وصل عشرات من المحققين الدوليين للمرة الأولى أمس إلى موقع تحطم طائرة الركاب الماليزية لتحديد أسباب الكارثة رغم مواجهات جديدة في شرق أوكرانيا أوقعت 14 قتيلا. وبين القتلى عشرة جنود مظليين أوكرانيين على الأقل سقطوا الليلة قبل الماضية في معارك بين القوات الأوكرانية وانفصاليين في منطقة شاختارسك بشرق أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية أوليكسي دميتراشكيفسكي أمس «هناك أربع جثث لم يتم التعرف إليها بعد وقد تكون جثث جنود أوكرانيين أيضا أو جثث إرهابيين». وكانت هيئة أركان القوات الأوكرانية أعلنت في وقت سابق من ذلك تعرض قوة تابعة لها لـ«كمين» نصبه انفصاليون في هذه البلدة الواقعة على مسافة نحو 25 كلم من موقع تحطم الطائرة الماليزية.
وبعد أكثر من أسبوعين على تحطم الطائرة الماليزية التي أصيبت بصاروخ أثناء رحلتها بين أمستردام وكوالالمبور وعلى متنها 298 شخصا في 17 يوليو (تموز) الماضي، لا يزال حطام الطائرة وبعض الأشلاء في المكان. وتمكنت مجموعة صغيرة من الخبراء الهولنديين والأستراليين من الوصول إلى موقع تحطم الطائرة للقيام بمهمة استطلاع بعدما لم يتمكنوا من ذلك على مدى عدة أيام. ووصلت مجموعة من 70 خبيرا هولنديا وأستراليا مع مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا «وهي المجموعة الأكبر» إلى موقع تحطم الطائرة أمس. وذكرت وزارة العدل الهولندية في بيان أمس أنه في حال «عثر المحققون على أشلاء بشرية فستنقل على الفور». وكان الصندوقان الأسودان سلما إلى مجموعة مكلفة التحقيق وأرسلا إلى بريطانيا لتحليل معطياتهما. وبحسب كييف، فإن المعلومات الأولى أشارت إلى انفجار قوي يشبه انفجار صاروخ انشطاري وهو ما لم يؤكده المحققون في هذه المرحلة.
وبدأت أيضا بعثة من الشرطة الهولندية والأسترالية أمس انتشارها في موقع تحطم الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا الخاضع لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا. وبهدف ضمان أمن الموقع، صادق البرلمان الأوكراني أول من أمس على إرسال ما يصل إلى 950 عنصرا من القوات المسلحة الهولندية والأسترالية. وأعلنت الرئاسة الأوكرانية بعد محادثات بين الرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو ورئيسي وزراء هولندا مارك روتي وأستراليا توني أبوت أن «مهمتهم نجحت وعادوا إلى مكان آمن».
وتزامنا مع هذه التطورات، استأنفت القوات الأوكرانية أمس هجومها على الانفصاليين بعدما علقتها أول من أمس للمساعدة على إجراء التحقيق الدولي في كارثة تحطم الطائرة التي قادت إلى فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا المتهمة بتسليح المتمردين. وأعلنت رئاسة الأركان الأوكرانية أنها تواصل تقدمها الذي بداته منذ مطلع يوليو والذي اتاح لها إخراج الانفصاليين من معاقلهم في مدن مثل دونيستك ولوغانسك وفي المنطقة الحدودية الفاصلة بينهما. وقالت: إن القوات الأوكرانية «حررت بلدة نوفيي سفيت» على بعد 25 كيلومترا جنوب دونيستك والتي تبلغ ثمانية آلاف نسمة. وأشارت إلى انتهاك الطيران الروسي للمجال الجوي الأوكراني. وفي لوغانسك حيث أوقعت المعارك خمسة قتلى بينهم طفل، وتسعة جرحى في صفوف المدنيين بحسب السلطات البلدية، لا يزال السكان من دون كهرباء أو ماء.
ولا تزال كييف تندد بوصول أسلحة بشكل متواصل مصدرها روسيا وطلبت أول من أمس تفسيرات من موسكو حول مناورات عسكرية جديدة شملت صواريخ أرض ـ جو من نوع إس - 300 قرب الحدود الروسية ـ الأوكرانية. وأصبحت روسيا التي تواجه أسوأ أزمة مع الغرب منذ الحرب الباردة بسبب الأزمة الأوكرانية، تخضع لعقوبات تستهدف قطاعات اقتصادية حيوية مثل مصارفها العامة الكبرى وقطاع الطاقة. ونشر الاتحاد الأوروبي أول من أمس رسميا لائحة عقوباته التي تشمل خصوصا أكبر مؤسسة مالية في البلاد سبيربانك والذي كان إدراجه على اللائحة الأوروبية للعقوبات موضع تكهنات بسبب مشاركته في تمويل الاقتصاد الروسي.
ورغم المعارك التي تجتاح شرق أوكرانيا، حدد الانفصاليون مهلة شهرين لبناء نظام مصرفي مستقل لـ«جمهورية دونيستك» المعلنة من طرف واحد، وحتى إصدار عملة خاصة بها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس. وأكد ماكسيم ايفانوف المكلف جباية الضرائب والخزانة والنظام المصرفي لدى الانفصاليين أن العملة «ستدعى الروبل. نحن في أرض سلافية والسلاف استخدموا على الدوام الروبل». وأنشأت الحكومة التي شكلها الانفصاليون «مصرفا شعبيا» مكلفا بمهمة غير واقعية تقضي بوضع إطار مالي محلي، هو نوع من مصرف مركزي لدولة صغيرة تتقلص أكثر فأكثر أمام تقدم القوات الأوكرانية. وبات الانفصاليون منعزلين في بعض المعاقل، مثل دونيستك ولوغانسك، وجزء من المنطقة التي تفصل هاتين المدينتين القريبتين من الحدود الروسية. وهذه المؤسسة الناشئة لها مقر في مبنى الفرع المحلي للبنك الوطني الأوكراني المهجور منذ أن سيطر الانفصاليون على المدينة. وأكد الانفصاليون أن فريقا من «الخبراء» يعمل في المبنى الواقع وسط منطقة حربية. وأعلن ايفانوف أنه يعمل مع فريق من نحو ثلاثين شخصا، بينهم سكان مؤهلون من المنطقة إضافة إلى متخصصين قدموا من روسيا وكازاخستان.
وفي حين يشدد الغربيون عقوباتهم على موسكو والانفصاليين الموالين لها، رأى المصرفي الانفصالي أن روسيا تشكل شريكا «أكثر ملاءمة» لجنوب شرقي أوكرانيا، القلب الصناعي لأوكرانيا الذي توجد فيه مصانع للصلب وكيميائية شهدت حالة تدهور في السنوات الأخيرة. وأقر بصعوبة المهمة الموكلة إليه حيث إن «20 في المائة إلى 25 في المائة (فقط) من اقتصاد» المنطقة الواقعة ضحية الفوضى، لا تزال تعمل على حد رأيه. ولاحظ أن «80 في المائة من المتاجر و70 في المائة من المقاهي والمطاعم مقفلة». وقال: «عندما ستتوقف المعارك سيتعين علينا إعادة الإعمار».
لكن في كييف، لم يبق البنك المركزي مكتوف الأيدي، واتخذ الأسبوع الماضي إجراءات طارئة للمناطق الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين. وأجبرت المصارف خصوصا على التخلي عن العملات الورقية التي في حوزتها بصفة احتياط عبر طليها لجعلها غير قابلة للاستخدام وتفادي وقوعها بين أيدي الانفصاليين الذين تصفهم السلطات الأوكرانية بأنهم «إرهابيون». وقال ايفانوف بأن هذه الاحتياطات موجودة «بفعل الأمر الواقع» في تصرف الانفصاليين الذين يعتزمون توفير أجهزة توزيع عملات ورقية للمصارف.
المحققون يصلون لأول مرة إلى موقع تحطم الطائرة في أوكرانيا على وقع المعارك
الانفصاليون يباشرون بناء نظام مصرفي خاص.. وكييف تتحرك لعرقلة مسعاهم
المحققون يصلون لأول مرة إلى موقع تحطم الطائرة في أوكرانيا على وقع المعارك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة