كيري يؤكد من الرياض الالتزام بالوقوف ضد انتهاكات إيران للقانون الدولي ودعمها للإرهاب

وزير الخارجية السعودي: أمن الخليج يبدأ بالحيلولة دون حصول طهران على النووي

الأمير سعود الفيصل وإلى جواره وزير الخارجية الأميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في الرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
الأمير سعود الفيصل وإلى جواره وزير الخارجية الأميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في الرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
TT

كيري يؤكد من الرياض الالتزام بالوقوف ضد انتهاكات إيران للقانون الدولي ودعمها للإرهاب

الأمير سعود الفيصل وإلى جواره وزير الخارجية الأميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في الرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
الأمير سعود الفيصل وإلى جواره وزير الخارجية الأميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في الرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)

بعد مفاوضات صريحة ومعمقة بين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض أمس، أكد الطرفان على تقارب المواقف في ما يخص الأوضاع في المنطقة وخاصة في ما يخص طموحات إيران النووية. وأكد الأمير سعود الفيصل أنه إذا كانت إيران تريد أن تكون جزءا من الحل، فعليها التخلي عن سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة والتدخل في شؤونها، معربا عن أمله «أن تستمع إيران للعقلاء وتترك التدخل في الشؤون العربية قبل أن يستفحل العداء}.
وبدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي أهمية جعل دول الخليج والمنطقة «أكثر أمانا من نشاطات إيران التي نعترض عليها جميعا»، لافتا إلى أن إيران دولة ترعى الإرهاب.
وأوضح الأمير سعود الفيصل، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع كيري، في مطار القاعدة الجوية بالرياض أمس، أن الولايات المتحدة ستلتزم بالمفاوضات مع إيران، وستحول دون تطويرها للقنبلة الذرية، لافتا إلى أن «هذا هو غرض المجتمع الدولي جميعه، ولكن هذا لن يتم على حساب نسيان جميع الملفات الأخرى التي تقوم بها إيران، وهذا هو مصدر القلق الرئيسي والأساسي لمجلس التعاون الخليجي بشأن الطاقة الذرية والقنبلة الذرية».
وأضاف «نحن قلقون بنفس القدر حول طبيعة أعمال وميول إيران في المنطقة، التي تعد من أهم عناصر زرع عدم الاستقرار في المنطقة، وأن تدخل إيران في سوريا، ولبنان، واليمن، والعراق والله أعلم في أي منطقة أخرى.. هذه التصرفات يجب أن تتوقف إذا ما أرادت إيران أن تكون جزءا من الحل في المنطقة لا جزءا من المشكلة».
وقال كيري عقب اجتماعات مع خادم الحرمين الشريفين، بالاضافة الى لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي: «حتى ونحن نخوض هذه المناقشات مع ايران بشأن برنامجها النووي فلن نغفل عن تحركات أخرى لايران تزعزع الاستقرار في مناطق مثل سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن». وأضاف: «جعل دول الخليج أكثر أمانا وتوفير مزيد من الامن لا يبدأ فقط بالتصدي لانشطة ايرانية أخرى نعارضها جميعا لكنه يبدأ من منعهم (الايرانيين) من امتلاك سلاح نووي». وأضاف «لذا فالخطوة الاولى هي التيقن من انهم لا يملكون سلاحا نوويا. لكن لا شيء اخر يتغير في اليوم التالي بشأن احترام التزامنا المشترك بالوقوف ضد أي نوع من التدخل او انتهاك القانون الدولي او دعم الارهاب. ولا تزال ايران دولة توصف بأنها داعمة للارهاب».
وبين كيري «أن شيئا لم يتغير فيما يتعلق بالتزامنا المشترك أن نقف في وجه أي نوع من التدخل في شؤون الآخر أو انتهاك للقانون الدولي أو دعم للإرهاب}، لافتا إلى أن {إيران ترعى الإرهاب، لذا فإن الجهود ستستمر من أجل ذلك».
ودعا وزير الخارجية الأميركي، دول مجلس التعاون الخليجي إلى الحضور لواشنطن خلال الشهرين القادمين للاستمرار في مراجعة جهود التعاون والاجراءات التي يمكن أن تتخذ في مجال الأمن والتعاون. وأكدت مصادر من الخارجية الأميركية لـ{الشرق الأوسط» ان «الدعوة ضمن إطار مشاوراتنا المتواصلة مع حلفائنا».
وفي سؤال لـ{الشرق الأوسط» عن الدور الخليجي في اليمن في ظل تعنت الحوثي بمساندة إيرانية، قال الأمير الفيصل «دول الخليج بادرت باتخاد اجراءاتها، وهي تعمل على التأكيد على الشرعية، وبالتالي كنا سعداء بوصول الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور إلى عدن، والسعودية عبرت عن تأييدها لذلك، وكان هناك الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وكذلك سفراء دول المجلس». وأضاف: «كما تعلمون أن الرئيس هادي اقترح نقل الحوار، إلى الخارج ونحن ندعم ذلك».
وبدوره، ذكر وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة ودول الخليج، تدرك أهمية أن تنسق جميع الأطراف السياسية باليمن فيما بينها لا سيما الحوثيين، وأن يتفقوا على حل سلمي توافقي على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني.
وفي ما يخص التدخل الإيراني في المنطقة، أشار وزير الخارجية السعودي إلى الوضع في مدينة تكريت العراقية، قائلا: «هو مثال جيد لما نحن قلقون بشأنه، والعراق يعيش حاله من عدم الاستقرار، اضافة إلى الطائفية والفرقة، وهي طائفية لم تكن قائمة قبل استيلاء إيران على العراق». فيما أكد نظيره الأميركي، أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، له دور بما يجري في العراق. ونفى كيري أن يكون هناك تنسيق أميركي مع الإيرانيين في العراق. وأضاف أن الأميركيين حصلوا على تأكيدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بأن ما يجري في تكريت هو عملية أمنية عراقية خالصة.
وذكر الفيصل أن «إيران وهي تقوم بما تقوم به، وهي جارة ونحن لا نضمر لها أي عداء، ولكنها بإجراءاتها تضع نفسها ضد المصلحة العربية، فتنتج الارهاب وتحتل الإراضي، ونحن نتمنى قبل أن يستكنوا العداء، أن يستمعوا لصوت عقلائهم، وترك تدخلاتهم في الشؤون العربية».
فيما قال وزير الخارجية الأميركي في كلمة له، إن نتائج مفاوضات الملف النووي التي أشار إليها الأمير سعود الفيصل، ستعالج الكثير من القضايا وستخفف من حدة التوتر والعقبات أمام الأمن الإقليمي، وسيخفف الضغط في السباق للتسلح النووي، وسيعزز من نظام عدم انتشار الأسلحة النووية، كما سيعزز فرص السلام هنا وفي أماكن أخرى، مشيرًا إلى أن سبب الزيارة إطلاع شركائهم في دول الخليج على آخر التطورات منذ أن بدأت المفاوضات.وأضاف «سنتخذ إجراءات لضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي لا سيما وهو مكون مهم للسلام في المنطقة وفي العالم، ونحن نسعى إلى أن نظهر برنامج إيران سلمي بحت، وأنه بامكانهم حجب وغلق جميع المسارات اللازمة لكي تحصل على سلاح نووي وبعد ذلك أن تتحول إلى إنتاج السلاح النووي».
وأشار كيري إلى أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بمعالجة القضايا العالقة مع إيران، بما في ذلك دعمها للإرهاب، وقال «جرى تحقيق بعض النجاحات مع وجود بعض الفجوات الجدية التي يجب حلها، ونحن لا نعلم حتى الآن متى ما سنتوصل إلى هذا الغرض، وأن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة تماماً بمعالجة جميع القضايا العالقة مع إيران الداعية إلى عدم الاستقرار في المنطقة مثل سوريا واليمن على الوجه الخصوص، بما في ذلك دعمها للإرهاب»
وقال وزير الخارجية السعودي في كلمته خلال المؤتمر الصحافي أن {المباحثات الثنائية السعودية الأميركية، في مجملها كانت مثمرة وبناءة، حيث اتسمت بالعمق والشفافية كما هو حال هذه اللقاءات دائماً، وبحثنا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما اشتملت اللقاءات على بحث مستجدات الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا وجهود التحالف الدولي القائمة لمحاربة الإرهاب، علاوة على تطورات مفاوضات برنامج إيران النووي، وعملية السلام في الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات}.
وأشار الفيصل إلى أن {استمرار الأزمة السورية في عامها الرابع، لم يفض فقط إلى تدمير سوريا وتشتيت شعبها وتعميق معاناته الإنسانية، بل أدى إلى جعل سوريا ملاذا آمنا للتنظيمات الإرهابية، وبمباركة من الرئيس السوري بشار الأسد الفاقد للشرعية، مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لسوريا والمنطقة والعالم}. وأوضح ان «هذا الأمر الذي يحثنا على تكثيف الجهود لتشجيع ودعم المعارضة المعتدلة بكل ما تحتاجه من عتاد وتدريب لمواجهة إرهاب الأسد والتنظيمات الإرهابية، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيه»، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن بلوغ الحل السلمي القائم على مؤتمر جنيف 1 يتطلب تحقيق التوازن العسكري على الأرض.
وقال كيري أن العالم يريد أن يرى الحرب تنتهي في سوريا، مؤكدا أن النظام السوري فقد كل شرعيته، «ولكن ليس لدينا أولوية أكثر من محاربة ودحر (داعش) من أجل أن نعطي كذلك شعب سوريا القدرة على إعادة بناء دولته}.
ولفت الأمير سعود الفيصل إلى أن المباحثات الثنائية ناقشت عملية السلام في الشرق الأوسط، في إطار الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة، أخيراً، لإحياء مفاوضات السلام، لبلوغ الحل العادل والدائم والشامل للنزاع، وهي الجهود التي حظيت بمؤازرة العرب والفلسطينيين وبمباركة من جامعة الدول العربية، مؤكدًا أن رؤية بلاده تجاه الحل المنشود تظل مستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، الهادفة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة. وأضاف: «أسفنا الشديد بأن الجهود لم يتسن لها أن تؤتي ثمارها، ويعود السبب في ذلك إلى سياسة التعنت والمماطلة الإسرائيلية، وإجراءاتها التعسفية أحادية الجانب بحق الشعب الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من قيام إسرائيل أخيراً، باعتقال الطفلة ملاك الخطيب التي لم يتجاوز عمرها 14 عاماً وإخضاعها لحكم المحكمة العسكرية، وسجنها وفرض غرامة مالية عليها بذريعة إلقائها الحجارة». واعتبر أن هذا الأمر «يدعو إلى الأسى والحزن والاستهجان الشديد، خصوصا أنه جرى على مرأى ومسمع العالم أجمع ومنظماته الحقوقية في تحدٍ صارخ لكافة مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، ونؤكد من جانبنا أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه كافة الممارسات اللاإنسانية لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني».
وأكد كيري، أن واشنطن تدرك أن الشراكة مع دول الخليج، ضرورية جداً لمواجهة ومجابهة عدد من التحديات العاجلة، مبيناً ضرورة الاتصال الوثيق ولا سيما في هذه الأوقات الصعبة، فيما أشار إلى اجتماعه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تتطلع الولايات المتحدة إلى أن تتبع معه، نفس العلاقة الشخصية الوثيقة التي تمتعت بها مع الملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله).
وعبر الأمير سعود الفيصل عن فرحة الوطن بعودة عبد الله الخالدي الدبلوماسي السعودي، إلى بلاده، موجها بالغ الشكر لأجهزة الدولة والأجهزة الأمنية كافة التي شاركت في عودته بعد تحريره من الاختطاف، فيما قدم شكره للأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الذي أولى هذا الموضوع عنايته الفائقة منذ اليوم الأول لاختطاف الدبلوماسي الخالدي.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)