يناور خوان أدروفر بحذر شديد بزورقه البالغ طوله 8 أمتار حتى الوصول إلى صخور خليج مهجور على الساحل الشرقي لجزيرة مايوركا الإسبانية.
ويمسك بشبكة صيد السمك ويخوض في الماء. وبحركة سريعة لشخص متمرس، يصطاد الإسباني علبة بلاستيكية من بين الصخور. ثم يعود إلى ظهر قارب يعمل بالغاز ويتوجه إلى البحر المفتوح.
وأدروفر، البالغ من العمر 54 عاماً، صياد قمامة. ومن بداية شهر مايو (أيار) حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، قاربه واحد من 14 أخرى تجوب المياه حول جزر البليار كل يوم لجمع القمامة من الشواطئ والخلجان.
في الشهرين الأولين من هذا الموسم وحده، جمع أدروفر والآخرون أكثر من 7 أطنان من القمامة من المياه، وفقاً لأرقام وزارة البيئة المحلية. ومقارنة بعام 2017، يعتبر هذا الرقم متواضعاً: ففي يوليو (تموز) 2017 وحده، تم رفع 9 أطنان من القمامة من مياه مايوركا. وكان نحو 40 في المائة منها من البلاستيك و35 في المائة من الخشب.
كما يقوم صيادو القمامة بأداء مهام أخرى عندما تستدعي الضرورة ذلك: فعلى سبيل المثال، في شهر مايو، تم رصد قنديل رجل البحر البرتغالي السام، وهو أحد أنواع قناديل البحر، قبالة ساحل مايوركا. وتم إرسال الصيادين لسحب هذه الكائنات من المياه لمنعها من لدغ السياح.
ويقوم أدروفر بهذه المهمة منذ 14 عاماً. وقال: «في الغالب، تتعلق المهمة بتوفير المياه النظيفة للسياح».
وأدروفر مسؤول عن الساحل بين كالا رومانتيكا وكوستا ديلز على الجانب الشرقي للجزيرة. ومع ذلك فإنه في بعض الأحيان، يجد أشياء غير متوقعة تم جرفها إلى الشاطئ.
ويتذكر قائلاً: «إن الاكتشاف الأكثر ترويعاً كان تحديداً ساقاً بشرية تم بترها تحت الركبة وما زالت ترتدي حذاءً»، مضيفاً أن ذلك كان قبل عامين، واتصل بالشرطة على الفور.
ودراجة نارية، وجزء من هيكل عظمي لحوت العنبر وثلاجة من كرواتيا هي أيضاً من بين أكثر الأشياء التي لا تنسى والتي وجدها في المنطقة التي تدخل في نطاق مسؤولياته.
ورغم ما قد يعتقد به المرء، ليس السياح في الجزيرة، التي يعشقها السياح الألمان والبريطانيون، هم المسؤولين عن معظم القمامة.
ويأتي معظم القمامة من شمال أفريقيا، بحسب صيادي القمامة.
وأسوأ وقت هو عندما تهب الرياح الجنوبية الشرقية التي تسمى «سيراكو» على البحر المتوسط، لمدة يومين أو 3 أيام. «ثم تأتي كل القمامة من الجزائر»، كما قال أدروفر، وهو يسحب كيساً صغيراً من الماء.
وأضاف أدروفر: «لا يمكنك قراءة ما هو مكتوب على هذا الكيس، لأنه ظل في الماء لفترة طويلة، لكنه كيس حليب جزائري، ولا بد أنه يُعرف، لأنه يُجمع ما بين 3000 إلى 4000 من هذه الأكياس من المياه كل عام».
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن مياه مايوركا ليست فقط التي يتعين تنظيفها، فالأرض يجب تنظيفها كذلك. ومنذ شهر مارس (آذار)، قام نحو 40 شخصاً من العاطلين عن العمل منذ فترة طويلة بتنظيف السواحل نيابةً عن الحكومة المحلية.
واعتباراً من منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي، جمعوا أكثر من 23 طناً من النفايات حتى الآن. ويقوم المدير التنفيذي الإقليمي بتمويل المشروع بمبلغ 450 ألف يورو (527 ألف دولار) تم تحصيلها من الضرائب السياحية.
وبالنسبة لوزير السياحة في جزر البليار، بل بوسكيتس، فإن هذا المشروع هو مثال على كيفية استخدام الضرائب لتعويض البصمة الكربونية للسياح. وقال بوسكيتس: «من خلال هذا المشروع، نقوم بحماية البيئة، ويمكن أن نقدم لزوارنا الشواطئ النظيفة».
كما تعمل مايوركا أيضاً على تقليل مستويات النفايات من خلال الإلزام بجعل كبسولات القهوة والأكياس البلاستيكية والأواني البلاستيكية القابلة للتحلل الحيوي. كما يُطلب من الفنادق الموجودة في الجزيرة توفير مياه مجانية من أجهزة صب مياه الشرب بدلاً من إعطاء القوارير البلاستيكية.
وبعض الفنادق تذهب إلى أبعد من ذلك، حيث لا تريد مجموعة «مايوركا ميليا» التوقف عن استخدام البلاستيك غير القابل لإعادة الاستعمال في الجزيرة فحسب، بل في جميع فنادقها في أنحاء العالم كافة. وقالت متحدثة باسم الشركة لوكالة الأنباء الألمانية: «بدلاً من ذلك نوفر أجهزة صب مياه الشرب والأكواب أو دوارق الشراب. الشفاطات مصنوعة من الورق، ولكن لا يتم إعطاؤها إلا إذا طلبها الضيف».
صيادو القمامة في مايوركا الاسبانية يسهمون في الحفاظ على المياه نظيفة
جمعوا 7 أطنان في شهرين فقط
صيادو القمامة في مايوركا الاسبانية يسهمون في الحفاظ على المياه نظيفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة