فوز المرشحة الاشتراكية باشليه بالانتخابات الرئاسية في تشيلي

ميشيل باشليه بعد أن ألقت كلمة أمام مناصريها عقب إعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية التشيلية في العاصمة سانتياغو، أمس (أ.ب)
ميشيل باشليه بعد أن ألقت كلمة أمام مناصريها عقب إعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية التشيلية في العاصمة سانتياغو، أمس (أ.ب)
TT

فوز المرشحة الاشتراكية باشليه بالانتخابات الرئاسية في تشيلي

ميشيل باشليه بعد أن ألقت كلمة أمام مناصريها عقب إعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية التشيلية في العاصمة سانتياغو، أمس (أ.ب)
ميشيل باشليه بعد أن ألقت كلمة أمام مناصريها عقب إعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية التشيلية في العاصمة سانتياغو، أمس (أ.ب)

حققت الاشتراكية ميشيل باشليه، أمس، فوزا كبيرا في الانتخابات الرئاسية التشيلية على أساس برنامج وعدت فيه بردم الهوة بين الفقراء والأغنياء. وقالت باشليه، مساء أول من أمس، أمام مناصريها في سانتياغو، بعيد إعلان فوزها الساحق، وقد وقف إلى جانبها أولادها ووالدتها: «لقد حان الوقت أخيرا لبدء التغييرات» في البلاد. وتتولى باشليه مهامها في 11 مارس (آذار) خلفا للرئيس المحافظ المليادير سيباستيان بينييرا، لولاية رئاسية تستمر حتى عام 2018. وقالت: «هذه لحظة تاريخية» لتشيلي، لأنها «قررت أنه آن الأوان لتطبيق الإصلاحات المطلوبة»؛ مثل: التعليم المجاني لما بعد المرحلة الثانوية، وزيادة الضرائب، واعتماد دستور جديد أكثر حداثة. وأشادت الرئيسة المنتخبة بآلاف الطلاب الذين تظاهروا في عام 2011 للمطالبة بتعليم جامعي نوعي. وقالت: «التعليم ليس سلعة، ويجب ألا يكون المال دافعه الأساسي. الأحلام ليست شيئا يمكن شراؤه أو بيعه، الجميع لهم الحق فيها». وحول الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، قالت باشليه: «لن يكون الأمر سهلا، لكن متى كان العمل من أجل تغيير العالم لتحسينه سهلا؟». وكانت باشليه انتخبت أول رئيسة للبلاد في عام 2006، والآن لديها فرصة لترسيخ إرثها مع إصلاحات تحظى بشعبية كبرى من أجل تغيير الدستور الموروث عن حقبة الديكتاتور أوغوستو بينوشيه (1973 - 1990). وأعلنت اللجنة الانتخابية الوطنية أن باشليه فازت بـ62.10% من الأصوات، في منافسة المحافظة إيفلين ماتي التي نالت 37.80% بعد فرز كل الأصوات تقريبا. والمنافسة بين باشليه وماتي شكلت أول مواجهة بين امرأتين مرشحتين لمنصب الرئاسة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. ودعي أكثر من 13 مليون تشيلي للإدلاء بأصواتهم الأحد، لكن هذه السنة كانت المرة الأولى التي يكون فيها الاقتراع طوعيا في تشيلي. وتشير التقديرات إلى أن نسبة المشاركة في التصويت كانت متدنية. وفي الدورة الأولى التي حصلت فيها باشليه على 47% من الأصوات مقابل 25% لمنافستها ماتي، لم يشارك أكثر من 50% من الناخبين في الاقتراع. وماتي (60 سنة)، وباشليه، ابنتا جنرالين في سلاح الجو التشيلي وكانتا على صداقة أيام المدرسة. لكن الانقلاب العسكري الذي نفذه أوغستو بينوشيه على الرئيس الاشتراكي سلفادور الليندي في 11 سبتمبر (أيلول) 1973 قلب حياتهما رأسا على عقب. فألبرتو باشليه عذب حتى الموت لولائه للرئيس المخلوع، بينما انضم فرناندو ماتي إلى المجلس العسكري الحاكم حتى أصبح مسؤولا عن مكان اعتقال صديقه. ووفاة والدها بعد أشهر في الحبس والتعذيب أثر بعمق غب ابنته ميشيل وحدد التزامها السياسي الذي قادها اليوم للمرة الثانية إلى سدة الرئاسة في تشيلي. فبعد ولاية أولى (2006 - 2010) أنهتها محافظة على شعبيتها، أمضت هذه الطبيبة ثلاث سنوات على رأس هيئة الأمم المتحدة للنساء في نيويورك. وركزت باشليه حملتها الانتخابية على وعود بعدالة اجتماعية أكبر في بلد يسجل أعلى دخل للفرد في دول أميركا اللاتينية.، وتريد إحداث تغييرات كبرى تتعلق خصوصا بمراجعة للدستور الموروث عن الحكم الديكتاتوري، وإصلاح ضريبي يسمح بجمع 8.2 مليار دولار تخصص لإعادة تنظيم كبيرة للنظام التعليمي. وتأمل باشليه عبر الإصلاحات الجديدة التي تعتزم تطبيقها، أن تنقل تشيلي إلى مرحلة تكون فيها مواكبة أكثر لموجة الليبرالية الاجتماعية التي تنتشر في أميركا اللاتينية التي كانت تعد محافظة بما يشمل تشريع الإجهاض وفتح مفاوضات حول زواج مثليي الجنس.
وخلال ولايتها الأولى، ركزت باشليه على إصلاح نظام التقاعد وتحسين الخدمات الصحية والاجتماعية، وركزت على تحسين الظروف المعيشية للطبقة العاملة التشيلية والمسنين. وتزامنت رئاستها مع ارتفاع كبير في الطلب العالمي على النحاس الذي تعد تشيلي أكبر مصدريه. وباشليه الاشتراكية التي تعرضت للتعذيب في السبعينات خلال النظام العسكري التشيلي، عاشت في المنفى لسنوات وعادت إلى بلادها وعملت في الحكومة بعد عودة الديمقراطية. وعند انتهاء ولايتها الأولى في عام 2010 منهية أربع سنوات من الرئاسة التي قامت خلالها بإصلاح نظام التقاعد، كانت تحظى بنسبة تأييد تبلغ 84%. ثم تولت منصب المديرة التنفيذية للأمم المتحدة - نساء فعادت عندها إلى تشيلي قائلة: «نعلم أن هناك أشياء لا يزال يتوجب القيام بها». وأول من أمس، هزمت المحافظة إيفيلين ماتي وفازت عليها بنسبة 62% من الأصوات مقابل 38% لمنافستها بحسب الأرقام الرسمية. وذلك يعطي باشليه وتحالفها اليساري «الغالبية الجديدة» تفويضا كاملا لتنفيذ برنامج عملها الإصلاحي الذي يشمل تعديل الدستور الموروث عن الديكتاتورية العسكرية (1973 - 1990) بقيادة أوغوستو بينوشيه ورفع الضرائب وجعل التعليم ما بعد المرحلة الثانوية مجانيا وتشريع الإجهاض. وقالت إحدى مناصراتها، وتدعى فيرونيكا أميريز: «نحن نحبها لأنها جديرة بالثقة وبسبب قصة حياتها أيضا». في المقابل، ركزت ماتي حملتها الانتخابية على وعود بتحسين حياة الطبقة الوسطى التشيلية. ونددت بأفكار باشليه الاشتراكية، عادة إياها «تجارب أثبتت فشلها في دول أخرى». ووجه الرئيس المكسيكي أنريكي بينا نييتو برقية تهنئة إلى باشليه بمناسبة فوزها برئاسة تشيلي، أبرز شريك استراتيجي لبلاده.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.