أيّامُنا العَصيبَة

TT

أيّامُنا العَصيبَة

قريتي الظاّلمة تحفلُ بالكلاب.
تجمَدُ حركَتُها كُلّما أدرْتُ المقبضَ في الصباح. تلفتتُ أعناقُ الحي نحوي، والنّظراتُ تصوّبني حالما أتجاوزُ ظلّ بيتي على عتبة الباب. أمشي في الحيِّ، والعيونُ خلال مشربيّاتِ النّوافذِ تلاحقُ خطوتي، وكُلّما مررتُ بنساءٍ على الأبواب، خفضْنَ هذرتهنّ، والتقطتُ مِنَ الهمسِ حروفَ اسمي وشيئاً عن الكلاب.
إنّي أموتُ كلَّ ليلة، أعودُ فيها إلى بيتي فيصافِحُني شخيرُ زوجي على أريكة مِنْ خيزران، أنفُه محمرّ وكرشتُه منفوخة من الخَمْر، بينَ قدميْه قنّينة طريحة، انسكَبَ آخرُها على حصيرة بالية، وبقُرْبِها عِظامُ عشائه في طبقٍ أعدتْهُ له ابنتنا قبْل النّوم. لا يخشى أبوها علَي الليل، ليس لأنّ الكلابَ تسْتَنْكفُ أن تهاجِمَ امرأة في الخَمْسين مثلي، بلْ لأنّ الحياة تمضي بهِ ثملاً على أريكتِه ليلاً، أو مترنّحاً بينَ حاناتِ القرية في النّهار.
أخبرتُه يوماً، على مسمعِ ابنتِنا، بأمر كلبٍ تعقّبَ عودَتي مِن بيتٍ عاونتُ فيهِ قابلة القرية الحدباء بولادة تعسَّرت، كلماتُه تمغّطتْ سكْرانة بلسانٍ مُرتخٍ «كلابُ القرية لا تتعقّبُ العجائز».
لكنّ الكلبَ الذي اقتفى أثري بأنفِه ظلَّ يتبعُني كلَّ ليلة. تشعُّ عيناهُ حين التفتُ ورائي، يكشِّرُ عن أنيابه مزمجراً ويسيلُ لعابُه، فتَتَّسِعُ خطوَتي محاذرِة انقضاضَه. حتّى إذا بلغتُ مشارفَ الحي انقطعتْ زمجرتُه واختفى مثلَ عفريتٍ يلتحمُ بالظّلام. حينَ استجرتُ منهُ بزوجي ثانية، همَدَ على أريكة الخيزرانِ يعبُّ من زجاجته، مسَحَ فمَه بكمِّه، وأشارَ نحوي بقاعِ القنّينة قابضاً على عنقِها «أخْبريني أيّتها المُتصابية، بمَ أغويتهِ؟»
فتوليّتُ عنْه. كان محقاً بشأنِ الكلاب. يعلمُ الأهالي كلُّهم أنّها من الغرابة أن تمّيزَ رائحة الشّاباتِ مِن إناثنا عنْ غيرِهنّ. اختلطَتْ على كلبِ اللّيلِ رائحتي؟ أخبرتْني ابنتي بالأمس عن بضعة كلابٍ حاصرَتْ بنتَ الخيّاطة وهي تحمِلُ على رأسِها صرّة ثيابٍ إلى بيتٍ مُجاور. مزّقتِ الأنيابُ الصرّة لمّا وقعتْ أرضاً ونهشَتْ ساقَ الفتاة، فتكَتْ بها لوْلا أدركتْها أمُّها بجذْوة مِن نار، فرّقتْ بها الكلابَ وهي تجْأر.
لكنّ القرية لمْ تكترِث، حتّى عندما هاجمَ قطيعٌ ضالّ أغناماً ترعى في المروج، عجَزَ راعيها عَن دفعِها بعصاه، واكتفى بتصويرِها بعدسة هاتفه وهي تبقرُ بطنَ شاة وتجرُّها من أحشائِها. تصويرُ الرّاعي الذي انتشَرَ مثلَ عدوى بينَ الأهالي، بلغ هاتفي مساءَ اليومِ نفسِه. شغّلتُ المقطعَ؛ كان مِن الشّناعة أنّي لَمْ أكمِلْ مُشاهدَتَه. وفي كآبِة غَسَقِ المَغيب، كان الأهالي يُعيدون تشغيلَ المشهدِ في بيوتِهم، وخوارُ الشّاة المذْبوحة وهي تُسحلُ بينَ نُباحِ الكلابِ يرتفعُ بصخبٍ كريهٍ من بيوت القرية متفاوتاً دونَ انسجام. تداوَلَ الناسُ المقطعَ بهوسٍ محموم، رغْمَ البَشاعة.
ثمّ أتتْ ليلة اتخذَ القمرُ فيها هيئة ظهرِ القابلة العجوز، وتخلّفَ كلبُ الليلِ عَن ملاحَقتي. كنتُ عائدة من تطعيمِ صغارِ حي بعيد. وحين اقتربتُ مِن حارتِنا وحاذيتُ حقلَ المانجا، أفزَعَني وثوبُ ثلاثة أشباحٍ من الأحراشِ اعترَضوا طريقي، أوسطُهم يحمِلُ فانوساً شاحبَ الضّوءِ من زجاجة كدَّرَها السّخام. ضمَّني واحدٌ منهم مِن خلفي وفحَّ بأذُني «لا جدوى مِن استغاثة لا يسمعُها أحد». حاولتُ التخلّصَ مِنه. لكنّه تعاونَ والآخرُ على حمْلي، رفعاني من يدي ورجلي إلى الحقل وأنا أنتفض، سارا يحملاني كالذّبيحة في الأحراشِ خلفَ حاملِ الفانوسِ الأسخم. علّقَه على جذْعِ شجرة طرحاني تحتَها، وَكمَن باغَتَهُم مسٌّ جَماعيّ، شرَعوا بتمزيقِ ملابسي. كِسرُ الأغصانِ اليابسة آذتْ بشْرة ظهري لمّا سحقوهُ على التراب. قاومتُهم حتى خارتْ قواي. استسْلمتُ. لم يحفلوا بتوسّلاتي. استرحامي تحوّل خواراً لمّا ثبّتوني، وصرتُ تحتهم أختضُ مثل جُثة باردة تغزُّها أسياخُ النّار، فروعُ الشّجرة فوقي ظلالُ أشواكٍ تعتَرِضُ حدبة القمَر. شعرْتُ بسخونة دمْعي أسفلَ صدغي يَسُحُ إلى أُذُنيّ. حتّى إذا فرِغوا منّي، قاموا يبصقون على عُرْيي. لمْلمتُ مزقَ ثيابي المُعَفّرة بالطّين، بينما شبكوا أزرارَ قُمصانِهم مُنْتَشين. تناولَ أوسطُهُم فانوسَه المعّلقَ على الجِذْع، وغارَ في ظُلمة الحَقْل مع صاحبيه، تلاشتْ ضَحَكاتُهُم بعيداً حوْلَ نقطَة الضّوْء.
إنّي أعرفُ سرَّها الآن، تلكَ النّظراتِ الطاّفِحَة بالرّيبة، وَوَشْوَشة نساءِ الحي وراءَ ظهري. كانَ زوجي في الحانة يومَ جاءتْني القابلة العجوزُ عصراً تطرقُ الباب. جلسَتْ وهمَسَتْ كي لا تسمع ابنتي. واسودتِ الدّنيا حينَ قالت إن المقطَعَ بدَأَ ينتشِرُ في القَرية. «ملامِحُكِ في ضوْءِ الفانوسِ الأصْفر، يا ابنتي، لا يُخطِئُها أحد». بيدي واريتُ وَجْهي. وَدَدْتُ الموتَ لحظتها. عانقَتْني. بكَيْتُ على كتْفِها. بكفِّها مسَحَتْ دمْعَتي. شجَّعَتْني «اذْهبي إلى عُمْدة القرية. نالي مِنهُم».
وَها أنا ذا، ما برِحْتُ مَنزلي لأربعة أيّام، مذُ خرجتُ مُتَلَفِّعَة إلى مقرِّ العُمدة، رفعتُ خِماري عندَه، وأخبَرْتَهُ بكلِّ شيء. لنْ أنسى نهوضَهُ وراءَ مكتبِهِ الخشبي المسوّس، وسبّابَتُه التي انتصبَتْ أمام شفَتَيْه:
«عودي إلى بيتِك يا امرأة. والتزِمي الصّمت»
فعدتُ خائبة إلى بيتي، حبيسة حجْرَتي وَخَبري يتفَشّى. أطلُّ مِن الكوّة وقت الغروب، أرى أمّهات حيّنا على العتباتِ ينادينَ فَتياتهنّ، فإذا حَلَّ الظَّلامُ ضَجَّتِ المزالجُ خلْفَ الأبْواب الموصدة، واقْفرّتِ السّكَكُ إلاّ مِن أخيلة تذوي سريعاً في امْتدادِ الحارة. غاراتُ الكلابِ لَمْ تُهادِنْ. وخوْفي على القرية يستحيلُ مقتاً.
إنّي أموتُ كلّ ليلة. لا أمسُّ زاداً تدفَعُهُ إلى بُنَيَّتي. تُقَرْفِصُ المسْكينة أمامي تُكلِّمُني فأَعْرِضُ عنْها. تقومُ عنّي، تُلقي علَي نظرة تقْطِرُ حَسرة، قَبْلَ أنْ تُغلِقَ دوني الباب.
وَقَدْ ارتأيتُ الخَلاص. سامِحيني يا ابْنَتي. لَنْ أموتَ ذبولاً بينَ الجُدران. وَغداً قبْلَ الشّروق، أَخْرُجُ إلى الحَقْل. ثمّ لَنْ يراني أحد».
كانَ ذلكَ آخر ما كتَبَتْهُ أُمّي في أوراقٍ عثرْتُ عليْها مُبَعْثَرة في حُجرتِها. شهدَتْ القرية أياماً عصيبة بعدَ رحيلِ أمّي. أضْربَتْ زميلاتُها تتزَعَّمَهُنَّ القابلة العجوزُ عَن العمَلِ خوفاً مِن الكِلاب. مُديريَّة أمْنِ المقاطَعَة أرسَلَتْ إليْنا مُخبِريها لّمّا بلغها الأمْر. تعَقَّبوا أصحابَ مقطَعِ أمّي. وشنّوا حمْلَة مُداهماتٍ أسْفَرَتْ عَن ْاصطيادِ الثلاثة كالجِرْذان، واحداً تِلْوَ آخر.
لكِنَّ القابلة العجوزَ لم تكتَفِ: «الكلاب».
فَما كانَ مِن راعي الغَنَمِ إلاّ أنْ ساقَ شاة إلى قَصّابِ القرية يشَحَذُ سِكّينَه. في ساحتنا أهْرَقَ دَمَها، وحَشا لَحْمَها بالذّعاف، ثمَّ ألْقى بِهِ في السِّكَكِ َمع عِظامِها المَغْموسَة بِالسُّمّ. ظلّتِ الأيامُ التي تَلَتْ عُثورَ راعي الغَنَمِ على أمّي مَشْنوقة في الحقلِ تحت شَجَرة المانجا، تُصَبِّحُنا بكلابٍ مصروعة علَى الطُّرُقات، فاغِرة أَعْيُنها وألْسِنتها تَتَدَلّى بينَ أنيابِها. لكنَّ نباحاً لم يزلْ يضجُّ من أماكن بعيدة في الليالي المُظْلِمَة. وَأيّامُنا العَصيبة بعد لَمْ تَنْتَهِ.
- كاتب كويتي



بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
TT

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)

يهتزّ منزل بيونسيه على وقع الفضيحة التي تلاحق زوجها جاي زي. هو متهمٌ من قِبَل سيّدة باعتداءٍ مشتركٍ عليها، تورّطَ فيه وزميله شون ديدي عام 2000.

لكن رغم الرياح التي تعصف بالبيت الزوجيّ، وهي ليست الأولى في العلاقة المستمرة منذ 27 عاماً، فإنّ الفنانة الأميركية حرصت على الظهور مبتسمةً إلى جانب زوجها قبل أيام، وذلك في العرض الأول لفيلم «Mufasa - Lion King». جاءت الابتسامة العريضة على شرف ابنتهما بلو آيفي، التي تخوض تجربتها السينمائية الأولى.

بيونسيه تتوسّط زوجها جاي زي وابنتها بلو آيفي في العرض الأول لفيلم «موفاسا» (إ.ب.أ)

النجمة رقم 35 على قائمة «فوربس»

واجهت بيونسيه تحدياتٍ كثيرة في كلٍ من حياتها الخاصة ومسيرتها المهنية، وقد لعب ذلك دوراً في تكوين شخصيةٍ صلبة لديها. لم يأتِ اختيارُها من بين أقوى 100 امرأة لعام 2024 عبَثاً من قِبَل مجلّة «فوربس»، وهي ليست المرة الأولى التي تخترق فيها المغنية البالغة 43 عاماً، قوائمَ تتصدّرها رئيسات جمهورية ورائدات أعمال.

احتلّت بيونسيه المرتبة الـ35 في قائمة «فوربس» السنوية، التي تصدّرتها رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تليها كلٌ من رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، ورئيسة إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم. أما من بين زميلاتها المغنّيات فقد سبقتها تايلور سويفت إلى المرتبة 23، فيما حلّت ريهانا في المرتبة الـ76.

800 مليون دولار و32 «غرامي»

تختار فوربس نجمات قائمتها بناءً على 4 معايير، هي الثروة، والحضور الإعلامي، والتأثير الاجتماعي، ومجالات السلطة. وتبدو بيونسيه مطابقة للمواصفات كلّها، بما أنّ ثروتها تخطّت الـ800 مليون دولار، وهي في طليعة الفنانات ذات الأثر السياسي والثقافي والاجتماعي.

إلى جانب كونها إحدى أكثر المشاهير ثراءً، تُوّجت بيونسيه بأكبر عدد من جوائز «غرامي» محطّمةً الرقم القياسي بحصولها على 32 منها خلال مسيرتها. وهي لم تكتفِ بلقب فنانة، بل إنها رائدة أعمال أطلقت شركاتها وعلاماتها التجارية الخاصة على مرّ السنوات. تذكر «فوربس» أن مصدر ثروتها الأساسي هو الموسيقى، إلى جانب مبادراتها الفرديّة، وتلفت إلى أنّ بيونسيه صنعت نفسها بنفسها، مع العلم بأنها لم تتابع أي اختصاص جامعيّ، بل تركت المدرسة قبل التخرّج فيها.

حطّمت بيونسيه الرقم القياسي بحصولها على 32 جائزة «غرامي» حتى عام 2023 (أ.ب)

طفلة القدَر

جاء العِلمُ في حياة بيونسيه على هيئة والدةٍ بدأت مصفّفةَ شَعر ثم فتحت صالونها الخاص، وعلى هيئة والدٍ كان يعمل مدير مبيعات في إحدى الشركات، قبل أن يصبح مدير أعمال ابنته. منهما تلمّست المنطق التجاري.

أما فنياً، فقد لمع نجمُها للمرة الأولى في مسابقةٍ مدرسيّة، عندما غنّت وهي في السابعة لتتفوّق على مَن هم في الـ15 والـ16 من العمر. فما كان من والدها سوى أن يترك وظيفته ويتفرّغ لإدارة أعمالها والفريق الغنائي الذي انضمّت إليه في الثامنة من عمرها، والمكوَّن من فتياتٍ صغيرات. تحوّل الفريق ذاتُه عام 1996 إلى «Destiny’s Child» (طفل القدَر)، لتنطلق معه رحلة بيونسيه نحو العالميّة.

فريق Destiny’s Child الذي انطلقت منه بيونسيه عام 1996 (فيسبوك)

صنعت الليموناضة

بعد انفصال الفريق، لم تتأخر بيونسيه في استئناف رحلتها الفنية منفردةً، فخاضت التمثيل والغناء. إلا أن تلك الرحلة لم تكن اعتياديّة، إذ سرعان ما ارتفعت أسهُمُها وبدأت تُراكِم الإصدارات، والحفلات، والجولات العالمية، والأدوار السينمائية، والجوائز، والألقاب.

لم يحصل ذلك بالصُدفة، بل بكثيرٍ من المثابرة. عندما طُلب منها مرةً أن تفسّر نجاحها غير المسبوق، أجابت بيونسيه: «صحيحٌ أنني مُنحت الليمون، لكنّي صنعت الليموناضة». يُنقل عمّن يواكبون تحضيراتها من كثب، أنها تُشرف على كل تفصيلٍ متعلّقٍ بألبوماتها وحفلاتها، هذا إلى جانب انخراطها المباشر في عمليّة التأليف والتصميم. تشهد على ذلك جولتها العالمية الأخيرة Renaissance والتي تحوّلت إلى ظاهرة اقتصادية.

هذا فنياً، أما نفسياً فلم يكن صعود بيونسيه الصاروخيّ مهمة سهلة. كان عليها مصارعة خجلها وشخصيتها الانطوائيّة لسنوات عدة، لكنها استلهمت تجارب نجماتٍ سبقنها. تقول إنها تأثرت بمادونا، ليس كأيقونة موسيقية فحسب، بل كسيّدة أعمال كذلك؛ «أردت أن أسير على خطاها وأن أبني إمبراطوريتي الخاصة».

تذكر بيونسيه مادونا من بين السيّدات اللواتي ألهمنها (فيسبوك)

صوت المرأة

لا تخترق بيونسيه عبثاً قوائم تضمّ أفضل رئيسات مجالس الإدارة، ومديرات الشركات الناجحة، فهي أثبتت أنها سيدة أعمال متفوّقة. أسست شركة الإنتاج الخاصة بها عام 2010 تحت اسم Parkwood Entertainment، وهي تقدّم مروحة واسعة من الخدمات في قطاع الترفيه؛ من إنتاج الأفلام، والموسيقى، والبرامج التلفزيونية، وصولاً إلى إدارة أعمال الفنانين، والتسويق، والتصميم الإلكتروني.

وفي عام 2024، أطلقت مستحضر Cecred للعناية بالشَعر، في تحيّةٍ إلى والدتها الحلّاقة، وفي استكمالٍ لمشاريعها التجاريّة.

بيونسيه ووالدتها تينا نولز (رويترز)

وظّفت بيونسيه نفوذها الفني والمالي في خدمة قضايا اجتماعية وإنسانية تؤمن بها. منذ أولى سنوات انطلاقتها الموسيقية، ناصرت قضايا النساء من خلال كلمات أغاني Destiny’s Child وأغانيها الخاصة لاحقاً. عام 2011، تحوّلت أغنية «Who Run The World? Girls» (مَن يحكم العالم؟ الفتيات) إلى نشيدٍ تردّده النساء حول العالم.

إلّا أنّ الأمر لم يقتصر على الكلام والألحان، بل امتدّ إلى الأفعال. عبر مؤسستها الخيريّة Bey GOOD، تدعم بيونسيه تعليم الفتيات من خلال تأمين الأقساط المدرسية لهنّ. وعبر تلك المؤسسة وحضورها على المنابر العالمية، تحمل بيونسيه لواء المساواة بين الجنسَين.

تحمل بيونسيه قضية تمكين المرأة من خلال أغانيها وأنشطتها الاجتماعية (فيسبوك)

تهمةٌ تهزّ عرش «الملكة بي»؟

تُعَدّ بيونسيه اليوم من أجمل سيّدات العالم، إلّا أنّ ثقتها بنفسها لم تكن دائماً في أفضل حال. في الـ19 من عمرها كانت تعاني من الوزن الزائد وتتعرّض للانتقادات بسبب ذلك. أثّر الأمر سلباً عليها إلى أن استفاقت يوماً وقررت ألّا تشعر بالأسف على نفسها: «كتبتُ Bootylicious وكانت تلك البداية لتحويل كل ما منحتني إياه الحياة، إلى وسيلةٍ أمكّن من خلالها نساءً أخريات».

انسحبَ أثر بيونسيه الاجتماعي على السياسة، فهي تشكّل صوتاً وازناً في المشهد الرئاسي الأميركي. ساندت باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، كما تجنّدت إلى جانب كامالا هاريس في معركتها الرئاسية الأخيرة، مقدّمةً لها إحدى أغانيها كنشيدٍ رسمي للحملة.

بيونسيه في أحد تجمّعات كامالا هاريس الرئاسية (رويترز)

تشكّل مسيرة بيونسيه الفنية والمهنية بشكلٍ عام موضوع دراسة في عددٍ من الجامعات الأميركية. لكنّ الأمجاد لا تلغي التحديات، فهي تقف اليوم إلى جانب زوجٍ متهمٍ باعتداءٍ على امرأة. وإذا صحّت التهمة، فإنّها تقف بالتالي إلى جانب ما يناقض القضايا التي تبنّتها طوال مسيرتها الحافلة.