وجبات الشوارع في العالم الثالث بعضها خطر على الصحة العامة

الحرص منها واجب

وجبات الشوارع في العالم الثالث بعضها خطر على الصحة العامة
TT

وجبات الشوارع في العالم الثالث بعضها خطر على الصحة العامة

وجبات الشوارع في العالم الثالث بعضها خطر على الصحة العامة

رغم الفوائد المتعددة لنشاط بيع وجبات الشوارع في معظم دول العالم الثالث من توفير وجبات طازجة الطهي بأسعار رخيصة وتوفير وظائف لملايين البائعين، إلا أنها لا تخلو من عوامل خطر على الصحة العامة بسبب طبيعتها في الانتشار العشوائي وانعدام الرقابة الحكومية عليها. وهي تجارة تشكل جزءا من الاقتصاد الرمادي في دول العالم الثالث الذي لا يلتزم بالقوانين ولا يدفع ضرائب.
في تقرير من مؤسسة «ساينس دايركت» تم تقدير حجم العمالة غير المنتظمة في مجال بيع وجبات الشوارع بنحو 28.5 في المائة من حجم العمالة غير الماهرة. ويدخل هذا القطاع ضمن الأعمال الصغيرة، أو ما يسمى «مايكرو بزنس». ويشير التقرير إلى بعض الأرقام لإعطاء لمحة عن هذا النشاط حيث يبلغ عدد البائعين في ماليزيا مثلا مائة ألف يعملون في تجارة حجمها مليارا دولار. وفي مدينة مكسيكية واحدة هي مكسيكو سيتي يبلغ عدد البائعين 120 ألفا.
ومع ذلك فإن هذا القطاع تنتشر فيه الممارسات غير الصحية التي تقلق الأطباء والحكومات وهي ممارسات تنتشر على جميع مراحل إنتاج وبيع مأكولات الشوارع وينتج عنها أحيانا انتشار سريع لأمراض معدية ترهق ميزانيات الأفراد والحكومات في علاجها.
وتبدأ الممارسات المضرة بمجال أطعمة الشوارع من حقول إنتاج المحاصيل والمنتجات الزراعية المستهلكة بين السكان. فالمزارعون من جهتهم يستخدمون السماد الكيماوي والعضوي من أجل زيادة الإنتاج ومقاومة الآفات وقتل الأعشاب الضارة. وفي معظم الدول الصناعية تتم مراقبة استخدام هذه الأسمدة الكيماوية بشدة. ولكنها تفتقر إلى أي رقابة في دول العالم الثالث. ويستخدم الفلاحون أحيانا كيماويات انتهت مدة صلاحيتها وبكميات ضارة. وينتج عن هذه الممارسة وجود هذه الكيماويات في المنتجات الزراعية وفي الماشية وفي الأسماك أيضا. وينتهي الأمر بهذه الكيماويات في جسم الإنسان أيضا، وهي تشمل الرصاص والنحاس والزئبق والزرنيخ والكادميوم.
من عوامل الخطر الأخرى في الدراسة أن بائعي أكلات الشوارع يلجأون إلى المواد الخام والأطعمة الرخيصة حتى يمكنهم تحقيق بعض الربح. وفي حالات متعددة كان نشاط شراء المواد الخام يعتمد أكثر على الكمية والسعر بدلا من الصلاحية والنوعية الطازجة لهذه المواد. ويلجأ بعض البائعين إلى تحضير بعض المنتجات والتوابل والمكونات بأنفسهم في المنزل بعيدا عن أي رقابة.
ويستخدم البائعون أيضا بعض المكونات التي تفسد بسرعة في تحضير أطعمة اليوم التالي ومن دون وجود أي تسهيلات صحية في التخزين مثل التبريد أو التجميد. وتشمل المواد المخزنة لأكثر من 24 ساعة من دون تبريد الحليب ومنتجاته والخضراوات والمعلبات المفتوحة.
وتعاني صناعة أطعمة الشوارع من مكونات غير صالحة مثل الأسماك المسمومة من مصادر مائية معالجة كيميائيا، واللحوم من حيوانات مريضة، ومنتجات زراعية من حقول معالجة بكميات كبيرة من الكيماويات. كما يتم ذبح الحيوانات بعيدا عن السلخانات الحكومية لتجنب الكشف الطبي وتكاليف استخدام التسهيلات الحكومية.
وتأتي بعد ذلك مشكلة الطهي غير الكافي للوجبات مما يعني أن بعض الميكروبات تظل فاعلة في الوجبات. وتظهر المشاكل الصحية من هذه الوجبات بالإضافة إلى السلطات غير المطهية التي تحمل ميكروبات من الحقل إلى أطباق الزبائن. الشوربة التي تقدم من عربات الشوارع بعضها يحتوي على ميكروبات معدية بسبب عدم نظافة إعدادها.
وفي بعض الحالات يكون إعداد أطعمة الشوارع في أوقات تمتد إلى أكثر من ست ساعات قبل بيعها. وتبقى الأطعمة في درجات حرارة تتراوح من خمس إلى 60 درجة مئوية مما يشجع عن نمو الجراثيم بنسب مضرة بالإنسان الذي يتناول هذه الأطعمة.
وتلعب وسائل نقل الأطعمة دورا في زيادة المخاطر. وفي مجال نقل اللحوم بعربات خشبية أو في حاويات من البلاستيك أو الألومنيوم المفتوحة، يزداد خطر عدوى اللحوم من الغبار ودرجات الحرارة المرتفعة وحملها بالأيدي الملوثة. وقد شوهدت اللحوم في دول العالم الثالث محمولة على دراجات نارية وفي باصات أو عربات نقل غير معدة لنقل اللحوم.
وبالطبع لا توجد شروط وقواعد ملزمة لبائعي الأطعمة على العربات خصوصا فيما يتعلق بدرجات الحرارة وفترة ما قبل البيع. كما يستخدم بعض بائعي أطعمة الشوارع مواقد الفحم في تسخين الطعام والإبقاء عليه ساخنا. ولكن هذه الوسيلة ليست فعالة لأنها تبقي الطعام في حدود 40 درجة مئوية مما يساهم في انتشار ميكروبات معدية مثل السالمونيلا. وتساهم عمليات إعادة تسخين الطعام في فقدان قيمته الغذائية.
من العوامل الأخرى التي تضاف إلى مخاطر تناول أطعمة الشوارع تركها غير مغطاة ومعرضة للذباب والحشرات والجراثيم المنقولة جوا. وتنتقل العدوى في هذه الحالات بعد طهي الطعام حتى لو اتبع البائع كافة الوسائل الصحية ثم ترك الطعام مكشوفا لأكثر من 10 دقائق. وتم رصد حالات كوليرا وإسهال من جراء تناول مثل هذه الأطعمة المكشوفة.
الأدوات المستخدمة في إعداد أطعمة الشوارع تساهم أيضا في نقل العدوى خصوصا من ممارسات مثل استخدام السكين نفسه، ومن دون غسيل أو تنظيف، في تقطيع اللحوم غير المطهية والسلاطة على نفس المنضدة. وفي بعض الحالات تبادل بائعين سكاكين مع بائعين آخرين لاستخدامها من دون تنظيفها أولا.
كما يستخدم بعض الباعة أطباقا وأكوابا يعاد استخدامها. ويتم غسل هذه الأدوات بالماء البارد ولا يتم تغيير المياه أو أقمشة تجفيف الأطباق طوال اليوم. وتساهم هذه الممارسة في نقل العدوى إلى أطعمة الشوارع حتى لو تمت مراعاة الأصول الصحية في إعدادها.
وفي مجال بيع أطعمة الشوارع في العالم الثالث يستخدم البائع يديه في إعداد الطعام وتقديمه. وفي دراسة على مدى نظافة أيدي بائعي أطعمة الشوارع في غانا تم إثبات أن جراثيم السالمونيلا يمكن أن تبقى فاعلة لمدة ثلاث ساعات على اليدين.
وتأتي العدوى أحيانا إلى مأكولات الشوارع في العالم الثالث من مواقع البيع التي يختارها البائع. وهي مواقع تكون في العادة مزدحمة بالمارة مثل محطات القطارات والباصات وحول المدارس والمصانع ومواقع البناء. وتزيد هذه المواقع من إمكانية انتقال العدوى إلى الأطعمة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن معظم بائعي الشوارع حول العالم لديهم معرفة جيدة بالقواعد الصحية التي يجب الالتزام بها، ولكن بعضهم لا يلتزم بهذه القواعد كما أن مواقع العمل لا تساعد على تطبيق القواعد الصحية. فنسبة كبيرة من مواقع عمل عربات الشوارع ليس لديها مصدر مياه نظيفة من أنبوب ولا بلاعة صرف صحي. كما لا توجد مراحيض بهذه المواقع مما يدفع البائعين لاستخدام مناطق خلاء قريبة. وتنتشر هذه العادة في الدول الأفريقية.
أيضا يتم استخدام صفائح مفتوحة للقمامة بجوار منافذ بيع أطعمة الشوارع كما تنتشر القمامة في الشوارع حول منافذ بيع الأطعمة مما يساهم في انتشار الحشرات والفئران.
وتستنتج الدراسة أن عوامل الخطر في مأكولات الشوارع تنتشر في كافة مراحل الإنتاج من الزراعة وذبح الماشية والدواجن إلى بيعها للمستهلك. وتحتاج هذه الصناعة إلى بعض العناية الحكومية بالترخيص والرقابة وتدريب العاملين فيها على اتباع القواعد الصحية الصحيحة التي تحمي المستهلك وتحويل موارد نادرة في دول العالم الثالث من علاج الأمراض إلى الوقاية منها.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.