اغتاظ وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من قرار دار النشر الإسرائيلية الأكبر «ستيماتسكي» التراجع الجزئي عن توزيع مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، التي تظهر صورا للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبذلك تسيء للمسلمين، فأعلن أنه أصدر أوامره لشبيبة حزبه بأن يشتروا ويوزعوا بأنفسهم أعداد هذه المجلة. ولم يكتف ليبرمان بذلك، بل أعلن أنه سيتوجه إلى لجنة الانتخابات المركزية وإلى محكمة العدل العليا لشطب القائمة المشتركة للأحزاب العربية الوطنية.
وكانت «ستيماتسكي» قد أعلنت أنها ستوزع المجلة المذكورة في إطار إصرارها على مبدأ حرية النشر، فتوجه إليها النواب العرب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، محتجين على هذه الخطوة «التي تمس بمشاعر المسلمين». وحذر النائب عن الحركة الإسلامية مسعود غنايم من أن توزيع هذه المجلة في إسرائيل سيقود إلى رد فعل غاضب من المسلمين والعرب من شأنه أن يزعزع الأمن. وتوجه غنايم برسالة بهذا المضمون أيضا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طالبا تدخله لمنع نشر المجلة. وكتب له يقول «إن قيام شبكة (ستيماتسكي) بنشر مجلة (شارلي إيبدو) التي أساءت للدين الإسلامي وللمؤمنين من خلال نشرها صور مخلة بالآداب ومسيئة للنبي محمد (عليه الصلاة والسلام) هو مساس بكل عربي ومسلم، وبكل من يؤمن بحرية التعبير الحقيقية والتي تعني احترام معتقدات الآخرين. أصبحت حرية التعبير وسيلة للطعن والتشهير وأداة للمساس بالعرب والمسلمين في كل مكان. هذه ليست حرية تعبير بل حرية تحريض واستعداء للناس والعالم على كل ما هو إسلامي».
وأضاف غنايم في رسالته «أطالب الحكومة الإسرائيلية ووزراءها المعنيين بمنع شبكة (ستيماتسكي) من نشر هذه الصور المسيئة، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة التوتر وإلى نتائج لا يعرف أحد عواقبها، لأن كل مسلم وعربي سيعتبر هذا النشر إعلان حرب عليه وعلى مقدساته ومعتقداته».
وتوجهت مؤسسة «ميزان» لحقوق الإنسان لشبكة «ستيماتسكي» وطلبت منها عدم بيع المجلة. وقال المحامي، عمر خمايس «إذا لم تقم الشبكة بالاستجابة لطلبنا فسنتوجه للمحكمة، وسنطلب إصدار أمر منع لتسويق المجلة. الحديث هو حول عمل خطير، وعلينا أن نوقف هذه الخطوة».
وقد أبلغت دار النشر النواب العرب الليلة قبل الماضية بأنها قررت الامتناع عن توزيع المجلة احتراما لزبائنها المسلمين. لكنها ستحتفظ بحقها في بيع المجلة بالإنترنت لمن يطلبها. وصرح النائب غنايم بأنه يثمن هذا القرار لكنه لا يقبل نصفه الثاني. وقال إنه ينبغي الآن مواصلة الضغوطات على ستيماتسكي وعلى الحكومة الإسرائيلية لمنع النشر حتى في موقع الإنترنت، وإنه ينبغي تضافر الجهود كافة من أجل تحقيق هذه الغاية.
واغتاظ ليبرمان من هذا التطور، فأعلن أنه لن يسمح بأن يحصل خنوع في إسرائيل لتهديدات الإرهاب الإسلامي. ولذلك أصدر تعليماته بشراء نسخ عن المجلة الفرنسية وتوزيعها على الملأ، واعتبر النواب العرب في الكنيست ممثلين عن قوى الإرهاب.
المعروف أن حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يقوده ليبرمان كان أول من بادر إلى رفع نسبة الحسم في الانتخابات العامة من 2 في المائة إلى 3.25 في المائة، بغرض منع وصول نواب عرب إلى الكنيست. وجرى سن قانون بهذا الخصوص. لكن هذا الإجراء أسفر عن توحيد الأحزاب الوطنية العربية لتخوض الانتخابات المقبلة بقائمة واحدة مشتركة. وأعلن عن هذه القائمة وسط حماس شديد يبشر بإمكانية رفع نسبة التصويت عند العرب، بحيث يستطيعون زيادة عدد النواب الحالي أكثر. وعقد ممثلو هذه الأحزاب، مساء أول من أمس، أول جلسة عمل مشتركة تحضيرا للحملة الانتخابية، وأكدوا أن الحملة ستركز على تشجيع الجمهور على التصويت بهدف زيادة التمثيل العربي في البرلمان وتحقيق تغيير في الكتل البرلمانية. وعلى الفور أعلن حزب «إسرائيل بيتنا» أنه سيطالب بشطب هذه القائمة العربية الموحدة ومنعها من خوض الانتخابات. وجاء في بيان للحزب أن «التحالف يثبت للجميع عدم وجود فارق بين حنين وحنين (يقصد دوف حنين النائب اليهودي الذي يحتل المرتبة 8 في القائمة العربية المشتركة، وحنين زعبي المرشحة في المرتبة السابعة في القائمة)، فدوف حنين هو تماما مثل حنين الزعبي. ومن يرشح نفسه في قائمة مشتركة مع التجمع، والذي لا هدف له إلا دعم التنظيمات الإرهابية والتعاون مع أعداء إسرائيل، لا يستحق العضوية في كنيست إسرائيل».
وردوا في التحالف المشترك على بيان «إسرائيل بيتنا» قائلين «من الواضح أن الالتماس يشكل خطوة شعبوية للعنصري الفاسد ليبرمان، لأنه تقنيا يمكن تقديم طلب كهذا بعد 28 يناير (كانون الثاني) الحالي فقط، لكن الخوف يتحدث من حنجرة ليبرمان أمام التحليق غير المستحيل للقائمة المشتركة مقابل تحطم حزبه في الاستطلاعات. سنقدم ردنا على العنصرية واليمين في يوم الانتخابات عندما ستحقق القائمة أكثر من 15 مقعدا في الكنيست».
وقال ممثلو الأحزاب العربية إن تشكيل القائمة يعد خطوة تاريخية، وإن تأثيرها يمكن أن يكون حاسما على الحلبة السياسية في إسرائيل. وأضافوا «إذا دعم الجمهور هذه القائمة فإن من شأنها أن تكون القائمة الثالثة في الكنيست». وقال النائب دوف حنين «إن هذه القائمة لا تتوجه إلى الجمهور العربي فقط، وإنما إلى كل الجمهور في إسرائيل. هذه قائمة تمد يدها إلى كل القوى الديمقراطية في إسرائيل، إلى كل القوى التي تدعم السلام العادل والكامل وتعارض العنصرية». وقال النائب أحمد الطيبي، المرشح الرابع في القائمة، إنها «تشكل رسالة جماعية من الأقلية العربية إلى كل العنصريين. المضحك أن من بادر إلى رفع نسبة الحسم (ليبرمان) لمنع التمثيل العربي، يهبط بشكل حاد في الاستطلاعات بسبب قضايا الفساد ويقترب بنفسه من نسبة الحسم». وقال النائب جمال زحالقة «إن من رفع نسبة الحسم سيحصل على 15 نائبا عربيا. أنا أتوجه إلى كل أنصار الديمقراطية كي يدعموا القائمة الموحدة لأنها الأكثر ديمقراطية بين القوائم المنافسة في انتخابات الكنيست العشرين».
وزير خارجية إسرائيل يتبنى نشر «شارلي إيبدو»
بعد استجابة دار نشر لطلب النواب العرب بعدم توزيعها
وزير خارجية إسرائيل يتبنى نشر «شارلي إيبدو»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة