أثار موضوع استغلال الغاز الصخري في تونس تساؤلات كثيرة حول جدوى اللجوء إليه لضخ الطاقة الضرورية للنمو الاقتصادي لكن طرح هذا الموضوع لم يخل من الإشارة والحديث الصريح عن ارتباط الملف بالاستعمار الطاقي.
وبينما تصر الحكومة التونسية مدعومة بعدة أطراف عاملة في مجال الطاقة في تونس على أهمية هذه الطاقة الجديدة وآفاقها العريضة في تخفيف العجز الطاقي المتنامي والمؤثر على مختلف التوازنات المالية، فإن أطرافا أخرى قدمت قائمة طويلة من المحاذير الصحية والبيئية المرتبطة بهذه النوعية الجديدة من الطاقة.
ولمزيد دفع النقاش حول هذا الملف المعقد، نظم منتدى التميمي للبحث العلمي والمعلومات (مؤسسة بحث علمي تونسية خاصة) مؤتمرا علميا دعا له بعض المختصين والمهتمين بالطاقات البديلة وخاصة منهم المهتمين بموضوع التنقيب عن الغاز الصخري المعروف باسم «غاز السيشت» للحديث عن حقيقة مخاطر هذه النوعية الجديدة من الطاقة وحقيقة تعويضها للطاقات التقليدية ومقدار المردودية المالية والجدوى الاقتصادية المتأتية من استغلال الغز الصخري.
وفي هذا الشأن، أشارت مامية البنا وزيرة البيئة السابقة في مداخلة لها على هامش المؤتمر العلمي حول الغز الصخري، إلى أن عمليات استغلال هذا الغاز تتطلب حفر الكثير من الآبار (نحو 700 بئر) للوصول إلى الصخرة الأم وهذا ما يؤثر على الطبقة المائية لحاجة عمليات الحفر للكثير من المياه والرمال. وأضافت أن عمليات التنقيب غالبا ما تخلف كميات هامة من المواد الكيماوية والأملاح والمعادن والمواد السامة التي لا نعرف مصيرها وآثارها الصحية المحتملة.
وبخصوص تعامل وزارة البيئة التي أشرفت عليها سنة 2012، قالت البنا إنها تعاملت بكثير من الحذر والحيطة مع هذا الملف وشفت عن منح الحكومة التونسية موافقة مبدئية للتنقيب عن الغاز الصخري وكان ذلك سنة 2011. وطالبت الوزيرة السابقة على حد قولها أثناء مداخلة بالمجلس التأسيسي (البرلمان) بدراسة مستفيضة حول هذا الملف على غرار ما قامت به كندا قبل البت في مختلف تفاصيله ومنح رخص التنقيب والاستكشاف.
ومن ناحيتها أكدت فوزية الباشا المحامية لدى محكمة التعقيب والمختصة في إبرام العقود البترولية، على عدم كفاية قانون المحروقات التونسي الحالي في تغطية هذا النوع من النشاط الطاقي وقالت إن هذا القانون غير قادر على استيعاب أنشطة المحروقات البديلة والطاقات المتجددة وخاصة ما يتعلق بالتكييف القانوني للتشقق الهيدروليكي الذي تحدثه علميات الحفر. وقالت إن القانون التونسي الحالي لا يميز بين أنشطة المحروقات التقليدية مثل النفط والغاز، والطاقات البديلة على غرار الطاقة الهوائية والطاقة الشمسية وأخيرا الغاز الصخري.
ويشترط الدستور التونسي الجديد عرض كل الاتفاقيات المتعلقة بالتنقيب على المحروقات على المجلس التأسيسي (البرلمان) قبل منح الشركات أنشطة في هذا المحال أي ترخيص للتنقيب أو الاستكشاف.
على صعيد متصل، أثار مشروع قانون إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة المعروض حاليا على أنظار المجلس التأسيسي (البرلمان) حفيظة العاملين في الشركة التونسية للكهرباء والغاز (شركة حكومية) وأعلنوا تنفيذ إضراب عن العمل مدته يومان (17 و18 سبتمبر/أيلول الحالي) للاحتجاج على عدم إسقاط هذا القانون الذي يرون في تمريره عبر المجلس التأسيسي (البرلمان) مدخلا لخوصصة قطاع إنتاج الكهرباء ومن ثم الإعداد للتخلي عن آلاف العمال الناشطين في الشركة. وتوفر الشركة التونسية للكهرباء والغاز قرابة 13 ألف تونسي بين كوادر وأعوان وهي تستحوذ على كامل أنشطة إنتاج الكهرباء في تونس.
ويمكن مشروع هذا القانون المؤسسات الخاصة من إنتاج حاجتها من الكهرباء وضخ الفوائض المنتجة إلى شبكة الشركة التونسية للكهرباء والغاز وبيعها بمقابل.
وتعاني تونس من انخرام ميزان الطاقة لديها فقد سجل خلال النصف الأول من السنة الحالية تراجعا بنحو 18 في إنتاج الغاز الطبيعي، و50 في المائة على مستوى إنتاج النفط كما تقلص مقدار الإتاوة الموظفة على الغاز الجزائري المتجه إلى إيطاليا عبر تونس بنحو 45 في المائة.
جدل في تونس حول مخطط حكومي للتنقيب عن الغاز الصخري
إضراب في شركة الكهرباء بسبب مشروع قانون لإنتاجها من الطاقات المتجددة
جدل في تونس حول مخطط حكومي للتنقيب عن الغاز الصخري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة