مدونة موضة مصرية تهزم السرطان ثلاث مرات لتبحث عن جمال الروح والمظهر

ياسمين يسري: واجهت نظرات المجتمع بقوة وصبر

مدونة موضة مصرية تهزم السرطان ثلاث مرات لتبحث عن جمال الروح والمظهر
TT

مدونة موضة مصرية تهزم السرطان ثلاث مرات لتبحث عن جمال الروح والمظهر

مدونة موضة مصرية تهزم السرطان ثلاث مرات لتبحث عن جمال الروح والمظهر

عندما تتصفّح المدونة الخاصة بها أو حسابها على «إنستغرام»، ستشعر بأن هناك روحاً تدفعك للبهجة، ويتبادر إلى ذهنك أن هذه الفتاة تعيش حياة مترفة، وخالية من الأزمات والفشل وخيبة الأمل، وإذا حالفك الحظ وقرأت تعليقات الصور ستدرك أنك أمام تجربة غنية لشابة صغيرة تشع طاقة، إنها مدوّنة الموضة المصرية ياسمين يسري.
كنت أتابع ياسمين بصفتها مدونة لها خط وطابع مختلف، تنسق ألواناً متعددة معاً لأن منظرها الأول للموضة هي أن تبدو الفتاة المُبهجة التي تشعّ بالحياة. لم أكن أعرف أن وراء هذه البهجة قصة مؤلمة وقاسية وملهمة في الوقت نفسه، واجهت صاحبتها تحديات مرض من أشرس الأمراض، وأكثرها قسوة أنه قرر أن يعاندها مرات عدة، وكلما تتماسك لتهزمه، يبني نفسه ويعود ليكسرها. إنها حرب ضارية، واجهت خلالها الشابة الثلاثينية ياسمين يسري مرض السرطان بأقصى قوة ورضا وعناد.
تروي ياسمين لـ«الشرق الأوسط» حكايتها مع السرطان، «كنت فتاة مدللة لأسرة ميسورة الحال تعيش في دولة الإمارات، كل ما أفكر فيه هو كيف أحافظ على قوامي، وماذا سأختار من صيحات موضة العام، عدت إلى مصر في المرحلة الجامعية، كل من حولي كان يراني شخصية متعالية ومدللة، لكنّني لم أكن قد تعودت التعامل مع البيئة المصرية بعد. تنقلت بعدها بين وظائف عدة، فأنا شخصية تعشق المغامرة ولا أكترث للبقاء في وظيفة للحصول على راتب من دون أن تلمس بداخلي شيئاً، حتى جاءت وظيفة الأحلام، وبدأت أجهز أوراق تعييني ومنها تقرير طبي عن حالتي، وعلى ما يبدو، أنها لم تكن وظيفة الأحلام كما كنت أظن، فسرعان ما تحوّل الحلم إلى كابوس، شابة في السادسة والعشرين تواجه مرض سرطان الغدد الليمفاوية في أربع مناطق بالجسم، في الرئة والحوض والمعدة والرقبة، وبعد أن كنت أعد نفسي لمنصب جديد ذهبت بي الحياة إلى سرير في مستشفى وجرعات قوية من العلاج الكيماوي».
وسط الصدمات ربما لا نعي ماذا نقول أو كيف نتصرف، فأول ما ورد بخاطر ياسمين بعدما عرفت بالأمر هو أن ترفض وجود أي شخص بجانبها، تريد أن تواجه قدرها وحدها، وبالطبع ما بقي غير الأهل، أما الأصدقاء وحياة الصخب فحان الوقت لتنفض ويظهر في الأفق أشخاص يرفضون البقاء داخل دائرة هذا الشخص المريض، بعضهم يقول «ما ذنبي لأعيش بالقرب من شخص يواجه الموت؟». وتضيف ياسمين «كنت أرى في عيون المقربين، بعيداً عن أسرتي بالطبع، أنه لا محالة من أن تموت الشابة العشرينية، ولا سيما أنه منذ أعوام عدة، وتحديداً في 2007، لم يكن هناك الوعي المجتمعي بالمرض وبفرص الشفاء كما هو الآن، ربما تسببت الأعمال الدرامية في تغيير ثقافة التعامل مع مريض السرطان».
مثل أي فتاة في مقتبل العمر، أول ما فكرت فيه ياسمين هو شعرها الذي ستفقده بالكامل، لكنها قررت أن تواجه الأمر أيّاً كانت صعوباته، وتقول «لم أكن أمتلك حرية القرار، لكن كان بداخلي شيء متمسك بالحياة، دفعني للتعايش والبحث عن حلول، فأنا أرى بريق حياتي يظهر من بعيد ويستحق أن أحارب لأصل إليه».
«خلال رحلة علاجي، لم أكن أحارب المرض فقط، بل كنت أحارب المجتمع الذي يحبطني ربما أكثر من الخلايا السرطانية»، هكذا تقول ياسمين عن نظرة المجتمع لمريض السرطان وعن حجم المضايقات التي كانت تتعرّض لها بسبب ارتداء الشعر المستعار، وتكمل «كنت أسمع همهمة الفتيات المقترنة بنظرة سخرية، لكن في داخلي قوة أكبر من سطحية هذه التصرفات، حتى أنني كنت أذهب وأتحدث مع من يسخر من شكلي، وأكشف له أنني مريضة، ليس لأستعطفه، لكن لأعلّم المجتمع درساً في الإنسانية وتقبل الآخر».
مرّت المرحلة الأولى من العلاج، بقي من بقي وسقط من سقط، وبدأت الحياة تعود تدريجياً لياسمين، أبلغها الطبيب أنها هزمت المرض ويمكنها أن تعود إلى حياتها، لم تكذّب خبراً، عادت ياسمين تبحث بين من تبقوا حولها لتبدأ من جديد، وبكلمات قريبة من كلمات الشاعر أمير طعيمة «ساعات حلاوة الدنيا تطلع من قلب الجرح»، تقول ياسمين «تجربتي علمتني أن أرى بريق الحياة يخرج من الظّلام. صحيح أن العلاج الكيماوي أفقدني شَعري، لكنه ساعدني في تجديد خلايا جسمي، وعاد شعري لينمو مرة أخرى بمظهر أجمل من السابق»، لكن على ما يبدو فإن المرض لا يزال يعاندها، ويحاول أن يثبت أنها الأضعف. أشهر قليلة واكتشفت ياسمين أن المرض عاد من جديد بالقوة نفسها. رفضت العلاج؛ فهي لا ترغب في أن تفقد شعرها وأن تظل حبيسة السرير داخل مستشفى يتوقف فيه نبض الحياة؛ لذا، قررت أن تخوض طريقة أخرى في العلاج، وهي الإشعاع الذري الذي لم يساعدها على الشفاء، لكنه كان سبباً رئيساً في مقابلة حالات مختلفة من مرضى السرطان، بينهم أشخاص يشعون بهجة ساعدوها على أن تواجه مرضها، وهنا مرت الشابة التي كانت في العشرينات من عمرها وقتذاك، بتجربة أكثر مرارة ودرس جديد في الحياة بعد أن قرّر طبيبها المعالج أن تتلقّى العلاج داخل مستشفى حكومي، وأصبح لا يوجد أمامها سوى أن تقبل؛ فحياتها أصبحت في خطر، وتقول: «كانت هذه التجربة بمثابة درس جديد في الحياة، فأنا الفتاة المدللة التي تتلقّى العلاج في أرقى المستشفيات، عليّ أن أقبل البقاء داخل مستشفى حكومي ووسط مستويات اجتماعية لا تشبهني، لكنّني شعرت في هذه اللحظة بأننا جميعاً أمام المرض سواء، وأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يكسر بداخلي أي تعالٍ أو غرور».
انتهت المرحلة الثانية من المرض وعادت ياسمين من جديد وهزمت المرض، وقامت بإجراء جراحة زرع نخاع أبلغها الطبيب أنها ستقيها من المرض لمدة خمس سنوات على الأقل، وتقول «قررت للمرة الثانية البحث عن وظيفة جديدة، وأكرمني الله بالعمل في واحدة من أكبر شركات العقاقير، وسرعان ما حقّقت نجاحات لم يتصوّرها المحيطون، لكن ها هي الحياة تصدمني من جديد، فبعد عامين فقط عاد المرض مرة أخرى وأصبحت مضطرة إلى إجراء جراحة زرع نخاع مرة أخرى».
وبين صدمات وأيام شديدة القسوة، وسقطات صحية كادت أن تودي بحياة ياسمين، كتب لها الله أن تعيش للمرة الثالثة بروح صافية وعقل رصين وتجربة غنية وملامح أصغر من عمرها الحقيقي؛ فساعدها زرع النخاع على تجديد الخلايا وتجديد حياتها، وها هي امرأة جميلة متزوجة من شاب يقدر ويحترم تجربة الآخرين، والمفارقة أنها قرّرت أن تعمل مدونة موضة لتبحث مع الفتيات عن الجمال والأناقة والبهجة. ياسمين يسري لا تُعلّم متابعاتها كيف يخترنّ ملابسهن فقط، بل كيف يبتسمن للحياة مهما كانت قسوتها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.