السفر جذاب بالنسبة إلى عدد كبير من الناس. وعلى الرغم من أن التسهيلات جعلت السفر متاحاً لمعظم طبقات المجتمع، فإنه لا يزال حلماً حقيقياً للبعض، لا سيما الصغار.
البعض يظن أن هذه المهنة سهلة لا تستدعي إلا ارتداء الزي الموحد وتقديم الطعام وإلقاء التحية على المسافرين عند وصولهم إلى الطائرة وتوديعهم عند المغادرة.
هذه النظرة ستتغير حتماً عندما تتعرف على حقيقة هذه المهنة وما يتعين على مضيف أو مضيفة الطيران الخضوع له للحصول على شهادة تخوّلهم السفر وضمان الوظيفة الحلم.
وللتعرف على كل حيثيات هذه المهنة، أمضت «الشرق الأوسط» يوماً كاملاً في ضيافة «كلية طيران الإمارات لتدريب طاقم الملاحة» في دبي. كان في استقبالنا دليل مختص شرح لنا في البداية أن عملية التدريب تستغرق 40 يوماً يتحول بعدها المتدربون إلى أعضاء طاقم ملاحة مزود بالخبرة والمعرفة في أمور كثيرة.
محطتنا الأولى كانت في قسم الإجلاء الطارئ والسلامة، حيث هيكل نصف طائرة مع أبواب حقيقية مفتوحة تتدلى منها الزلاجات التي تستخدم في الحالات الطارئة عند هبوط الطائرة على الأرض لخروج الركاب عبرها، ويقوم فريق التدريب في الكلية بشرح تفاصيل استخدام هذه الزلاجات.
خلال زيارتنا، كان فريق من المضيفين والمضيفات يتلقى يوماً تدريبياً مكثفاً يلزمهم به العمل كل عام للتعرف على الطرز الجديدة من الطائرات وطرق العمل عليها وطريقة التعامل مع ركابها.
وفي حين يبدو أن المضيفين يمضون يوماً مسلياً بقيامهم بالتزحلق على الزلاجات، فإن الواقع مخالف لذلك تماماً لأن هذه الدورات التدريبية جدية جداً ومن شأنها جعل طاقم الطائرة على أهبة الاستعداد لأي أمر طارئ أو خطير.
المحطة الثانية كانت الهبوط على الماء، فترى طائرة منشطرة إلى نصفين تطفو على بركة سباحة عملاقة تجسد البحر أو المحيط، لتعطي فكرة للطاقم عن كيفية التصرف في حال هبطت الطائرة على الماء. ولهذا المنظر هيبته، خصوصاً أنه قريب جداً من الواقع، لأن هيكل الطائرة حقيقي.
المحطة الثالثة كانت في مقصورة تعرضت للحريق بحيث يمنع الدخان الكثيف فيها الرؤية بشكل كامل، وتعلو منها الأصوات واستغاثات الركاب وصريخ الأطفال. ويخرج من المقصورة بعد فترة من الزمن فريق من المتدربين ويبدو الخوف واضحاً على وجوههم لأن التجربة فعلاً مخيفة.
وهناك محطة مهمة جداً في كلية التدريب، يطلق عليها اسم «المحطة الطبيبة»، وفيها يدرس المتدربون الإسعافات الأولية وتقييم حالات الركاب الذين يتعرضون لأزمات صحية على متن الطائرة وعلى أرض المطار. وبحسب دليلنا في الكلية، توجد على متن الطائرات أنواع عدة من الأدوية والحقن التي تعطى للمرضى في الحالات الطارئة فقط. ويتم غالباً الاستعانة بأحد الأطباء الموجودين على متن الرحلة في حال تأزمت حالة المريض. وفي بعض الأحيان تضطر الطائرة إلى تغيير مسارها والهبوط في أقرب مطار، إذا استدعى الوضع الصحي لأحد الركاب ذلك.
الأمن والسلامة وحالات الخطف
وفي القسم الخاص بالأمن والسلامة، يكون التدريب على التعاطي مع الحالات الحرجة، مثل خطف الطائرة، فيخضع المتدربون لدروس تظهر لهم كيفية التعامل مع المختلين عقلياً وخاطفي الطائرة وحالات التخريب والركاب المشاغبين الذين يشكلون خطراً على الآخرين وعلى الطائرة بشكل عام. ويُقال إن سبب وجود طاقم الملاحة عند مدخل الطائرة لحظة صعود الركاب ليس فقط لإلقاء التحية، إنما أيضاً لدراسة وجوه الركاب لتقصي أي شيء مريب أو تصرف غريب.
مضيف برتبة طاهٍ
ومن الدروس التي يتعلمها من يرغب في أن يصبح مضيفاً جوياً، كيفية تقديم الطعام والشراب في جميع الدرجات وطريقة تشغيل الفرن وتسخين الطعام بدرجة حرارة مسموح بها في الجو، وحتى طريقة تحضير بعض الأطباق في المطابخ الموجودة على مجسمات الطائرات المتوفرة. كما يخضع المتدربون لدورة على تحضير القهوة بأنواعها.
وبعد التعرف على الأمور الجدية مثل الهبوط على اليابسة وعلى الماء وتعلم التعاطي مع الحالات الأمنية والطبية المستعصية، تأتي دورة المظهر والهندام لتلطف الأجواء. ففي غرفة كبيرة الحجم تتوسطها طاولة مستديرة عملاقة تحيط بها كراسي باللون الأحمر وتلفها المرايا من كل زاوية وتتوزع فيها حاويات ضخمة لمستحضرات التجميل وكريمات البشرة ومجففات الشعر، يتعلم المضيفون والمضيفات قواعد العناية بمظهرهم.
عند مدخل الغرفة، يطالعك تمثالان يرتديان الزي الرسمي. وتخضع المتدربات لجلسات خاصة على وضع الماكياج والعناية بالبشرة، فلا يُسمح لهن بطلاء الأظافر بألوان غير الأحمر أو الأبيض، ولا يجوز ترك الأظافر مهملة وغير مقلمة. أما أحمر الشفاه فيجب أن يكون باللون الأحمر فقط. والشعر يجب ألا يلمس الياقة (هذه القاعدة تنطبق على النساء والرجال).
وبالنسبة إلى الرجال، لا يُسمح باللحية ويجب الاعتناء بشعر الوجه. كما ينطبق مبدأ العناية بالبشرة على المضيفين أيضاً. وبعد التجميل والاعتناء بالبشرة يتعرف المتدربون على تفاصيل المنتجات التي يزيد عددها على 3 آلاف قطعة في غرفة السوق الحرة، ليصبحوا جاهزين للتحليق.
40 يوماً تأخذك من الأرض إلى السماء
كل ما يجب أن تعرفه لتكون عضو طاقم ملاحة
40 يوماً تأخذك من الأرض إلى السماء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة