البيت الأبيض والبنتاغون يرفضان إنشاء «منطقة عازلة»

كيري بعد لقائه بوزير الخارجية البريطاني: إقامتها تحتاج إلى دراسة متأنية

البيت الأبيض والبنتاغون يرفضان إنشاء «منطقة عازلة»
TT

البيت الأبيض والبنتاغون يرفضان إنشاء «منطقة عازلة»

البيت الأبيض والبنتاغون يرفضان إنشاء «منطقة عازلة»

تضاربت تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول بعض المرونة في الاستجابة للمطالب التركية بإقامة منطقة عازلة فوق سوريا مع التصريحات التي صدرت في الوقت نفسه من البيت الأبيض والبنتاغون حول رفض الفكرة وعدم مناقشتها في الوقت الراهن.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أعلن أن تركيا ستقرر خلال الأيام المقبلة الدور الذي ستقوم به ضد تنظيم داعش، مشيرا إلى أن المقترحات التي قدمتها تركيا لإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا للمساعدة في حماية الحدود التركية مع سوريا هي مسألة لا بد أن تخضع لدراسة متأنية. وكان وزير الخارجية الأميركي قد التقى نظيره البريطاني فيليب هاموند صباح الأربعاء بمقر الخارجية الأميركية، في اجتماع استمر لمدة ساعة. وأشار كيري للصحافيين إلى ترحيبه بقيام أنقرة بتكثيف عملها ضد تنظيم «داعش» الذي يضيق الخناق على مدينة كوباني الحدودية.
ولمح كل من كيري وهاموند إلى أن الفكرة التي طرحها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا لا بد من دراستها بعناية مع دول أخرى لبيان كيف يمكن تنفيذها.
وقال كيري «إنها فكرة تحتاج إلى دراسة متأنية وتستحق النظر بشكل وثيق جدا». وأشار كيري إلى أن الفكرة ستتم دراستها في وقت لاحق خلال اجتماع بين مسؤولين أميركيين ونظرائهم الأتراك. وقال كيري «سندرس خلال الساعات المقبلة والأيام المقبلة الاستراتيجية المتطورة واتخاذ القرارات المتعلقة بالأتراك وغيرهم في ما يتعلق بالضبط بالدور الذي سيقومون به».
وبدا وزير الخارجية البريطاني حذرا في التعامل مع فكرة إنشاء منطقة عازلة، مشيرا إلى أنها فكرة تستحق الدارسة والاستكشاف. وقال «نحن في مرحلة استكشاف للفكرة، وبالتأكيد لا نريد أن نستبعد ذلك في هذه المرحلة».
وأشار كيري إلى أن الحصار على مدينة كوباني يشكل مصدر قلق كبير لكل من الولايات المتحدة وتركيا، موضحا أن الغارات الجوية الأميركية مع قوات التحالف استهدفت مسلحين تابعين لـ«داعش» بالقرب من المدينة الحدودية. وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن كيري تحدث مع رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، وإن فكرة إنشاء منطقة عازلة كانت مطروحة منذ فترة طويلة لكن الولايات المتحدة لا تناقش تنفيذها. وقالت «نحن نناقش عدة أفكار ونعمل مع الأتراك حول أهدافنا في العراق، وعندما تكون لديهم (الأتراك) أفكار فإننا نناقشها لكنها ليست موضع تنفيذ الآن».
وشدد المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، خلال المؤتمر الصحافي للبنتاغون ظهر الأربعاء، على أن اقتراح تركيا إنشاء منطقة عازلة ليس ضمن الخيارات العسكرية التي يبحثها المسؤولون العسكريون في الوقت الحاضر، إلا أن كيربي أقر بأن تلك الفكرة تم طرحها خلال المحادثات الأميركية التركية. وقال كيربي «مسألة إقامة منطقة عازلة ليست فكرة جديدة، لكنها ليست مطروحة على طاولة البحث كخيار عسكري في الوقت الراهن».
وحذر كيربي من أن القوة الجوية وحدها لن تكون كافية لإنقاذ مدينة كوباني من السقوط في يد تنظيم داعش، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تدرك إمكانية أن يقوم تنظيم داعش بالاستيلاء على كوباني.
وفي سؤال حول احتمال سقوط مدن سورية أخرى في يد «داعش»، قال كيربي «أعتقد أننا جميعا علينا الاستعداد لهذا الاحتمال، وإن مسلحي (داعش) يمكنهم الاستيلاء على بلدات أخرى إلى جانب كوباني». وأشار إلى احتياج الولايات المتحدة وحلفائها إلى شريك على الأرض في سوريا قادر على محاربة «داعش».
ومن المقرر أن يعقد الجنرال جون آلن، المبعوث الأميركي للائتلاف، اجتماعات مع المسؤولين الأتراك اليوم الخميس، بعد لقاءات ومشاورات أجراها أمس في كل من الأردن ومصر.
ويعقد غدا الجمعة مشاورات حول دور حلف الناتو في المشاركة في التحالف ضد «داعش» ومساندة تركيا كدولة عضو في الحلف.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.