العراق: معركة الانتخابات تنتقل إلى المحكمة الاتحادية

المفوضية لا تمانع الفرز اليدوي وتنتظر قرار القضاء

البدران وأعضاء مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
البدران وأعضاء مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
TT

العراق: معركة الانتخابات تنتقل إلى المحكمة الاتحادية

البدران وأعضاء مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)
البدران وأعضاء مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (رويترز)

أحال الرئيس العراقي فؤاد معصوم على المحكمة الاتحادية العليا قرار مجلس النواب المنتهية ولايته إلغاء بعض نتائج الانتخابات البرلمانية وإجراء فرز يدوي لعُشر صناديق الاقتراع، واعتبره «مخالفة دستورية». لكن القوى الخاسرة في الانتخابات اتهمته بـ«الانحياز».
وكان البرلمان عقد الأسبوع الماضي جلسة استثنائية لمناقشة «خروقات» رافقت الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، وقرر بعد ثلاث محاولات فاشلة لإكمال النصاب، إلغاء الانتخابات في الخارج ومراكز التصويت المشروط في مخيمات النازحين في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى، «لما توافر من أدلة على تزوير إرادة الناخبين». واستثنى أصوات الأقليات المشمولة بنظام الحصص.
وتضمن قرار البرلمان الذي أثار جدلاً واسعاً، العد والفرز اليدوي لما لا يقل عن 10 في المائة من صناديق الاقتراع، «وفي حال ثبوت تباين بنسبه 25 في المائة بين ما تم فرزه إلكترونياً وعده يدوياً، يعاد العد والفرز يدوياً لجميع المحافظات».
وشددت الرئاسة في بيان، أمس، على أن قرار معصوم «مطابق للدستور». وقالت إن «رئيس الجمهورية يسهر على ضمان الالتزام بالدستور، ما يرتب على الرئاسة مسؤولية متابعة ومراقبة كل ما يتعارض مع مبادئ الدستور والقوانين السارية». وأشارت إلى أن إحالة الملف على المحكمة العليا جاء «بوصفها الجهة القضائية المسؤولة عن تفسير الدستور، واحتراماً لسلطة القضاء والتزاماً بكونها الجهة الأساسية في حفظ القانون وتطبيقه».
واعتبر أن «متابعة ما حصل في مجلس النواب أثناء الجلسة الاستثنائية ولدت شكوكاً بعدم دستورية هذه الجلسة وسيرها وما اتخذ من قرار فيها، وذلك استناداً إلى نص المادة 61 من الدستور، إذ ليس من بين اختصاصات المجلس إلغاء نتائج الانتخابات جزئياً أو كلياً، كون ذلك نُظم بقوانين خاصة أشارت إليها المادة 49 من الدستور، كما رسم قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007 طريقاً للطعن في نتائج الانتخابات عبر الركون إلى السلطة القضائية، ولهذا فإن عمل مجلس النواب قد مسّ بمبدأ الفصل بين السلطات وتدخل باختصاص السلطة القضائية ومهامها».
وأعلنت مفوضية الانتخابات، أمس، «احترامها قرارات مجلس النواب»، لكنها تنتظر رأي المحكمة الاتحادية بشأنها. وشدد رئيس المفوضية رياض البدران في مؤتمر صحافي، أمس، على أن «المفوضية لن تتهاون مع أي مقصر أو أي خرق انتخابي... ولا نتخوف أو نرفض إجراء العد والفرز اليدوي، لكننا نحتاج إلى قرار بذلك لأن القانون ألزمنا إجراء العد والفرز إلكترونياً».
وأشار إلى انتهاء مهلة تقديم الطعون، أمس، موضحاً أن الهيئة القضائية ستراجع 1875 طعناً خلال 10 أيام. وأكد أن المفوضية «تعاملت مع الطعون والشكاوى بكل جدية وسهلت إجراءات تسلمها».
وشدد البدران على سلامة النتائج، داعياً القوى المختلفة إلى «احترام سلطة الشعب». وقال إن أجهزة الفرز الإلكتروني «ثبتت مطابقتها لجميع النتائج». غير أنه تعهد ألا يتهاون «مع أي مقصر أو أي خرق انتخابي»، لافتاً إلى تشكيل لجان تحقيق لمحاسبة المقصرين.
وأصدرت ثلاثة أحزاب كردية بياناً مشتركاً هاجمت فيه موقف الرئيس. وقالت «كتلة التغيير» و«الاتحاد الإسلامي الكردستاني» و«الجماعة الإسلامية» إن «رئيس الجمهورية، بحسب الدستور، يفترض أن يكون حامياً له وحريصاً على الدفاع عنه. ومع الأسف لم نسمع له صوتاً في محافل ومواقف عدة سابقة حين حصلت خروقات وتجاوزات رافقها إصدار لقوانين وقرارات غير دستورية مسّت بالعراق عموماً، وبإقليم كردستان خصوصاً، ونراه اليوم يتدخل في أمور ليست من اختصاصه وخارج صلاحياته الدستورية».
واعتبرت الأحزاب الثلاثة أنه «لا صلاحية لرئيس الجمهورية للتدخل في هذه المسالة لأن صلاحياته حددها الدستور في المادة 73 ولم تضع له أي حق للتدخل في عمل السلطة التشريعية، أعلى السلطات في العراق».
وبررت النائب عن «التغيير» سروة عبد الواحد هجوم حزبها على معصوم بأن «رئيس الجمهورية لم ينطق شيئاً خلال أربع سنوات مر خلالها البلد بأزمات عدة، بينها مثلاً فرض إجراءات غير دستورية على كردستان». ورأت أن «موقف الرئيس اليوم جاء تحت ضغط حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني في محاولة منه لإنقاذ الحزب من عمليات التزوير واسعة النطاق التي قام بها».
لكن النائب عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» شوان داودي قال إن «جلسة البرلمان الماضية لا يمكن اعتبارها جلسة قانونية ولا تحمل صفة جلسة»، مشيراً إلى أن «الجلسة لم تكمل نصابها القانوني بحسب المعلومات المتوافرة لدي». وأضاف أن «هذه الجلسة وسابقتها غير قانونيتين، وكل ما يصدر عنهما لا يُعتدّ به».
وأشار إلى أن كتلة حزبه طلبت التسجيلات المصورة للجلسة «للتأكد من عدد النواب الحاضرين»، لافتاً إلى أنها «قدمت طعناً لدى المحكمة الاتحادية بشرعية الجلسة التي عقدت الاثنين الماضي». وأوضح أن «الجلسة استثنائية بمعنى أنها لمرة واحدة ولموضوع محدد ولا يمكن تركها مفتوحة أو عرض قوانين فيها لقراءة أولى ثم ثانية، فهذه سابقة... الجلسات الاستثنائية تكون لأجل حالات الطوارئ فقط، لا من أجل تشريع القوانين».
من جهة أخرى، قُتل ثلاثة جنود أتراك، أمس، في مواجهات مع مقاتلين أكراد في شمال العراق، وفق ما أعلن الجيش التركي في بيان. وقال الجيش إن الجنود قضوا «خلال مواجهة مع عناصر المنظمة الإرهابية الانفصالية»، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تنظيماً «إرهابياً».
إلى ذلك، أعلن مصدر أمني في محافظة صلاح الدين العراقية، مقتل وجرح أربعة من عناصر «الحشد الشعبي» بانفجار عبوة ناسفة شرق تكريت (170 كيلومتراً شمال بغداد). وقال مصدر في قيادة شرطة صلاح الدين لوكالة الصحافة الألمانية، إن «عبوة ناسفة انفجرت ليل الأربعاء أثناء مرور مركبة تابعة للواء 52 من (الحشد الشعبي) على طريق تكريت - طوزخورماتو، ما أدى إلى مقتل عنصرين من (الحشد الشعبي) وإصابة اثنين آخرين، وتدمير المركبة التي كانوا يستقلونها». وأضاف أن «قوة من (الحشد) والشرطة فرضت طوقاً على المكان، ونقلت القتلى والمصابين إلى مستشفى طوزخورماتو».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.