الميزانية الجديدة تسجل أدنى مستويات الدين العام وأعلى معدلات الإنفاق

الميزانية الجديدة تسجل أدنى مستويات الدين العام وأعلى معدلات الإنفاق
TT

الميزانية الجديدة تسجل أدنى مستويات الدين العام وأعلى معدلات الإنفاق

الميزانية الجديدة تسجل أدنى مستويات الدين العام وأعلى معدلات الإنفاق

على الرغم من السياسة المتحفظة التي اتبعتها السعودية في تقديراتها المالية لميزانية العام المالي المقبل (2014)، التي قدرتها بنحو 855 مليار ريال (228 مليار دولار) كإيرادات، وذات المبلغ جرى اعتماده كمصروفات (أعلى معدلات إنفاق يجري اعتمادها)، فإن ميزانية العام المقبل من المتوقع أن تشهد فوائض مالية جديدة، نتيجة للتوقعات التي تشير إلى استقرار متوسط أسعار النفط عند مستويات 100 دولار للبرميل.
وقدرت المملكة متوسطات أسعار النفط للعام الجديد 2014 عند مستويات 85 دولارا للبرميل، بمتوسط إنتاج يومي يتراوح بين 9 و9.7 مليون برميل يوميا، وهي في نهاية المطاف أرقام قريبة من ميزانية الدولة للعام الحالي (2013)، التي أظهرت في نهاية المطاف فوائض مالية محققة بلغت نحو 206 مليارات ريال (549 مليون دولار).
ولم يبد خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس مخاوفهم من إمكانية أن تتراجع أسعار النفط إلى ما دون مستويات الـ85 دولارا للبرميل خلال العام المقبل، نتيجة لإمكانية عودة «إيران» إلى إمداد الأسواق في حال رفع العقوبات الاقتصادية عنها عقب اتفاقية «جنيف»، وقال هؤلاء: «متوسط الأسعار سيتراوح بين 95 و105 دولارات خلال العام المقبل، وهو أمر يرجح وجود فائض مالي جديد».
وأمام هذه التطورات، نجحت السعودية في ميزانيتها المعلنة، أمس، في تخفيض حجم الدين العام إلى مستويات 75 مليار ريال فقط (20 مليار دولار)، بعد أن كانت قريبة من مستويات 660 مليار ريال في وقت سابق (176 مليار دولار)، في إشارة واضحة إلى أن المملكة قادرة بشكل كبير جدا على إنهاء هذا الدين العام خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ومع الفوائض المالية المحققة التي أعلنت عنها السعودية، أمس، فإن الاحتياطي النقدي للبلاد بات مرشحا بصورة كبيرة لبلوغ حاجز ثلاثة تريليونات ريال (800 مليار دولار) خلال العام المقبل، حيث من المنتظر أن يقفز الاحتياطي النقدي للبلاد مع نهاية العام الحالي إلى مستويات 2.8 تريليون ريال (75.4 مليار دولار)، عقب تحقيق 206 مليارات ريال (549 مليون دولار) فوائض مالية للميزانية السنوية لهذا العام.
وتنتهج السعودية بفضل الرؤية الحكيمة لقيادة البلاد سياسة مالية واقتصادية نجحت في رفع حجم الاحتياطي النقدي خلال السنوات القليلة الماضية إلى مستوياته الحالية، وهو الأمر الذي يجعل البلاد في منأى عن أي أزمات مالية أو اقتصادية قد تعصف بدول العالم الأخرى.
وفي هذا الاتجاه، أكد فيصل العقاب الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن المملكة ستنجح خلال العام المالي المقبل في تحقيق فوائض مالية جديدة، وبالتالي يكون فائض 2014 في حال تحقيقه هو الفائض الحادي عشر تاريخيا، مشيرا إلى أن التحفظ في توقعات الإيرادات لموازنة العام المقبل يعد أمرا طبيعيا.
ولفت العقاب خلال حديثه إلى أن إعلان السعودية عن تحقيق نحو 206 مليارات ريال (549 مليون دولار) كفوائض مالية للعام الحالي يعد أمرا قريبا من التوقعات، وقال: «كانت التوقعات تشير إلى تحقيق نحو 225 مليار ريال (600 مليون دولار) كفوائض مالية خلال العام الحالي، وهي الأرقام التي باتت قريبة من الفوائض المالية الفعلية المحققة».
وأكد العقاب أن المملكة أمام فرص اقتصادية كبرى في ما يخص تنويع مصادر الدخل، يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه البلاد - مؤخرا - عن إطلاق مشروع «أطلس مصادر الطاقة المتجددة في المملكة»، الذي يعنى بتقليل الاعتماد على النفط من خلال التوجه إلى الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة تحويل النفايات، وطاقة باطن الأرض.
من جهة أخرى، أكد فضل البوعينين الخبير والكاتب الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن السعودية قادرة وبشكل فعلي على إنهاء الدين العام بشكل نهائي، إلا أنه استدرك قائلا: «لكنها لن تتمكن من ذلك في ظل وجود اشتراطات مع الدائنين تقتضي السداد على فترات زمنية محددة وبفوائد معينة، ولكن المهم أن المملكة نجحت في خفض الدين العام إلى مستويات منخفضة خلال الفترة الحالية».
وبينما حققت السعودية فائضا في حدود 206 مليارات ريال (549 مليون دولار) في ميزانية 2013، فإنه يعد الفائض العاشر في ميزانيات السعودية في آخر 31 عاما منذ 1983، ذلك بعد أن سجلت الميزانية لعام 2012 فائضا في حدود 386.5 مليار ريال (103 مليارات دولار)، لتحقق بذلك الفائض التاسع في ميزانياتها فعليا منذ 1983، وثاني أعلى فائض في تاريخها، وبعد الفائض المحقق في عام 2013، يصل إجمالي فوائض المملكة آخر 11 عاما إلى 2.2 تريليون ريال (586 مليار دولار)، وذلك بفضل إيرادات الدولة الضخمة جراء ارتفاع مستويات أسعار النفط خلال هذه الفترة.
يشار إلى أن الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، كان قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس أن المملكة ستعتمد على استمرار زيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية من جهة، والإنفاق على الملفات الأخرى التنموية المهمة كالتعليم والصحة والإسكان من جهة أخرى، وهو الأمر الذي تحقق فعليا في الميزانية المعلنة لعام 2014.
وتوقع الدكتور باعجاجة خلال حديثه أن يضاف جزء كبير من الفائض المالي المحقق لميزانية العام الحالي إلى الاحتياطي النقدي، وهو الأمر الذي يعني أن هذا الاحتياطي النقدي السعودي بات مرشحا وبصورة كبيرة لبلوغ حاجز الثلاثة تريليونات ريال (800 مليار ريال) خلال العام المقبل.
وكانت السعودية قد قدرت في العام الماضي فوائضها المالية المتوقعة من العام الحالي بنحو تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، إلا أن هذه التوقعات كانت تبنى على متوسطات لأسعار النفط تقترب من مستويات الـ80 دولارا، وهي سياسة طبيعية متحفظة، تنتهجها البلاد في موازناتها السنوية.
وتعد السعودية من أكثر دول العالم إنفاقا على ملفات التعليم، والرعاية الصحية، ومشروعات البنية التحتية، إضافة إلى إنفاقها الضخم على ملف «الإسكان»، جاء ذلك عقب أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في وقت سابق، بتخصيص نحو 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية وتوزيعها على المواطنين، وفق آلية من المتوقع أن تعلن عنها وزارة الإسكان في البلاد قريبا.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.