عمليات حسابية.. زوايا منحنية.. موجة جديدة في عالم المجوهرات

فن العمارة يلهم جيلا جديدا من المصممين

 من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»  -  خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله  -  برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت» - خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله - برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
TT

عمليات حسابية.. زوايا منحنية.. موجة جديدة في عالم المجوهرات

 من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»  -  خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله  -  برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»
من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت» - خاتم من الإيرانية ليلى عبد الله - برج النادي بدبي من أعمال المصمم والمعماري أندريه مييرهانز صاحب ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت»

جريئة، لافتة، قوية ومبتكرة، هذا أقل ما يمكن أن يقال عن قطع المجوهرات التي تطالعنا هذه الأيام، ويبدو أغلبها مستوحى إما من فن الباروك أو من فن العمارة. المقصود هنا ليس قطعا نراها في المتاحف أو الغاليريهات أو المزادات، بل مجوهرات للاستعمال اليومي تشد العين وتغني عن قطع كلاسيكية. أبطال هذه الموجة الجديدة مصممون شباب يريدون أن يتميزوا عن باقي البيوت الكبيرة، مثل «كارتييه» أو «بياجيه» أو «فان كليف أند أربلز» وغيرهم، لسبب واضح ومهم وهو أنهم يعرفون مسبقا أن المنافسة لن تكون في صالحهم في حال قدموا تصاميم مشابهة. فالمرأة تشعر بالأمان مع هذه البيوت وتربط بينها وبينهم علاقة ولاء قديمة. الوصفة التي اعتمدوها هي طرح أشكال فريدة، ليس بالضرورة أن تكون مرصعة لكنها لا تقل قيمة. الانطباع الذي تخلفه هذه التصاميم الفنية عموما والهندسية خصوصا وكمها الهائل، أننا نعيش ولادة موجة جديدة في عالم تصميم المجوهرات، تشبه تلك التي شهدها القرن الماضي عندما ظهرت موجة الآرت ديكو، وهو أمر يدخل السعادة على النفس، لأننا نحتاج إلى المزيد من الابتكار من زاوية جديدة.
بعد خروج المصمم جون غاليانو من دار «ديور»، ودخول البلجيكي راف سيمونز إليها، شعرت الأغلبية أن وجه الموضة سيتغير. وبالفعل اختفى الأسلوب الدرامي الذي عودنا عليه الأول، وحل محله أسلوب أكثر هدوءا بخطوط أنيقة، لكنها بسيطة مقارنة بذلك التأثير السريالي الذي كانت تخلفه عروض وأزياء غاليانو، مما انعكس على باقي مجالات الإبداع من إكسسوارات ومجوهرات. لكن وقبل أن نلتقط أنفاسنا ونبدأ بالتفاعل مع الأسلوب الجديد، فاجأنا الجيل الجديد من مصممي المجوهرات بتصاميم هندسية، لو كان غاليانو مهتما بالمجوهرات لشككنا أنها من بنات أفكاره. والنتيجة أنهم أعادونا إلى زمن الأحجام الكبيرة، وأيقظوا الأحلام التي كادت تختفي بسبب واقعية الخطوط المحسوبة.
مجوهرات متوهجة بألوانها، مبتكرة في تصاميمها، إن لم تستحضر درامية غاليانو، التي كانت تتجسد في فساتينه الفخمة ذات الطيات المتعددة والزوايا المتماوجة، فإنها حتما تعيد إلى الذهن ثورة إيف سان لوران، وتحديدا عندما قدم للمرأة التوكسيدو بعد أن أنثه لها، ليصبح من القطع الأساسية لهذا الموسم، رغم أنه وُلد في الستينات من القرن الماضي. فالأحجام، والزوايا الحادة، أو عدم وجود أي زوايا، بحيث يستحضر أسلوب المعمارية زها حديد، كلها أشكال تجعلك تتساءل ما إذا كانت للاستعمال اليومي أم للعرض في المتاحف. لكن معظم مبدعيها يدافعون بالقول إن المجوهرات أصبحت جزءا من الموضة، مما يحتم طرح تصاميم تُستعمل في كل المناسبات، لا سيما بعد أن تغيرت الخارطة الشرائية، وأصبحت للمرأة الإمكانيات لشراء كل ما يروق له ويتماشى مع أسلوب حياتها، عوض أن تنتظر مناسبة مهمة تتلقى فيها هدية تقليدية مرصعة بالأحجار الثمينة، لا يمكنها أن ترتديها سوى في