باتت المملكة العربية السعودية في عالمنا اليوم، واحدة من أكثر دول العالم حيوية، وقدرة على ترجمة الرؤى والإصلاحات الاقتصادية، إلى واقع ملموس، تزداد به الطموحات، وتتحسَّن من خلاله النتائج، وهو ما جعل القطاع الخاص في البلاد يعيش منذ إطلاق «رؤية 2030» مرحلة تحول تاريخية على صعيد الفرص الاستثمارية، وحجم المشاركة مع القطاع العام.
ويعطي التحسن الملحوظ الذي طرأ على نتائج الشركات السعودية المدرجة في تعاملات السوق المحلية خلال العام الماضي (2017)، والربع الأول من 2018، مؤشراً مهماً على إيجابية الإصلاحات والبرامج الاقتصادية التي تعمل عليها السعودية، فيما يعتبر التوازن الحالي في أسواق النفط، بعد أن أسهمت السعودية بتوحيد صف المٌنتجين من داخل وخارج «أوبك»، مؤشراً آخر على نجاح التحركات الاقتصادية التي تتخذها المملكة على جميع الاتجاهات.
الاقتصاد السعودي، الذي يعيش خلال عام 2018 مرحلة جديدة من الحيوية والنمو، بات أمام فرص هائلة تتعلق بالإعلان عن أضخم ميزانية إنفاق على الإطلاق، والإعلان في الوقت ذاته عن حزمة من البرامج الوطنية والمشروعات الاقتصادية الضخمة التي تترجم بفاعلية قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.
وفي هذا الاتجاه، أعلنت السعودية، مساء أول من أمس، إطلاق «برنامج جودة الحياة 2020»، وهو البرنامج الذي يحظى بمتابعة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، فيما يستهدف هذا البرنامج النوعي تحقيق مستهدفات «رؤية المملكة العربية السعودية 2030».
ويصل إجمالي الإنفاق في القطاعات ذات الصلة بـ«برنامج جودة الحياة 2020» حتى عام 2020 إلى 130 مليار ريال (34.6 مليار دولار)، منها مبلغ 74.5 مليار ريال (19.8 مليار دولار) إجمالي الاستثمارات المباشرة في البرنامج، فيما تشكل النفقات الحكومية الرأسمالية منها مبلغاً يزيد على 50.9 مليار ريال (13.3 مليار دولار) حتى عام 2020، واستثمارات متاحة للقطاع الخاص بما يصل إلى 23.7 مليار ريال (6.3 مليار دولار) للفترة ذاتها، من خلال 220 مبادرة تبناها البرنامج حتى عام 2020.
هذه الأرقام الضخمة، التي تفتح آفاقاً أوسع أمام القطاع الخاص السعودي، والاستثمارات الأجنبية الرائدة، ستجعل فرص نمو الاقتصاد المحلي تتزايد، فيما يؤكد كثير من تقارير بيوت الخبرة المالية ووكالات التصنيف الدولية أن الإصلاحات الاقتصادية السعودية ستدعم بقوة معدلات النمو الاقتصادي، وتحفّز الشركات العالمية الرائدة على الاستثمار في البلاد.
ويعتبر برنامج «جودة الحياة 2020» أنموذجاً عالمياً جديداً يُحتذى به، حيث تركز الدول المتقدمة على جوانب التنمية، التي تلامس المجتمعات، والاقتصاد، والثقافة، والترفيه، والرياضة، ورفاهية العيش، على حد سواء، فيما وضع هذا البرنامج جميع متطلبات التنمية هدفاً له، وأطلق نحو 220 مبادرة تشكّل في معظمها قيمة جديدة مُضافة لاقتصاد البلاد.
ويستهدف «برنامج جودة الحياة 2020» تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالقطاعات ذات الصلة بالبرنامج، بنسبة 20 في المائة سنوياً حتى عام 2020، كما يستهدف أن تكون مساهمة المحتوى المحلي في القطاعات ذات الصلة بالبرنامج بنسبة 67 في المائة حتى عام 2020.
وتتضمن مؤشرات البرنامج ضمن مقاييس الاقتصاد الكلي حتى عام 2020، خلق ما يزيد على 346 ألف وظيفة، وتحقيق إيرادات غير نفطية تصل لـ1.9 مليار ريال (0.5 مليار دولار).
