المستثمرون يعودون بـ«انتقائية» إلى الأسواق الناشئة... والتفاؤل غالب

بعدما هجروها بهلع في 2018

عادت الأسواق الناشئة إلى الانتعاش منذ بداية 2019... بعد عام عاثر (رويترز)
عادت الأسواق الناشئة إلى الانتعاش منذ بداية 2019... بعد عام عاثر (رويترز)
TT
20

المستثمرون يعودون بـ«انتقائية» إلى الأسواق الناشئة... والتفاؤل غالب

عادت الأسواق الناشئة إلى الانتعاش منذ بداية 2019... بعد عام عاثر (رويترز)
عادت الأسواق الناشئة إلى الانتعاش منذ بداية 2019... بعد عام عاثر (رويترز)


بعد سنة قاسية فقد خلالها مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة في 2018 نحو 17 في المائة، وهو أسوأ أداء منذ 2011، عادت تلك الأسواق مع بداية هذا العام إلى الانتعاش وحقَّقَت ما تحققه الأسواق المتقدمة تقريباً. وسجّلت منذ بداية العام حتى الأسبوع الحالي صعوداً بنسبة 7.9 في المائة، مقابل 9 في المائة للأسواق المتقدمة. ويؤكد محللو الأسواق المالية أن صعود المؤشرات لن يتوقف لعدة أسباب.
ففي بداية 2018 اقترب مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة من ذروة قياسية كان وصل إليها في 2007، ثم هبط بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 27 في المائة متأثراً بالحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهبوط أسعار صرف الدول الناشئة في الصيف الماضي لعدة مبررات ليس أقلها ارتفاع الفائدة الأميركية، إذ صعدت عوائد سندات العشر سنوات إلى 3.24 في المائة في أكتوبر الماضي.
آنذاك خافت الأسواق من التشدد النقدي للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)... لكن المخاوف تبددت نسبياً وهبطت عوائد تلك السندات لتستقر حالياً عند 2.69 في المائة.
وغيَّر الاحتياطي الفيدرالي لهجته، وتقدم لديه خطاب الصبر والتروي على اتجاه الاستمرار في وتيرة رفع الفائدة، فتنفَّست الأسواق الناشئة الصعداء نسبياً. يُذكر أن ديون تلك الدول ارتفعت 40 في المائة في 10 سنوات وفقاً لمعهد التمويل الدولي. فعندما ترتفع الفائدة ويشح تدفق السيولة تزداد كلفة فوائد ديون الأسواق الناشئة، ما يلقي بظلاله على ميزانيات تلك الدول وينعكس سلباً على أسواقها المالية. كما أن ارتفاع الفائدة يدفع المستثمرين إلى إعادة الأموال إلى الولايات المتحدة هرباً من بعض الأصول الخطرة في الأسواق الناشئة.
وتشير المصادر المتابعة إلى أن تريث الاحتياطي الفيدرالي سمح بعودة أموال واستثمارات إلى الأسواق الناشئة حيث وجدت ضالتها في بعض الأصول المالية مثل الأسهم والسندات. في المقابل هناك تحذير من سوء فهم ما يريده الاحتياطي الفيدرالي، لأن التروي في رفع الفائدة لا يعني أن «الفيدرالي» سيتوقف ويلغي زيادات كانت مبرمجة لهذه السنة. فعند عودة الفوائد إلى الارتفاع سيتعزز الدولار وقد تدفع عملات بعض الأسواق الناشئة ثمناً في المقابل. لكن المتفائلين يعتمدون على إمكان تباطؤ الاقتصاد الأميركي ما يعزز عودة استثمارات كانت هجرت الأسواق الناشئة.
وتشير المصادر المالية إلى أن الصناديق المستثمرة في الأسهم الناشئة زادت توظيفاتها بواقع 16 مليار دولار منذ أول يناير الماضي. والأسبوع الماضي وحده سجل دخولاً صافياً بمبلغ 2.5 مليار دولار، وهو رقم يؤكد متخصصون أنه الأعلى منذ 5 سنوات.
وكان الاستطلاع الشهري لـ«بنك أوف أميركا - ميريل لنش» أكد أن مديري الصناديق الدولية يعودون إلى الرهان على الأسواق الناشئة، إذ زاد انكشافهم عليها بعدما كانوا منغمسين في رفع استثماراتهم في أسهم شركات التكنولوجيا والإنترنت وتقنيات المعلومات الأميركية منها والصينية. ويقول مدير صندوق دولي إن الهبوط المسجّل في 2018 أورث فرصاً في بعض الأصول التي باتت مقيمة بأقل من أسعارها العادلة.
في المقابل، فإن تباطؤ الاقتصاد الصيني بات مقلقاً أكثر مع تهديدات الحرب التجارية التي يطلقها دونالد ترمب بين الحين والآخر. فالمحرك الأول للنمو الصيني هو الصادرات، فإذا بها تنخفض 4.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وصعودها النسبي في يناير الماضي كان بفعل عوامل موسمية غير مستدامة. والمحرك الثاني هو الاستهلاك الذي يتباطأ أيضاً. ففي عام 2018 ارتفع البيع بالتجزئة 9 في المائة فقط، أي بأدنى نسبة منذ 15 عاماً.
وأكد مصدر في وزارة التجارة الصينية أن التباطؤ قد يستمر في 2019 أيضاً لأن ثقة المستهلك تأثرت بمخاوف اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة الأميركية. لكن رغم كل ذلك فإن «العجلة تدور»، وفقاً لمصادر متخصصة بالسوق الصينية، لأن سلطات بكين لا تدخر جهدا إلا وتبذله لتهدئة المخاوف، وترسل إشارات إيجابية إلى الأسواق وتواصل جهود الانفتاح الاقتصادي... وبالتالي تبقى الصين محط أنظار المستثمرين الدوليين.
وسيزداد ذلك بقوة عندما تتوصل واشنطن وبكين إلى اتفاق تجاري يجنب العالم ويلات الحرب التجارية المفتوحة على تداعيات دولية لا يريدها أحد في أي مكان في العالم.
ويضيف المراقبون أن الاستطلاع الأخير لـ«بنك أوف أميركا - ميريل لينش» أظهر أن مديري الصناديق متفقون على أن الأسعار في الأسواق الناشئة مغرية حالياً، وأنها سترتفع في مدى الأشهر الباقية من 2019، استناداً إلى توقعات لصندوق النقد الدولي تشير إلى جملة عوامل أبرزها أن أرباح شركات الاقتصادات الناشئة سترتفع في العام الحالي نحو 4.5 في المائة، مقابل 2 في المائة فقط العام الماضي... هذا إذا لم يحصل تباطؤ على مستوى الاقتصاد العالمي ككل.
وتوقع صندوق النقد الدولي لمجموعة الاقتصادات الناشئة والصاعدة، أن تسجل نمواً اقتصادياً بنسبة 5 في المائة في 2019 و2020، بينما كانت نسبة نموها 4.7 في المائة في 2018.
وعلى الرغم من النظرة المتفائلة عموماً، فإن فروقات إقليمية تظهر هنا وهناك في ارتفاع الأسواق المالية الناشئة منذ بداية العام. فالأعلى مسجل في البرازيل وروسيا والهند والسعودية ومصر، والأدنى في المكسيك وتركيا والصين والفلبين وجنوب أفريقيا. ويعني ذلك بالنسبة لمؤشرات الأسواق الناشئة أن عودة الأموال ستحصل بشكل انتقائي، كما أكد مدير صندوق عالمي متخصص بهذه الأسواق.


