طفولة في محنة.. محور 3 أفلام في مهرجان «لندن» السينمائي

ميلودراما من الواقع وأزمنة صعبة في أرض الخيال

«الأعز»: بحثا عن الطفل المفقود
«الأعز»: بحثا عن الطفل المفقود
TT

طفولة في محنة.. محور 3 أفلام في مهرجان «لندن» السينمائي

«الأعز»: بحثا عن الطفل المفقود
«الأعز»: بحثا عن الطفل المفقود

قبل عام واحد فاز فيلم بيتر هو - سن تشان «أحلام أميركية في الصين» على «آيرون مان 3» في مبيعات التذاكر الصينية. حينها حللت صحيفة «فيلم بزنس آسيا» ذلك بالقول: إن الفيلم الصيني حط «في الوقت المناسب فعلا». والسبب الذي حدا بها لتقول ذلك هو أن الفيلم يتحدّث عن الجيل الجديد من رجال الأعمال الصينيين الذين، في رأي الفيلم، يتفوّقون على رجال الأعمال الأميركيين بسعة اطلاعهم وبقدراتهم وثقافتهم. سواء أكان ذلك صحيحا أم من وحي الخيال، فإن المخرج تشان استند إلى أحداث حقيقية كما إلى تبنّي الرئيس الصيني الجديد جي جينبينغ مفهوما لتشجيع القدرات المحلية سمّاه «الحلم الصيني»، على طريقة «الحلم الأميركي» الذي حدا ولا يزال بملايين الناس حول العالم لمحاولة تحقيق ذلك الحلم بالهجرة إلى أميركا.
بيتر هو - سن تشان، في فيلمه الجديد «الأعز» الذي يعرض في مسابقة مهرجان لندن الحالي (من 8 إلى 19 الجاري)، يستند إلى قصّة أخرى حقيقية لكن لا علاقة لها لا بقطاع رجال الأعمال ولا بالحلم الصيني، إذا ما كان موجودا بالفعل: قبل 5 سنوات اختفى طفل من دكان أبيه الذي انشغل عنه بفض خلاف بين زبونين. تسلل الطفل من الدكان واختفى. عندما انتهت المشادّة نظر الأب تيان (هوانغ بو) حوله ولم يجد ابنه.
قوام الحكاية العاطفية ذات اللمسات الميلودرامية جاهز في النبتة الأصلية للحكاية. فتيان كان أنجب هذا الولد من زوجته التي طلّقها قبل فترة ليست بالبعيدة. اسمها لو (هاو لاي) ومثله تحب ابنها كثيرا. الآن، وفي ظل المصاب الكبير، يلتقيان مجددا ويكتشفان، في رحى البحث عن ابنهما، أنهما بحاجة كل إلى الآخر.
يحب المخرج تشان إظهار العاطفة وتصوير انهيار الدموع. ولديه ممثلان يؤمّنان له ذلك بطلاقة. التمثيل رغم ذلك مقنع. الأحاسيس مقبولة وقابلة للتصديق لكن الممثلين الذين ينتشرون حولهما يتفاوتون. ما ينجح المخرج في صياغته هو فيلم يمكن أن يستدر إعجاب المشاهدين أينما كانوا من دون أن يتنازل عن «صينية» الحكاية من حيث هويّتها وثقافتها.
إلى ذلك، فإن تحميل الفيلم رمزا أمرا ممكنا إذ يجوز أن الطفل هو ذلك الحلم المفقود في الحياة الصينية.

* ماليشيا
«الأعز» هو واحد من بين 12 فيلما يضمّها هذا الركن من المهرجان، والتي هي جزء من 248 فيلما حشدها هذا المهرجان العتيد في دورته لهذا العام. لكنه ليس الوحيد بين أفلام المسابقة (أو ما عداها أيضا) الذي يتطرّق إلى حكاية ولد في عاصفة.
عبد الرحمن سيساكو، المخرج الموريتاني المعروف، يوفر لمشاهديه في «تمبوكتو» بعضا من معاناة صبي يعيش مع والديه في الصحراء المحيطة بمدينة تمبوكتو في مالي. كان الصبي قد شهد قيام جار لوالديه بقتل بقرة لأنها تجاوزت حدود أرضه. يركض صوب أبيه ليبلغه بما حدث. الأب يتوجّه للحديث إلى الرجل. تقع مشادة بينهما. الأب يقتل جاره بالخطأ. هناك قانون جديد في المدينة لا يطبّقه رجال البوليس، بل رجال الميليشيا الإسلامية التي تحتل البلدة (أو هذا ما تشي به الصورة على الأقل). هؤلاء يلقون القبض على الأب ليحاكموه. في خلال ذلك يستعرض سيساكو، على قدر من الكسل في السرد والتنفيذ، المحرّمات التي يفرضها هؤلاء على المواطنين. ممنوع على البائعة أن تظهر يديها. ممنوع على الرجال والنساء الاستماع إلى الأغاني وإجراءات أخرى تمر سريعة لتؤازر النظر إلى حياة تتبدّل بفعل هذا المنوال من الحكم.
لكن بما أن الأب ارتكب، ولو من دون قصد، جريمة قتل فإن الخروج برسالة قوية ضد الميليشيا الإسلامية مسألة فيها وجهتا نظر. صحيح أن المخرج يصوّر الميليشيات على نحو معاد، لكنه لا يفعل أكثر من ذلك. كان يستطيع مثلا أن يسرد الحكاية من منظور الصبي والمستقبل الذي يرمز إليه. أن يتركه يتولّى سرد الحكاية عوض الدخول إليها والخروج منها. بعض الشخصيات الأخرى (مجنونة أفريقية) تشبه تلك الشخصيات التي كانت، وربما ما زالت، تميل إليها أفلام أفريقية عدّة: شخصية ناشزة تجسّد حكمة ما. أهبل القرية الذي يفهم أكثر من كل من فيها.

* حدث ذات مرّة
فيلم آخر يخسر فرصة عرض الحكاية من وجهة نظر الصبي ولو أن الصبي عماد مهم لها هو «الرئيس» لمحسن مخملباف. المخرج الإيراني يقدّم لنا شخصية ديكتاتور في بلد لا اسم له ولو أنه شبيه ببعض الجمهوريات الآسيوية المحكومة بنظام رادع أو عنيف. استخلص المخرج الإيراني الهارب إلى فرنسا مما يحدث في دول الجوار وحسنا فعل أنه لم يرد تحديد المكان والهويات العرقية أو القومية بل أطلق فيلمه كمغامرة في أرض الخيال. بطله الديكتاتور رئيس دارت عليه الدوائر وانقلب الحال فوقه فتحوّل من صياد إلى طريدة تحاول البقاء حيّة بعدما هب الناس العاديون والعسكر منقلبون عليه.
مثل «تمبوكتو» كان «الرئيس» بحاجة إلى سيناريو أفضل. الماثل أمامنا ينطلق، كحال الفيلم الموريتاني أيضا، من فكرة جيّدة يساء استخدامها. لا قناعة بأن الرئيس الجد سيرضخ لحفيده الصغير فيبقيه معه لمجرد أن الصبي رفض مغادرة العاصمة هربا مع والدته وباقي أفراد الأسرة. ولا يمكن أن تقبل والدته بذلك بدورها. لكن حياكة ضعيفة تبقيه في صرح المغامرة. هنا لا ريب أن وجوده مهم، لكن التفعيلة التي أدّت إلى هذا الوجود ضعيفة.
إنها رحلة طويلة في المجهول يقوم بها الجد والحفيد وقد تحوّلا إلى طريدة تحاول البقاء حيّة. سيلتقيان بشخصيات كثيرة. الجد متخف والصبي الصغير ممتثل. يشعر بأن العالم لم يعد كما كان ولا يعرف تحديدا لماذا. لكنه يلعب اللعبة التي أوهمه جدّه بأنه يلعبها ويصرخ من حين لآخر أنه لم يعد يريد أن يلعب.
سينطلق الجد وحفيده هربا في الصحراء وبين الجبال ومرورا ببيئات اجتماعية فقيرة. سيتاح للأب إدراك كيف كان يحكم شعبه وللصبي اكتشاف أن العالم الذي كان يحياه لم يعد العالم الذي سيعيشه إذا ما بقي حيّا. ساعتا العرض مثيرتان للاهتمام لأن المرء يريد الوصول إلى نتيجة، لكن، وبصرف النظر عما يرد في الكلمة المنشورة في الكاتالوغ (حيث على كل الأفلام أن تكون رائعة) فإن مشاكل الكتابة تعترض طريق المشاهد المتوالية على نحو متواصل. و«الفوكاس» ضائع بين رغبة المخرج توفير حكاية رمزية لحال الجمهوريات القريبة وحال الثورات التي تلتها، وأخرى واقعية حول شخصين لم يختر المخرج بعد ما إذا كانا يستحقان الرأفة أم لا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.