مسؤول أممي: غزة باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى

سيري أكد أن إعمار القطاع يتم ببطء بسبب نقص التمويل الدولي

مسؤول أممي: غزة باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى
TT

مسؤول أممي: غزة باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى

مسؤول أممي: غزة باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى

قال مسؤول في الأمم المتحدة، مساء أول من أمس، إن عملية إعمار قطاع غزة «تتم بطء»، مؤكدا أن عدم توفير التمويل الدولي اللازم لذلك «أمر غير مقبول».
وذكر روبرت سيري، مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، خلال تصريح صحافي عقب زيارته إلى قطاع غزة لمدة يومين، أنه يتفهم تماما «الإحباط الذي يشعر به أهل غزة من البطء الإجمالي في إعادة الإعمار»، مشيرا إلى أن «العديد من أولئك الذين لديهم القدرة الآن على الوصول إلى مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار في قطاع غزة يفتقرون إلى المال لشرائها أو لتنفيذ العمل». ولفت سيري إلى اضطرار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قبل شهر إلى تعليق الدفعات النقدية للأسر اللاجئة، بسبب عدم وجود دعم من الجهات المانحة، وحذر من أن «هذا الوضع غير مقبول.. لأن غزة باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى، مع العديد من القيود التي لا تزال في مكانها في المعابر الإسرائيلية على كل من البضائع والأشخاص، إضافة إلى أن معبر رفح (مع مصر) مغلق عمليا».
كما أبدى سيري قلقه من أنه «لم يتم تحقيق تقدم كاف لمعالجة القضايا الأساسية في قطاع غزة»، مؤكدا أن «آلية إعادة إعمار غزة هي مجرد تدبير مؤقت لتخفيف الاحتياجات الماسة، ونحن في الأمم المتحدة كنا دائما سباقين في الدعوة إلى إنهاء الحصار كشرط أساسي لاقتصاد مستقر وفعال في غزة». لكنه استدرك بأنه «لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد مستقر وفعال دون وقف متين لإطلاق النار، ودون حكومة معترف بها شرعية وشاملة، تقود عملية إعادة بناء غزة التي ستستغرق بضع سنوات.. لهذا نحن بحاجة إلى الوقت، وإلى التزام من جميع الأطراف المعنية بهدنة لإعادة الإعمار طويلة الأمد، تحت مظلة حكومة التوافق الوطني، التي ينبغي أن تلتزم بها جميع الفصائل الفلسطينية».
ودعا المبعوث الأممي بإلحاح «جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك حكومة التوافق الوطني، والفصائل الفلسطينية، وإسرائيل ومصر والمجتمع الدولي، وكذا الجهات المانحة، إلى تغيير سياساتها التي فشلت، واعتماد استراتيجية غزة أولا». وختم سيري حديثه بأنه سيطلع مجلس الأمن الدولي أواخر الشهر المقبل للمرة الأخيرة قبل انتهاء عمله في منصبه الحالي، وأنه سيؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية لغزة.
وكان سيري قد بدأ أول من أمس زيارة إلى قطاع غزة، هي الثانية خلال ثلاثة أشهر، تفقد خلالها مناطق الدمار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وزار عائلة لاجئة في الحي تسلمت مواد بناء لإعادة إعمار منزلها.
لكن يبدو أن حديث سيري أغضب عددا من المسؤولين المصريين، حيث أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية عن استغراب مصر واستنكارها لما تضمنه البيان الصادر عن سيري من «مغالطات، ومحاولة مكشوفة منه لتعليق مسؤولية فشله في إنجاز مهمته في قطاع غزة على الآخرين، خاصة عجزه عن التحرك مع إسرائيل، باعتبارها قوة الاحتلال، والمسؤولة قانونيا عن قطاع غزة، للسماح بإدخال الكميات اللازمة من الاحتياجات الأساسية ومواد البناء إلى القطاع، من خلال المعابر الستة التي تربط القطاع بإسرائيل، ومحاولته إلقاء مسؤولية فشله على مصر حينما أشار إلى إغلاق معبر رفح».
وجدد المتحدث باسم وزارة الخارجية، في بيان صحافي أمس، موقف مصر الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، ووقوفها المستمر إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ورفض سياسة الحصار التي تفرضها إسرائيل عليه في قطاع غزة، منوها بجهود مصر في وقف «العدوان» الإسرائيلي على القطاع، واستضافتها لمؤتمر إعادة إعمار غزة، وكذا الجهود المكثفة التي تقوم بها بالتنسيق مع النرويج لحث الدول والمنظمات المانحة على الوفاء بالتزاماتها، سواء نحو الحكومة الفلسطينية أو لصالح برامج الأمم المتحدة العاملة في غزة، ومن أجل توفير الاحتياجات الإنسانية لأهلها.
وأشار المتحدث في هذا السياق إلى «قصور» المبعوث الأممي في الاضطلاع بمسؤولياته في تلقي الدعم من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، وفي ضمان التزام الأطراف داخل غزة بتسهيل عمل الآلية المؤقتة، التابعة للأمم المتحدة والمكلفة بإدخال مواد البناء إلى القطاع. كما كرر المتحدث التأكيد على حق مصر الثابت والأصيل في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والضرورية لحماية وتأمين حدودها ومواطنيها، باعتباره عملا أساسيا من أعمال السيادة التي لا تقبل التفريط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.