ولأن الاقتصاد السعودي يُعتبر ثقلاً عالمياً، ومركزاً مهماً للاستثمارات النوعية، فإن الطموح الأسمى لـ«برنامج جودة الحياة 2020» يتمثّل في إدراج ثلاث مدن سعودية على الأقل ضمن قائمة أفضل 100 مدينة للعيش في العالم، مع حلول عام 2030.
وفي حين يشير الطموح العام إلى ثلاث مدن في المملكة، فإن هذا البرنامج يسعى في الواقع إلى تحسين نمط حياة المواطنين والمقيمين في كل أرجاء البلاد بصورة عامة، من خلال تطوير مختلف أنماط الحياة، وتحسين البنية التحتية، وتطوير مختلف القطاعات التي تُعنى برفاهية المواطنين.
وأمام هذه المعلومات، سيكون لتحسين جودة الحياة أثر كلي على الناتج المحلي الإجمالي، فيما تشير التقديرات إلى أن حجم هذا الأثر في عام 2020 قد يبلغ 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار).
ويطمح «برنامج جودة الحياة 2020» إلى إتاحة الفرص الاقتصادية والاستثمارية لتحقيق حالة من النمو والتنمية المستدامين.
وأثبتت الصناعات الإبداعية أنّها من المحرّكات الأساسية للنمو الاقتصادي في أنحاء العالم. وثمّة فرص كثيرة لازدهار هذه القطاعات في المملكة، وستستدعي الحاجة تطوير عدد من نماذج التمويل بهدف تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، سواء في النفقات الرأسمالية أو النفقات التشغيلية.
ويعمل البرنامج على تشجيع القطاع الخاص والمستثمر الأجنبي على ضخ استثماراتهم في كثير من القطاعات الحيوية المرتبطة بتحسين جودة الحياة.
إضافة إلى ذلك، يوفر البرنامج جميع العوامل الضرورية (غير المالية) للحد من مخاطر الاستثمار، عبر التأكد من إزالة جميع الحواجز غير المالية التي تحد من مشاركة القطاع الخاص في القطاعات المرتبطة بجودة الحياة، مثل المخاطر التنظيمية، والأطر القانونية، ويعمل البرنامج على التأكد من تحديث إطار التنظيم والحوكمة، وتحديث النصوص القانونية لدعم الاستثمار في القطاعات المرتبطة بنطاق البرنامج.
ونظراً لطبيعة البرنامج، فإنه يسهم في مجموعة واسعة من الأهداف والطموحات المحددة في «رؤية 2030»، وتمّ تحديد 23 هدفاً متعلقاً بـ«برنامج جودة الحياة» من بينها أربعة أهداف ترتبط بشكل مباشر بمفهوم نمط الحياة، هي: تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، وتحقيق التميز في عدة رياضات إقليمياً وعالمياً، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، وتنمية المساهمة السعودية في الفنون والثقافة.
ويسهم البرنامج في تطوير وتنويع فرص الترفيه في المملكة، وذلك بهدف توفير فعاليات منوعة تناسب جميع شرائح المجتمع في مختلف المناطق لتلبية احتياجات السكان. وللوصول إلى هذا الهدف، يعمل البرنامج على تحفيز القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي للعب دور محوري في إنشاء المرافق الترفيهية، ويتطلع البرنامج نحو إنشاء مدينة مائية، و3 مدن للملاهي، و16 مركزاً للترفيه العائلي مع حلول 2020.
كما يعمل البرنامج على تنمية مساهمة المملكة في الفنون والثقافة، وذلك من خلال تعزيز وتطوير سبعة مجالات ثقافية وفنية: «الفنون البصرية، وفنون الأداء، وصناعة الأفلام، والأدب، والشعر، والتصميم، والتراث الوطني».
وذلك من خلال التركيز على صقل مواهب الفنانين والهواة، وزيادة وتحسين جودة الإنتاج المحلي، وتعزيز الحضور الدولي للمملكة في مجالي الفنون والثقافة.
ويتطلع البرنامج في هذا السياق نحو إنشاء جزيرة للفنون والثقافة في جدة، و45 داراً للسينما، و16 مسرحاً، و42 مكتبة، ومجمع الفنون الملكي في الرياض، بحلول 2020، لتعزيز قطاعي الفن والثقافة في المملكة.
برنامج «جودة الحياة 2020»... قيمة مضافة للاقتصاد السعودي
يدعم التنمية ويفتح آفاقاً أوسع أمام المستثمرين
برنامج «جودة الحياة 2020»... قيمة مضافة للاقتصاد السعودي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة