إلقاء القبض على مجموعة يمينية متطرفة كانت تخطط لاستهداف مسلمين في فرنسا

TT

إلقاء القبض على مجموعة يمينية متطرفة كانت تخطط لاستهداف مسلمين في فرنسا

في السنوات الثلاث الأخيرة، درجت المديرية العامة للأمن الوطني (الاستخبارات الداخلية) الفرنسية، على الاهتمام حصرياً بالإرهاب المرتبط بالاتجاهات الراديكالية الإسلامية، ربطاً بالعمليات التي شهدتها فرنسا منذ بداية عام 2018؛ لكن نهاية الأسبوع المنصرم، تغيرت الأمور، وبيّنت عملية القبض على تسعة رجال وامرأة في أربع مناطق فرنسية مختلفة، أن هناك إرهاباً فرنسياً، وأن المستهدفين هم من المسلمين، الأمر الذي دفع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى توجيه رسالة تحذيرية لوزير الداخلية، يعبر فيها عن خشيته من استهداف المساجد وأماكن الصلاة في فرنسا، البالغ عددها نحو 2500 موقع، أو الاعتداء على المصالح الإسلامية بشكل عام. المعتقلون الذين يحق للقضاء الفرنسي احتجازهم لـ96 ساعة متواصلة قبل أن يقدموا إلى قاضي تحقيق أو إخلاء سبيلهم، أوقفوا ليل السبت - الأحد في المنطقة الباريسية، وفي جزيرة كورسيكا، وفي غرب فرنسا، وتتراوح أعمارهم ما بين 32 و69 عاماً.ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها أماكن عبادة أو مصالح تابعة لمسلمين، فإن الجديد هذه المرة وجود مجموعة منظمة لها رأس مدبر ونشاطات وتحضيرات لأعمال إرهابية. كذلك، فإن لها موقعاً إلكترونياً تبث عبره دعايتها السياسية.
وعثرت المخابرات في حوزة المعتقلين العشرة على كثير من الأسلحة (بنادق ومسدسات) وقنابل بدائية وسكاكين وخناجر. كذلك، فإن أفراد الخلية كانوا يتدربون على الرماية في نوادٍ متخصصة، وعمدوا إلى تحضير مخابئ للسلاح والمواد الغذائية تحسباً لمعركة قادمة.
هؤلاء الأفراد الذين يسمون أنسفهم «مجموعة عمل القوات الميدانية» كانوا يعتبرون أن فرنسا في حالة حرب. ولعل أفضل دليل على ذلك ما ورد على موقعهم على شبكة الإنترنت، بتوقيع زعيمهم المدعو «غي أس» والذي يسمي نفسه «الكابتن» (وهو عسكري سابق خدم كما يقول 15 عاماً في صفوف الجيش الفرنسي). وقال في مقطع معبر: «نحن في حالة حرب ضد عدو منغرس على أرضنا، ولقد تركناه بسذاجة يأتي إلينا ليأخذ منحى راديكالياً ويتلقى دعماً دينياً ومالياً كثيفاً». وهذا الرجل كان ينتمي إلى جهاز الشرطة وكان - وفق ما جاء في صحيفة «لو فيغارو» أول من أمس - مقرباً من «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) التي تحول اسمها مؤخراً إلى «التجمع الوطني». ويبدو بيّناً أن هذا الرجل كان «محرك» المجموعة التي انضم إليها متقاعدون من موظفين سابقين، وبينهم عسكري سابق وامرأة. وما يجمع بينهم، رغم تفرقهم الجغرافي على الأراضي الفرنسية، آيديولوجية يمينية عنصرية معادية للإسلام، الذي يعتبرونه «استعمر» فرنسا. ولذا، فإن المجموعة قسمتها إلى مناطق بألوان مختلفة: المنطقة الحمراء التي أصبحت تحت سيطرة «العدو» وهو يحاول أن يطبق فيها الشريعة الإسلامية، والمنطقة البرتقالية التي تحاذي الأولى ويتعين الدفاع عنها في إطار «حرب فرنسا» وفيها توجد مقار الشرطة والدرك والمستشفيات والمواقع الحساسة الأخرى. وأخيراً هناك المنطقة الزرقاء التي ما زالت في أيدي «الأوفياء» بعيدة عن النفوذ الإسلامي. ولاكتمال الصورة، فإن الموقع ينشر صوراً تذكر بـ«نهاية العالم»، وإحداها صورة لبرج إيفل الشهير في باريس، وتظهر فيها ما يشبه المعارك مع أفق أسود ودخان يتصاعد ومقاتلون.
ولا تكتفي المجموعة بما سبق؛ بل إنها تدعو إلى تشكيل «مجموعات دفاعية» تضم «مواطنين - جنوداً متأهبين لخوض المعارك» وتحض على جمع كل ما يمكن أن يستخدم كسلاح إلى جانب البنادق الحربية والمسدسات، مثل بنادق الصيد والسكاكين والمطارق والرفوش والعصي. وإلى جانب التخابر عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأحياناً المفتوحة، كان يحصل أن يجتمع أفراد المجموعة للنظر في تقدم مشروعاتهم. إلا أن الأجهزة الأمنية رغم تأكيدها أنها كانت تعد لاعتداءات، فإنها لم تصل إلى حد تعيين تواريخ محددة وأهداف بعينها.
ورأى بعض المراقبين أن هذه المجموعة تذكّر بـ«منظمة العمل السري» الإرهابية التي نشطت في الجزائر إبان حرب التحرير، من خلال الاغتيالات والتفجيرات التي قامت بها، ومنها محاولة اغتيال الرئيس الفرنسي الجنرال ديغول، لمنع الجزائر من الحصول على استقلالها. لم يكن أعضاء المجموعة معروفين لدى الأجهزة الأمنية، باستثناء اثنين منهما أوقفا سابقاً لأسباب لا علاقة لها بنشاطات إرهابية (مثل قيادة السيارة في حال من السكر وإطلاق تهديدات). وما سهل على الأجهزة المذكورة وضع اليد عليها هو اللجوء إلى الرقابة الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي. وفهم من تسريبات هذه الأجهزة أن مشروعات المجموعة الإرهابية كانت تتناول مهاجمة «إسلاميين راديكاليين وأئمة أو نساء مسلمات». إزاء هذا التهديدات الجدية، عمد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى توجيه رسالة إلى وزير الداخلية الذي هو في الوقت ذاته وزير شؤون العبادة، للفت النظر للتهديدات التي تمثلها هذه المجموعة وكل المجموعات الراديكالية اليمينية المتطرفة، التي تنمو على آيديولوجية كره الأجانب والإسلام والعرب.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.