«جنتلمان أونلي أنتانس».. قصة عطر يتغنى بالزمن الجميل

يناسب الذوق الشرقي أكثر بغموضه وإثارته

سايمون بايكر
سايمون بايكر
TT

«جنتلمان أونلي أنتانس».. قصة عطر يتغنى بالزمن الجميل

سايمون بايكر
سايمون بايكر

هناك عطور لا يؤثر عليها الزمن ولا يتبخر سحرها بسرعة، تبقى تداعب الأنف وتدغدغ الحواس لفترات طويلة. هذه العطور تعود دائما بشكل أو بآخر، أحيانا بعد عام، وأحيانا بعد عقود، بعد أن تخضع لعمليات تطوير بإضافة خلاصات إما يتطلبها التغيير أو التجديد، أو فقط لمواكبة رغبة السوق في الجديد.
عندما طرحت شركة جيفنشي عطرها «جنتلمان أونلي» منذ أكثر من عام تقريبا، كان واضحا أن التجديد والتطوير سيكون الخطوة التالية، فهي تعرف أنها توصلت إلى خلطة ناجحة، سواء تعلق الأمر بالمكونات أم الوجه الممثل للعطر (سايمون بايكر). كل ما يحتاجه الأمر هو كتابة فصل جديد من هذا النجاح، وبالفعل تمخضت جهودها هذا العام، عن عطرها «جنتلمان أونلي أنتانسGentlemen Only Intense». عطر يتميز بنوع من الإثارة الحسية الراقية تنبعث من خلاصات الأخشاب، التي تزيد من عمقه وغموضه في الوقت ذاته، خصوصا بعد أن تمازجت هذه الأخشاب بشكل خفيف مع البهارات والجلد والعنبر.
وتقول الدار إنها باستعمال زيوت الأخشاب تلقي تحية إجلال إلى عطر جيفنشي الكلاسيكي «جنتلمان» الذي طرحته في 1974، وكان حينها بمثابة ثورة في عالم العطور الرجالية، نظرا لقوته من جهة، وتأثيره الحسي المثير من جهة ثانية. «جنتلمان أونلي أنتانس» يسترجع هذا التأثير بالاعتماد على الأخشاب، لكن بأسلوب يعكس روح العصر ولا يغرق في الاتكال على الماضي.
وتكرر الدار أن الفكرة منه هي أن يكون مواكبا لعصره حتى يتمكن من مخاطبة رجل عصري وراق في الوقت ذاته، لهذا جرى الحرص أن تكون حسيته المثيرة مقننة بشكل يجعلها تلاعب الحواس ولا تطغى على شخصيته، وهو ما جسده سفير العطر، الممثل والمخرج الأسترالي الأصل، سايمون بايكر، بكاريزميته وثقته بنفسه، وأيضا بملامحه الرومانسية وأناقته التي تستحضر صورة «جنتلمان» يمثل الزمن الجميل.
عندما تفتح القارورة ينبعث منها شذى المندرين الأخضر والفلفل الأسود وخشب البتولا الذي ربما هو أكثر ما يمنحه شخصيته الخشبية الغنية، تليه بعد ذلك باقة من البتشولي وخشب الأرز والجلد، بينما ترتكز قاعدته على فول التونكا والعنبر والبخور.
حتى لا تتغير شخصيته تماما، حافظت قارورة العطر الجديد على رموز القارورة المسطحة الإنجليزية الشكل الخاصة بعطر «جنتلمان أونلي Gentlemen Only»، مع اختلاف بسيط جدا أنها هنا اعتمرت غطاء أسود بينما طُبعت دوائر القارورة باللون الأسود لتؤكد على رجولة ما يتضمنه من عطر.
لمن لا يعرف «الجنتلمان» الممثل للعطر، سايمون بايكر، فهو أسترالي، اخترق أسوار هوليوود من خلال عدة أفلام سينمائية، لكن قد تكون السلسلة التلفزيونية «ذي مانتاليست» هي التي أكسبته شعبية عالمية، كونها تبث في كل أنحاء العالم وبعدة لغات. يعترف بايكر بعفوية أنه «كلاسيكي بطبعه ما إن يحب عطرا أو قطع أزياء معينة حتى يخلص لها مدى الحياة»، مضيفا أن الموضة لم تكن من أولوياته في الصبا، فأستراليا ليست هي باريس ولا حتى لندن، كما يقول، إذ إن علاقتها بالموضة كانت ضعيفة إن لم تكن منعدمة، وكل ما كان يحتاجه هو بنطلون جينز و«تي - شيرت» أو ملابس بحر للقيام بأنشطته المائية المفضلة. لكن طبعا تغير الأمر عندما توجه إلى هوليوود وبعدها إلى باريس. يقول في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إنه «لم يتوقع كل هذا النجاح، كما لم يتوقع أن تطلبه دار مشهورة مثل جيفنشي ليمثل عطرها (جنتلمان أونلي) ثم (جنتلمان أونلي أنتانس) فيما بعد»، لا سيما وأنه قبل جيفنشي لم يكن يهتم بالعطور كثيرا، ولم يكن يفهم في تفاصيلها أو ثقافتها، مشيرا إلى أنه كان يتلقاها كهدايا ويستعملها كتحصيل حاصل. لكنه كان دائما يميل إلى العطور التي تجعله يشعر بنوع من الألفة والتآلف معها. ويتابع: «مع جيفنشي أصبحت خبيرا في العطور، أفهم طبقاتها ونغماتها العلوية والمتوسطة والسفلية. لكن ما يثيرني في هذا العطر بالذات هو تاريخه وقصته، لأن دار جيفنشي أطلقت عطر (جيفنشي جنتلمان) في عام 1974 على ما أعتقد، وجرى التصوير بالفكرة نفسها التي صورنا بها الحملة تقريبا، أي برجل يحمل مظلة يحمي بها امرأة من تساقط الأمطار. عندما شاهدت اللقطات أعجبت بها، فقد كانت بالأبيض والأسود، لكنها كانت جد معبرة وذكية في تصورها وتصويرها. في الحملة الخاصة بـ(جنتلمان أونلي) أخذنا الفكرة نفسها، مع تغيير بعض التفاصيل».
تجدر الإشارة إلى أن الحملة الترويجية الجديدة للعطر صورت في مدينة لوس أنجليس هذه المرة على يد المصور سيدريك بوشيه.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.