السعودية: خبراء الذهب يستبعدون نزول الأونصة إلى 1100 دولار

يراهنون على عودة موجة الارتفاع العالمي.. وعدوا الفترة الحالية فرصة للشراء

هبطت أسعار الذهب بنحو 6.5 في المائة خلال شهر واحد فقط («الشرق الأوسط»)
هبطت أسعار الذهب بنحو 6.5 في المائة خلال شهر واحد فقط («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: خبراء الذهب يستبعدون نزول الأونصة إلى 1100 دولار

هبطت أسعار الذهب بنحو 6.5 في المائة خلال شهر واحد فقط («الشرق الأوسط»)
هبطت أسعار الذهب بنحو 6.5 في المائة خلال شهر واحد فقط («الشرق الأوسط»)

رغم هبوط سعر الذهب إلى أدنى مستوياته لهذا العام في نهاية الأسبوع الماضي، فإن خبراء الذهب في السعودية يبدون تفاؤلهم بأن المعدن النفيس يمر - حاليا - بمرحلة سعرية تصحيحية، ترقبا لعودة موجة جديدة من الارتفاعات، مستبعدين خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن تنزل الأونصة إلى 1100 دولار، بعد أن كسرت حاجز 1227 دولار للأونصة قبل أيام.
يأتي ذلك بعد أن هبطت أسعار الذهب بنحو 6.5 في المائة خلال شهر واحد فقط، في حين تسود بعض التوقعات بأن تهوي أسعار الذهب لتحقق أرقاما متدنية جديدة، وهو ما يستبعده خبراء الذهب في السعودية، متوقعين أن يعود الذهب للارتفاع خلال الربع الأخير من العام الجاري، بحيث ينهي العام بارتفاعات سعرية جديدة، وهو ما يرونه يعزز من كون الأسعار الحالية تعد مغرية للراغبين في الادخار والاستثمار.
ويرى زياد محمد جمال فارسي، عضو غرفة مكة ونائب شيخ الجواهرجية بمكة، أن أسعار الذهب مقبلة على ارتفاعات، مرجعا ذلك لأسباب عدة، من أبرزها الطلب المتنامي على شراء الذهب (خاصة من الصين)، قائلا: «الذهب غالبا هو الملاذ الآمن لأي مستثمر، سواء على صعيد الدول أو محافظ البنوك أو كبار المستثمرين، لذا لا بد أن ننظر إلى الأسباب التي أدت إلى نزول أسعار الذهب في هذه الفترة، فعندما كانت أسواق الأسهم العالمية في هبوط، سيّل أصحاب رؤوس الأموال الكبرى محافظهم ومن ثم اشتروا الذهب، وهذا أدى بدوره لارتفاع أسعار الذهب خلال السنوات الماضية».
وتابع فارسي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «في الأشهر الأخيرة، بدأت أسواق الأسهم العالمية بالتعافي وعادت للانتعاش، ومن كانوا قد سيّلوا محافظهم لشراء الذهب باعوا الذهب للدخول في أسواق الأسهم، وهذا ساهم في نزول أسعار الذهب في الأشهر الماضية».
وأضاف: «لو نظرنا للذهب كسلعة، فهو سلعة مطلوبة ومرغوبة، لذا أعتقد أن الوضع الحالي لنزول أسعار الذهب هو أمر مؤقت، والذهب مقبل على ارتفاعات جديدة، لكن من الصعب التنبؤ بحجم هذا الارتفاع ونسبته، إلا أننا نتوقع أن يكون هناك ارتفاع واضح في الربع الأخير من السنة (الثلاثة أشهر المقبلة)».
وبسؤال فارسي إن كانت الفترة الحالية مناسبة للشراء على ضوء توقعاته المتفائلة، أجاب «أرى أن الأسعار الحالية للذهب تجعل الفرصة مواتية للشراء، فالذهب دائما هو سلعة استثمارية على المدى الطويل، ومن يستثمر على المدى القصير أو بشكل مؤقت فهذا يعود لوجود قنوات استثمارية أخرى يستطيعون الدخول فيها، لكن ربما يرون أن الوقت غير مناسب، لذا يوجهون أموالهم لشراء الذهب، وأستطيع القول إن الذهب هو استثمار طويل المدى، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل أيضا بالنسبة للبنوك والدول التي تطلب كميات كبيرة من الذهب سواء للاستهلاك أو للخزن الاقتصادي».
واتفق معه أحمد الشريف، عضو اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة في مجلس الغرف السعودي، قائلا: «قد يواصل الذهب نزوله، لكن وصوله إلى 1100 دولار للأونصة أمر مستبعد وصعب، علما بأن هبوط الأسعار في هذا الوقت أمر طبيعي من حيث الارتفاع والنزول»، وأضاف: «لا توجد متغيرات عالمية حصلت تستدعي وصول الذهب لأسعار متدنية جدا».
وتابع الشريف حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حدثت زوابع عالمية، وطالما ما زالت هذه الزوابع موجودة فإن أسعار الذهب إلى ارتفاع، لأنه في حال عدم الاستقرار على مستوى العالم، فإنه يجري اللجوء للذهب على اعتبار أنه الملاذ الآمن، وطالما أن حالة عدم الاستقرار مستمرة فإن الطلب على الذهب موجود، وبالتالي ستكون هناك ارتفاعات في الأسعار أو على الأقل ستكون الأسعار مستقرة إلى حد ما».
ويشير الشريف إلى أن الذهب وصل في إحدى مراحله إلى قرابة 2000 دولار للأونصة، وهو ما يجعل الأسعار الحالية مغرية للشراء بحسب ما يرى، قائلا: «الأسعار الآن أصبحت معقولة إلى حد ما، بعد مرحلة كان مبالغا فيها جدا من حيث الأسعار، لكنها الآن تحت طاقة الأفراد الراغبين في اقتناء الذهب»، إلا أن الشريف أوصى الراغبين بشراء الذهب للادخار أو الاستثمار بأن يتريثوا حتى اتضاح الرؤية، قائلا: «إذا تبين أن الذهب استقر قليلا، فهنا ستكون فرصة جيدة للشراء، قبل عودة موجة الصعود الأخرى».
أما دانة العلمي، وهي عضو لجنة تجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة بالغرفة التجارية بجدة، فترى خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن هبوط أسعار الذهب قد يستمر، قائلة: «الذهب يتلقى ضربة قاسية ويهبط بسبب ارتفاع الدولار الأميركي ويسجل أكبر خسارة في ثمانية أشهر»، وأضافت: «الذهب سيهبط ومن له رغبة في الشراء عليه الانتظار حتى يستقر السعر عند 1100 دولار للأونصة، وبالنسبة لهبوط الذهب فهو في مصلحة المستهلك وسينعكس إيجابا مع حركة السوق السعودي».
من جهة ثانية، يبدو واضحا انعكاس هبوط أسعار الذهب الحالي على حركة مبيعات القطاع في السعودية، من حيث ارتفاع القوة الشرائية لدى الأفراد وعودة المستهلكين إلى الرغبة في اقتناء الذهب، وهو ما يؤكده أحمد الشريف، عضو اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة في مجلس الغرف السعودي، الذي قال: «رجعت الحركة لسوق الذهب السعودي».
ويضيف الشريف «كثير من التجار الذين كانوا قد خرجوا من السوق نتيجة ارتفاع سعر الذهب بنحو خمسة أضعاف ما اشتروا به خلال السنوات السابقة، وبعضهم ربما غيّر النشاط بالكامل، إلا أن هبوط الأسعار الحالي قد يجده البعض فرصة للرجوع إلى الاستثمار في سوق الذهب من جديد، في ظل تزايد الطلب على الذهب بعد انخفاض أسعاره».
وأشار الشريف إلى أن الانخفاضات القياسية في أسعار الذهب تتزامن مع اقتراب موسم الحج، قائلا: «في هذه الفترة ينتعش الطلب على الذهب، وفي ظل الأسعار الحالية فإن فرصة الشراء تكون أكبر بتكلفة مخفضة، خاصة في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، إذا ما علمنا أن ثلث مبيعات السنة من الذهب في هاتين المنطقتين يكون خلال فترة الحج».



