
وأدت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والتي استمرت لخمسين يوما في صيف 2014، إلى الإجهاز على الاقتصاد في قطاع غزة الذي يعد الأقل استقرارا في العالم، بحسب البنك الدولي.
وتم تدمير نحو 130 شركة وورشة عمل في القطاع في الحرب الأخيرة، وفقا للاتحاد الفلسطيني للصناعة.
وبالنسبة لشروق المغربي، 20 عاما، التي تعمل في إدخال البيانات فإن «الكثير من الفتيات يقبلن التقدم لهذه الوظيفة لأنها تناسبهن» قائلة: «في مجتمعنا، ليست كل الوظائف مناسبة للفتيات» في القطاع المحافظ والذي تشكل فيه النساء نسبة 20 في المائة من سوق العمل.
وفي الغرفة المجاورة، يجلس محمد البنا، 27 عاما، أمام جهاز حاسوب لتطوير بعض البرامج المعلوماتية.
ويقول الشاب العالق في القطاع مع 1.8 مليون فلسطيني، بفعل الحصار الإسرائيلي وإغلاق المداخل والمخارج إليه على الجانبين الإسرائيلي والمصري، بأن «التكنولوجيا هي المعبر للعالم». ويشير إلى أن الإنترنت هو «القناة الوحيدة التي لا يستطيع اليهود قطعها عنا».
وبسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وباستمرار في قطاع غزة، اضطر القائمون على شركة «يونيت وان» إلى شراء مولدات كهربائية وبطاريات لتسليم الطلبات في وقتها المحدد. ويوضح لظن «حتى خلال الحرب، واصلنا العمل في أيام معينة».
ويلجأ الشاب في العادة إلى طمأنة الزبائن «المترددين في بعض الأحيان في توقيع العقود مع شركة في منطقة حرب»، من خلال عقد اجتماعات عبر «سكايب».
قطاع غزة المحاصر يطور تطبيقات للهواتف الجوالة الذكية للعالم
شباب فلسطينيون يقدمون برامج معلوماتية متطورة لدول الخليج وأوروبا
قطاع غزة المحاصر يطور تطبيقات للهواتف الجوالة الذكية للعالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة