غزة تعدّ لـ«مليونية» على الحدود وسط تأهب عسكري إسرائيلي

هنية يزور القاهرة لبحث التطورات... وفلسطين تطلب اجتماعاً عاجلاً للجامعة العربية

TT

غزة تعدّ لـ«مليونية» على الحدود وسط تأهب عسكري إسرائيلي

تستعد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لمسيرة حاشدة على حدود القطاع مع إسرائيل، اليوم (الاثنين)، وسط توقعات بمواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوات الإسرائيلية. وعشية هذه المسيرة المرتقبة قام رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، أمس، بزيارة سريعة إلى القاهرة، حيث بحث التطورات، بينما طلبت فلسطين اجتماعاً عاجلاً للجامعة العربية، الأربعاء، للرد على «القرار غير القانوني» الخاص بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ووجهت الفصائل دعوات إلى كل عناصرها وإلى الفلسطينيين بالمشاركة والحشد في تلك المسيرات التي قالت إنها ستكون «مليونية» وتتزامن مع حفل افتتاح السفارة الأميركية بمدينة القدس المحتلة، مشددة على أنها ستبقى مسيرات ذات طابع سلمي. وتقرر إغلاق كل الجامعات الفلسطينية إلى جانب المحال التجارية، بينما جهّزت وزارة الصحة بغزة المستشفيات استعداداً للطوارئ ووضعت خياماً كبيرة أمام المستشفيات للتمكن من استقبال عدد كبير من الجرحى في حال تصاعدت الأوضاع الميدانية.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في بيان لها أن اليوم (الاثنين) سيكون بمثابة إضراب شامل في كل أنحاء القطاع، وأنه سيعم سائر مناحي الحياة اليومية بما فيها كل المؤسسات التابعة لـ«أونروا» من تعليمية وصحية وموظفين. ودعت اللجنة الجماهير الفلسطينية للحضور الجماهيري الواسع ليكون اليوم «مليونية غضب في وجه الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي مع الحفاظ على سلمية المسيرات وإيصال الرسالة إلى العالم عبر مليونية العودة وكسر الحصار ورفض نقل السفارة الأميركية للقدس». وعبّرت اللجنة عن رفضها لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، داعيةً كل سفراء دول العالم إلى مقاطعة مراسم نقل السفارة إلى القدس لعزل الإدارة الأميركية وعدم معاداة حقوق الشعب الفلسطيني. وشددت على أن مسيرات العودة وكسر الحصار ستتواصل وتستمر لحماية حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والعودة ورفع الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب على مدار 70 عاماً من الاحتلال.
وأعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة إتمامها جميع الاستعدادات والترتيبات، لتأمين وتسهيل تحرك الجماهير في المسيرات المرتقبة اليوم وغداً، مشيرةً إلى أنها استنفرت جميع الأجهزة الأمنية والخدماتية لإسناد الجماهير، وأنها ستنشر قواتها من الأمن والشرطة والخدمات الطبية والدفاع المدني منذ ساعات الصباح الباكر في الشوارع والميادين وأماكن التظاهر كافة.
وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي حالة التأهب، فيما تم تعزيز وجود طواقم الإطفاء الإسرائيلية في مستوطنات قطاع غزة خشية وقوع حرائق كبيرة في المستوطنات بسبب الطائرات الورقية الحارقة التي يتم إطلاقها من القطاع.
وصدرت التعليمات بالتعزيزات خشية تدهور الأوضاع تزامناً مع المسيرات المتوقعة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إن الجيش وأجهزة الأمن المختلفة في إسرائيل تتأهب وتستعد لما وصفته بـ«الأسبوع المتفجر»، مشيرة إلى أن الجيش يتوقع أن تكون الأحداث الأكثر عنفاً على الحدود مع قطاع غزة خلال أحداث حفل افتتاح السفارة الأميركية ويوم النكبة (اليوم وغداً). ووفقاً للصحيفة، فإن الجيش يتخوف من أن تقوم عناصر من نخبة حركة «حماس» بالتسلل بين المتظاهرين لتنفيذ هجوم ضد قوات الجيش، مشيرة إلى أن الجيش سينتشر بكثافة في محيط القطاع لمنع أي محاولات تسلل أو هجوم. وأشارت إلى أن الآلاف من الجنود سيتم نشرهم على طول حدود القطاع وفي الضفة الغربية لتعزيز الوجود الأمني السابق، مشيرة إلى أن هناك مخاوف من أن تستمر الاحتجاجات الفلسطينية لأسابيع.
ومنعت إسرائيل، وفداً طبياً من وزارة الصحة في رام الله من الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون «إيرز»، حيث كان في طريقه إلى غزة. وطالبت الوزارة المنظمات الدولية بالضغط على الاحتلال للسماح للطواقم الطبية الحكومية بالدخول لمساعدة الطواقم الطبية العاملة هناك. واعتبرت أن منع سلطات الاحتلال الطواقم الطبية من التوجه إلى غزة إصرار على حرمان الجرحى والمرضى من العلاج.
من جهته، حذّر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، أمس، من استخدام إسرائيل القوة المفرطة ضد المشاركين في المظاهرات على حدود قطاع غزة، والذي يمكن أن يشكل جرائم بموجب نظام روما الأساسي. ودعا المرصد في بيان له إلى العمل على ضمان سلامة المحتجين الفلسطينيين، والتباحث مع الدول المعنية في سبل تجاوز الأزمة مع الحفاظ على حق الغزيين في الاحتجاج السلمي على حصار قاسٍ وإغلاق محكم لمعظم المعابر التي تربط القطاع بالعالم الخارجي.
وتتزامن هذه الإجراءات الميدانية مع حراك سياسي يُبذل فيما يبدو لمحاولة احتواء أي تصعيد ميداني ممكن على الأرض، حيث غادر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أمس، قطاع غزة عبر معبر رفح البري متجهاً إلى العاصمة المصرية القاهرة. ورافق هنية في زيارته إلى القاهرة، عضوا المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية وروحي مشتهى. وتم نقل هنية والوفد المرافق له من مطار العريش عبر طائرة عسكرية للجيش المصري إلى القاهرة، وعبر الطائرة ذاتها عاد إلى مطار العريش ومنه إلى قطاع غزة مجدداً.
واستمرت رحلة هنية عدة ساعات قليلة التقى خلالها اللواء عباس كامل القائم بأعمال مدير جهاز المخابرات المصرية، وقيادات من المسؤولين عن الملف الفلسطيني في الجهاز. ولم ترجح معلومات واضحة عن الدوافع الحقيقية للزيارة ونتائجها، إلا أن مصادر مطلعة قالت إنها تتعلق بالمسيرات والظروف الميدانية في غزة وإنها لم تخرج بأي نتائج واضحة. وقالت حركة حماس إن الوفد توجه لساعات عدة للتشاور بشأن بعض القضايا المتعلقة بالوضع الفلسطيني والإقليمي.
ويبدو أن ملف المصالحة الفلسطينية المتعثر كان أيضاً أحد الملفات المطروحة خلال الزيارة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رعت مصر، توقيع رئيس وفد «فتح» عزام الأحمد، ونظيره في «حماس» صالح العاروري، على وثيقة لتفعيل بنود اتفاق للمصالحة يعود لعام 2011، وعقدت مراسم التوقيع بمقر المخابرات العامة المصرية، لكن تطورات المشهد بلغت ذروتها بمحاولة اغتيال الحمد الله في مارس (آذار) الماضي، واتهمت السلطة الوطنية «حماس» بالضلوع في العملية، وردت الأخيرة بتحميل مسؤولين أمنيين تابعين للسلطة الاتهام بالمحاولة.
وتعليقاً على محادثات «حماس» في القاهرة، قال مستشار الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات سعيد عكاشة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة تضع عدة ملفات على قائمة التعامل مع (حماس)، منها التنسيق الأمني الذي يمثل أهمية قصوى لمصر، وكذلك المصالحة الفلسطينية التي تراجعت على جدول أعمال اللقاءات بسبب الصعوبات الكثيرة التي واجهت تحقيقها وحاجتها إلى مزيد من الوقت لإنجازها». ورجح عكاشة أن تكون المباحثات تطرقت إلى «التشاور بشأن التهدئة وعدم التصعيد في القطاع، لأن من مصلحة مصر تحقيق الهدوء في حدودها الشرقية»، مشيراً إلى أن مصر معنية بتحقيق «تسوية سياسية، وكبح جماح أي محاولة للتوتر خشية انفجار الأوضاع في غزة». وكانت آخر زيارة أجراها وفد من «حماس» لمصر، جرت الشهر الماضي، وترأس وفد الحركة نائب رئيسها ‏صالح العاروري، وقالت «حماس» في ختام المباحثات إن «مصر أكدت حرصها الدائم على العمل لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني خصوصاً في غزة»، وأكدت «حماس» التزامها بمسار «المصالحة الفلسطينية».
وفي السياق ذاته، أعلن سفير فلسطين لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السفير دياب اللوح، أنه «طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورة غير عادية يوم الأربعاء المقبل لمواجهة «القرار غير القانوني وغير الشرعي الذي اتخذته الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها إلى مدينة القدس الشريف، وذلك بعد إعلانها السابق الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي يعد بمثابة تحرك مخالف للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة». وقال اللوح في تصريحات إنه «لا بد أن تنتج عن الاجتماع ردود وقرارات وإجراءات عملية ترتقي إلى مستوى هذا الحدث الكارثي غير المسبوق في المنظومة الدولية، وذلك لتوصيل رسالة عربية موحدة من جامعة الدول العربية تؤكد سعيها الجاد لإبطال القرار الأميركي وأي قرارات مماثلة لدول أخرى تحذو حذوه بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارتها إليها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.