هل سيحصل ترمب على «تريليونات الدولارات» من اليابان وكوريا لتفعيل خط أنابيب ألاسكا؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطاباً في جلسة مشتركة للكونغرس بمبنى الكابيتول في واشنطن (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطاباً في جلسة مشتركة للكونغرس بمبنى الكابيتول في واشنطن (د.ب.أ)
TT

هل سيحصل ترمب على «تريليونات الدولارات» من اليابان وكوريا لتفعيل خط أنابيب ألاسكا؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطاباً في جلسة مشتركة للكونغرس بمبنى الكابيتول في واشنطن (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطاباً في جلسة مشتركة للكونغرس بمبنى الكابيتول في واشنطن (د.ب.أ)

روَّج الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعمل إدارته على «خط أنابيب عملاق للغاز الطبيعي في ألاسكا»، في إشارة إلى جهوده لتنشيط مشروع متوقف منذ فترة طويلة بقيمة 44 مليار دولار، لنقل الغاز الطبيعي عبر الولاية وتصديره إلى الخارج.

ويُمثل هذا تحولاً كبيراً بالنسبة للمشروع الذي طال انتظاره، والذي عانى من تكاليف مرتفعة، وتحديات لوجيستية.

وقال ترمب خلال خطابه المشترك أمام الكونغرس: «تعمل حكومتي على مشروع خط أنابيب ضخم في ألاسكا من بين الأكبر في العالم، يمكن لليابان وكوريا ودول أخرى أن تكون شريكة فيه معنا (...) كل شيء جاهز»، مدعياً أنهم سوف يستثمرون «تريليونات الدولارات».

وجاءت تصريحات ترمب بعد أسابيع من المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والحلفاء الآسيويين، بهدف جذب دولارات الاستثمار واتفاقيات الإمداد لمشروع الغاز الطبيعي المسال في ألاسكا.

وكان ترمب قد أعطى الأولوية للمشروع، ووعد في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أيام من انتخابات 2024 بأنه سيضمن «بناءه لتوفير الطاقة بأسعار معقولة لألاسكا والحلفاء في جميع أنحاء العالم». كما وقَّع على أمر تنفيذي لـ«إطلاق العنان لإمكانات الموارد غير العادية في ألاسكا»، وإلغاء حماية المناخ في عهد جو بايدن، التي قيدت تطوير النفط والغاز في الولاية.

وسبق للرئيس الأميركي أن طرح مشروع خط أنابيب الغاز هذا بحضور رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا مطلع فبراير (شباط)، وأكد ترمب حينها أن اليابان تعهدت بشراء «كميات قياسية» من الغاز الطبيعي الأميركي. وأضاف: «نناقش مشروع خط أنابيب غاز من ألاسكا، وهي النقطة الأقرب» لتسليم الغاز إلى اليابان.

الرئيس الأميركي يصافح رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا في البيت الأبيض (رويترز)

وكانت وزارة الشؤون الاقتصادية في تايوان قالت في بيان إن شركة النفط والغاز العامة «سي بي سي كوربوريشن» أعربت عن «اهتمامها الكبير بالغاز الطبيعي من ألاسكا، وستواصل الشركة تقييم جدوى ذلك، وهي مستعدة لزيادة مشترياتها».

وقالت وزارة التجارة الكورية الجنوبية، الثلاثاء، إنها تجري محادثات بشأن هذا المشروع. وأفاد مسؤول في الوزارة، «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نظراً لاهتمام الولايات المتحدة الكبير، نجري محادثات نشطة، لكن حتى الآن ما من شيء ملموس يمكن إعلانه».

كذلك، تُخطط الفلبين لشراء الغاز الطبيعي المسال من ألاسكا، ويعتزم الرئيس فرديناند ماركوس الابن مناقشة الأمر مع ترمب، وفق ما قال سفير الأرخبيل لدى الولايات المتحدة، خوسيه مانويل روموالديز الشهر الماضي على منصة «إكس».

وقد أبدى الحلفاء الآسيويون اهتماماً، في الوقت الذي يبحثون فيه عن طرق لتفادي الرسوم الجمركية التي هدد بها ترمب. ويُقدم المشروع وعداً بمسافة شحن أقصر إلى آسيا من بدائل ساحل الخليج الأميركي، بالإضافة إلى تجنب قناة بنما التي شهدت اختناقات شديدة في عام 2023 بسبب الجفاف.

ما هو مشروع خط غاز ألاسكا؟

هو خط أنابيب بطول 800 ميل (1298 كيلومتراً) يربط حقول النفط في خليج برودو شمال ألاسكا، الولايات المتحدة، بالميناء في فالديز، أي أنه ينقل الغاز الطبيعي من الحقول الواقعة شمال الدائرة القطبية الشمالية إلى الجزء الجنوبي من الولاية الأميركية، والذي سيتم الشحن منه بشكل أساسي إلى اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى في آسيا.

وقال الرئيس المشارك لمجلس هيمنة الطاقة الوطنية في البيت الأبيض، وزير الداخلية دوغ بورغوم، يوم الأحد، إن خط أنابيب الغاز الطبيعي المسال سيسمح للولايات المتحدة ببيع الطاقة لحلفائها و«جمع الأموال لوزارة الخزانة الأميركية».

ويُمثل المشروع أكثر من مجرد فرصة اقتصادية، إذ إنه أداة جيوسياسية لتعزيز التحالفات بين الولايات المتحدة وآسيا للتصدي للنفوذ الروسي في أسواق الطاقة العالمية. ومع ذلك، يظل تأمين الاستثمار أمراً حاسماً لتحقيق تأثيره المحتمل على أمن الطاقة والعلاقات التجارية، فالمشروع خضع لعشر سنوات من التخطيط، ولكنه لم يجتذب بعد داعمين من الشركات الكبرى أو التمويل الخاص؛ حيث إنه يواجه رياحاً معاكسة بسبب سعره الكبير وحجمه الضخم، بما في ذلك التحدي المتمثل في بناء خط أنابيب بطول 807 أميال عبر الولاية، وفق «بلومبرغ».

أما إذا تم بناؤه، فمن المقدر أن يصدر 20 مليون طن سنوياً، ليصبح عامل تغيير محتمل في توريد الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى آسيا.

وشركة تطوير خطوط الغاز في ألاسكا هي الوحيدة التي تسعى إلى تطوير المشروع بعد انسحاب «بي بي» و«كونوكو فيليبس» و«إكسون موبيل» عام 2016، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

ويرى منتقدو المشروع أنه ما هو إلا نسخة معاد صياغتها من جهد مضى عليه عقود من الزمان ولم يكتسب أي زخم. وتشمل العقبات التكلفة -ما يُقدر بنحو 44 مليار دولار لخط الأنابيب والبنية الأساسية المرتبطة به- والمنافسة من مشروعات أخرى، والأسئلة حول جدواه الاقتصادية. وقال أحد أعضاء مجلس الشيوخ في الولاية إن ألاسكا أنفقت نحو مليار دولار على مر السنين في محاولة بناء خط الأنابيب.

وسيحتاج ترمب إلى بذل مزيد من الجهد لإقناع منتجي النفط والغاز بتعزيز الاستثمار في الولاية، إذ انخفض إنتاج النفط في ألاسكا من نحو مليوني برميل يومياً في ذروته عام 1988 إلى 426 ألف برميل يومياً في 2023، وهو أدنى مستوى منذ عام 1976، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وفي حين أن هناك مشروعين كبيرين -مشروع «ويلو» التابع لشركة «كونوكو فيليب» الذي تبلغ تكلفته 8 مليارات دولار ومشروع «بيكا» التابع لشركة «سانتوس»- قيد التطوير، فمن المتوقع أن يرفع الإنتاج إلى 650 ألف برميل يومياً فقط، وفقاً لشركة الاستشارات «وود ماكنزي».

هذا ويمثل المشروع أكثر من مجرد فرصة اقتصادية، إذ إنه أداة جيوسياسية لتعزيز التحالفات بين الولايات المتحدة وآسيا للتصدي للنفوذ الروسي في أسواق الطاقة العالمية. ومع ذلك، يظل تأمين الاستثمار أمراً حاسماً لتحقيق تأثيره المحتمل على أمن الطاقة والعلاقات التجارية.

سباق الزلاجات في أنكوريغ بألاسكا (رويترز)

مكاسب ألاسكا

هناك مكاسب لألاسكا، فمن شأن المشروع أن يفتح أسواقاً جديدة لاحتياطات الغاز الضخمة العالقة الآن في المنحدر الشمالي لألاسكا. وعلى المدى القصير، سوف يستورد المشروع الغاز الطبيعي لتزويد ألاسكا بالغاز الطبيعي، ما يعوض انخفاض الإنتاج في كوك إنليت بالولاية التي تستغلها الولاية منذ فترة طويلة.

ويدعم المشروع الآن وكالة تديرها الولاية، تدعى مؤسسة «ألاسكا» لتطوير خطوط الغاز في ألاسكا، وشركة «غلينفارن» المملوكة للقطاع الخاص، وهي شركة تقترح بناء مصنعين للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، ولكنها لم تطلق أياً منهما بعد.