مقتل مواطن أميركي يقاتل مع تنظيم «داعش» في سوريا

مقتل مواطن أميركي يقاتل مع تنظيم «داعش» في سوريا
TT

مقتل مواطن أميركي يقاتل مع تنظيم «داعش» في سوريا

مقتل مواطن أميركي يقاتل مع تنظيم «داعش» في سوريا

مثل العديد من المراهقين الذين نشأوا في الغرب الأميركي الأوسط في حقبة التسعينات، كان دوغلاس ماك أرثر ماكين من عشان فريق شيكاغو بوللز واللاعب مايكل جوردان وأحب لعبة كرة السلة كثيرا. ولكن مع تقدمه في السن، فقد اهتمامه بكرة السلة تماما بينما كان يتنقل بين مدرستين ثانويتين في ضاحية مينيابوليس. فهو لم يتخرج من التعليم الثانوي قط، وفي أواخر مرحلة المراهقة، بدأت مشاكله مع القانون. وخلال العقد الذي أعقب ذلك، ألقي القبض عليه أو استدعي إلى المحكمة تسع مرات بتهم من بينها السرقة وحيازة مخدر الماريجوانا وقيادة السيارات بدون ترخيص.
انتقل ماكين ذهابا وإيابا بين مينيابوليس وسان دييغو، ثم سافر إلى الخارج.
ويعرف المسؤولون الآن أن المطاف انتهى به إلى سوريا، حيث قبل ثلاثة أيام، أصبح ماكين أول مواطن أميركي يلقى حتفه وهو يقاتل لصالح تنظيم "داعش" في العراق وسوريا. وكان يبلغ من العمر 33 عاما.
كان المتمردون الذي قتلوه يحاربون لصالح الجيش السوري الحر، وهو جماعة منافسة تدعمها الولايات المتحدة، وقاموا بقطع رؤوس ستة من مقاتلي تنظيم "داعش" – ليس من بينهم السيد ماكين – ثم نشروا صورهم على إحدى صفحات موقع "الفيسبوك".
قدم مقتل ماكين رؤية جديدة للسلطات الأميركية، حيث تحاول معرفة المزيد عن تنظيم "داعش" وتحديد هوية المواطنين الأميركيين الذين انضموا له وتعهدوا بإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وتأسيس ما يسمى بـ"الخلافة الإسلامية"؛ وهي إشارة على أن تنظيم "داعش"، في هذه المسألة على أقل تقدير، مستعد لاستخدام المواطنين الأميركيين في ساحة المعركة بمنطقة الشرق الأوسط بدلا من إرسالهم مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لشن الهجمات هناك، كما كان يخشى المسؤولون الغربيون.
يقول ريتشارد باريت، وهو مسؤول سابق لدى جهاز الاستخبارات البريطاني ويشغل حاليا منصب نائب رئيس مجموعة صوفان للاستشارات الأمنية في نيويورك "تلك الحادثة، تؤكد أن المقاتلين الأميركيين ومن المفترض أيضا غيرهم من المقاتلين الأجانب مستعدون لتنفيذ الهجمات حيثما يوجههم تنظيم داعش. وبعض تلك الهجمات، سوف تستهدف قوات الرئيس بشار الأسد في سوريا، ولكن ليس جميعهم. إنهم في طريقهم للانضمام إلى داعش، وليس للقتال من أجل مستقبل سوريا".
وخلال الأسابيع الأخيرة، أصبح تنظيم "داعش" واحدا من أكبر مصادر القلق لدى هيئة الأمن القومي في إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما.
وجاءت أنباء مقتل ماكين وسط حالة من الغضب الشعبي إثر قطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي؛ وهي الحادثة التي زادت من حدة الإلحاح على مشاورات إدارة الرئيس أوباما من أجل توسيع الحملة الجوية الأميركية ضد تنظيم "داعش" في سوريا.
وقد وصف كبار المسؤولين في الإدارة وكبار رجال القانون تنظيم "داعش" بأنه واحد من أخطر التهديدات التي واجهتها الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر(ايلول) عام 2001 من قبل تنظيم القاعدة، ويعتقد البعض أن تنظيم "داعش" مصمم على مهاجمة الولايات المتحدة.
قال المسؤولون الأميركيون يوم الثلاثاء، إن مسألة ماكين سلطت الضوء على صعوبة تحديد هوية المواطنين الأميركيين الذين يرغبون في السفر إلى سوريا للقتال إلى جانب المسلحين.
وعندما واجهت الولايات المتحدة مشكلة مماثلة مع الصوماليين منذ عدة سنوات، كان من السهل على السلطات تحديد هوية أولئك الذين يرغبون في السفر إلى هناك للقتال، نظرا لأن ذلك الصراع غالبا ما يجتذب الشباب الصومالي. ويقطن الصوماليون في مدن قليلة ومعروفة في الولايات المتحدة.
ليس من الواضح كيفية تجنيد ماكين من قبل تنظيم "داعش" وكيفية سفره إلى سوريا. وطبقا لصفحته على موقع "الفيسبوك"، فإنه قد سافر إلى كندا ثم إلى السويد العام الماضي. وقد حاول الكثير من المواطنين الأميركيين والأوروبيين الذين انتهى بهم الأمر في سوريا قد أخفوا مقصدهم النهائي عن طريق العبور من دول أخرى قبل التوجه إلى تركيا وعبور الحدود المليئة بالثغرات هناك إلى سوريا.
وتوفر تدوينات ماكين على موقع "تويتر"، حيث اتخذ لنفسه اسم ديوالي خالد، أدلة حول توجهاته الفكرية؛ ففي إحدى الرسائل من شهر ديسمبر (كانون الأول) قال فيها إن فيلم "المساعدة"، والذي يدور حول الخادمات من ذوي البشرة السوداء في الجنوب، جعله يكره الناس البيض. وكان في مدونات أخرى يستخف بالصوماليين والشواذ.
وقد أصدرت إدارة الرئيس أوباما بيانا يوم الثلاثاء أكدت فيه وفاته.
وقعت المعركة التي قتل فيها ماكين في شمال مدينة مارع، حيث يتقاتل تنظيم "داعش" مع المتمردين من أجل السيطرة على المدينة في الأسابيع الأخيرة، وفقا لأعضاء تابعين للجيش السوري الحر.

* خدمة "نيويورك تايمز"



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.