عباس يحذر من جر المنطقة إلى حرب دينية بسبب اقتحامات الأقصى

منظمات يهودية تنظم مسيرات استفزازية نحو المسجد اليوم

الرئيس عباس يحيي الحاضرين خلال إلقاء كلمته أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس عباس يحيي الحاضرين خلال إلقاء كلمته أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس يحذر من جر المنطقة إلى حرب دينية بسبب اقتحامات الأقصى

الرئيس عباس يحيي الحاضرين خلال إلقاء كلمته أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الرئيس عباس يحيي الحاضرين خلال إلقاء كلمته أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح في رام الله أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي حذر فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من جر المنطقة إلى حرب دينية إذا استمرت اقتحامات المسجد الأقصى، تخطط جماعات إسرائيلية متطرفة لمسيرات استفزازية حول الأقصى اليوم للمطالبة بفتح جميع بواباته أمام اليهود، في خطوة من شأنها تأجيج الصراع المتصاعد في القدس منذ عدة شهور، والذي أخذ في الأسابيع الأخيرة شكل مواجهة دينية.
وقال عباس، في كلمة له أمس أمام المجلس الاستشاري لحركة فتح، إن «الجانب الفلسطيني يريد التهدئة وعدم تصاعد العنف»، وأكد أن ذلك يبدأ بالحفاظ على الوضع القائم منذ عام 1967 في المسجد الأقصى، مجددا التأكيد على أن تحويل الصراع السياسي إلى ديني سيجر المنطقة إلى «ويلات لا يعرف أحد عقباها».
وكان عباس قد شدد، في وقت متأخر أول من أمس أمام مؤتمر الهيئات الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، على أنه لا يجوز المس بأي مقدسات مهما كانت. وقال في هذا الصدد «ندين أي أعمال قتل أو عنف موجه ضد المدنيين من الجانبين، نحن لا نريد قتل الأبرياء ولا قتل أبريائنا، ولا نريد القتل من أساسه، نريد الأمن والسلام معهم، ولو جربوا فإنهم سيعرفون أننا طلاب سلام وحق». وأضاف موضحا «لقد بات من الضروري أن تعي حكومة إسرائيل الحالية أنها إذا كانت جادة فعليها التخلي عن عمليات التوسع الاستيطاني في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، والكف عن فرض الأمر الواقع، لأننا لن نقبله، بل نقبل الشرعية الدولية، ونحن ندعوهم لقبول مبدأ الدولتين، والقدس الشرقية عاصمة، وبعدها تحل باقي القضايا من خلال المفاوضات.. هذه مطالبنا وهذا ما نسعى إليه».
وفي الوقت نفسه، شدد عباس، أمس، على استمرار المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس على حدود عام 1967. وقال أمام أعضاء فتح «ستعقد لجنة متابعة مبادرة السلام العربية اجتماعا مهما في 29 من الشهر الحالي لبحث الخطوات الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي، والقرار الفلسطيني - العربي الذي سيقدم لمجلس الأمن هذا الشهر».
وفي الوقت الذي كان فيه عباس ينادي بالتهدئة، أعلنت منظمات يهودية عزمها إطلاق مسيرة تهويدية ضخمة مساء اليوم (الأحد) نحو المسجد الأقصى المبارك، في تمام الساعة السادسة مساء بتوقيت فلسطين، تنطلق من ساحة حائط البراق، ثم تلتف حول أبواب الأقصى جميعها، وستطالب بفتح جميع أبواب الأقصى لليهود.
وقال مسؤولون في منظمات «جبل الهيكل» إنهم يطلقون المسيرة تضامنا مع الحاخام يهودا جليك، الذي أصابه فلسطيني بجراح خطيرة الشهر الماضي، بسبب تزعمه اقتحامات المسجد. كما أعلنت المنظمات المتطرفة نيتها تنفيذ برامج توراتية إرشادية وتعليمية داخل ساحات المسجد الأقصى، خلال فترتي «زيارة» الأقصى، صباحا وبعد الظهر. ومثل هذه الاقتحامات المتكررة كانت سببا مباشرا في اندلاع موجة من عمليات الدهس والطعن لإسرائيليين في القدس، وكادت تتفجر إلى انتفاضة ثالثة. وأمس، كشف وزير الداخلية غلعاد أردان عن أنه أوعز إلى المستشارين في وزارته بدراسة إمكانية توسيع صلاحياته، بما يسمح له بتجريد من يقوم من سكان القدس بالتشجيع على «الإرهاب والعنف» من جميع حقوقه، بما في ذلك حق الإقامة في القدس. وقال أردان في ندوة ثقافية في إسرائيل إنه يبحث كيفية سحب بطاقات «الإقامة الدائمة» من مقدسيين، مما يعني سحب الهويات من أهل القدس وطردهم إلى الضفة الغربية.
وكانت إسرائيل قد استخدمت هذا الإجراء مرارا في أوقات سابقة. ويضاف هذا الإجراء، في حالة إقراره، إلى إجراءات أخرى اتخذت في الأسابيع القليلة الماضية، من بينها نشر آلاف من أفراد الشرطة، وهدم منازل فلسطينيين، وزرع مناطيد وكاميرات مراقبة، وإقامة غرفة عمليات، والدفع بقوانين جديدة لمعاقبة المشاركين في عمليات وعائلاتهم. لكن هذه الإجراءات، خصوصا سياسة هدم المنازل، تلقى معارضة واسعة من منظمات حقوقية.
وطالبت المنظمة الحقوقية الدولية «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل بالكف فورا عن سياسة هدم منازل تعود لفلسطينيين يُنسب لهم الضلوع في ارتكاب عمليات. وعدت المنظمة تنفيذ عمليات هدم كهذه في أراض محتلة يعدّ جريمة حرب، وبمثابة عقاب جماعي يلحق ضررا بأشخاص أبرياء. وجاء في بيان «هذه السياسة تعاقب على نحو متعمّد وغير مشروع أشخاصا غير متهمين بارتكاب أي خطأ، وهي ترقى إلى مستوى عقاب جماعي، وجريمة حرب، عندما تنفذها السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية».
وقال نائب مدير إقليمي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المنظمة جو ستورك «عمليات هدم المنازل العقابية تشكّل انتهاكا صارخا للقانون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».