أحيا الأرمن، أمس، ذكرى المجازر التي ارتكبها الأتراك بين 1915 و1917 ضد الأرمن في احتفال رسمي شارك فيه خصوصا الرئيسان: الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي فرنسوا هولاند.
وسارت تظاهرات وتجمعات في ذكرى الضحايا في عدد من العواصم والمدن الكبرى في العالم بما في ذلك إسطنبول حيث تجمع رمزيًا نحو مائة شخص أمام سجن قديم احتجز فيه الأرمن في 24 أبريل (نيسان) 1915 في العملية التي دشنت المجازر.
وفي خطاب أمام وفود من 60 بلدا اجتمعوا في يريفان أمام نصب ضحايا المجازر، دعا هولاند، رئيس أول دولة أوروبية تعترف بـ«الإبادة» الأرمنية في 2001، تركيا إلى الاعتراف بهذا الطابع للمجازر. وقال الرئيس الفرنسي إن تركيا قالت «كلاما مهما» عن الإبادة الأرمنية، لكنه «ينتظر منها كلاما آخر»، بينما ترفض أنقرة الاعتراف بالإبادة. وأضاف: «صدر عن تركيا كلام مهم لكن ينتظر منها الإدلاء بكلام آخر ليتحول تقاسم الحزن إلى تقاسم للمصير». وأضاف: «أنحني في ذكرى الضحايا وجئت أقول لأصدقائي الأرمن إننا لن ننسى أبدا المآسي التي مر بها شعبكم».
من جهته، أكد الرئيس الروسي أن لا شيء يمكن أن «يبرر المجازر الجماعية» ضد الأرمن، وذلك خلال مراسم إحياء الذكرى في يريفان. وقال: «لا شيء يمكن أن يبرر المجازر الجماعية. اليوم نقف بخشوع إلى جانب الشعب الأرمني».
وكان قادة من العالم وقفوا في يريفان دقيقة صمت على أرواح ضحايا المجازر الأرمنية غداة إعلان الكنيسة الأرمنية الضحايا الذين يقدر الأرمن عددهم بـ1.5 مليون شخص قديسين، رغم انتقادات تركيا التي ترفض وصف هذه المجازر بـ«الإبادة». وعبر الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان عن شكره للقادة الحاضرين، وبينهم بوتين وهولاند اللذان وضعا أكاليل من الورود على نصب الضحايا على تلال يريفان. وشكر سركيسيان قادة العالم على مجيئهم إلى يريفان، مؤكدًا: «لن ننسى شيئًا». وأضاف: «نتذكر ونطالب» بالاعتراف بطابع الإبادة لهذه المجازر. وبعد الاحتفال الرسمي، شارك مئات الآلاف من الأرمن بمسيرة إلى النصب التذكاري لوضع شموع وورود أمام الشعلة الخالدة.
ونظمت الجاليات الأرمنية في عدد من دول العالم تجمعات في هذه الذكرى، خصوصًا في لوس أنجليس واستوكهولم مرورا بباريس وبيروت. وفي إيران تجمع أكثر من ألف شخص، أمس، للاحتجاج أمام السفارة التركية في طهران للمطالبة بالاعتراف بالإبادة الأرمنية بينما شارك نحو 500 شخص في قداس قبل أن يتوجهوا إلى القنصلية التركية هاتفين: «عار على تركيا». ويؤكد الأرمن أن هؤلاء الضحايا سقطوا في حملات قتل ممنهجة بين 1915 و1917 في السنوات الأخيرة للسلطنة العثمانية، واعترفت دول عدة بينها فرنسا وروسيا بأنها كانت إبادة. وترفض تركيا هذه العبارة وتتحدث عن حرب أهلية في الأناضول رافقتها مجاعة أودت بحياة ما بين 300 و500 ألف أرمني وعدد مماثل من الأتراك.
وقال رئيس الكنيسة الأرمنية، الكاثوليكوس كراكين الثاني، خلال حفل إعلان قداسة ضحايا الإبادة، وهو الأكبر عددا الذي تقرره كنيسة مسيحية، إن «أكثر من مليون أرمني تم ترحيلهم وقتلهم وتعذيبهم، لكنهم احتفظوا بإيمانهم بالسيد المسيح». وأضاف أن «شعبنا اقتلع من جذوره بالملايين وقتل بسبق إصرار وعن عمد وذاقوا مرارة التعذيب والحزن».
وأقيم القداس في الهواء الطلق في إيتشميادزين على بعد نحو 20 كيلومترا عن يريفان أمام أكبر كاتدرائية في العالم تعود إلى القرن الرابع. وبعد ذلك قرعت الأجراس في كل كنائس البلاد وكذلك في عدة كنائس أرمنية في العالم لا سيما مدريد وبرلين والبندقية وباريس، بينما لزم الجميع دقيقة صمت. وقال كراكين الثاني إن الكنيسة وعبر إعلانها قداسة الضحايا «لا تقوم إلا بالاعتراف بالوقائع، أي الإبادة».
من جهته، قال الرئيس الأرميني: «من واجبنا الأخلاقي ولزام علينا نحن الأرمن أن نتذكر 1.5 مليون من الأرمن الذين تعرضوا للقتل ومئات آلاف الأشخاص الذين عانوا الأهوال». وقد اعترف الرئيس الألماني يواكيم غاوك، أول من أمس، بـ«الإبادة» الأرمنية، مشددا على «مسؤولية جزئية» لبلاده في ما حدث. وقال خلال احتفال في كاتدرائية البروتستانت في برلين: «يجب علينا نحن الألمان أن نتصالح مع الماضي بالنسبة لمسؤوليتنا المشتركة، واحتمال تقاسم الذنب، نظرا للإبادة التي ارتكبت بحق الأرمن». أما الرئيس الأميركي باراك أوباما فوصف، أول من أمس، ما تعرض له الأرمن بـ«المجازر المرعبة» متجنبا استخدام كلمة «إبادة». وقال أوباما في بيان اختيرت كلماته بعناية فائقة إن «أرمن السلطنة العثمانية تعرضوا للترحيل والقتل والاقتياد نحو الموت. لقد تم محو ثقافتهم وإرثهم في وطنهم القديم». وأضاف أنه «في ظل أعمال العنف الرهيبة هذه، التي شهدت معاناة من جميع الجهات، هلك مليون ونصف المليون أرمني».
ووقف البرلمان النمساوي، الأربعاء الماضي، دقيقة صمت في ذكرى الإبادة الأرمنية، وهي خطوة غير مسبوقة في هذا البلد الذي كان في تلك الفترة حليفا للسلطنة العثمانية ولم يستخدم أبدا هذا التعبير بصورة رسمية. وفي الأيام الأخيرة، أدت تصريحات البابا فرنسيس الذي تحدث للمرة الأولى عن «إبادة» الأرمن، والبرلمان الأوروبي الذي طلب من أنقرة الاعتراف بالإبادة، إلى إغضاب تركيا وريثة السلطنة العثمانية منذ 1923.
مظاهرات في عدة عواصم لإحياء مئوية المجازر ضد الأرمن
أوباما تجنب وصف الأحداث بـ«الإبادة».. والرئيس الألماني استخدم الوصف وأقر بمسؤولية جزئية لبلاده
مظاهرات في عدة عواصم لإحياء مئوية المجازر ضد الأرمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة