بعد جولتين من المباحثات الثلاثية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم أمس، تقرر تمديد المفاوضات حول الملف النووي لجولة جديدة اليوم، في وقت أبدت أطراف عدة تفاؤلا في سير المفاوضات.
وقال مسؤولون أميركيون وإيرانيون إن المباحثات ستستأنف اليوم، وهو الموعد الذي يتجاوز الموعد الذي كان من المقرر أن يغادر بعض المشاركين بحلوله. وأوضحت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن «المحادثات بين كيري وظريف وأشتون... ستستأنف الاثنين لتضييق هوة الخلافات والتوصل إلى اتفاق شامل بحلول الموعد المحدد في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)» الحالي.
وأعطى الوزير المسؤول عن السياسة الخارجية العمانية يوسف بن علوي للصحافيين تقييما متفائلا عن المحادثات، قائلا إنه بناء على مستوى الالتزام الذي أبدته جميع الأطراف فإن ثمة شعورا بالارتياح، مشيرا إلى أنه لا رجعة إلى الوراء، مؤكدا شعوره بأن جميع الأطراف تسعى بإيجابية للتوصل إلى اتفاق.
وقال بن علوي، الذي رعى المفاوضات الثلاثية أمس، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء مع مجموعة من الصحافيين مساء أمس: «لم نتلق أي تأكيد من الأطراف المشاركة (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران) بإنجاح جولة المفاوضات في عمان»، ولكنه أضاف: «لقد قطعت الأطراف شوطا طويلا ولا يمكن الرجوع عما تحقق». وقال إن «الأطراف المشاركة قطعت شوطا كبيرا من المفاوضات ونحن راضون عما تم التوصل إليه حتى الآن». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كان سلطنة عمان المستضيفة لهذه المفاوضات قد تلقت أي تأكيدات من الأطراف بإنجاح هذه الجولة من المباحثات، أجاب بن علوي: «المسألة ليست ضمانات، ولكنه نقاش مهم وفي قضايا ذات حساسية بالغة، ولكننا مطمئنون إلى أنهم في النهاية سيصلون إلى نتائج مرضية». وفي رده على سؤال قال بن علوي إن سلطنة عمان «قامت بجهود كثيرة لتقريب وجهات النظر منذ 5 سنوات، وهذا اللقاء لم يكن الأول وإن كان أول لقاء معلن، وقد استطاعت الأطراف التوصل إلى نتائج، ونحن راضون عما تم التوصل إليه حتى الآن»، ومضى يقول: «لم يبتعدوا كثيرا عما اتفقوا عليه، وما بقي هو قريب (للاتفاق)».
وأوضح دبلوماسيون غربيون يشاركون في المفاوضات أن نقاط الخلاف الرئيسية هي حجم برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم ومدة أي اتفاق طويل الأمد ووتيرة رفع العقوبات الدولية. وتريد واشنطن إجراءات تحقق ومراقبة مكثفة للاطمئنان إلى أن إيران ملتزمة بإنهاء الصفقة.
وانتهت الجولة الصباحية التي امتدت 5 ساعات من المباحثات خلف الأبواب الموصدة، بأجواء من التفاؤل، كما ساد التفاؤل أجواء الجلسة المسائية.
ولاذت الأطراف المجتمعة بالصمت، في حين نشط السياسيون الإيرانيون في طهران في إطلاق رسائل متباينة لدعم الفريق المفاوض ورسم خطوط حمراء أمام إمكانات التنازل.
وسرت موجة من التفاؤل، خصوصا بعد الإعلان في طهران في وقت متزامن مع انعقاد جلسة المباحثات الثلاثية في مسقط أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، سيزور موسكو يوم غد الثلاثاء ليلتقي سيرغي كرينكو رئيس الوكالة الروسية للطاقة الذرية.
وتأتي زيارة المسؤول الإيراني بعد أنباء ذكرت أن طهران وافقت على مقترح روسي غير مسبوق يقضي بشحن مخزونها من اليورانيوم إلى روسيا، وهو مخزون يتجاوز ثمانية أطنان من اليورانيوم منخفض التخصيب. وتأتي هذه المحادثات بعد الكشف عن رسالة وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي يملك السلطة العليا في هذا الملف، تدعوه فيها إلى التوصل إلى اتفاق نووي، مشددة على أن لإيران والغربيين مصالح مشتركة في المنطقة.
ومع وصول كيري إلى عمان قال مسؤول أميركي كبير إن المحادثات الثلاثية ستكون «اجتماعا مهما يركز على إحراز تقدم من أجل الالتزام بالموعد النهائي». كما أدلى ظريف بتصريحات لدى وصوله إلى مسقط أكد فيها مجددا أن العقوبات المفروضة على طهران لم تحقق «أي نتائج» للغرب. وأضاف: «يجب التوصل إلى حل يستند إلى الاحترام والتعاون المتبادلين. إذا كان الغرب مهتما بالتوصل إلى حل من هذا النوع فهناك احتمال للوصول إلى حل وتفاهم قبل 24 نوفمبر».
وقال مسؤول إيراني كبير قريب من المحادثات لوكالة «رويترز» إن المشاركين سيبحثون «الفجوات التي لا تزال ضخمة وطاقة تخصيب (اليورانيوم) الإيرانية والجدول الزمني لرفع العقوبات».
وانفضت أمس جولتان من المباحثات الثلاثية، دون إعلان عن أي نتائج، على أن تعاود الأطراف الثلاثة لقاءها في المساء، على أن تستكمل المباحثات اليوم، ومن المقرر أن ينضم إلى هذه المفاوضات غدا الثلاثاء وفود تمثل مجموعة دول 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، روسيا، الصين وألمانيا)، بغياب الوزير الأميركي جون كيري، وعلمت «الشرق الأوسط» أن عددا من دول مجموعة 5+1 سيتمثل بوفد أقل من وزير الخارجية، وطاقم من الخبراء الفنيين.
ويأتي هذا اللقاء قبل أيام قليلة من انقضاء المدة التي حددتها الأطرف للتوصل إلى الاتفاق النهائي وينتهي بحلول 24 نوفمبر الحالي، على أن يبدأ ماراثون المفاوضات يوم 18 الحالي في العاصمة النمساوية فيينا. ويوم أمس، طالب 200 من النواب الإيرانيين أن يتزامن أي اتفاق مرتقب «الرفع الكلي لإجراءات الحظر المفروضة على الأنشطة النووية وما سواها مباشرة»، وطالبوا فريقهم المفاوض «بالدفاع عن العزة والاقتدار اللذين حققتهما إيران على مدى 35 عاما من مقاومة الشعب».
وقال مسؤول عماني لـ«الشرق الأوسط» أمس إن سلطنة عمان لم تشارك في المباحثات الثلاثية التي بدأت أمس، لكن بن علوي عقد لقاءات منفصلة مع رؤساء الوفود المشاركة.
وينظر إلى اجتماع أمس على أنه تعزيز للدور الذي لعبه عمان في رعاية المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وإيران، وللدور الذي تلعبه السلطنة في الحوار وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطرف.
ووصف وكيل وزارة الإعلام علي بن خلفان الجابري أجواء المباحثات بأنها إيجابية، وأضاف: «حتى الآن فإن المؤشرات تدل على أن الأجواء إيجابية وتم الإعداد لهذه المباحثات نتيجة وجود شيء من التقارب (في وجهات النظر) سواء من الجانب الأوروبي أو الجانب الأميركي، ومحاولة تضييق هوة الخلاف مع الجانب الإيراني».
وتخشى واشنطن أن يجد أوباما صعوبة في تمرير أي اتفاق نووي مع الإيرانيين بعد فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس. وغالبا ما عبر زعماء الحزب الجمهوري عن خشيتهم أن يقبل أوباما باتفاق ضعيف مع إيران. وستعتين على الكونغرس الأميركي أن يقر أي رفع دائم للعقوبات الأميركية على إيران رغم أن أوباما لديه السلطات في بعض الحالات لتعليق العقوبات،
وذكر عباس عراقجي نائب وزير الخارجية وكبير المفاوضين الإيرانيين أول من أمس أن إيران لا ترى بديلا عن إيجاد تسوية دبلوماسية مع القوى العالمية الست بشأن برنامجها النووي، وتعتقد أن الجانبين مصممان على إبرام اتفاق بحلول الموعد المحدد في 24 نوفمبر. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن عراقجي قوله: «لا توجد حلول وسط، وكل أفكارنا تتركز على كيفية التوصل إلى تسوية». وأضاف: «لا يريد أحد العودة إلى أوضاع ما قبل اتفاق جنيف.
هذا الأمر سيكون سيناريو خطيرا»، مشيرا إلى الاتفاق التمهيدي الذي تم التوصل إليه قبل عام والذي قلصت إيران بموجبه بعض الأنشطة النووية الحساسة مقابل تخفيف محدود للعقوبات الدولية. وقال عراقجي: «الجانبان يدركان ذلك، وهذا ما يدعوني للاعتقاد بأن من الممكن التوصل إلى اتفاق قريبا. نحن جادون وألحظ نفس العزم على الجانب الآخر».
ويقول دبلوماسيون غربيون في المفاوضات إن القضايا الشائكة التي لم تحلّ تتمثل في القدرة الإجمالية لإيران على تخصيب اليورانيوم ومدة أي اتفاق طويل الأمد والوتيرة التي سيتم بموجبها رفع العقوبات الدولية تدريجيا.
وفي وقت متزامن مع انعقاد المباحثات في مسقط، قالت مصادر في طهران أمس إن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، سيزور موسكو يوم غد الثلاثاء ليلتقي سيرغي كرينكو رئيس الوكالة الروسية للطاقة الذرية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية السفير الإيراني في روسيا مهدي سنائي قوله إن صالحي سيزور موسكو «للتوقيع على وثائق في مجال تطوير التعاون بين إيران وروسيا في مجال الطاقة النووية السلمية»، مضيفا أن التعاون بين إيران وروسيا يتم في مجال الطاقة النووية السلمية وفي إطار القوانين الدولية.
وتوقع مراقبون أن تكون زيارة المسؤول الإيراني على صلة باقتراح موسكو نقل اليورانيوم الإيراني المخصب إليها. وهو المقترح الذي أعلنت طهران قبولها به. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن هذه الخطوة مثلت انفراجة كبيرة في التفاوض بين الوفد الإيراني من جهة والدول الخمس الأعضاء وألمانيا من جهة، وقالت الصحيفة: «إيران وافقت مبدئيا على شحن مخزونها الهائل من اليورانيوم إلى روسيا، وفقا لمسؤولين ودبلوماسيين مشاركين في هذه المفاوضات، وصفوا هذا المقترح من روسيا والموافقة المفاجئة الإيرانية بـ(الاختراق الكبير) في المحادثات المتعثرة حتى الآن». ويمكن أن يمثل المقترح الروسي حجر الزاوية في الاتفاق بين الغرب وإيران.
وأظهر تقرير أخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب ارتفع 8 في المائة ليبلغ نحو 8.4 طن في نحو شهرين، ومن المرجح أن تطلب القوى العالمية من طهران تقليصها في ظل أي اتفاق نووي يبرم مع طهران.
«مباحثات مسقط» تمهد للحل النهائي.. وصالحي إلى موسكو لبحث نقل اليورانيوم
تمديد لقاءات كيري وظريف وأشتون.. والأوروبيون ينضمون غدا
«مباحثات مسقط» تمهد للحل النهائي.. وصالحي إلى موسكو لبحث نقل اليورانيوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة