حملة روسية للدفاع عن «العميلة» ماريا بوتينا

موسكو اعتبرتها محاولة لتقويض نتائج قمة هلسنكي

صورة غير مؤرخة لبوتينا تتحدث في اجتماع لخبراء روس (رويترز)
صورة غير مؤرخة لبوتينا تتحدث في اجتماع لخبراء روس (رويترز)
TT

حملة روسية للدفاع عن «العميلة» ماريا بوتينا

صورة غير مؤرخة لبوتينا تتحدث في اجتماع لخبراء روس (رويترز)
صورة غير مؤرخة لبوتينا تتحدث في اجتماع لخبراء روس (رويترز)

في الوقت الذي أطلقت فيه موسكو حملةً سياسية وإعلامية للدفاع عن الطالبة الروسية التي أوقفت قبل أيام لممارسة أنشطة «عميل أجنبي» في واشنطن، ذكر مدعون فيدراليون أميركيون أن لها علاقات مباشرة بالاستخبارات الروسية، وتواصلت معهم خلال إقامتها في الولايات المتحدة.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن وثيقة قدَّمها مدعون فيدراليون أمام محكمة بواشنطن، أن ماريا بوتينا (29 عاماً) كانت على علاقة شخصية بناشط سياسي أميركي (56 عاما) «لأسباب عملية» وفق الوثيقة، كما عرضت «خدمات جنسية» على شخص أميركي آخر «مقابل منصب في منظمة ذات اهتمام».
وكانت وزارة العدل الأميركية قد وسّعت قائمة اتهاماتها ضد الشابة المولعة بالأسلحة النارية، واعتبرت أنه فضلاً عن قضية «التآمر للعمل لمصلحة حكومة أجنبية دون ترخيص من وزارة العدل، تمت إضافة تهمة ممارسة نشاط كعميل أجنبي» دون تسجيل رسمي، وفقاً لقانون العملاء الأجانب، ما يزيد من شدة التهمة ومدة الحكم بالسجن التي يمكن أن تصدر ضدها.
ومثلت بوتينا أمام محكمة بواشنطن أمس، بداعي محاولتها التسلل للجهاز السياسي الأميركي خدمة لروسيا، وذلك عبر لوبي السلاح في الولايات المتحدة. وبوتينا معروفة ضمن اللوبي المحافظ بنشاطها في منظمة روسية مؤيدة لحمل الأسلحة هي «الحق في الأسلحة»، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وكانت وزارة العدل قد أفادت الاثنين، بأنه تم إلقاء القبض على المواطنة الروسية وهي طالبة مقيمة في واشنطن، بتهمة التجسس لصالح روسيا. وجاء في نص الاتهام أن بوتينا كانت تعمل، ابتداء من عام 2015 وحتى فبراير (شباط) عام 2017 على الأقل، «بأمر من مسؤول رفيع في الحكومة الروسية كان في الماضي عضوا في البرلمان الروسي ثم أصبح مسؤولاً رفيعاً في البنك المركزي الروسي»، وتشمله حالياً العقوبات الأميركية.
وذكرت تقارير أميركية أن الأمر يتعلق بألكسندر تورشين، العضو الدائم في لوبي السلاح الأميركي. وبرأي وزارة العدل، فقد أرادت بوتينا استخدام اتصالاتها الشخصية مع المسؤولين الأميركيين لـ«إقامة اتصالات غير رسمية» و«التسلل إلى المؤسسات المرتبطة بالسياسة الأميركية» لخدمة المصالح الروسية.
وتتحدر بوتينا من بارنول بسيبيريا، وكثيراً ما تظهر بسلاح في اليد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مندّدة بقوانين الأسلحة المتشددة في بلادها. لكن المحققين الأميركيين مهتمون باتصالاتها المتعددة منذ 2015 بمسؤولين في جمعية «ناشونال رايفل»، أكبر لوبيات السلاح الأميركية وتدعم الحزب الجمهوري.
ولا تخفي بوتينا هذه الاتصالات، حيث نشرت صورها مع مسؤولين أميركيين على مواقع التواصل الاجتماعي. وتظهر في الصور مع الرئيس السابق للجمعية ديفيد كيين، والحاكم الجمهوري لويسكونسن سكوت والكر. كما التقت أيضاً الرئيس الحالي للوبي السلاح الأميركي واين لابيير.
وخلال فعالية انتخابية لدونالد ترمب في 2015، سألت المرشح الجمهوري حينها عن علاقاته بروسيا. وردَّ عليها قائلاً: «أعتقد أنني سأتفاهم بشكل جيد مع بوتين».
ورفض محامي بوتينا روبرت دريسكول، الاتهامات الأميركية. وقال إنها أدلت طوعاً بشهادة أمام لجنة التجسس الخاصة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي وقدمت لها «آلاف الوثائق». واعتبر أن وزارة العدل «تضخم عمداً الاتهامات الموجهة ضد موكلته».
وتابع أن «موكلتي ليست عميلة للاستخبارات الروسية، بل هي مواطنة روسية موجودة في الولايات المتحدة بتأشيرة طالب، وهي تخرجت أخيراً في الجامعة الأميركية بواشنطن بدرجة ماجستير في العلاقات الدولية. وحصلت على تصريح عمل، واستخدمت شهادتها الأكاديمية لبناء مستقبل مهني في مجال الأعمال».
وزاد أنه «لا يوجد دليل على أن بوتينا كانت تحاول التأثير أو تقويض أي سياسة أميركية أو قانون أميركي محدد، كانت فقط تحاول تحسين العلاقات بين البلدين. إن لائحة الاتهام هي ببساطة إساءة لقانون العملاء الأجانب».
كما اعتبر أن إضفاء وصف «مؤامرة» على ترتيب عشاء ودي في مطعم مع مجموعة من الأميركيين والروس لمناقشة العلاقات بين البلدين، هو أمر صادم في الواقع لطالبة روسية تدرس العلاقات الدولية وتعيش في واشنطن.
وأوضح تأكيد محامي بوتينا جانباً من طبيعة الاتهامات الموجهة ضدها، وكانت شبكة «نيوز رو» الروسية واسعة الانتشار قالت أمس إن بوتينا حاولت مرتين تنظيم لقاء يجمع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره دونالد ترمب خلال الحملة الانتخابية الرئاسية للأخير، ورغم أنها فشلت في تنظيم اللقاءين اللذين أحيطا بسرية، لكنها نجحت في ذلك الحين في ترتيب لقاء حضره نجل ترمب وعدد من الشخصيات المقربة من حملة ترمب الرئاسية وحضرته شخصيات روسية.
بدورها، حذّرت الخارجية الروسية، أمس، مما وصفته بـ«محاولات تقوم بها الأجهزة الأميركية لتقويض نتائج قمة هلنسكي»، من خلال توقيت وملابسات الإعلان عن اعتقال بوتينا، وتوجيه اتهامات ضدها بممارسة أنشطة مخالفة للقوانين الأميركية.
وأطلقت موسكو حملة للدفاع عن بوتينا، وطالبت السلطات الأميركية بالسماح لموظفي القنصلية الروسية في واشنطن بزيارتها والاطلاع على ملفات القضية. ولم تستمر طويلاً أجواء الترحيب بنتائج أول قمة تجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب التي سيطرت على تعليقات النخب السياسية وتغطيات وسائل الإعلام، إذ جاء الإعلان عن اعتقال بوتينا وإعداد لائحة اتهامات ضدها ليضعف الحماسة التي أثارتها نتائج القمة حيال فرص فتح صفحة جديدة في العلاقات بين موسكو وواشنطن.
ورأت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن توقيت الإعلان عن اعتقال ماريا بوتينا، بالتزامن مع انعقاد القمة هدف إلى تقويض نتائجها. وزادت أن موسكو «اطلعت بقلق على التقارير حول اعتقال المواطنة الروسية، في الولايات المتحدة يوم 15 يوليو (تموز). وبحسب المواد المنشورة على موقع وزارة العدل الأميركية، تواجه بوتينا اتهامات بالقيام بأنشطة غير قانونية تضعها تحت طائلة قانون العملاء الأجانب، لكن مثل هذه الادعاءات المفبركة المنسوبة لمواطنتنا تبدو غريبة».
وفي إطار الشكوك الروسية حول توقيت وملابسات تفجير القضية، قالت زاخاروفا: «يبدو أن هناك أحداً أخذ ساعة وآلة حاسبة لتحديد الموعد المناسب لاتخاذ هذا القرار حول اعتقال ماريا بوتينا لتقويض العمل المشترك للرئيسين»، موضحة أنه «يمكن تحليل هذه القضية كثيراً، لكن الانطباع الذي يتشكل لدينا مفاده أن هذا الإجراء، أي الاعتقال، تم اتخاذه لإقناع الداخل الأميركي والحلفاء في الخارج، بجدية الاتهامات حول مسائل التدخل الروسي المزعوم. ولهذا السبب بدأت وسائل الإعلام فوراً التحدث عن بوتينا كجاسوسة وربطها بالاستخبارات الروسية، وتصعيد حدة التوتر وذلك على الرغم من غياب أي معلومات حقيقية قد تشكل أساساً لمثل هذه الادعاءات».
وشددت على قناعة موسكو بأن «الهدف الواضح يتمثل بالتقليل من النتائج الإيجابية للقمة لأقصى درجة ممكنة وتنفيذ هذه المهمة بأسرع وقت ممكن».
من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي (الشيوخ) قسطنطين كوساتشوف، أن القضية قد تكون رد فعل «الآلة المناهضة لروسيا» في الولايات المتحدة على نتائج قمة هلسنكي.
في هذه الأثناء، أعلن السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف أن موسكو «لا ترى جديداً في قضية بوتينا انطلاقاً من التصرفات الأميركية». وأشار إلى أن «الاستخبارات الأميركية قامت وتقوم بملاحقة المواطنين الروس، ليس في الأراضي الأميركية فحسب، بل على أراضي دول أخرى».
وزاد أن روسيا تعمل ما بوسعها، لإطلاق سراح ماريا بوتينا في أسرع وقت ممكن، منتقداً تجاهل السلطات الأميركية طلبات روسية بتسهيل وصول موظفي القنصلية الروسية إلى المواطنة الروسية بالإضافة إلى الطلب المتعلق بالاطلاع على ملفات القضية.
وأصدرت السفارة الروسية في واشنطن بياناً قالت فيه إن الدبلوماسيين الروس يحققون في الظروف المحيطة باحتجاز بوتينا في واشنطن.
وورد في البيان أن الاتصالات متواصلة «مع السلطات الأميركية، للحصول منها على تصريح يجيز الوصول القنصلي إلى المواطنة الروسية من أجل حماية حقوقها المشروعة».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.