دارة الملك عبد العزيز.. حاضنة التاريخ وبيت الجميع برعاية خادم الحرمين الشريفين

د. ناصر الجهيمي نائب الأمين العام للدارة لـ {الشرق الأوسط}: الملك سلمان نقلها من المحلية إلى العالمية

الملك سلمان يطلع على بعض نماذج من المخطوطات في الدارة («الشرق الأوسط»)
الملك سلمان يطلع على بعض نماذج من المخطوطات في الدارة («الشرق الأوسط»)
TT

دارة الملك عبد العزيز.. حاضنة التاريخ وبيت الجميع برعاية خادم الحرمين الشريفين

الملك سلمان يطلع على بعض نماذج من المخطوطات في الدارة («الشرق الأوسط»)
الملك سلمان يطلع على بعض نماذج من المخطوطات في الدارة («الشرق الأوسط»)

تعد دارة الملك عبد العزيز حاضنة التاريخ الوطني السعودي، بل وتاريخ الجزيرة العربية، كما تعد أول مؤسسة سعودية رسمية تعنى بالمصادر التاريخية، وتأسست الدارة عام 1972. وقبل نحو عقدين صدر قرار مجلس الوزراء بإعادة تشكيل مجلس إدارة الدارة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجاء القرار بناء على اقتراح من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز (حين كان وليا للعهد) إلى الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، بأن يتولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (وكان حينها أميرا لمنطقة الرياض) رئاسة مجلس إدارة الدارة لحبه للمعرفة وعشقه للقراءة وحرصه على استحضار التاريخ دائما، وكان هذا القرار بمنزلة النقلة النوعية للدارة.
ويؤكد الدكتور ناصر الجهيمي نائب الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن دارة الملك عبد العزيز تمثل دلالة على السمات العلمية والسجايا الوطنية في شخصية الملك سلمان، ورعايته لمشاهد وعناصر الحركة العلمية والبحثية بأسمائها ومؤسساتها وجوائزها ودرايته الدقيقة بكل ما يمت بصلة للتاريخ الوطني، والتاريخ العربي والإسلامي، كاشفا عن مواقف وشواهد حفلت بها أروقة دارة الملك عبد العزيز.
واعتبر أن تعيين الملك سلمان قبل نحو عقدين أعطى زخما كبيرا للدارة ولفت الأنظار لها لدى الكثيرين، ومن ذلك اليوم ودارة الملك عبد العزيز أصبحت مآلا للباحثين ومأوى للمصادر التاريخية، وبدأت شخصيتها تتبلور بشكل أوضح وأكثر فاعلية، من خلال عمل مؤسساتي منظم.
وعن سر هذا التصاعد في مكانة دارة الملك عبد العزيز بعد أن وصل عدد المصادر التاريخية لديها 4 ملايين وثيقة تاريخية و5 آلاف تسجيل صوتي وفيلمين لروايات شفهية وما يقارب 400 إصدار، قال الدكتور الجهيمي: «الملك سلمان أعاد اكتشاف الدارة وبث فيها روح العمل النشط، ولعل أولى هذه الخطوات هي تكوين مجلس إدارة جديد يكون أعضاؤه من المؤسسات التعليمية والثقافية ذات العلاقة حتى تسهل عملية تبادل المعلومات، كما أن توجيهه بنقل مقر الدارة من مقرها السابق إلى مركز الملك عبد العزيز التاريخي في حي المربع الذي افتتحه الملك الراحل فهد بن عبد العزيز قبل 37 عاما بمناسبة «المئوية» بجوار قصر المربع التاريخي أدى إلى استظهار طاقاتها العلمية، واصفا هذه التطويرات الإدارية بأنها أحدثت تغييرا إيجابيا في أعمال الدارة، ومشيرا إلى ما يتميز به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من احترامه للوقت ورغبته الشديدة في الإنجاز العملي وهذا انعكس على شخصية الدارة اليومية، وقال: «نحن في دارة الملك عبد العزيز نتذكر أنه ومنذ انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الإدارة الجديد عام نحو 18 عاما وحتى اليوم وخلال 44 اجتماعا لم يتأخر عن اجتماع واحد لحرصه على دقائق العمل في الدارة.
وعن أهم مراحل العمل وأدقها التي مرت بها الدارة في ظل رعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، قال نائب الأمين العام للدارة: «من أدق المراحل - كما نذكر في الدارة - بل كان بمثابة الاختبار الأول للدارة حين وضعها بصفته رئيس اللجنة العليا للاحتفال بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية أمام مسؤولياتها، ووجه بأن تكون مشاركا فاعلا في النشاط العلمي ضمن تلك المناسبة المئوية المهمة وكان ذلك قبل 17 عاما أي بعد المرحلة الانتقالية للدارة بسنتين فقط، وأن تقوم بطبع إصدارات المناسبة بعد مراجعتها ودراستها والتنظيم للندوة العلمية للمناسبة التي شارك فيها أكثر من مائتي باحث وباحثة من الداخل والخارج.
وعن السمة البحثية في شخصية خادم الحرمين الشريفين من خلال رئاسته وإدارته لشؤون الدارة يقول نائب الأمين العام للدارة: «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان فاعلا في أعمالها لتعلقه بالبحث العلمي، فنذكر أنه في عام 1418هـ أهدى الدارة مخطوطة نادرة بعنوان (المقنع في الفقه) نسخت عام 1220 هـ وكانت نواة لما تم جمعه وحفظه من المخطوطات الأصلية التي تجاوزت 5000 مخطوط، ووثيقة أصلية عبارة عن رسالة من الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى سليمان باشا نسخت في عام 1225هـ، ضاربا بذلك مثالا للمواطنين من ملاك المخطوطات والوثائق، لإيداع ما لديهم من مصادر تاريخية في الدارة، وبالفعل بدأ المواطنون بتقديم ما لديهم من المصادر التاريخية إلى الدارة، وكان يوجه بإيداعها باسم صاحبها بحيث يحق له الرجوع إليها، واستدل في هذا السياق على تميز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في المرجعية للتاريخ وخصوصا تاريخ الدولة السعودية بقوله: إن المحاضرات الثلاث المتخصصة في التاريخ الوطني التي ألقاها تعد شاهدا موثقا لشخصيته البحثية، حيث كانت أولى هذه المحاضرات في جامعة أم القرى عام 1429هـ تحت عنوان (ملامح إنسانية من سيرة الملك عبد العزيز) وكانت المحاضرة الثانية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1432هـ تحت عنوان (الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية)، أما محاضرته الثالثة فكانت في جامعة الملك سعود ممثلة في كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدراسات الحضارية والتاريخية عام 1433هـ تحت عنوان (الجوانب الإنسانية والاجتماعية في تاريخ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود)».
وفيما يتعلق بحرص الملك سلمان على دقة المعلومة التاريخية وثراء مصدريته العلمية يقول الجهيمي: «كثير من البحوث حين تعرض عليه كان يشير في بعضها إلى التأكد من معلومة ما دون أن يُخطَئ الباحث»، لافتا في إشارته إلى اهتمام الملك رئيس مجلس إدارة الدارة قال نائب الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز: «من واقع عمل الدارة ويومياتها كان حريصا على مشاركة المرأة في الحركة التاريخية التي تقدمها الدارة حيث تم تأسيس مركز متخصص لخدمة الباحثات عام 1420هـ وتجهيزه بأحدث وسائل التواصل التقنية ليخدم الباحثات في مختلف مناطق البلاد، وبإشراف موظفات متخصصات يقدمن الخدمة للباحثات من داخل السعودية وخارجها».
وعن دعمه لدارة الملك عبد العزيز وحبه لفكرتها في تحفيز البحوث والدراسات حول تاريخ المملكة العربية السعودية وتاريخ الجزيرة العربية يشير الدكتور ناصر الجهيمي إلى حديث صحافي للأميرة حصة بنت سلمان بن عبد العزيز قالت فيه: «أذكر يوم أعلن عن تعيين والدي وزيرا للدفاع كان أول ما شغل تفكيره هو ما إذا كان يستطيع الاستمرار في رئاسة مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز التي شارك في تأسيسها، ولا يزال يعتبرها ابنته؛ شقيقة لي، لأنها أكثر الإنجازات التي تجلب له الفخر والسعادة، إذ تحمل اسم أبيه الملك عبد العزيز وتستقر في المكان الذي عاش فيه الملك عبد العزيز وخلا فيه إلى القراءة وتدبر القرآن الكريم، ثم إنها مجاله الذي هو شغوف به كإنسان مفكر».
ولفت الجهيمي في هذا الصدد أن هذا يعكس إيمان الملك بدور التاريخ في بناء الأمم وتجذير تواجدها البناء، حتى أنه لم يعرض عليه طلبا أو اقتراحا من الدارة إلا ويوافق عليه ما دام يصب في خدمة الدراسات التاريخية ويثري مسيرتها، وهناك شيء آخر يدلل على اهتمامه بالدارة وهو الإسهام بافتتاح المراكز الجديدة وتدشين الموسوعات والأطالس والمشروعات العلمية الكبيرة على مستوى الوطن، وزاد الجهيمي بالقول: «حين شعر الملك سلمان بحاجة الوثائق والمخطوطات في السعودية لمركز متخصص وبأحدث الطرق والوسائل، افتتح المركز الذي يحمل اسمه للترميم والمحافظة على المواد التاريخية قبل 11 سنة فكانت هذه الرعاية دفعة قوية للمركز ليكون من أكبر المراكز المتخصصة في مجاله في منطقة الشرق الأوسط حيث يرتبط المركز حاليا مع أكثر من ست جهات حكومية لترميم وثائقها، كما دشن موسوعة السعودية في مائة عام وغيرها من الموسوعات والأطالس والقواميس كان آخر الموسوعات التي دشنها معجم البلدان والقبائل في شبه الجزيرة العربية والعراق، وجنوبي الأردن، وسيناء الذي يقع في 12 مجلدا».
وعن الدعم الذي يقدمه لكل ما يخدم التاريخ الوطني والعربي يشير الدكتور الجهيمي إلى موافقته على دعم الدارة لبعض الجمعيات العلمية ذات العلاقة واستضافة أعمالها الإدارية اليومية، وكذا موافقته على دعم وافتتاح مركز تاريخ مكة المكرمة ومركز بحوث ودراسات المدينة المنورة وأولاهما جل اهتمامه، وزاد بالقول: كما وافق على اقتران اسمه بالجائزة والمنحة التي قررها مجلس الإدارة لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية، يضاف إلى ذلك دعمه للجائزة والمنحة حين تبرعه بقيمتها من ماله الخاص، كما أن له حرصا على رعاية وحضور افتتاح وفعاليات الندوات الملكية التي تنظمها الدارة وفاء لإخوانه الملوك وعرفانا لدورهم في بناء الوطن ودعما لهذه الفكرة العلمية التي اضطلعت بها الدارة.
وشدد الدكتور ناصر الجهيمي نائب الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز على أن الدارة انطلقت دارة الملك عبد العزيز من مقولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في أحد اللقاءات العلمية «الدارة بيت للجميع» فكانت بمثابة توجيه للمسؤولين في الدارة وتعبيرا للباحثين والباحثات عن أن هذه المؤسسة العلمية المتخصصة تحت خدمة الدراسات والبحوث، حتى أنه أصدر توجيهاته حين كان وليا للعهد للمؤسسات الحكومية والوزارات بالاستفادة مما لدى الدارة ومركز تاريخ مكة المكرمة ومركز بحوث ودراسات المدينة المنورة من مواد ومصادر تاريخية في أنشطتها التي تنظمها بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني، كما كان حريصا على ضرورة إتاحة المصادر التاريخية في الدارة للباحثين والباحثات والعمل على إتاحتها على وسائل التقنية الحديثة وهذا ما جعل كثير من الباحثين والباحثات يتوافقون على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ذاكرة التاريخ الوطني ومرجعا رئيسيا في الشأن التاريخي الوطني.



وزير الخارجية السعودي يبحث المستجدات الإقليمية مع نظيره الإسباني

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
TT

وزير الخارجية السعودي يبحث المستجدات الإقليمية مع نظيره الإسباني

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

تلقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، اليوم، اتصالاً هاتفياً من نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.

وجرت خلال الاتصال مناقشة المستجدات الإقليمية والجهود المبذولة بشأنها.