A Quiet Place
- إخراج: جو كرازنسكي
- رعب | الولايات المتحدة - 2018
- تقييم: ممتاز
أخيراً يصلنا فيلم رعب جدير بالإعجاب. بعيد عن التنميط والتوقعات المسبقة والأيدي التي تمتد إلى زر الكهرباء لتكتشف أن الكهرباء مقطوعة، أو إلى الهاتف الذي تم تعطيله من دون علم صاحبه. «مكان هادئ» جديد في فكرته أيضاً، فعوض تقديم قتلة من الآدميين أو من الأرواح الشريرة التي تقطن المنازل القديمة، يذهب إلى المصدر: مخلوقات تقتل عند سماعها صوتاً. أي صوت في أي مكان والمكان الحالي هو بيت عائلة من أربعة أفراد تكتشف متأخرة أنها وقعت فريسة تلك المخلوقات.
هل يستطيع أحدنا العيش بلا صوت؟
استحالة ذلك هو منطلق للفكرة التي شارك المخرج في كتابتها (مع اثنين آخرين) وأسند بطولتها إلى نفسه وزوجته إميلي بلانت. ليس البيت وحده مسكون بتلك المخلوقات بل العالم المحيط بأسره. أي صوت تسمعه تلك المخلوقات يرشدها إلى صاحبه فتلتهمه. ولنا أن نتخيل الصعوبة الكبرى في قيام العائلة بمسؤولياتها الحياتية تحت مثل هذا الوضع حيث سقوط ملعقة على الأرض إذا ما حدث (وهو يحدث في الفيلم) كفيل بكشف وجودها وتعريضها للخطر.
الصمت من ذهب خالص هنا. الوالدان تحاورا بالإشارة مع طفليهما الصغيرين. الأم حبلى وابنتهما (تقوم بها ميليسنت سيموندز البكماء فعلاً) تعلمت الإشارة وفقدت النطق منذ الطفولة. والطفل الثالث الآتي إلى الحياة في هذا المستقبل القريب سيربو على الوضع ذاته، لكنه الوضع الوحيد المتاح. والفيلم يبدأ بعدما إنيار الحياة كما عهدناها وفي اليوم التاسع والثمانين من حقبة جديدة على من بقي على قيد الحياة.
التحدي الأول الذي علينا متابعته هنا هو كيف ستلد الأم طفلها الثالث من دون صريخ. لا صريخها ممكن ولا صريخ طفلها الذي سيخرج إلى الحياة ممكن أيضاً. التحدي الثاني هو معايشة كل ساعة من الحياة بقدرة عالية من كتمان الرغبة في التعبير الصوتي. لا صفير ولا غناء ولا صباح الخير أو «يا له من يوم بديع اليوم».
كل ما نراه هنا هو محاولة أربعة أفراد البقاء أحياء ورغبة الأب في البحث عمن قد يكون بقي على قيد الحياة في تلك المدينة المهجورة التي يعيش وعائلته فيها. وهذا ليس بالقدر السهل مطلقاً في حالة كالتي سبق شرحها. كتابة وتنفيذ الفيلم تحد ثالث من حيث حاجة الفيلم إلى التعبير عما يجول في صدور شخصياته من دون تنازل عن شروط الوضع الماثل. الفيلم ينتقل عبر مراحله الثلاث من وضع صعب إلى وضع أصعب وصولاً إلى فصل النهاية التي هو الذروة بين أحداث الفيلم.
كل ما سبق يعتمد على ناحيتين متلازمتين: التمثيل بالتعبير وحده في الغالب وتصميم الصوت المسموح به في الفيلم ودوره الذي ينتقل من مجرد تصميمه تقنياً وتوظيفه التكنيكي إلى توظيفه درامياً. الأكثر من ذلك أننا نجد، لأول مرّة، فيلماً لا يدور حول عائلة ناطقة تنهار لأن أصواتها متضاربة، بل حول عائلة بلا أصوات في الأساس. عائلة مهددة لأنها متجانسة وليس العكس.