المناسبات الكبيرة جدا. فهذه المرأة ترغب في التعبير عن شخصيتها واستقلاليتها وثقتها بنفسها من خلال تصاميم لافتة لكل المناسبات، وهذا ما قدمه لها الجيل الجديد من المصممين، فأغلبهم يتمتعون بعمق ثقافي وتاريخي وبفنية عالية، كما تأثروا بالفن المعماري، إن لم يتخصصوا فيها بالأساس. فنحن لا نتحدث هنا عن المعماريين الذين تعاونوا مع بيوت مجوهرات عالمية في مجموعات محددة مثل «فرانك غيري» و«تيفاني» أو «زها حديد» و«كاسبيتا»، وغيرهم، بل عن معماريين أصبحت لهم ماركات خاصة ومسجلة، أثبتوا أن لهم القدرة على الإبداع بأسلوب لا يقدر عليه غيرهم. فالنظرة إلى الأحجام والقدرة على خلق توازن بينها من خلال عمليات حسابية دقيقة، من اختصاصهم. أكبر مثال على هذا المصمم والمعماري السويسري المقيم بدبي أندريه ماييرهانز، مؤسس ماركة «ماريو أوبولدي جويلري آرت». فهو يصوغ أشكالا هندسية لافتة بالذهب، تحاكي التحف الفنية في خطوطها، مستوحيا الكثير من الخطوط من فن العمارة الإسلامي، بما في ذلك المشربيات.
يقول أندريه إن تحول أي مهندس معماري إلى تصميم المجوهرات ليس بالعملية السهلة «فرغم أن مبادئ التصميم واحدة، مما يعطي الانطباع بأنه من السهل تطبيقها في قطعة مجوهرات صغيرة، فإن التقنيات والمواد المستعملة تحتاج إلى خبرات مختلفة، وتعامل جديد بالكامل. وربما هذا ما يجعل بعض المعماريين يتعاونون مع بيوت أزياء عالمية من خلال مجموعات محدودة عوض التفرغ للمجوهرات، خصوصا أن المردودية تكون بطيئة».
نظرة إلى أعماله تؤكد أنه يعمل بعقلية المعماري، فهي منحوتة بشكل دقيق تحاول، إلى حد ما، أن تلعب على مساحة أو فضاء ما. كما أنها بخطوط هندسية واضحة ومريحة للعين، سواء كانت من الذهب أو الفضة. تفاصيلها أيضا محددة يتلاقى فيها الشاعري بالمحسوب، حسبما يشرح أندريه، مضيفا أن «الشكل الذي استلهم منه يكون أحيانا تصورا تجريديا يحافظ على الأساسيات، لكنه يفتح مجالا للخيال، وهذه سمة ترتبط بالفن المعماري عموما».
بيد أنه ورغم الصعوبات التي تعترض طريق المعماريين الشباب الذي دخلوا مجال المجوهرات، فإن إغراءها أكبر من أن يحبطهم أو يجعلهم يعزفون عنها. فهم من جيل يعرف أنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من الموضة، وجزءا من الحياة اليومية، بغض النظر عن الأشكال والأحجام. مقابل هؤلاء، نجد أيضا عددا من المصممين الذي دخلوا المجال، بعد أن عاينوا إقبال المرأة على إكسسوارات من بيوت أزياء كبيرة تقدر بالآلاف، رغم أنها ليست من الذهب ولا حتى من الفضة. إلى جانب دار «برادا» التي تطرح قلادات تبدأ من 995 جنيها إسترلينيا و«شانيل» التي تقدم أساور تقدر بـ1120 جنيها إسترلينيا، هناك آخرون لا يتوقفون عن صياغة قطع إكسسوارات بأسعار المجوهرات، رغم أنها من خامات غير كريمة أو ثمينة. التحدي أمام الجيل الجديد من المصممين المعماريين أن يتميزوا، حتى يتمكنوا من جذب الشرائح المدمنة على الأسماء العالمية والتصاميم المضمونة إليهم. وبالفعل نجحوا في استقطاب شريحة مثقفة من النساء، أكثر ثقة بالنفس وتفهما لخبايا الموضة. شريحة لم تعد تقبل بالمضمون والسهل، وتطلب تصاميم تتضمن عمقا ثقافيا وفكريا، تشد العين ودائما وراءها قصة مثيرة.
تقول المعمارية دينا كمال، التي أطلقت منذ بضع سنوات، خط مجوهرات بدأ بمجموعة خواتم من الذهب بخطوط بسيطة، أن المسألة بالنسبة للمعماري ما هي إلا «وجه من وجوه التصميم المتعددة، سواء كانت تصميم بناية أو ملعقة أو كرسي أو خاتم». وتتابع: «بالفعل أصبح تحول المعماريين إلى تصميم المجوهرات شبه موضة أو ظاهرة، وبرأيي فإن الخبرة المعمارية تعطينا دعما قويا مقارنة بالمصممين التقليديين، لأن التعامل مع الخامات يأخذ منحى مختلفا وجديدا». وتنكر دينا كمال أن يكون السبب ماديا، لأن مردودية المجوهرات ضعيفة في البداية على الأقل، مما يجعل الاعتماد على الأعمال المعمارية مهمة لدعم جانب المجوهرات الذي تعشقه وتجد فيه فضاء واسعا لإخراج الكثير من الطاقات الإبداعية الدفينة بداخلها. أما الذين يحققون الربح، برأيها، فهم الصاغة الذين يستعملون الأحجار الكريمة، لأنها أغلى وتبقى استثمارا، ومع ذلك توضح أن الاعتماد على الأحجار الكبيرة الحجم تؤثر على التصميم، وتجعله يتوارى إلى المرتبة الثانية. في المقابل، فإن المعماري يعتمد على التصميم أولا، الأمر الذي يعني أن القطعة غير المرصعة تتطلب جهدا أكبر لتأتي بشكل مرغوب ومختلف، يمكن أن ينافس الأحجار الكريمة.
ربما يكون هذا الرأي صحيحا فيما يتعلق بالبيوت العريقة والكلاسيكية التي تتقيد بإرثها، ولا تريد الخروج عنه لأنه بات وصفة ناجحة، لكنه لا ينطبق عن بعض الصاغة المتمردين على كل ما هو تقليدي.
خبير الأحجار الكريمة تيتو بيدريني، واحد منهم، حيث أخذ على عاتقه تقطيع الأحجار بأشكال مكعبة أحيانا، لكي يعطي للقطعة بعدا ثلاثيا لم يكن يتصوره أحد من قبله. فالتقطيع يصبح هنا حالة فنية، وربما هذه المجادلة هي التي أنعشت الموجة الجديدة، وإن كان البعض يشير إلى أن الفضل في انتعاشها يعود إلى الموضة وتوجهاتها العصرية، بدليل أنها عانقت، وبقوة، في المواسم الأخيرة التصاميم الهندسية ذات الخطوط المحددة أو الانسيابية، ولمست وترا حساسا بداخل امرأة تريد أن تنعتق من الأشكال التقليدية والكلاسيكية وتعبر عن جوانب دفينة من شخصيتها. بيد أن الملاحظ أنه إذا كانت هذه الفنية سهلة فيما يتعلق بالأزياء، بحكم أن الأقمشة أكثر مرونة، فإنها معقدة بالنسبة للمجوهرات، لما تتطلبه من دقة في التعامل مع مواد صلبة، إضافة إلى تلخيص تصورات كبيرة في أحجام صغيرة يمكن أن تزين المعصم أو الإصبع. بعض هذه التصورات تكون طموحة ولا يمكن تنفيذها من الناحية التقنية، لكن عندما تتحقق فإن النتيجة تكون أشكالا لافتة يمكن أن تغني عن كثير من القطع الأخرى.
تقول المصممة جوليا موغنبورغ، صاحبة ماركة «بلماكس» التي يوجد محلها مقابل فندق «كلاريدجز»، وتجمع دائما الفني الذي يعبر عن ثقافة ما، بأنها تستلهم كثيرا من المعمار، سواء القديم أو الحديث. تشرح بأن «الخواتم مهمة بالنسبة لي، ويجب أن تكون مثالية من حيث معانقتها بالأصابع إلى حد تبدو فيه وكأنها تحميها، لهذا أركز على الأحجار وعلى المساحات المسطحة لكي أخلق أشكالا مثيرة. فكل خاتم بالنسبة لصاحبه بمثابة تعويذته التي يتفاءل بها ويرتاح إليها».
وتضيف جوليا أنه لا حدود لفن العمارة، فكل ثقافة وحضارة تفننت فيه، ببناء بيوت أو عمارات تعبر عن طموحاتها والصورة التي تريد أن تعكسها للغير.. «وفي الغالب تكون هذه البنايات مثيرة وساحرة من وجهات نظر فلسفية وجمالية تلهم المجوهرات. فهذه الأخيرة يجب أن تخضع لنفس المعايير، وتعبر عن هذه الطموحات بشكل أو بآخر، لأن التصميم الجميل وحده لا يكفي، وليس خيارا، بالنسبة لي، فالتحدي هو أن أعبر عن مفاهيم كبيرة في أحجام صغيرة يكون تأثيرها قويا في تحسين مزاج صاحبها».
لا تختلف ليلى غابرييلا، البرازيلية الأصل، عن جوليا موغنبورغ كثيرا؛ فهي مصممة أخرى تبنت الأشكال المنحوتة وكأنها مشاريع معمارية مصغرة. أهم ما يشدك إليها أنها معاصرة ومثيرة في الوقت ذاته، لن تروق فقط لامرأة شابة، بل أيضا لامرأة ناضجة تميل إلى الاستثمار، فالخواتم مثلا تتلوى وتدور حول نفسها بشكل حلزوني ينساب بنعومة لتعانق الأصابع بشكل مريح رغم حجمها الكبير. ويذكر أن ليلي ولدت في وسط بورجوازي محاطة باللوحات الفنية والفنانين والمصممين الذين كانوا أصدقاء العائلة، من هيبار جيفنشي إلى ألبير إلبيز، لهذا تعرف جيدا أهمية الموضة وتأثيراتها، كما تفهم قيمة الفن واستمراريته وضرورة أن يتكلم لغة العصر. ولا تنكر اهتمامها بالهندسة المعمارية وإعجابها بأعمال كل من فرانك غيري وزها حديد. وربما هذا ما يجعل تأثير هذه الأخيرة على أعمالها واضحا في انسيابيتها وانعدام الزوايا فيها.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.