غزّة تشيّع فتى وشرطياً قتلا برصاص الاحتلال

«حماس» تطالب بملاحقة المسؤولين الإسرائيليين دولياً

جانب من تشييع جنازة الطفل ياسر أبو النجا في خانيونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من تشييع جنازة الطفل ياسر أبو النجا في خانيونس أمس (إ.ب.أ)
TT

غزّة تشيّع فتى وشرطياً قتلا برصاص الاحتلال

جانب من تشييع جنازة الطفل ياسر أبو النجا في خانيونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من تشييع جنازة الطفل ياسر أبو النجا في خانيونس أمس (إ.ب.أ)

شيع آلاف الفلسطينيين أمس فتى وشرطياً قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، خلال المواجهات، التي شهدتها المنطقة الحدودية جنوب قطاع غزة، والتي أصيب خلالها أكثر من 400 فلسطيني بجروح متفاوتة الخطورة. وبهذه الحصيلة الجديدة يرتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 135، والمصابين إلى أكثر من 15 ألف في مواجهات شبه يومية مع الجيش الإسرائيلي ضمن احتجاجات مسيرات العودة على الأطراف الحدودية لقطاع غزة منذ 30 من مارس (آذار) الماضي.
وشيع الفتى ياسر أبو النجا (11 سنة)، وهو ابن أمجد أبو النجا، القائد في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في خان يونس، في جنازة شارك فيها قادة الحركة وقيادات الفصائل الفلسطينية، وسط دعوات إلى «الانتقام»، وفق مصور الصحافة الفرنسية.
وقتل ياسر، الذي كان سيتم الثانية عشرة من عمره في 19 من سبتمبر (أيلول) المقبل، وفق عائلته، برصاصة في الرأس شرق خان يونس.
وقال خليل الحية، عضو المكتب السياسي في حركة حماس، خلال التشييع إن «استشهاد ياسر دليل واضح على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني». مؤكدا أن «الاحتلال قتل الطفل بدم بارد، وبقرار سياسي من الحكومة الإسرائيلية من خلال تصريح قادتها وتشريعهم قتل الفلسطينيين». وتساءل «أين المؤسسات التي تطالب بحماية الطفل؟ من قتل الطفل ياسر؟».
وطالب الحية خلال تشييع جثمان الطفل ياسر أبو النجا، وسط قطاع غزة، بملاحقة دولية للمسؤولين الإسرائيليين «قتلة الأطفال الفلسطينيين». وقال إن إسرائيل «تجيز بقرار رسمي قتل كل أبناء الشعب الفلسطيني وحتى الأطفال».
وفي رفح، جنوب قطاع غزة، شيع أكثر من 1500 شرطي ورجل أمن بعد ظهر أمس الشرطي محمد فوزي محمد الحمايدة (24 عاما) في جنازة عسكرية. وأكدت وزارة الصحة أن «الحمايدة استشهد إثر إصابته برصاص الاحتلال في البطن والساق شرق رفح».
وكان آلاف الفلسطينيين قد شاركوا أول من أمس في تحرك احتجاجي استمر ثلاث ساعات، قام خلاله نشطاء بإطلاق طائرات ورقية بعضها يحمل عبوات حارقة، وأسقط عددا منها في حقول زراعية إسرائيلية محاذية للحدود. كما أشعل متظاهرون عشرات إطارات السيارات، ورشقوا حجارة وزجاجات فارغة تجاه الجنود الإسرائيليين المتمركزين في أبراج مراقبة، أو خلف تلال رملية.
من جهه ثانية قالت وسائل إعلام إسرائيلية أمس إن منطادا حارقا كان محملا بمواد متفجرة سقط في أرض خالية قرب بلدة كريات ملاخي، التي تبعد عن قطاع غزة أكثر من 32 كيلومترا، دون أن يتسبب في حرائق، وهي المرة الأولى التي يتم فيها وصول مثل هذه «البالونات» إلى هذه المسافة الطويلة.
واندلع أمس أكثر من 13 حريقا في بلدات إسرائيلية محاذية للقطاع، بفعل طائرات ورقية حارقة أطلقت من القطاع، قبل أن تنجح طواقم الإطفاء في إخمادها.
وخلال الأيام الأخيرة نجح شبان من غزة في تطوير أسلوب «المنطاد الحارق»، باعتباره أحد الأساليب الجديدة التي يستخدمها الشبان ضمن المسيرات الأسبوعية، والمناوشات اليومية على طول حدود القطاع مع الجانب الإسرائيلي. وقد اعتبر بعض المراقبين أن نجاح الشبان الفلسطينيين وتفننهم في تصنيع هذا «المنطاد الحارق» بات يشكل تحديا جديدا للاحتلال، خاصة وأن المتظاهرين توعدوا بإطلاق كميات كبيرة منه باتجاه المدن الإسرائيلية التي تبعد عن حدود القطاع، بما لا يقل عن 40 كيلومترا.
ويعتبر هذا التطور الجديد، حسب بعض العسكريين، سلاحا قويا سيصبح أكثر فعالية في حال نجاحه في اجتياز مسافات طويلة داخل الأراضي الإسرائيلية، لأنه سيمثل بذلك تحديا جديدا لإسرائيل، التي باتت تشعر بحالة من العجز في مواجهة الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، التي يطلقها المتظاهرون من حدود القطاع باتجاه كيبوتسات وبلدات إسرائيلية تقع بجوار الحدود.
وإلى الآن لم تنجح الطائرات الورقية والبالونات في الوصول إلى مسافة أكثر من 14 كيلومترا داخل المناطق الإسرائيلية. لكن يتوقع أن تحقق المناطيد الحارقة الجديدة نجاحا أكبر، خاصة بعد وصول أول منطاد منه إلى مسافة بعيدة جدا.
وأطلقت المناطيد من قبل مجموعة من الشبان الفلسطينيين تطلق على نفسها «وحدة الزواري»، في إشارة إلى المهندس التونسي محمد الزواري، الذي اغتالته مجموعة مسلحة، يعتقد أنها تتبع لجهاز الموساد الإسرائيلي في مدينة صفاقس التونسية عام 2015، بحجة أنه مهندس طائرات دون طيار، وقد قالت حركة حماس إنه خدم في مشروع طائراتها.
وأظهر فيديو نشرته «وحدة الزواري» عملية إعداد «بالون» كبير الحجم، أطلقت عليه اسم «منطاد حارق»، وكتبت اسمه على البالون نفسه، الذي تم إطلاق ثلاثة منه إلى مدن إسرائيلية، قالت إنها تبعد بنحو 40 كيلومترا. لكن لم تذكر وسائل إعلام إسرائيلية حينها سقوط تلك المناطيد في أي منطقة.
وتعتبر مدينة بئر السبع في النقب، جنوب إسرائيل، المدينة الأقرب لمدى 40 كيلومترا من حدود مناطق شرق جنوبي قطاع غزة (أي رفح وخانيونس).
ولوحظ أن «المنطاد الحارق»، الذي أطلقه أفراد المجموعة كان يحمل مواد حارقة بهدف إيقاع خسائر أكبر في الجانب الإسرائيلي، وتعهدوا بإطلاق مزيد من المناطيد باتجاه المدن الإسرائيلية، وكتبوا عليه رسالة باللغتين العربية والعبرية «إذا كان قد حكم علينا بالمعاناة، فلن نعاني وحدنا». إشارة إلى الوضع الصعب في قطاع غزة، سياسيا واقتصاديا وحياتيا.
وفي حال نجاح هذا الاختبار، الذي يبدو أنه اجتاز أمس أول اختبار حقيقي له، فإنه من الممكن أن يثير غضب إسرائيل، التي قد تلجأ حسب توقعات محللين سياسيين، إلى تنفيذ عمليات اغتيال، ردا على إطلاقه في حال وصوله إلى عمق المدن الإسرائيلية القريبة من غزة.
وبدأت القوات الإسرائيلية تستهدف مؤخرا مركبات، قالت إنها تعود لمطلقي الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، كما استهدفت مجموعات من مطلقيها بصواريخ تحذيرية، وسط دعوات من وزراء لاغتيال تلك المجموعات.
وعادة ما تستخدم إسرائيل «المناطيد» في رصد تحركات الشبان والمسلحين الفلسطينيين على طول الحدود مع قطاع غزة، وتكون مزودة بكاميرات دقيقة جدا بإمكانها رصد أي تحرك قرب الحدود.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.