رئيس الحكومة المصرية يتعهد تخفيض معدلات الفقر

مدبولي يلقي كلمته أمام البرلمان في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
مدبولي يلقي كلمته أمام البرلمان في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس الحكومة المصرية يتعهد تخفيض معدلات الفقر

مدبولي يلقي كلمته أمام البرلمان في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
مدبولي يلقي كلمته أمام البرلمان في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

تعهد مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، باحتواء الفقراء وتنفيذ إجراءات لتخفيض معدلات الفقر في البلاد، فضلاً عن «تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعي» للطبقات الأقل دخلاً.
وقال رئيس الحكومة الساعية إلى نيل ثقة «شبه مضمونة» من مجلس النواب، أمس خلال إلقاء بيان عن أولويات عمل فريقه الوزاري أمام الجلسة العامة للبرلمان «لن نترك فقيراً يتكفف (يطلب المساعدة من) الناس؛ فالحكومة أولى به من ناحية التشغيل، إن كانت لديه القدرة على العمل، أو من ناحية إعالته إن كان غير قادر على الكسب، أو كان واقعاً تحت خط الفقر». وبحسب بيانات رسمية، فإن نحو 30 مليون مصري (يمثلون 28 في المائة من إجمالي السكان) كانوا يعيشون بمعدل دخل تحت خط الفقر حتى عام 2015. ويعتقد على نطاق واسع زيادة هذه النسبة بسبب قرارات تعويم العملة المحلية التي أقدمت عليها مصر قبل عامين، وإجراءات رفع الدعم عن كثير من الخدمات، ما تسبب في زيادة غير مسبوقة في معدلات التضخم تجاوزت 30 في المائة.
وشرح مدبولي، الذي أدى مع وزراء حكومته اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، أن «التكليف الأساسي من الرئيس للحكومة هو العمل بأقصى جهد، وفي أسرع وقت ممكن للدخول في مرحلة تمكين الفئات الكادحة والصابرة، وكل فئات الشعب من الاستفادة من نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال عامين».
وتنفذ مصر منذ سنوات إجراءات تتبناها الحكومات المختلفة، في إطار ما تطلق عليه «خطة الإصلاح الاقتصادي». وأقرّت على مراحل متتابعة رفع الدعم بشكل تدريجي عن عدد من خدمات النقل والكهرباء والمياه، كما أعلنت منتصف الشهر الماضي زيادة أسعار الوقود، التي تضمنت رفع أسعار ثلاثة أنواع من البنزين، وكذلك أسطوانات الغاز المنزلية بنسبة 60 في المائة في المتوسط.
وطمأن رئيس الوزراء مواطنيه قائلاً إن «الإجراءات الاقتصادية الصعبة، التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة، سوف تؤتي ثمارها خلال الفترة القادمة، حيث تم تنفيذ 85 في المائة من برنامج الإصلاح الاقتصادي». وزاد موضحا «أوجه من هنا رسالة حقيقية وصادقة إلى المواطن المصري... لقد صبرت كثيراً وتحملت كثيراً، وأرجو أن تتأكد أنه مضى الكثير ولم يبق إلا القليل، والنتائج الجيدة قادمة».
كما التزم مدبولي أمام أعضاء البرلمان باتخاذ «إجراءات عاجلة لدعم المواطن، وتخفيف الآثار المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وخفض نسبة الدين الحكومي وأعبائه إلى معدلات مستدامة، لا تتعدى 90 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي في يونيو (حزيران) 2020 وتصل إلى ما بين 80 في المائة إلى 85 في المائة بنهاية البرنامج».
وأشار مدبولي إلى أن مصر تستهدف رفع معدل النمو الاقتصادي الحقيقي إلى 8 في المائة في 2021- 2022، مقارنة بـ5.4 في المائة في عام 2017-2018، وذلك من خلال رفع معدل الاستثمار ليصل إلى 25 في المائة سنوياً.
ووضع رئيس الحكومة شعاراً لبرنامج حكومته أطلق عليه «مصر تنطلق»، وقال بهذا الخصوص: «إذا كانت السنوات الأربع السابقة هي سنوات تثبيت الدولة وتأمينها، وتحسين البنية التحتية، وإطلاق المشاريع الكبرى التي تمهد المناخ لجذب الاستثمار وزيادة معدل النمو؛ فإن فترة السنوات الأربع القادمة ستبدأ ببرنامج يقع المواطن المصري في موقع القلب منه، ويبنى على النجاحات السابقة».
كما أوضح مدبولي أن الحكومة تستهدف «تحقيق الاستقرار الأمني في الداخل، وحماية وتأمين حدود مصر الخارجية، ومكافحة الإرهاب والالتزام بتعزيز حقوق الإنسان، وصون حرياته الأساسية في إطار القانون، وأهمها الحقوق السياسية وعدم التمييز، وتحفيزه على أداء واجباته، وتنشيط الحياة السياسية، وتقوية الأحزاب، وزيادة المشاركة الشعبية في الحياة العامة، واستصدار القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان، وفقاً للاستحقاقات الدستورية».
وعدّ مدبولي أن من بين محاور «حماية الأمن القومي المصري» تحقيق الأمن المائي، والحفاظ على «حقوق مصر المائية وتنمية وترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة، وتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير مخزون كاف من السلع الاستراتيجية في المدى القصير، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية في المدى المتوسط». كما تحدث مدبولي، الذي يتولى وزارة الإسكان إلى جانب رئاسة الحكومة، عن برنامج الإسكان الاجتماعي، موضحاً أنه سيتم «استكمال تنفيذ 230 ألف وحدة سكنية جار تنفيذها بمختلف المحافظات، وبدء تنفيذ 500 ألف وحدة سكنية أخرى، ليصل إجمالي المنفذ من البرنامج إلى 1.1 مليون وحدة سكنية كاملة التشطيب والخدمات، توفر السكن الملائم لذوى الدخول المحدودة والشباب».
وأفاد مدبولي بأن برنامج العمل يستهدف «الوصول بنسبة تغطية الصرف الصحي في المدن إلى 100 في المائة، وتوصيل خدمات الصرف الصحي إلى 60 في المائة من سكان الريف».
وجاء من بين الموضوعات الواردة في بيان الحكومة التعهد بأن توفر برامجها نحو 900 ألف فرصة عمل سنوياً، بإجمالي 3.6 مليون فرصة عمل في 4 سنوات، بما يساهم في خفض معدل البطالة ليصل إلى 8 في المائة، بعد أن سجل 10.6 في المائة خلال عام 2017-2018.
كما لفت مدبولي إلى «بدء تطبيق المرحلة الأولى من نظام التأمين الصحي الاجتماعي لتشمل محافظات منطقة إقليم قناة السويس (تضم 3 محافظات) خلال عامين، ثم يمتد التطبيق بعد ذلك تباعاً على كل المحافظات (27 محافظة)».
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 50 مليون مواطن مصري تقريباً هم فقط المستفيدون بالاشتراك في منظومة التأمين الصحي القائمة، بشقيها الحكومي والخاص، بينما تظل بقية السكان البالغ إجمالي تعدادهم 104 ملايين شخص خارج تلك المظلة الصحية المهمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.