حدة الخطاب الانتخابي في طرابلس تبلغ الذروة

السجال يتركز بين فريق ميقاتي وفريق «المستقبل» ـ الصفدي

الحريري في زيارة أخيرة لطرابلس ضمن معركة الانتخابات المحتدمة هناك («الشرق الأوسط»)
الحريري في زيارة أخيرة لطرابلس ضمن معركة الانتخابات المحتدمة هناك («الشرق الأوسط»)
TT

حدة الخطاب الانتخابي في طرابلس تبلغ الذروة

الحريري في زيارة أخيرة لطرابلس ضمن معركة الانتخابات المحتدمة هناك («الشرق الأوسط»)
الحريري في زيارة أخيرة لطرابلس ضمن معركة الانتخابات المحتدمة هناك («الشرق الأوسط»)

لا تزال الحملات الانتخابية في مدينة طرابلس شمال لبنان والتي بلغت مؤخرا حدتها مستويات غير مسبوقة، قابلة للاستيعاب طالما لم يُسجل حتى الساعة أي أشكال جدي في الشارع بين مناصري الأطراف المتنافسة. وبعدما كانت المواجهة الانتخابية في المدينة تتركز بشكل أساسي بين تيار «المستقبل» واللواء المتقاعد أشرف ريفي، توسعت في الأيام الماضي لتشمل بشكل أساسي رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي.
ودخل الصفدي على خط السجالات الانتخابية بعد تبادل «المستقبل» وميقاتي اتهامات بتغطية «حزب الله» سياسيا، ووصف الوزير السابق لائحة «العزم» التي شكلها رئيس الحكومة السابق بـ«لائحة الشيطان»، متهما إياه بـ«الكذب باستمرار وبأنه يهوى الفتنة والتفرقة بين الناس ولا يهمه لا أمر طرابلس ولا أمر المسلمين ولا أمر أحد».
ورغم أن العلاقة بين الرجلين لم تكن على ما يُرام في الأشهر الماضية، فإنهما لطالما كان يحملان نفس التوجهات السياسية، وكان يتم التعاطي معهما على أنهما ينضويان بكتلة نيابية واحدة في البرلمان الحالي. وقد قرر الصفدي في شهر مارس (آذار) الماضي العزوف عن الترشح معلنا دعمه للائحة التي شكلها تيار «المستقبل».
وردت مصادر مقربة من ميقاتي ذهاب الصفدي بعيدا في «الحشد والتعبئة»، لـ«الانقسام الحاصل بين مؤيديه الذين يرفض قسم كبير منهم التصويت لصالح المستقبل».
ويبلغ مجمل عدد المقاعد النيابية المخصصة دائرة «الشمال الثانية» التي تضم طرابلس والمنية والضنية 11 مقعداً موزعة ما بين 8 للسنة وواحد لكل من الموارنة والأرثوذكس والعلويين. وتنافس في هذه الدائرة 8 لوائح انتخابية، الأولى شكلها تيار «المستقبل»، الثانية ميقاتي، الثالثة ريفي، الرابعة قوى 8 آذار، الخامسة «التيار الوطني الحر» بالتحالف مع كمال الخير، السادسة النائب السابق مصباح الأحدب و«الجماعة الإسلامية»، إضافة للائحتين شكلتها مجموعات المجتمع المدني.
وقد آثر ميقاتي عدم الرد المباشر على الصفدي، ودعا خلال لقاء انتخابي إلى «عدم التوقف عند الاتهامات وحملات التجني التي توجه إلى «لائحة العزم» وإلي شخصياً، لأنها نابعة من انزعاج كبير لدى من لا يريدون كتلة طرابلسية وشمالية وازنة في المجلس النيابي.
واعتبر مستشار الرئيس ميقاتي، خلدون الشريف، أن ما صرح به الصفدي «لا يليق به وغريب عنه، خاصة أنه لم يسبق بتاريخه السياسي أن أطلق تصريحات بهذا العنف وهذه الطريقة، ولَم يسبق لسياسي أن كَفَرَ سياسي بالطريقة التي افتعلها الوزير الصفدي أو شتم بهذا الأسلوب، وتاريخ الرجل معروف «برزانته ورصانته». وقال الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «نعتبر أن الرد لا يفيد بشيء وأن ما يفيد هو العمل على دعم حضور ووجود الرئيس ميقاتي في طرابلس ودعم لائحته لتحقق أعلى نسبة من المقاعد النيابية».
بالمقابل، اعتبر القيادي في تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن ما يقوم به النائب الصفدي لجهة دعمه المطلق للائحة «المستقبل» بوجه لائحة ميقاتي: «سببه الأساسي وصوله لقناعة بأنه لا يمكن الائتمان لوجود ميقاتي في السلطة، نظرا لكثرة وعوده التي لا تتحقق إضافة للتسويف الذي يعتمده وعقم خياراته وقراراته». وقال علوش لـ«الشرق الأوسط»: «ظل ميقاتي رئيسا لحكومة 3 سنوات بغطاء من حزب الله وكانت تضم 5 وزراء من طرابلس، إلا أنه لم يحقق أي شيء يُذكر للمدينة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.