مقالات ذات صلة

ما أسباب عمليات البيع المكثفة في «وول ستريت»؟

الاقتصاد متداوِل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

ما أسباب عمليات البيع المكثفة في «وول ستريت»؟

شهدت أسواق الأسهم في مختلف أنحاء العالم خسائر حادة بعد موجة بيع في الولايات المتحدة أثارها رفض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، استبعاد احتمال الركود.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بنك هانا في سيول بكوريا الجنوبية (وكالة حماية البيئة)

الأسواق العالمية تواصل خسائرها لليوم الثاني

واصلت الأسواق العالمية خسائرها لليوم الثاني على التوالي، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن صحة الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد شاشات التداول داخل بهو بورصة لندن للأوراق المالية (رويترز)

الأسهم البريطانية تتراجع وسط مخاوف النمو العالمي والرسوم الجمركية الأميركية

واصلت الأسهم البريطانية تراجعها، يوم الاثنين، متأثرة بالمخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ النمو العالمي وحالة عدم اليقين المحيطة بالسياسات الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

المستثمرون يطلبون وضوحاً بشأن الرسوم الجمركية من إدارة ترمب

أثارت الإعلانات المتذبذبة حول الرسوم الجمركية حالة من الارتباك في «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

تراجع الدولار مع تزايد المخاوف بشأن النمو الأميركي وترقب بيانات الوظائف

تراجع الدولار الأميركي يوم الجمعة ليقترب من أدنى مستوى له في أربعة أشهر، في ظل تزايد القلق بشأن آفاق النمو في أكبر اقتصاد في العالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

مصر تحصل على دعم فوري من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.2 مليار دولار

خباز مصري يجهز طلبية كنافة (أ.ف.ب)
خباز مصري يجهز طلبية كنافة (أ.ف.ب)
TT
20

مصر تحصل على دعم فوري من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.2 مليار دولار

خباز مصري يجهز طلبية كنافة (أ.ف.ب)
خباز مصري يجهز طلبية كنافة (أ.ف.ب)

أعلن صندوق النقد الدولي أن مجلسه التنفيذي أكمل المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري المدعوم من ترتيب تسهيل الصندوق الممدد، والذي يمّكن السلطات المصرية من سحب نحو 1.2 مليار دولار (922.87 مليون وحدة حقوق سحب خاصة) فوراً.

كما وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب السلطات للحصول على ترتيب بموجب تسهيل المرونة والاستدامة، مع إمكانية الوصول إلى نحو 1.3 مليار دولار (مليار وحدة حقوق سحب خاصة). كما اختتم المجلس التنفيذي مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 مع مصر.

وكان وزير المالية المصري أحمد كجوك، أعلن الاثنين، أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أقر المراجعة الرابعة لبرنامج التمويل لمصر التي تقدر بـ1.2 مليار دولار، في خطوة إيجابية تعزز ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصري.